"مؤتمر القاهرة" يؤكد على ضرورة وقف الحرب فورا في السودان
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
أكد البيان الختامي لمؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي استضافته القاهرة، يوم السبت، على ضرورة الوقف الفوري الحرب، ووقف العدائيات وضرورة الالتزام بإعلان جدة الموقع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ودان البيان الانتهاكات التي ارتكبت في الحرب، ودعا النظر الي الوضع الإنساني ودعم جهود المجتمع الدولي والمحلي والالتزام بتعهداتهم
نص البيان:
نحن القوى السياسية والمدنية السودانية التي توافقت على هذا البيان، اجتمعنا بدعوةٍ كريمةٍ من حكومة جمهورية مصر العربية الشقيقة بعاصمتها القاهرة تحت شعار (معاً من أجل وقف الحرب)، وتداولنا الرؤى ووجهات النظر، في لحظة حرجة من تاريخ بلادنا، تهدد استقرارها واستقلالها ووحدة أراضيها وهددت بقاءها كدولةٍ لشعبٍ له إرثه الحضاري الأصيل والمُشرف، وتسببت في كارثةٍ إنسانيةٍ مريعة، وعصفت بملايين الأسر إلى المجهول، وفى هذه الساعة التي نتداول فيها، يعانون من ويلات الحرب، ومآسي النزوح والتشرد واللجوء والموت جوعاً، والافتقار لأبسطِ مقومات الرعاية الطبية، وينتظرهم شبحِ الأميةِ المُتوحش ، تاركاً أمتنا فريسةً لأجيالٍ من ضياعِ العقول والجهلِ والتطرف.لقد استجبنا للدعوة الكريمة التي بادرت بها جمهورية مصر العربية لجمع السودانيين، وبحُضورٍ مُقدرٍ من دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية بغرض التشاور والاتفاق على الحدِ المطلوب للعمل المشترك من أجل وقف الحرب وإنهاء الأسباب التي أفضت إليها، والمسارعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة وعلى رأسها الغذاء والدواء والتعليم، أملاً في أن تتكلل هذه الجهود بإسكات صوت المدافع وتحقيق أمان المدنيين واخراس أصوات العنف والكراهية والدعاية السالبة، والسعي معاً من أجلِ إعادة الإعمار للمرافق الأساسية التي تجعل حياة السودانيين مُمكنة في بلادهم وتهيئة الدولة لضمانِ الأمنِ والسلام لعودتهم إلى بيوتهم ومُزاولةِ حياتهم الطبيعية. لقد اتفق المؤتمرون على أن الحرب التي اجتاحت بلادنا وقتلت وشردت وأذلت شعبنا ومزقت نسيج بلادنا الاجتماعي، صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023، لا تمثل فقط علامةً فارقةً، ولكنها تاريخٍ جديدٍ يُلزم كل سوداني وسودانية بالنظرِ والمراجعةِ الدقيقةِ لمواقِفنا كافة. إننا ندين كل الانتهاكات التي ارتكبت في هذه الحرب، ونؤكد أنّ الحربَ مُؤشر حيوي للتفكير في إعادة التأسيس الشامل للدولة السودانية على أسس العدالة والحرية والسلام، وهو الأمر الذي يتطلب قناعة كل السودانيين به، ولهذا فإن اجتماعنا اليوم يتوجه تِلقاء المستقبل المُعافى ولأجيالنا المُقبلة في وطنٍ يكتنِفه السلام والعدالة والنهضة والحرية وسيادة حكم القانون، مستفيدين من تجاربنا وخبرات شعوب العالم في تجاوز الحرب وأهوالها نحو المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية. شمل النقاش والتداول ضرورة الوقف الفوري للحرب بما يشمل آليات وسبل ومراقبة الوقف الدائم لإطلاق النار ووقف العدائيات. كما أكد المؤتمرون ضرورةالالتزام بإعلان جدة والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب. وتوجه المؤتمرون بالدعوة والمناشدة إلى الدول والجهات الداعمة لأطراف الحرب بأيٍ من أشكال الدعم المباشر وغير المباشر، للتوقف عن إشعال المزيد من نيران الحرب في السودان. وإذ تُمثل الازمةُ الإنسانية السودانية المأساة الأكبر في العالم، كما أنها تأتى في رأس الأولويات التي تستوجب التصدي لها من قبل السودانيين والقوى السياسية والمجتمع المدني والمنظمات الإنسانية، حيث إن وصولِ المساعدات هو أمر واجب لإنقاذ حياة ملايين السودانيين. وقد دعا المؤتمرون إلى حماية العاملين في المجال الإنساني وتجنيبهم التعرض للخطر والملاحقة والتعويق من قبل أطراف الحرب وفقاً للقانون الدولي والانساني، ومواصلة دعم جهود المجتمع المحلى والدولي للاستمرار في استقطاب الدعم من المانحين وضمان وصوله للمحتاجين. كما ناشد المؤتمرون المجتمع الاقليمي والدولي الايفاء بالتزاماتهم. أما المسار السياسي لحل الأزمة فقد أجمع المؤتمرون على المحافظة على السودان وطناً موحداً، على أسس المواطنة والحقوق المتساوية والدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية. ان اجتماع القاهرة يمثل فرصةً قيمةً إذ جمعت لأول مرة منذ الحرب الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية، كما جمعت طيفاً مُقدراً من الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني، توافقوا جميعاً على العمل لوقف الحرب باعتبار أن ذلك هو سؤال سائر السودانيين ومطلبهم الأساس. وأكدوا على تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب كل الاسباب التي ادت الي افشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولاً الي تأسيس الدولة السودانية. توافق المؤتمرون على تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة هذا المجهود من اجل الوصول الي سلام دائم. في الختام نتوجه بالشكر لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ولحكومة وشعب جمهورية مصر العربية الشقيقة. لوقفتهم إلى جانب الشعب السوداني في محنته الراهنة.
ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف "الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة"، وذلك "بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدولي".
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حرباً داخلية بين الجيش وقوات الدعم السريع، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
ورأى وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، في افتتاح المؤتمر، السبت، أن "مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة تاريخي"، مشيراً إلى أن "الوضع الكارثي في السودان يتطلب الوقف الفوري والمستدام للحرب، وتسهيل عمليات الاستجابة الإنسانية الجادة والسريعة من أطراف المجتمع الدولي كافة" لتخفيف معاناة السودانيين، والتوصل لحل سياسي شامل".
وقال عبد العاطي إن "أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية»"، موضحاً أن "أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة كافة بالسودان، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية».
كما شدد على "أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان، والحفاظ على سلامة مواطنيه"
وأشار في الوقت نفسه إلى معاناة السودانيين الذين فروا من الحرب لدول الجوار، داعياً "المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته التي أعلن عنها في مؤتمري جينيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتي تناهز 75 في المائة من إجمالي الاحتياجات".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الالتزام بإعلان جدة السودان القوى السياسية السودانية القوات المسلحة السودانية الجيش السوداني قادة الجيش السوداني قائد الجيش السوداني قيادة الجيش السوداني حرب السودان الحرب السودانية الدعم السريع الالتزام بإعلان جدة السودان القوى السياسية السودانية القوات المسلحة السودانية أخبار السودان القوى السیاسیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
مولانا احمد ابراهيم الطاهر يكتب: الجمهورية السودانية الثانية
الرسالة التي حملت رؤية المؤتمر الوطني المستقبلية للسودان جديرة أن تثير نقاشا واسعا في أوساط النخبة السودانية المثقفة . وقد آن لقادة الفكر في بلادنا أن يبدأوا السباق المعرفي ، وليفتحوا الأبواب لشعب السودان ليسهم في رسم استراتيجية البناء والنهضة العظيمة للأمة السودانية .
ونهاية الحرب الضروس قد باتت وشيكة بما قدمته القوات المسلحة ومعاونيها من شباب السودان بتكويناته وانتماءاته المختلفة من تضحية وفداء وثبات وصبر وعزيمة ، لجديرة بأن
تسجل في كتاب التاريخ فخرا وعزا ومجدا أثيلا للسودان ، وتترك في قلوب أعدائه رعبا ورهبة
لا يمحوها مرور الأيام والليالي . فالتحية والدعاء بعد حمد لله لكل من اشترك في معركة الكرامة بالقتال المباشر وبالإعداد وبالانفاق المادي وبالرأي السديد وبالدعاء الصادق لتحقيق النصر الخالد والمجد التليد . والرحمة والقبول من الله لشهدئنا من المقاتلين في صف القوات المسلحة الذين وهبوا حياتهم لربهم ولبلادهم العزيزة . والدعاء لكل مكلوم وكل مهموم ومظلوم وجريح ومصاب ولكل أم وأب لشهيد أو مقاتل جسور .
إن من ملامح ما بعد النصر أنها كما أنهت المؤامرة الاقليمية والدولية الكبري علي البلاد ، فإنها قد انتهت بها حقبة جيل السبعينات والثمانينات ومعظم مواليد الاربعينات والخمسينات من أبناء السودان الذين عمروا بلادهم وأداروها في تلك الحقبة . فمن عبر منهم إلي الدار الآخرة فهو رجاء الله تعالي ومغفرته ورضوانه . ومن بقي منهم فهو في فترة المراجعة والإنابة والاستعداد للرحيل ، مع بذل ما اكتسبه من تجارب الحياة العامة والخاصة للجيل الناهض بأعباء الحياة القادمة . فبتقدم العمر وبتغير الأحوال وباختلاف أهداف المرحلة وتحدياتها لم يعد هناك من يطمع من أبناء ذلك الجيل في منصب أو في قيادة أو مكسب دنيوي إلا ما ندر ، وقد عبروا عن مواقفهم هذه في مناسبات عدة . فليهنأ الذين أصابهم الوجل من عودة مشاهير سابقين إلي تولي الحكم مجددا فلا العمر ولا الرغبة ولا الأحوال تسعفهم في ذلك . ولتستعد الأجيال الناهضة لتولي مسئولية إدارة الحياة في الدولة والمجتمع بمواهبهم في العلم والمعرفة ، وليدخلوا بابتلاء الله لهم في معترك الحياة بالعزم والحزم والزهد والاستقامة ، وبحب الله وحب الوطن وحب الناس وكراهية الفساد والخيانة والجريمة .
