حروفيات أجماع.. شاعرية اللون الأسود
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
محمد نجيم (الرباط)
في حضرة السواد هو عنوان المعرض الفنّي الجديد للفنان والحروفي المغربي مصطفى إجماع المنظم حديثاً، حيث تتواشج فيه الحروف بالرؤى الفنية التي يوظفها الفنان والمبنية على أسسٍ معرفية وثقافية تستحضر روحانية الخط المغربي بتراكيب منظمة وفق مدرسة تجمع بين جمالية الحرف وتناغم الألوان، وإن كان اللون الأسود هو الطاغي في أعمال مصطفى إجماع لما له من إيحاء رمزي وقوة ضاربة في المخيال الجمعي، لون تتبدى فيه حركة الريشة وضرباتها بإيقاع منظم ودقيق لينتج الأبعاد البصرية والجمالية، وتنصهر فيه الشاعرية ويعطي للحرف بعده اللوني وموسيقاه الروحية ودلالاته الصوفية.
إنها خطوة لجولة في معرض لوحات الفنان مصطفى إجماع، تحتاج لخطوات كثيرة ومتعددة، وذلك بهدف ترتيب الأوراق، أكثر فأكثر، للوقوف على المزيد مما تضمره هذه التجربة، التي يحتل الحرف فيها بألوانه، وهو قيد مساحات أثيره، وممتدة.
جماليات الأسود
يقول الحروفي والفنان مصطفى إجماع في كلمته عن المعرض: هو الأسودُ الواحدُ، المتعِّددُ في دلالاته، الغامضُ، المتمردُ، الجذابُ، الأنيقُ، الرَّسميُّ، العميقُ، المُتحَدي، وإن أشار للاكتئابِ أو الموتِ أو الشَّرِ فيما ذهب إليه البعضُ، أَو ارتبطَ بالحدادِ، فالغزل العربي يرفل بسواد الشعر والعين والحدقة والحاجبين والأهداب والخمار هو الأسود الواحد في تضاده، يتبنى شغبه الجميل بين التقابل والصراع، والحضور والغياب، بينه وبين الأبيض، وكأنه يحاكي مواقِفَه ومواقِعَه بالقدم، هو الأسود اتخَذْتُهُ خليلاً حاضراً، راقصاً معبراً ناطقاً بالإشارات، عرّاب الكلمات بالصمت، في بوحه عند مراتب العشق، فكان منذ البدء، ولازال يرفع شارات التضاد موقعاً آفاقاً لمدارك الجمال.
رسالات مشفرة
فيما يرى الناقد مصطفى رفعات أن الحرف يلعب بطولة المشهد الإبداعي في لوحاته، إلا أنه أعطى الزعامة والريادة لحروف «الألف والعين والجيم والهاء»، التي برزت واضحة كبيرة في لوحاته، وألبسها ألوانا خاصة، ليضفي عليها لمسة الجمال، وهي علاقة تتعدد تفسيراتها لتتوحد في عنوان هو العشق، فإذا كانت الحروف رسالات مشفرة لبُعد تواصلي لا يدركه إلا أهله، وثقافات وانسجام وخضوع لقوانين اللوحة في انصهار، حسب ما تمليه ضوابط المبدع، فإن ابن عربي يعتبر «الحروف أمة من الأمم، مخاطبون ومكلفون، وفيهم رسل من جنسهم»، فالفنان إجماع مبدع حقيقي يحترم صنعته في حروفه، فيضعها في مكانها، مؤشراً لقيمتها ومدلولها، مبدع يقدم أعماله على نار هادئة، مبتغياً أن تَسُرَّ عين المتلقي، محترمة أفق انتظاراته، ومساهماً في نشر وعي جمالي.
حرف العين
يرى الناقد مصطفى رفعات أن حرف العين يستقر في أعمال أجماع، مكرراً وبارزاً بخط الثلث، إذ تتصدر اللوحة حروفا متعالقة مستنسخة، كأنها توائم، وهناك حروف دقيقة متجاورة ومتشابكة، في ازدحام على شكل طبقات، وكأنها في صراع للتسابق من أجل الصعود والوصول للأعلى، ويُعتبر حرف العين من الحروف، التي حظيت باهتمام اختياري عند إجماع، ولقيت عنده النصيب الأكبر في لوحاته.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثقافة المغرب الشعر
إقرأ أيضاً:
هل يمكن لثقب أسود صغير أن يقضي عليك؟
لا يخفى على أحد اليوم أن الثقوب السوداء لها سلوك عنيف عندما تتعامل مع المادة حولها، فهي قادرة على تمزيق وتفتيت أي جسم أو جرم سماوي قريب منها مهما بلغت كتلته وضخامته، فبمجرّد اجتياز حدود أفق الحدث، لن يكون بمقدور أي ذرّة الهروب من الجاذبية الشديدة للثقب الأسود.
