الجزيرة:
2024-10-05@10:10:50 GMT

فلسطيني بين حربين.. ألم غزة ونزيف السودان

تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT

فلسطيني بين حربين.. ألم غزة ونزيف السودان

بورتسودان- شارك في السابق في حفر أنفاق بين رفح ومصر وودع والده وشقيقه شهداء في غزة قبل أن يخرج باتجاه السودان بحثا عن حياة جديدة، لم يكد يهنأ فيها مع زوجته السودانية وابنتيه حتى باغتته الحرب في الخرطوم ودفعته لخوض تجربة نزوح قاسية اكتملت فصولها القاتمة بتوالي أخبار العدوان الإسرائيلي القادمة من غزة وما تحمله في كل يوم من نبأ استشهاد فرد من العائلة أو تدمير منزل قريب أو استهداف صديق.

استقبلني حسن النجار بحفاوة في ورشته البسيطة بالمنطقة الصناعية، ولم أكد ألتقط أنفاسي في تلك الظهيرة من صيف بورتسودان الساخن حتى اندفع يسرد حكايته الممتدة بتشعبات وفواصل عن فلسطين وتاريخها والسودان وكرم أهله، من دون أن يخلو الأمر من إشادة بالجزائريين ومواقفهم بعد أن أخبرته عن جنسيتي.

كنت أحاول أن أقطع حديثه الممتد لأكثر من ساعة بحثا عن معلومة أو تدقيقا لتفصيل في كلامه من دون أن يؤثر ذلك على خيط السرد الممتد من خان يونس في غزة، مرورا بأنفاق رفح نحو مصر، ومنها إلى الخرطوم ومدني قبل أن يحط الرحال ببورتسودان منذ قرابة 6 أشهر.

أنفاق غزة

حسن الشاب الثلاثيني قادم من أسرة بسيطة في غزة يقول إنه اضطر إلى العمل في سن مبكرة من أجل إعالة أسرته بعد رحيل والده شهيدا عام 1998 تاركا له مسؤولية العناية بوالدته وأشقائه الـ11.

يذكر تلك الأيام بكثير من الاعتزاز رغم أنها كانت حبلى بالتجارب القاسية ويوميات الفقر والعوز التي كان يكد فيها من أجل قليل من القوت يسد به رمق عائلة وجدت لها مأوى في مبنى متهالك لا يقي كثيرا من حر الصيف ويحتضن بأسقف مفتوحة برد الشتاء ومطره.

حسن (يسار) يستعرض لصديقه السوداني أحد المقاطع المصورة للمقاومة الفلسطينية (الجزيرة))

يعود حسن بذاكرته للأيام التي كان يعمل خلالها في حفر أنفاق كانت سبيل الفلسطينيين نحو بضائع وسلع غابت عن أسواقهم بسبب الحصار الإسرائيلي الممتد من عام 2006.

ويضيف أنه ودع عددا من رفاقه الذين دفنوا تحت رمال تلك الورشات، ونجا هو من حوادث كادت أن تخطفه شابا من أهله، وأسهم في إنقاذ آخرين بعزم وإرادة يستغربها وهو يستعيد تفاصيلها اليوم.

لم تكن تلك الأعمال كافية لتوفير ما يضمن حياة كريمة له ولأسرته، فقرر خوض تجربة الغربة بحثا عن غد أفضل، فكانت الرحلة إلى السودان مرورا بمصر مستغلا الفترة التي كان التنقل فيها سلسا خلال فترة حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.

بين السودان وأهله

حدثني حسن بلسان سوداني مبين، سألته عن الأمر فرده إلى أيام يتلذذ باستعادة تفاصيلها حين نجح في الاستقرار بالخرطوم بداية من عام 2013 والحصول على عمل ضمن له دخلا محترما ساعده على تأمين حاجات أسرته في غزة والتكفل بزفاف شقيقه الأصغر، قبل أن يقرر "استكمال نصف دينه" من فتاة سودانية أنجب منها بنتين.

كانت الفترة الأسعد حين اكتمل حلمه بدعوة والدته إلى السودان، لتقضي معه أياما من شهر رمضان ولتتعرف على زوجته التي لم تلتق بها من قبل. ورغم معاناتها في رحلة العبور من غزة إلى الخرطوم، التي امتدت لأسبوعين كاملين، فإنه يفخر بأنه دللها وسهر على قضاء وقت ممتع معها بين ساحات الخرطوم ومتنزهاتها.

ولأن الحياة تأبى أن يظل وجهها الباسم ماثلا أمام حسن، انقلبت الأمور فجأة حين صحا في ذلك اليوم من منتصف أبريل/نيسان 2023 على أصوات الاشتباكات وصيحات الشباب في الحي "كتمت".

وحينما استفسرت عن معنى تلك الكلمة، ظل يبحث عن مرادف لها، ولم يفلح إلا بعد الاستعانة برفاق الجلسة من السودانيين الذين أجمعوا أن أقرب معنى لها هو أن الأمور انفلتت والحرب دقت ساعتها.

