خارطة الطريق اليمنية إلى جحيم الحرب الحقيقية
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
فاجأ وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليمنيين قبل يومين؛ بأن خارطة الطريق اليمنية جاهزة وبـ"أننا جاهزون للعمل وفقا لها"، في تصريح لا يتسق مع ما يفترض أنها تعقيدات قد وُضِعتْ أمام المضي في طريق إنهاء الحرب الدائرة في اليمن منذ عشر سنوات.
بدا الأمر وكأنه يُحيلُ إلى القضايا الجوهرية وذات الطابع السياسي والأمني والعسكري ضمن خارطة الطريق اليمنية، التي ربما تحتل أولويات من نسقوا لعقد مفاوضات مسقط، في حين يجري التأكيد على أن هذه المفاوضات التي انطلقت في الثلاثين من شهر حزيران/ يونيو المنصرم، إنما تدور حول قضية المعتقلين والأسرى، والتي أحرزت تقدما واحدا حاسما بشأن مصير السياسي المعتقل لدى جماعة الحوثي الأستاذ محمد قحطان، وهو قيادي بارز في التجمع اليمني للإصلاح، وأحد زعماء تكتل اللقاء المشترك الذي تزعم معارضة نظام الرئيس علي عبد الله صالح حتى 2011.
حسم قضية قحطان جرى للأسف بطريقة غير مهذبة ولا إنسانية؛ فالإعلان عن إمكانية إنهاء جريمة إخفائه القسري من قبل الحوثيين، جاء ضمن صيغتين: الأولى تفترض أنه لا يزال على قيد الحياة والثانية تحتمل وفاته، على نحو يكشف حالة انعدام الشعور بالمسؤولية وموت الضمير لدى القائمين على هذا الملف من كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، والذين يتشاركون الموقف اللئيم ذات من هذا السياسي المحسوب على التيار الإسلامي.
بكل بساطة لا تقدم وصفة جدية لإنهاء الحرب، بقدر ما تشكل إقرارا بنتائج هذه الحرب بصفتها مؤامرة واضحة على اليمن ووحدته السياسية والترابية واستقراره المستدام بما تقدمه من هدايا مجزية للانقلابيين، وللتشكيلات المسلحة التي نشأت بفعل التأثير الواضح للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي
ولكن ما هي بنود خارطة الطريق؟ إنها بكل بساطة لا تقدم وصفة جدية لإنهاء الحرب، بقدر ما تشكل إقرارا بنتائج هذه الحرب بصفتها مؤامرة واضحة على اليمن ووحدته السياسية والترابية واستقراره المستدام بما تقدمه من هدايا مجزية للانقلابيين، وللتشكيلات المسلحة التي نشأت بفعل التأثير الواضح للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي.
فهي تقترح وقفا لإطلاق النار، تليه سلسلة من الإجراءات من بينها دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. كل ذلك سيتم تأمينه فيما يبقى اليمن تحت هيمنة قوى تتقاسم بشكل مؤذي مظاهر السيادة، في توجه أقل ما يقال فيه أنه تدمير ممنهج للشرعية المعترف بها دوليا يفضي إلى اضمحلالها في نهاية المطاف، ومن ثم فتح أبواب عديدة على جحيم الحرب الحقيقية.
على مدى الأشهر الماضية برزت الولايات المتحدة كطرف لا يُبدي رغبة في إنهاء الحرب في اليمن؛ وفقا لصيغة المكافأة غير العادلة التي كانت واشنطن نفسها قد أملتها على الجميع بمن فيهم الرياض؛ لإنهاء ما تسميها الحرب السعودية في اليمن، وحماية لأحد الاستثمارات الجيوسياسية الإيرانية الأمريكية المربحة في المنطقة والمتمثلة في جماعات العنف الشيعية، ومن بين أخطر هذه الجماعات الحوثيون.
الموقف الأمريكي انعكس على الفور في المواقف المؤثرة للحكومة الشرعية التي أعلنت موت خارطة الطريق، وأتبعته لاحقا بقرارات مالية قوضت المكاسب الثمينة للحوثيين، بعد أن كانوا قد حصلوا عليها ضمن حزمة سعودية سخية من إجراءات بناء الثقة؛ نيابة عن السلطة الشرعية أو رغما عنها، ليتبين فيما بعد أن هذه المكاسب هي جزء لا يتجزأ من خارطة الطريق المبهمة التي احتكرت السعودية التداول بشأن فحواها؛ إلى حد أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء والمجلس ورئيس الحكومة اقتصرت معرفتهم بصيغة اتفاق خارطة الطريق على ما سمعوه من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان؛ الذي طوى الوثيقة في جيبه قبل أن ينفض الاجتماع.
لقد أثر العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة بقوة على ترتيبات إنهاء الحرب في اليمن، وهي ترتيبات لم تكن عادلة من الأساس، فقد نجحت واشنطن في الزج بالحوثيين منذ التاسع عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، في اشتباك لا يزال مستمرا فوق مياه البحر الأحمر الجنوبي، تبرعت واشنطن بوصفه بالاشتباك البحري الأعنف لقواتها منذ الحرب العالمية الثانية.
