بغداد اليوم- بغداد  

علقت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، اليوم الاثنين (7 آب 2023)، على دبلوماسية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لحل أزمة المياه في العراق.

وقال عضو اللجنة مثنى أمين، لـ"بغداد اليوم"، إن "السوداني وحكومته يعملون بشكل كبير من أجل حل أزمة المياه في العراق عبر الطرق الدبلوماسية مع دول المنبع سواء كانت ايران او تركيا، وهناك تقدم بهذا الملف".

وبيّن أمين أن "أزمة المياه في العراق ليست وليدة اليوم، بل هي أزمة مستمرة منذ سنوات طويلة، والحكومات السابقة، لم تعطي اهتماما كبيرا لهذا الملف، لكن نعتقد ان الحكومة الحالية تتحرك بشكل حقيقي وفاعل تجاه هذه الازمة، كونها تدرك خطورة ما يمر به العراق من أزمة جفاف كبيرة وخطيرة".

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وجه الأربعاء الماضي، بتكثيف الجهود الدبلوماسية مع إيران وتركيا للحصول على حقوق العراق المائية.

وقال المكتب الإعلامي للسوداني في بيان تلقته  "بغداد اليوم"  إن الأخير "ترأس، اليوم، الاجتماع الثالث للّجنة العليا للمياه، جرى خلاله استعراض موقف الخزين المائي الستراتيجي في البلاد، ومعدلات الإطلاق من دول الجوار، فضلاً عن متابعة تنفيذ التوجيهات السابقة الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء، وأبرز العقبات التي تواجه تنفيذ الخطط المعدة لمواجهة أزمة المياه، ووضع المعالجات السريعة لها".

وأمر رئيس الوزراء بـ"ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية مع دول الجوار لمعالجة ملف المياه، بما يضمن حقوق العراق وفق الاتفاقيات الدولية. ووجه أيضاً بـ"استنفار الجهود وتوفير كل التسهيلات استعداداً للموسم الزراعي المقبل، وكذلك تذليل العقبات أمام الدوائر والمؤسسات في الجانب المتعلق بالانتقال لاستعمال تقانات الري الحديثة والذكية، والتأكيد على مواجهة البعض ممّن يعمل على إثارة المخاوف، من خلال نقل الحقيقة عبر إعلام مهني ومسؤول وسياقات قانونية".

التغير المناخي

إضافة إلى التأثيرات من دول الجوار، فإن العراق بشكل خاص يعاني من آثار التغيّر المناخي. فوفقاً لتقرير الأمم المتحدة للبيئة العالمية رقم 6، فإن العراق صُنف باعتباره خامس دولة معرضة لنقص المياه والغذاء ودرجات الحرارة القصوى.

التقرير لفت إلى أن بغداد مطالبة بمواجهة ثلاثة تحديات أساسية تتمثل بـ"تحدي المياه وتحدي التصحر وتحدي تلوث الهواء".

وبينما حذرت الأمم المتحدة من أزمة المياه في العراق والمنطقة، أشارت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُعد أكثر مناطق العالم ندرةً في المياه، فهي موطن لنحو 6% من سكان العالم لكنها تصل فقط إلى ما يقرب من 2% من المياه العذبة المتجددة في العالم.

المنظمة الأممية نبهت أيضا إلى أنه مع تزايد أعداد السكان وإدارة واستخدام المياه بشكلٍ غير مستدام والنمو الاقتصادي السريع، فمن المتوقع أن ينخفض نصيب الفرد الواحد من المياه في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مستوياتٍ مثيرة للقلق في العقود القادمة.

بلاد الرافدين بلا أنهار

الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، كشف في وقت سابق من اليوم الاثنين (7 آب 2023)، احصائية وصفها بـ"الصادمة" عن أزمة المياه في العراق.

وفصّل المرسومي في إيضاح اطلعت عليه "بغداد اليوم"، أن "معدل استهلاك المياه في العراق يساوي 60 مليار متر مكعب، وان إيرادات العراق المائية عام 2019 تساوي 93 مليار متر مكعب، فيما إيرادات العراق المائية عام 2023 بلغت  15 مليار متر مكعب".

وأضاف، فأن "نقص مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني بالمحصلة خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية".

الخبير الاقتصادي أشار أيضا إلى أن "حصة الفرد من المياه عام 2019 تساوي 2389 متر مكعب، حصة الفرد من المياه عام 2023 تساوي 348 متر مكعب، بينما حصة الفرد العراقي من المياه حاليًا تعادل 14% فقط من حصته عام 2019". 

وأكد، أن "درجة الإجهاد المائي في العراق تبلغ 3.7 من 5 وفق مؤشر الإجهاد المائي، ليدرج العراق ضمن قائمة الدول المُصنفة بأن لديها "خطورة عالية" فيما يتعلق بالشح المائي ومخاطره".

واختتم المرسومي بالقول: "يتوقع المؤشر العالمي أنه بحلول عام 2040 ستصبح بلاد الرافدين أرضًا بلا أنهار بعد أن يجف نهرا دجلة والفرات تمامًا". 

