على الرغم من أن الجميع يتحدث آملاً فى مجالات الاقتصاد الحديثة المتقدمة وغير التقليدية مثل الاقتصاد الرقمى واقتصاد التعهيد والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق، إلا أن الاقتصاد التقليدى الإنتاجى الحقيقى «الزراعى والصناعى» سيظل هو العمود الفقرى والأصل لكل فروع ومجالات بناء الحياة الاقتصادية السليمة وفى كافة القطاعات المختلفة، وبين القديم والجديد ستظل هناك دول تحت خط النمو ودول ناشئة ودول فى مراحل النمو ودول تتقدم ودول تحافظ على تقدمها، لكن سيكون المؤشر الحقيقى والعامل الفارق بين كل شعوب هذه النماذج هو مؤشر الثقافة الإنتاجية المبنى على معايير الإنجاز المرتبط بالنتائج القابلة للعدد والقياس والتى تنعكس نتائجها الإجمالية على دخل الفرد، ومن ثم دخل المجتمع ومضاعفة أرقام الناتج المحلى الإجمالى، وزرع ثقافة الإنتاج والعمل على تنشئة الشعوب على هذه الثقافة، وحب العمل يحتاج إلى منظومة متكاملة تبدأ من مناهج التعليم وطرق ووسائل تدريسها وتعلمها، ثم ثقافة الأسرة التى تشكلها المنابر داخل المساجد والكنائس ودور العبادة المختلفة والتى يساهم فيها الإعلام، سواء من خلال الدراما أو الكوميديا أو البرامج الحوارية وغيرها، وتعظيم قيمة العمل والإنتاج على أى قطاع آخر يحقق ربحية على حساب انهيار أسس وقنوات متعددة.

إن عملية إعادة التركيبة الوراثية والبيئية لخلق تكوين مجتمعى وتوفير أدوات احترام وتقدير للعامل والمهنى والحرفى مع تعظيم ثقافة الإنتاج وتوفير وسائل تحفيز ملموسة ومحسوسة مثل «مستشفى الحرفيين» «ونادى فنيى الإنتاج» «ومدارس أبناء حرف البناء» وعمل غطاء تأمين صحى واجتماعى للفنيين والمنتجين يكون مطمعاً لغيرهم لأن يصل لهذه المكانة فى المجتمع، بكل ما سبق سنحقق معادلة جديدة مبنية بالتوازى مع ثقافة الإنتاج، وبهذا سنحقق الهدف المرجو فى تأسيس نواة أساسية فى منظومة بناء اقتصاد مكتملة الجوانب والأركان لا تقبل الخلل، وسيعود النفع منها فى قنوات العدالة الاجتماعية التى تُعد أول خطة صيانة لأى مجتمع من عوامل التحدى والانهيار.

النقطة الثانية «تأمين المستقبل»

كل الدول تحاول جاهدة من خلال محاولات مختلفة لتحسين أوضاع شعوبها، أياً ما كانت هذه المحاولات؛ صائبة أو غير صائبة، صادقة أم كاذبة، ناجحة أم فاشلة، لكنها فى الأول والآخر تظل محاولات! وعلى الجانب الآخر من النهر الشعوب تحاول تحسين مستويات المعيشة كل بحسب حالته ومستواه المعيشى وثقافته وسنوات تعليمه وبيئته الاجتماعية واحتياجاته ومدى إلمامه بثقافة المعادلات المتزنة بين الدخل والإشباع، مع ضغوط زيادة عدد أفراد الأسر فى بعض التجمعات السكنية مع موجات الزيادات السكانية ومع شح الموارد، تجد أن هناك حالة من الخوف والفزع والهلع تسير دوماً فى صورة ثابتة فى أذهان بعض الشعوب وللأسف تُتناقل هذه الصورة وتتسع وتذهب من الجيل الأول للثانى للثالث للرابع، لدرجة أن هناك شعوباً تولد أطفالها بجين «الخوف من الغد الاقتصادى»، ويسيطر هذا الشعور على الآباء والأمهات فى معادلة ورحلة البحث عن تأمين مستقبل الأبناء فى ظل فراغ حكومات وإدارات متعاقبة وخلو ذهنها من التفكير فى هذه الأبعاد حتى يعشش مفهوم تأمين مستقبل الأولاد، ويزيد عمق الخوف ضعف وأنيميا وصعوبة تطبيق منظومات ضمان اجتماعى وحماية اجتماعية منضبطة ورسمية.