غير أن هذا القول ينطبق على الثقوب السوداء الكبيرة الحجم والهائلة، فماذا عن الثقوب السوداء الصغيرة التي بالكاد يمكن قياس قطرها، هل يمكن أن تخلق الاضطراب ذاته في النسيج الكوني؟ وهل يمكن أن تنجو إذا ما مررت بها؟
دفعت هذه التساؤلات مجموعة من الباحثين للتحقق من الإجابة التي بدت بديهية للوهلة الأولى. لكن النتائج التي توصلت إليها دراسة حديثة من جامعة برينستون تشير إلى أن الإجابة العلمية أكثر تفصيلا وتعقيدا مما كان متوقعا.
وقد ركّزت الدراسة في البداية على نوع خاص منها، وهي الثقوب السوداء البدائية، التي يُعتقد أنها أصغر بكثير من الثقوب السوداء التي تشكلت بفعل انهيار النجوم الكبيرة. ويعتبر هذا النوع قد نشأ في اللحظات الأولى من عمر الكون، ويفترض العلماء بأن كتلتها تتراوح من كتلة ذرة الهيدروجين الواحدة إلى عدة مرات من كتلة الأرض. وبينما لم يُلاحظ أي ثقب أسود بدائي بشكل مباشر، فإن وجودها مقرونا بالحسابات الرياضية.
إعلانويشير الفيزيائيون إلى أن الثقوب السوداء التي تقل كتلتها عن تريليون كيلوغرام، فإنها قد تبخرت بفعل تأثير إشعاع هوكينغ، وأي ثقب أسود تفوق كتلته 10 كوينتيليونات كيلوغرام (عشرة مرفوع للأس 20)، فإنه قادر على إحداث تأثير عدسة الجاذبية. وهذا ما يدفع الباحثين إلى تقليص نطاق بحثهم على كلّ ما هو بين هذين الحدين في حساباتهم، وهو نطاق مماثل لكتلة الكويكبات الموجودة حولنا.
مخاطر الثقوب السوداء البدائيةما يجعل الثقب الأسود خطيرا هو قوى المد بفعل الجاذبية الشديدة، فكلما اقتربنا من الثقب الأسود، تزداد شدة الجاذبية على نحو متسارع، مما يخلق نوع من عدم الاستقرار بين طرفي الجسم -الطرف المقابل والطرف البعيد- فتحدث استطالة شديدة في العظام والأنسجة حتى تتفتت تماما.
ويطرح العلماء السؤال المهم، هل يمكن لمثل هذه الثقوب التي تبلغ كتلتها كتلة الكويكبات، أن تولد مثل هذه الجاذبية الشديدة، هذا إذا ما علمنا أن هذه الثقوب السوداء بهذه الكتلة الضئيلة لن يتجاوز قطرها ميكرومتر واحد، وعليه، فإن مدى الأثر سيكون محدودا للغاية.
فلو مرر أحدهم يده على مثل هذا الثقب الأسود، سيلاحظ ضررا طفيفا نسبيا، ولكن يصبح الأمر أسوأ إذا تعرضت مناطق حساسة في الجسم للثقب الأسود، مثل الرأس، فمن المحتمل أن تتسبب قوى الجاذبية في تمزيق خلايا الدماغ الدقيقة وإتلافها، مما يسبب إصابة قاتلة.
ثم إن التأثير الآخر الأساسي للثقوب السوداء البدائية هو الموجات الصدمية التي تولدها. فعند مرور ثقب أسود عبر جسم ما، يولد موجة كثافة تنتشر عبر الجسم، محدثة صدمة جسدية وناقلة للطاقة الحرارية. وبذلك، فإنها تسبب ضررًا مشابهًا لذلك الناتج عن رصاصة تخترق الجسم. ويمكن لهذه الموجات الصدمية أن تكون مميتة من خلال إلحاق الضرر بالخلايا والأنسجة.
ورغم أن هناك احتمالا علميا منطقيا بأن الثقوب السوداء البدائية قد تكون قاتلة في ظل ظروف معينة، فإن مثل هذا الحدث سيكون نادرا للغاية في واقع الأمر، نظرا إلى اتساع الفضاء الهائل، حتى لو كانت هناك ثقوب سوداء بدائية بحجم الكويكبات، فإن فرص تداخلها مع مسار شخص ما ستكون ضئيلة للغاية.
إعلانووفقا لتقديرات الدراسة، فإن احتمالات حدوث هذا في حياة فرد هي أقل من واحد في 10 تريليونات، وهو سيناريو يكاد يكون مستحيلا في عمر الفرد.