استغل فترة سؤالي وارتشف قليلا من الشاي قبل أن يستأنف حديثه عن المعضلة الكبرى التي واجهته في بداية الحرب، وهي كيف سينجو بوالدته ويعيدها إلى غزة، معضلة لم يجد لها حلا إلا لدى السفير الفلسطيني الذي احتفظ برقمه صدفة قبلها بأيام. استجاب السفير لطلب حسن وأشرف على نقل والدته رفقة عشرات الفلسطينيين إلى غزة مرورا بمصر.

من الخرطوم إلى بورتسودان

وبعد نحو أسبوعين قرر نقل أسرته الصغيرة نحو منطقة آمنه في العاصمة السودانية، وظل هو يتنقل بين مناطق مختلفة في الخرطوم ومدني وأم ضوا بان، بحثا عن فرصة لكسب مبلغ يسد به احتياجاته اليومية.

استمرت تلك الرحلة لنحو 6 أشهر قبل أن يصل إلى بورتسودان، ويفتتح ورشته الصغيرة لتنجيد مقاعد السيارات، ويستقدم لاحقا زوجته وبنتيه ليبدأ معهم مشوارا جديدا يتوق لأن يكون بألوان أقل قتامة مما سبق.

يتمنى حسن أن تضع الحرب أوزارها قريبا لأن السودانيين عانوا ما فيه الكفاية عبر تاريخهم، ولا يستحقون حربا جديدة تثخن يومياتهم بمآس جديدة.

وتظل الأمنية الكبرى بالنسبة له أن يحظى بالشهادة التي يوقن أنه سيحصل عليها في أرض غزة يوما ما.

قبل توديعه، شكرني أبو بيسان وهو يستعرض أمامي صور ابنته بابتسامتها الجميلة، مكررا عبارات العرفان، لأني فقط منحته فرصة البوح بشيء مما بداخله، لأغادر وأنا أتساءل من منا يستحق الشكر من الآخر، ومن الأولى بعبارات الإشادة والعرفان، بعد كل تلك التجارب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بحثا عن فی غزة قبل أن

إقرأ أيضاً:

«حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال .. الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية

«حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال أفكار متداولة لصفقة جديدة مقبولة إسرائيلياً لوقف إطلاق النار تشمل تسليم غزة لـ «السلطة» • الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة في مصارفها وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية

الجريدة الكويتية– القدس
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية بخان يونس جنوب غزة أمس (رويترز) ضمن أفكار طُرِحت لوقف إطلاق النار في غزة، تلقت «حماس» عرضاً عن صفقة وافقت عليها إسرائيل، يتضمن بعضها إمكانية وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من القطاع، مقابل خروج الحركة من غزة إلى السودان. مع اقتراب موعد الذكرى السنوية الأولى لعملية «طوفان الأقصى» التي أطلقت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كشف مصدر مطلع لـ «الجريدة» عن أفكار جديدة متداولة لوقف إطلاق النار، تقضي بخروج قادة حركة حماس وجميع مقاتليها بشكل آمن من غزة إلى السودان. وقال المصدر إن إحدى الأفكار تقترح انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، مقابل خروج «حماس» عبر معبر رفح إلى مصر، وبعدها إلى السودان، حيث ستحصل الحركة على مكاسب مالية وسياسية. ولفت إلى أن هذا المقترح لاقى استحساناً لدى الأطراف المعنية بوقف الحرب، التي تقترب من نهاية عامها الأول، في مساعٍ لإنجاز صفقة التبادل بين الطرفين، مبيناً أن إسرائيل وافقت على المقترح وتم نقله إلى الحركة على يد وسيط خليجي بدعم دولة عربية. وبحسب المصدر، فإن الجيش السوداني وافق على استضافة جميع قادة «حماس» ومقاتليها على أراضيه، مع تحرير أموالهم المحتجزة في البنوك السودانية وتسليمهم كل العقارات والأموال والمحطة التلفزيونية التي كانت تملكها الحركة في الخرطوم إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وأوضح أن الوسطاء يعملون على إقناع حماس وإسرائيل بباقي تفاصيل الصفقة المقترحة، مبيناً أن أساسها سيكون مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن. وأشار إلى أن الفكرة تولدت بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وقياداته، وحالة الارتباك والبلبلة الحاصلة في المنطقة، وصرف الأنظار إلى الشمال والحرب في لبنان، معتبراً أن هذا الأمر قد يسهل على قادة «حماس» قبول المقترح، والخروج من غزة، مع تسليم السلطة الفلسطينية الأمور الإنسانية والمدنية فيها تحت رعاية مصر في المرحلة الأولى.

https://www.aljarida.com/article/76826
اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/76826  

مقالات مشابهة

  • مرصد لحقوق الإنسان يُطالب طرفي الحرب في السودان بحماية المدنيين في الخرطوم بحري
  • إيقاف الحرب أولى من إعمار الخرطوم!!!
  • خبراء لـ«الفجر» آخر تطورات الأوضاع في السودان
  • الجيش السوداني يتقدم وسط الخرطوم وقوات متحالفة معه تحقق انتصارات بدارفور
  • «حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال .. الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية
  • إنهيار مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ودارفور
  • مرحبا باليسار علي لسان الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • جمعية الصحفيين تدين الاعتداء على مقر رئيس بعثة الدولة في الخرطوم
  • بيان مهم من الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • طوارئ الكلاكلات: وفاة أربعة أطفال بسبب سوء التغذية الحاد