ويمر العراق بـ"أصعب مراحل الجفاف"، وفق مختصين، الأمر الذي دفع الحكومة إلى تحجيم الزراعة في الموسم الحالي، في خطوة وصفت بالاستثنائية تبذل لتأمين مياه الشرب وتلك المخصصة للاحتياجات المنزلية والصناعية والصحية والبيئية، إلى جانب حصص الأهوار وتحسين بيئة الأنهر.

ويشهد العراق أزمة جفاف "غير مسبوقة"، بسبب تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجاري أنهار فرعية ومنع دخولها إلى العراق.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: أزمة المیاه فی العراق العراق المائیة ملیار متر مکعب بغداد الیوم من المیاه إلى أن

إقرأ أيضاً:

العلاقات العراقية الإيرانية بعد زلزال سوريا

مر أقل من شهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، لكن تأثيرات التغيير الذي حصل لايزال يعيد تشكيل الإقليم كله، ويعيد تغيير شكل العلاقات في الدول نفسها التي تعنى بهذا التغيير، وليس العلاقة بين هذه الدول مع سوريا وحسب.

ولعل إيران المتضرر الأكبر مما حدث؛ فقد تقطعت أوصال الهلال الشيعي الذي عملت على مدى 44 عاما على صناعته، فمنذ العام 1980 استطاعت إيران أن تبني علاقات استراتيجية مع نظام حافظ الأسد الذي وقف معها بقوة في حرب الثماني سنوات مع العراق، وصل الأمر إلى حرمان سوريا نفسها من واردات مرور النفط العراقي من أنبوب كركوك ـ بانياس لنقل النفط عام 1982، الأمر الذي أفقد العراق، يومها، نصف قدرته التصديرية، ولم يبق له سوى تصدير النفط عبر خط كركوك ـ جيهان المار عبر تركيا، بعد تعذر تصدير النفط عبر الخليج العربي بسبب الحرب.

ومنذ عام 1982دخلت إيران بشكل رسمي في لبنان، بعد زيارة الشيخ صبحي الطفيلي (الذي كان يرأس وقتها تجمع علماء البقاع) لإيران ولقاء الخميني في تلك السنة، ثم إعلان التزامهم «بقرار الولي الفقيه» وتشكيل حزب الله، الذي تأخر الإعلان الرسمي عنه إلى 16 شباط/ فبراير 1985، بل إن بعض المصادر تشير إلى أن تسمية «حزب الله» كانت اقتراحا للخميني نفسه. وقد دخل الحزب في مواجهات عسكرية عديدة مع حركة أمل الشيعية، لم تنته إلى عام 1990، لغرض احتكار التمثيل الشيعي في لبنان لمصلحة إيران.

ويكتمل هذا الهلال بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث استطاعت إيران أن تتغول في العراق، بسبب طبيعة العلاقات التي كانت تحكم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، بإيران، ذلك أن هذا التنظيم تشكل في إيران بالأساس بقرار من الخميني شخصيا، ليكون بمثابة المظلة للمعارضة الإسلامية الشيعية العراقية المؤمنة بمقولة ولاية الفقيه، وترأسه لحظة التأسيس آية الله محمود الهاشمي الشاهرودي الذي كان أحد أعمدة النظام الإيراني.

والخميني سمح للمجلس بالتعاون الرسمي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كان قد يصفها بعبارة الشيطان الأكبر. وقد اضطرت الولايات المتحدة للقبول بهذا الأمر الواقع لأسباب عديدة، كان أحدها الحاجة إلى تحييد الطرف الشيعي في سياق مواجهتها مع المقاومة السنية المتصاعدة.

لم تخسر إيران سوريا وحسب بسقوط نظامها، بل خسرت حزب الله أيضا، فلم تعد هناك إمكانية حقيقية لأي تواصل لوجستي بين إيران ولبنان، وبالتأكيد لن تسمح الولايات المتحدة، أو الاحتلال الإسرائيلي، لإيران باستخدام البحر أو الجو لتعويض هذه الخسارة، خاصة بعد الذي تعرض له حزب الله في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل. وبالتأكيد لا تعول إيران على إمكانية استمرار الأوضاع في اليمن على ما هي عليه، لاسيما بعد تحول المواجهة مع الحوثيين إلى مواجهة ذات طابع دولي، وهو ما ستكون له تداعيات حتمية على الأوضاع في اليمن عموما، وعلى سلطة الأمر الواقع التي شكلها الحوثيون هناك بدعم إيراني مباشر.

هذه التغييرات الجيوسياسية المتلاحقة، ستفرض، بالضرورة، شروطها على العلاقات العراقية الإيرانية، خاصة في ظل إدارة ترامب وفريقه وتصريحاتهم المعلنة تجاه إيران؛ فزيادة الضغط على إيران ستفرض على الفاعل السياسي الشيعي الذي يحتكر القرار السياسي في العراق اليوم، خيارات صعبة جدا، ليس سياسيا فقط، وإنما اقتصاديا وعسكريا أيضا.

