الجديد برس:

دعت مجلة “ّذا أتلانتيك” الأمريكية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى تذكر الدروس المستفادة من عهد رئيس الحكومة الأسبق، مناحيم بيغن، ومفادها أن “لا نصر عسكري يمكن تحقيقه في حرب واسعة ضد لبنان”، و”لا شيء جيد يمكن أن يأتي من حرب كهذه”.

وانتقدت المجلة التصريح الأخير للوزير السابق بيني غانتس، بشأن “قدرة إسرائيل على تدمير جيش حزب الله في غضون أيام”، مؤكدةً أنه “إذا كان من الممكن القيام بشيء من هذا القبيل، لكانت إسرائيل قامت به بالفعل”.

ورأت “ّذا أتلانتيك” أن الأهداف العسكرية المتطرفة وغير القابلة للتحقق تنذر بمزيد من الدمار في نهاية المطاف، في لبنان كما في غزة، مؤكدةً أن “إسرائيل” تعمد دائماً إلى التقليل من شأن الأعداء الذين يقاتلونها، وتهدد بـ”اللجوء إلى المطرقة” من أجل حل مشكلة لم تحلها المطرقة يوماً.

وجزمت المجلة بأن أي ضربة ضربة حاسمة لا يمكن أن تقضي على القدرة العسكرية لحزب الله في غضون فترة زمنية قصيرة، وأن من شأن أي حرب شاملة أن تورط إسرائيل أشهراً، وأعواماً.

وذكرت “ّذا أتلانتيك” “إسرائيل” بأن “حزب الله اليوم ليس المجموعات المسلحة” التي حاربتها حتى وصلت إلى طريق مسدود في عامي 1996 و2006. وأن لدى الحزب الآن 150 ألف صاروخ تحت تصرفه، بينها صواريخ موجهة بدقة، والمئات من المقاتلين المتمرسين في القتال، مضيفةً أنه يمكن للصراع في لبنان أن يجتذب مقاتلين من العراق وسوريا. أما بشأن السيناريو “الكابوس” النهائي، فيمكن لهذه الحرب أن تجذب إيران.

“الحرب على حزب الله لم تهزمه يوماً”

وقالت المجلة الأمريكية إنه “ينبغي للقادة الإسرائيليين أن يعرفوا هذا من التاريخ: فمحاربة حزب الله، حتى قبل أن ينمو بقوة كما هو اليوم، لم تسفر أبداً عن الهزيمة المدوية التي وعد بها غانتس وآخرون”.

وأشارت “ّذا أتلانتيك” إلى ما أورده الصحافي الإسرائيلي عاموس عوز، في أحد مؤلفاته، بشأن تخيل بيغن أنه يستطيع “تنظيف الفوضى في الشرق الأوسط مرة واحدة وإلى الأبد”، وإرساله قواته إلى بيروت للقضاء على المقاومة الفلسطينية، لتكون حربه “كارثة استراتيجية لإسرائيل”، أُلغيت بعدها اتفاقية التطبيع في لبنان، وأصبحت سوريا أكثر قوةً، واكتسبت إيران مزيداً من الحضور في المشهد اللبناني.

وأكدت المجلة أن اجتياح عام 1982 كان المرة الأولى التي تقاتل فيها “إسرائيل” قوة “حرب عصابات” بدلاً من جيش تقليدي، كما فعلت سابقاً، وأنها لم تكسب تلك الحرب، ولم تفز بأي حرب منذ ذلك الحين.

وشبهت “ّذا أتلانتيك” ما يحدث اليوم بما حدث عام 1982، مشيرةً إلى أن “غزة دُمرت، والآلاف قُتلوا، لكن أغلبية الأسرى ما زالت في أسر حماس، وحماس لا تزال موجودة”، مؤكدةً أن الحرب كانت “كارثة استراتيجية جديدة لإسرائيل”، و”إذا عدها نتنياهو نوعاً من النصر، فلأنه لا يزال في السلطة فقط”.

وحذرت المجلة نتنياهو من أنه ينتظره “خصم أكثر شراسةً” إذا توسعت “الحرب في الشمال”، داعيةً إياه إلى الاستفادة من دروس بيغن في لبنان.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان

إقرأ أيضاً:

مجلة العربي الأفريقي (مارس 1979) باسطة سلا: عام كنت رئيس تحرير صحيفة لعدد واحد

(إلى روح الحبيب عبد الرحمن السلاوي، باسطة سلا، قبلني على علاتي وأحسن)
تمر بنا بشهر مارس )2009( هذا الذكرى الثلاثين لصدور مجلة “العربي الأفريقي” (مارس 1979) الشهرية التي لم يصدر منا سوى عدد بهي واحد وأغلقها نظام نميري بالضبة والمفتاح. وكان صاحب امتيازها هو الأستاذ عبد الرحمن السلاوي رجل الأعمال المعروف وقدت أنا هيئة تحريرها من وراء ستار.