إن النظر في أسبقيات العمل في الدولة تفرض علي المرء البدء بما هو أولي . ولا أحسب أن قضية ما تسبق قضية الأمن القومي في البلاد . فبفقدان الأمن فقد أهل السودان كل شيء ، النفس والأرض والمال والعرض والطمأنينة والتعليم والصحة واجتماع الأسرة وغيرها . لقد كان عقلاء المجتمع يطلقون المحاذير للشعب السوداني عن مخطط العدو الخارجي لاستهداف الوطن والمواطنين ، ويبينون لهم ملامح التخطيط المجرم لاحتلال البلاد ، وقد نشرت ملامحه في وسائل الإعلام الغربية باقتراب احتلال دول في المنطقة من بينهم السودان ، ولكن غفلة العامة كانت كبيرة ، وتصديقهم لوقوع الكارثة كان ضعيفا ، وحسبوها مناورات من ساسة يريدون بها التكسب ، فلم يستبينوا النصح حتي وقعت الواقعة ورأوا بأعينهم ما لم يخطر ببالهم من فظائع الحرب وقسوة المجرمين ووحشية البشر وهمجية ليست من طبائع الحيوان ، وأصبح مخطط العدو يجوس خلال ديار المواطنين العزل في القري النائية والمدن الوادعة . ولولا لطف الله وحسن تدبيره ورعايته لفقدنا أرض السودان بما تحمله من مواهب الله الثرة وعواريه المستودعة ومنائحه الدارة وخيراته الوفيرة ومساجده العامرة وخلاويه التالية لكتابه ، ولأصبح أهله مشرودين في دول لا تعرف معاني الإخاء والنصرة وحب الناس واستقبال الملهوف .
فمن أجل هذا الدرس القاسي تكون العظة للحاكم والمحكوم علي السواء بأن قضية الأمن القومي هي القضية ذات السبق في الترتيب ، بلا تراخ ولا تفريط ، ولا استهانة ولا استكانة ولا مجاملة لقريب أو بعيد أو لصديق أو عدو . فإن كان في خزينة البلاد وفي خزائن أفراد مال كثير أو قليل فهو أولا لتأمين البلاد ، والبدء بالقوات المسلحة وقوات الأمن وقوات الشرطة . إن مضاعفة الاحتياطي البشري لهذه القوات في ظل التهديد الماثل والذي لم تزدة الأيام إلا تأكيدا ، ينبغي أن يضاعف بعشرة أضعافه . والقوات النظامية تدرك كيف تفعل ذلك دون عنت ومشقة . ومضاعفة الاحتياطي البشري تظل تأمينا للبلاد من أي تمرد داخلي وأي غزو خارجي ، كما أنها سند ميسور لمواجهة الكوارث الطاريئة ، وهي أيضا مورد للمعلومات ورصد لكل نشاط تخريبي في الاقتصاد ومكافحة التهريب وتجارة المخدرات والوجود الأجنبي غير المقنن ، وفي الحيلولة دون انفجار النزاعات القبلية وفي اختراق الحدود وغيرها .
إن مضاعفة قوات الاحتياط بشريا لابد أن تصحبه مضاعفة القدرات القتالية والتأهيل الأمني والتدريب المتقدم والإعداد النوعي الذي يستجيب للتطوير الفني باضطراد كلما تطورت الأنظمة التقنية ليواكب تطورها تجاوزا للتخلف وحرصا علي التفوق المستمر الذي يفضي إلي يأس شياطين الإنس والجن من الطمع في بلادنا .
بالطبع هنا لا نتحدث عن تطوير القدرات العسكرية الدفاعية والفنية ، حيث أن قادة هذه الأجهزة أكثر دراية منا ، ولا نتحدث عن إعادة هيكلتها كما كان يفعل جهلة الحرية والتغيير وعملاء السفارة الغربية وخونة الزمرة المستعبدة وأرباب اليسار المستخدم ، ونحن نعلم أن ما لدي هذه الأجهزة ما يعينها في تطوير استراتيجيتها كلما لزم الأمر . ومع ذلك نلمح ولا نفصل في إعادة النظر في الخارطة الجغرافية الدفاعية بما يعين علي قيام مدائن حضرية جديدة مزودة بوسائل دفاعية مقتدرة وقدرات انتاجية مقتدرة ووسائل اتصال عالية الجودة وصناعات تحويلية ومصدات دفاعية محكمة وخارطة دائرية متصلة لا تعين العدو علي اختراق البلاد كما فعل الآن ، وتستوعب في داخلها نخبة كبيرة من الخريجين لتقوية حصون البلاد الجديدة ، ولميلاد جيل عالم مستنفر معبأ ومقاتل ومنتج ومهتد وهاد لأمته المحفوظة بعناية الله تعالي .