أثر العدوان الإجرامي الصهيوني على غزة بقوة على ترتيبات إنهاء الحرب في اليمن، وهي ترتيبات لم تكن عادلة من الأساس، فقد نجحت واشنطن في الزج بالحوثيين منذ التاسع عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، في اشتباك لا يزال مستمرا فوق مياه البحر الأحمر الجنوبي
هذا الاشتباك المبالغ في طبيعته وأثره، والمصمم خصيصا لتوزيع كلف جرائم الحرب على أطراف أخرى في المنطقة، وتنفيس الاحتقان الذي تسبب به العدوان المنفلت من كل قيود الحروب على قطاع غزة؛ لم ينعكس للأسف على قدرة الكيان الصهيوني في مواصلة جرائم الإبادة، ولم يوقف ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الحوثيين عن استقبال الأسلحة والبضائع التجارية التي تزود الحوثيين بالمال وبشحنات المشتقات النفطية الإيرانية التي تعزز اقتصاد الحرب لديهم.
وثمة دلائل عديدة على عبثية وعدم جدية الحرب الأنجلوسكسونية مع حليف إيران في اليمن، فعلى سبيل المثال لم يتأثر جدول أعمال القيادات الحوثية ولم تضطر لتغيير مواقعها أو مغادرة منازلها، بل إنها طورت من إجراءات التضييق على اليمنيين الواقعين تحت سيطرتها؛ بحملات الاعتقالات الشاملة للناشطين المدنيين والعاملين السابقين في السفارات الغربية المغلقة بصنعاء بما فيها السفارة الأمريكية، وأخيرا قيام الجماعة باحتجاز 4 طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية في صنعاء ومطالبتها السعودية بإعادة الحجاج جوا؛ رغم احتجازهم للطائرات.
x.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمنيين خارطة الطريق الحوثيين السعودية امريكا السعودية اليمن خارطة الطريق الحوثيين مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خارطة الطریق إنهاء الحرب فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ضباط أمريكيون: المعركة البحرية مع اليمن أكثر كثافة وخطورة منذ الحرب العالمية الثانية
صحافة/
تحدث عدة ضباط من البحرية الأمريكية لموقع “ذا وور زون” عن التحديات الخطرة التي واجهتها البحرية الأمريكية جراء المعارك مع القوات المسلحة اليمنية خلال إسناد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ونقل موقع “ذا وور زون” عن عدد من ضباط البحرية الامريكية قولهم إن مواجهة القوات المسلحة اليمنية خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية في البحر الأحمر شكلت ضغطًا حقيقيًا على أنظمة ومنصات السفن الحربية والبوارج والمدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية وكذلك الأفراد
وبحسب الضباط فإن المواجهة البحرية استهلكت الذخائر وكشفت المزيد من أوجه القصور في القاعدة الصناعية الدفاعية مشرين إلى انها كانت اختبار ضغط رئيسي لأسطول يستعد للحرب مع الصين.
وأضاف الضباط أن المواجهة مع القوات اليمنية كانت مدرسة عسكرية حقيقة يمكن الاستفادة منها في مواجهة الصين. مؤكدين أن البحر الأحمر كان أرض اختبار على عدة جبهات
وكشف الضباط أن هجمات “الحوثيين” اقتربت في بعض الأحيان بشكل خطير من إحداث ثقب في بدن رمادي ـ السفن الحربية
وتحدث “برادلي مارتن” وهو ضابط الحرب السطحية المتقاعد لموقع “ذا وور زون” أن التعامل مع هجمات من عدو يمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة على الشاطئ يعد تجربة مهمة أيضًا ففي حين يوفر البحر الأحمر للبحرية دروسًا للبحرية الأمريكية، فإن الاستعدادية لا شك أنها تستنزف.
كما تحدث ضابط حرب سطحية في الخدمة الفعلية إلى TWZ بشرط عدم الكشف عن هويته أن“الكثير من هذه الدروس وكل ما نتعلمه من البحر الأحمر يشكل تدريبًا قيمًا بشكل لا يصدق بالنسبة لنا في القتال على مستوى عال” . مضيفا أن الدروس التي تعلمتها البحرية من القتال في بيئة ساحلية مثل البحر الأحمر يمكن تطبيقها على الصراعات الساحلية المحتملة في بحر الصين الجنوبي أو مضيق لوزون، وهي مناطق اشتباك بالأسلحة ستكون أكثر تشبعًا بكثير من حرب المحيط المفتوح. ولكن حتى في معركة المياه الزرقاء فوق مساحات المحيط الهادئ الشاسعة، تنطبق الدروس الرئيسية، كما قال ضابط العمليات البحرية النشط.
وكشف ضابط العمليات الخاصة النشط للموقع أن “الجغرافيا والطريقة التي تطور بها “الحوثيون” تمنحنا بعض الرؤية العظيمة، وتترجم بشكل مباشر إلى استعدادنا لتلك المعركة رفيعة المستوى ضد الصين”.