جئت إلى رئاسة تحرير المجلة خلواً من خبرة مؤكدة في صالة التحرير. ولكنني التقطت بعض مفاهيم في التحرير انتهزت سانحة المجلة لتطبيقها. ومن تلك المفاهيم وجوب أن يكون للمجلة مركز معلومات. وبدأت بقص ما يرد في الصحف والمجلات في موضوعات بعينها لحفظها في فايلات ثم موالاتها بقص وإضافة ما يستجد في الأمر. وما زلت أعتقد أن غياب مثل هذا الأرشيف منقصة كبيرة في صحافتنا اليوم. فصحافيونا يهجمون على المسألة حارة من نارها لا يلطفها تاريخ لها أو منطق في ذلك التاريخ. ولذا كثيراً ما اتسمت تلك الكتابات ب “القطع الأخضر” المهوش. فيأتي الرأي فطيراً لا ينعدل به رأس البلد بحكمة النظر المحيط. ولا تستعين هذه الصحف حتى بأرشيف وكالة سونا الذي جمعت فيه مثل هذه الفايلات وأوعت. وبلغ بي اليأس من جفاء الصحف لإنشاء مراكز معلومات أن اقترحت على الحكومة أن تنشئ مركزاً تجري عليه من رسوم تفرضها على الصحف.

كان من بين أفكاري التحريرية الأخرى أن أسوى لغة المجلة. وأعني بذلك مسألتين. أن نتفق على طريق رسم كلمات خلافية حتى نكتبها بصورة موحدة في الجريدة. فكلمة مثل “مسئول” تعددت صور كتابتها. ولا يصح أن ترد في نفس المجلة برسوم مختلفة. هذه واحدة. أما الفكرة الأجرأ فكانت إعمال قلم التحرير فيما يرد من مقالات حتى نسوى الكتابة في المجلة على وتيرة واحدة تلتزم الديباجة العربية. وتذكرت تجربتي مع المجلة قبل أسابيع حين جمعتني بالدكتور عبد الله حمدنا الله مجلس امتحان لطالب دراسات عليا. فأحصى له عبد الله أخطاء في الأسلوب أخرجت البحث من مدار الديباجة العربية إلى سواها. وساقني هذا الحرص على هذه الديباجة لإخضاع مقالات لكتاب كبار لهذه السوية الأسلوبية. وخرجت من التجربة بأن أميز مثقفينا يحسنون التعبير عن أفكارهم باللغة الإنجليزية لأنهم تدربوا مدرسياً على ذلك. فإما العربية فهم يكتبون بها كفاحاً أو احتساباً.

ومن بين ذكريات تحرير العربي الأفريقي التي تمكنت مني هو نجاحنا في استدراج المرحوم إبراهيم حسن علام المراجع العام آنذاك للكتابة للمجلة بعد نزوله المعاش. فقد كنت قرأت له كلمة من أطرف ما عرفت أيامها مزج فيها بين اسمه (إبراهيم) وإطلاق “حاج إبراهيم” على (الكلب) عندنا. وراوح بين المعنيين خلال ملابسات في حياته ضحكت لها كثيراً. ولما فكرنا في كاتب لبابنا الأخير الخفيف “عن الزمان وأهله” اقترحت علاماً على السلاوي. وركبنا سيارته ساب وطفقنا ندور شوارع الامتداد الجديد بحثاً عنه. فوجدناه وأكرم وفادتنا وقبل بلطف أن يكتب لنا مرادنا. وكتب قطعة جميلة لعددنا الأول عنوانها “زواج عجوز فان”. وربما كان العنوان من اختياري. وهي عن عوائد الزواج بين شعب الجوامعة الذي نشأ هو بينه في بلدة أم روابة. فحدثنا عن الزواج بالمنيحة أو المنحة وهي الإمهال في الدفع. وعرض لدور النسيبة المبغوض بينهم. ولذا سموا شوكة الحسكنيت السوداء الفتاكة ب “خشم النسيبة”. وزواج العجوز من شابة من أبغض الحلال عندهم. فهم يأخذون الشاب “ساكت على حنجوره (الحنجرة)” بينما يلعنون الشائب ب “الملة الفوق صنقوره”. وحكي عن حفر الآبار وحيل ذلك كما تحدث عن إحسان الجوامعة لقص الأثر أو القيافة.