إن ضعف منظومة الخدمات الرسمية والأساسية المقدمة لأصحاب العمل الرسمى من مسددى الاشتراكات للضمان الاجتماعى وللضرائب، يزيد تعقيدات المشهد وتزداد الكوابيس والأحلام فى منام السواد الأعظم من الطبقات داخل أسر بعض المجتمعات التى تتحلى بأبجديات الأمانة والشرف والأخلاق وتحاول أن تتمسك بالقيم والمبادئ الأخلاقية والدينية التى هى بالأصل تنهار أيضاً لأسباب متنوعة ومتعددة، ومن هذا المنطلق لا يجد أفراد العمل ومقدمو الخدمات، سواء فى كوادر القطاعات الحكومية أو القطاع الخاص أو شبه الحكومى أو أصحاب الأعمال، إلا أن تنتابهم جميعاً حالة هلع وفزع مجتمعى مستمرة ومتكررة ومتزايدة، وهذه الحالة هى الباب الأول للفساد بكل صوره وأنواعه، سواء أكان فى صورة رشوة أو تسهيل أو استيلاء أو تدليس أو تغيير ذمم أو ضعف وتخاذل رقابة، وبالتالى تتوالى حالات وسلاسل إهدار المال العام واستحلال فردى للمال العام بحجة بناء أو تكوين مستقبل لأولادهم وتأمين ذاتى نوعى تشارك فيه حالات الجهل وضعف الوعى وغياب الدور الإدارى الحكومى وتصنعه الشعوب وهى متيقنة أن هذا هو الطريق الأمثل لتأمين مستقبل الأبناء وتأمين أعمال ودخل يوم غد نظراً لارتفاع معدلات دوران العمالة والموظفين لأسباب متعددة ومتنوعة، منها ثقافة طرفى الاتفاق العمالى وفوضى مواقع التوظيف والبحث عن الأفضل من قبَل العامل دونما الاكتراث ببناء تدرج وظيفى، كل هذه الظواهر والسلوكيات والضغوط تأتى للتبرير تحت عنوان «تأمين المستقبل»، وبنظرى أن الدول والحكومات التى ترغب بصدق أن تضع نفسها فى مكانة جيدة فى البناء الاقتصادى الجديد لا بد من أن تعيد النظر شكلاً وموضوعاً فى منظومة الضمان الاجتماعى والتأمين العمالى وتأمين العامل والموظف أثناء الحياة العملية وبعد الخروج للمعاش، وأن تتوافر الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية والاجتماعية لأفراد المجتمع وتشجيعهم على الانضمام لهذه الشبكات وتأسيس الوسائل التسويقية والتشويقية والقانونية والإجرائية التى تضمن حل مثل هذه المشكلات وتأكيد استقرار الشعوب وحذف الخوف من القواميس من الغد حتى تتفرغ الشعوب للعمل والإبداع والابتكار ورفع مستويات الوطنية من قواعد سليمة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاقتصاد البيئة ثقافة الإنتاج ثقافة الأسرة ثقافة الإنتاج

إقرأ أيضاً:

مديرية العمل ببني سويف تعقد اجتماعًا بمديري ورؤساء المكاتب لمتابعة منظومة العمل

في ضوء تكليفات الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف لوكلاء الوزارات ومديري المديريات الخدمية بعقد لقاء دوري بمديري الإدارات والأقسام، كل في نطاقه، لمناقشة ما تم إنجازه في كل إدارة ومركز، وما تم تنفيذه من تكليفات أسبوعيا، وبحث شكاوى المواطنين، في إطار القانون والمتاح من إمكانيات، وسرعة عرض أي مشكلة في حالة عدم القدرة على الحل، مع إعلام المواطن بما تم تنفيذه.

وفي هذا السياق، عقدت مديرية العمل برئاسة الأستاذ أحمد محمد معوض اجتماعًا حضره مديري الإدارات بالمديرية ومديري منطقتي بني سويف وببا ومديري المكاتب الثمانية، حيث تم استعراض الموقف التنفيذي لكل مكتب من حيث معدلات الأداء ونسب الإنجاز، إضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه سير العمل اليومي، والآليات المقترحة للتعامل معها.

بسبب سوء الأحوال الجوية.. محافظ بني سويف يقرر إيقاف تشغيل المعديات النيليةمحافظ بني سويف يتابع الاستعداد للتعامل مع عدم استقرار الأحوال الجويةمحافظ بني سويف يتابع ميدانياً انتظام وسير العمل في منظومة توريد الأقماح المحليةمياه بني سويف تعلن الطوارئ تحسبًا للطقس السيئ

وأكد مدير المديرية خلال الاجتماع أهمية التزام جميع العاملين بمعدلات الأداء المطلوبة، مشددًا على ضرورة التواصل المباشر والمستمر بين المديريات والمكاتب والمواطنين، في إطار خطة المحاظة في الارتقاء بمستوى الخدمات، وبناء جسور من الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية.

كما أشار مدير المديرية إلى ضرورة الاستعداد الدائم للتعامل مع المستجدات والتحديات الطارئة، وأهمية روح الفريق والتنسيق الكامل بين جميع الوحدات التابعة للمديرية، لضمان تقديم الخدمة بكفاءة وجودة، وفقًا لرؤية الدولة وتوجيهات القيادة السياسية في ضرورة أن يكون الجهاز الإداري على قدر عالٍ من الكفاءة والمرونة، مع الحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية والاستجابة السريعة لاحتياجات المواطنين.

طباعة شارك بني سويف عمل بني سويف محافظ بني سويف

مقالات مشابهة

  • محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل في منظومة توريد الأقماح المحلية
  • مديرية العمل ببني سويف تعقد اجتماعًا بمديري ورؤساء المكاتب لمتابعة منظومة العمل
  • منظومة التعليم العالي تشهد طفرة غير مسبوقة بسيناء ومدن القناة
  • ثقافة الغربية تكرم اسم الدكتور نبيل فاروق في مؤتمر اليوم الواحد الأدبي
  • «أدب الرعب».. كيف نصنع الشجاعة من الخوف في قصص الأطفال؟
  • ليبيا تدخل مرحلة رقابة مالية جديدة بإشراف شركة استشارات أميركية
  • ​العراق يغلق أبواب الاستقدام: خمس دول خارج سوق العمل
  • الصحة أمام البرلمان: تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في 5 محافظات جديدة
  • الأهلي يبدأ مرحلة جديدة تحت قيادة عماد النحاس
  • وزير الاقتصاد: العمل الإحصائي في السعودية يشهد مرحلة استثنائية