فالعراق يعتمد بشكل كبير على إمدادات الغاز الإيرانية لمحطاته الغازية لإنتاج الكهرباء، كما أنه يستورد طاقة كهربائية من إيران لسد النقص الكبير لديه، وإذا ما كانت الولايات المتحدة قد استثنت العراق من عقوباتها بشأن هذين الأمرين خلال السنوات الثماني الماضية، فليس هناك ما يمنع الصقور في إدارة ترامب الجديدة من إلغاء هذه الاستثناءات من أجل مزيد من الضغط على الفاعلين السياسين الشيعة في العراق لتحجيم علاقتهم بإيران.

كما أن هيمنة الفيدرالي الأمريكي على تحويلات الدولار إلى العراق، سيعطي للإدارة الجديدة القدرة على استخدام هذه الأداة الثمينة نحو مزيد من الضغوط الاقتصادية، لاسيما أن العراق متهم بمساعدة إيران التي تعتمد بشكل كبير على الفجوات المتعلقة بإدارة الدولار في البنك المركزي العراقي، وفي البنوك العراقية الأهلية، للحصول على الدولار من العراق.

لقد غضت الإدارتان الأمريكيتان السابقتان الطرف أيضا عن حجم التجارة الكبير بين العراق وإيران، الذي وصل في العام 2024 إلى ما يزيد عن 12 مليار دولار (وفقا لمساعد وزير الاقتصاد رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية محمد رضواني فقد بلغت واردات العراق من إيران 3 مليارات و772 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024) دون حساب أثمان الغاز والكهرباء، أو استيرادات الأسلحة والذخائر من إيران، وعلى الأغلب ستكون هذه الورقة حاضرة في أذهان صانع القرار الأمريكي إذا ما قرر زيادة الضغط على إيران والعراق معا.

الملف الأهم في هذا السياق هي الميليشيات العراقية التي ترتبط عضويا بالحرس الثوري الإيراني والتي يطلق عليها في العراق الميليشيات الولائية (لإيمانها بالولي الفقيه واتباع أوامره بوصفها أوامر مقدسة واجبة الطاعة). وهي تشكل الغالبية العظمى من الميليشيات التي تنضوي تحت مسمى «الحشد الشعبي» وهي تتلقى تمويلها من الموازنة العراقية العامة دون أن تأتمر بأوامر الدولة العراقية! فقد دخلت هذه الميليشيات بمواجهات مباشرة مع القوات الأمريكية في العراق، كما وسعت عملياتها لتشمل القواعد الأمريكية في سوريا والأردن أيضا، ولتشمل إسرائيل في سياق مبدأ «وحدة الساحات» التي رفعتها إيران.

جميع المؤشرات تذهب إلى أن ثمة قرارا أمريكيا بعدم السماح لهذه الميليشيات بالبقاء على ما هي عليه، (مع أن الولايات المتحدة ساهمت بنفسها في تغول هذه الفصائل في سياق الحرب على داعش، وكانت تمدها بشكل غير مباشر بالسلاح، وتوفر لها غطاء جويا في عملياتها العسكرية) واليوم أصبح مستقبل هذه الميليشيات على المحك، وبالتالي فإن تعاطي الدولة العراقية معها سيحدد إلى حد كبير طبيعة العلاقات العراقية الإيرانية مستقبلا.

لكن إيران تمتلك عمليا ورقة أخيرة، وهي ورقة ملفها النووي، وقد تفكر في استخدام هذه الورقة لضمان الإبقاء على وجودها في العراق «غرة هلالها» في مقابل تنازلات مريرة في الملف النووي خاصة وهي تعلم أن ترامب رجل صفقات في النهاية، وليس رجل مبادئ!

في جميع الأحوال، لم تعد العلاقات العراقية الإيرانية شأنا داخليا للبلدين، بل أصبح شأنا إقليميا ودوليا، والمعضلة هنا أنه ليس ثمة قرار للدولة العراقية في هذا الشأن في ظل الغياب المطلق للعقلاء في إدارة الدولة، وسيكون موقفها تبعا لما يقرره الآخرون!

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • تحصيل فواتير المياه في خضم أزمة السودان: بين الضرورة والغضب
  • ‏السوداني: الحكومة العراقية استطاعت تجنيب العراق امتداد النار التي اشتعلت في المنطقة
  • ‏رئيس الحكومة العراقية يعتزم زيارة إيران يوم الأربعاء المقبل
  • وزير البترول: وصول حفار جديد لحقل ظهر لاستخراج 220 مليون قدم مكعب في اليوم
  • تحذيرات إيرانية للعراق عبر بغداد اليوم من حل الحشد الشعبي: سيواجه مصير سوريا
  • تحذيرات إيرانية عبر بغداد اليوم من حل الحشد الشعبي: سيواجه مصير سوريا - عاجل
  • الحكومة العراقية تنجح باسترداد 50 مليار دينار من الفاسدين خلال 2024
  • العلاقات العراقية الإيرانية بعد زلزال سوريا
  • الحكومة العراقية تدين استهداف قوات الاحتلال خيام النازحين في قطاع غزة
  • من المغرب إلى العراق.. أزمة شح المياه تتفاقم في العالم العربي