لم يحتمل نظام نميري العربي الأفريقي فأهلكها. مع أننا لم ندخر وسعاً في “ترقيد شعرة جلده”. فما كان خافياً علينا أنه نظام لا صبر له على التعبيرات المستقلة. واتخذ من ذريعة تحالف قوى الشعب العاملة سبباً ليطوي كل شيء تحت مظلته: الاتحاد الاشتراكي الفرد كما كان يقال بفخر مستبد. وفاتحت السلاوي، صاحب الامتياز، في ضرورة تأمين المجلة من القيل والقال وكيد النظام وشماتة المعارضين الذين لا يؤمنون أنه بوسع أحد أن يؤدي خدمة متجردة للوطن في شرط استبداد نميري. وهم سينتظرون إلى يوم الخلاص منه ليأذنوا بالصحافة. واقترحت عليه أن يجعل الغلاف كله لنميري. ولم يعجب السلاوي الاقتراح لأنه خشي ألسنة المعارضين الحداد. وراجعته فقبل على مضض. وما قبل حتى أبدع في اختياره صورة من أرشيف وزارة الثقافة والإعلام ظهر فيها نميري ينظر إلى مجسم للكرة الأرضية مركزاً على خارطة أفريقيا والشرق الأوسط. واقتطفنا عبارة له تقول: “لقد توحد السودان محققاً للأمة العربية صيغة جديدة لا تتعارض فيها أفريقيته مع عروبته”. وظننا أنّا ألقينا للوحش الهائج قطعة من اللحم النيء كما يقول اهل الإنجليزية عن ملاطفة الشرير. ولم تسلم المجلة من بطش نميري. فأوقفها.

ولا نعرف حتى الآن بالتحديد سبب تعطيلها للأبد. ولم يتفضل النظام علينا بوجهة وسمعنا بدلاً عن ذلك تكهنات. فسمعنا أن الصورة السخية التي ظهرت بها المجلة: مادة غنية ألوانها مفروزة تسر الناظر، وسوست للنظام. فظن أن ليبيا، عدوه اللدود آنذاك، هي التي انفقت عليها. وقيل لنا أن المؤسسة الصحفية الرسمية هي التي كانت وراء هذه الوسوسة لأنها فشلت بصورة ذريعة في إخراج أي من مجلاتها بما يشبه العربي الأفريقي من قريب أو بعيد. ولكن وجدت من رد التوقيف إلى نشرنا للدكتور عبد لله النعيم كلمة بعنوان “عودة الدين في الغرابة: الدين غائب، الدين عائد، وهو عائد في غرابة”. وهي كلمة خصصنا لها باباً عنوانه “رؤية إسلامية” ننشر فيه عقيدة الفرق الإسلامية السودانية في مناسبة بدء القرن الهجري الخامس عشر. وربما لم نوفق في البدء لرؤية الجمهوريين. فقد اتضح لي لاحقاً أن النصف الثاني من عقد السبعينات كان مسرحاً لصراع شديد بين الجمهوريين والعلماء الدينية. فقد تعقب العلماء الجمهوريين وأستاذهم محرضين المصلين عليهم في كل جامع وفوق كل منتدى لحمل الحكومة على تنفيذ حكم الردة في الأستاذ وفض تلاميذه عنه ومنعهم من الدعوة لفكرتهم. وأرادوا من ذلك تنفيذاً قرار محكمة الردة الأولى ضد الأستاذ محمود في 1968. وبدا لي من بحثي المتأخر أن جهلنا بخفايا صراع محمود والعلماء رمانا في نشر مقال ربما استفز العلماء المتنفذين لسد كل فرجة يتسرب منها فكر خصمهم الألد. ولم يمنع تحوطنا لكبر نفس نميري برسم صورته على الغلاف من التوقيف. فقد غابت عنا أشياء أخرى.

لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما رضيت من تجربة العربي الأفريقي بديلاً. كلها: باسطة سلا. رفقة عبد الرحمن وأخوته والمحررين والمصممين والمعينين كلهم. كنت رئيس تحرير لعدد واحد. ولكنه عدد ولا كل الأعداد.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: “الحرب الأمريكية ضد الحوثيين قد تتحول إلى فضيحة وتجلب نتائج وخيمة على واشنطن”
  • إسرائيل تهدد بفصل نحو ألف عسكري بسلاح الجو إثر مطالبتهم بوقف الحرب
  • مجلة أمريكية: علينا ان نستذكر “المرة الوحيدة” التي أوقف فيها “الحوثيون” هجماتهم في البحر 
  • إسرائيل تهدد بفصل نحو ألف عسكري طالبوا بوقف الحرب
  • مجلة العربي الأفريقي (مارس 1979) باسطة سلا: عام كنت رئيس تحرير صحيفة لعدد واحد
  • مجلة أتلانتيك: حرب ترامب على الحوثيين بلا خطة وقد ترتد عليه
  • ‏مجلة “ذا أتلانتك”: الحرب الأمريكية على اليمن قد تتحول إلى فضيحة كبرى
  • التهديدات لم تعد كافية.. إسرائيل تنتقل للتنفيذ وترسم حربها
  • مجلة العربي الأفريقي (مارس 1979): عام كنت رئيس تحرير صحيفة لعدد واحد
  • صاحب خطة الجنرالات: ثلاثة أسباب لفشل “إسرائيل” في الحرب على غزة