داخل أحد معارض سوق الفسطاط بمصر القديمة، جلست آمال السيد، ممسكة بين يديها قطعة من القماش وإبرة وخيطاً من النحاس المطلى بماء الذهب أو الفضة، ترتدى السيدة الخمسينية نظارتها لتتمكن من رؤية الخيوط ونسيج القماش بشكل أوضح لتبدأ الغزل، وبحركة سريعة ودقيقة وبأنامل متمكنة ترسم رموزاً تعبيرية بخيوط الذهب على قطعة القماش البيضاء، ورغم تقدمها فى العمر إلا أنها ما زالت تحلم بتطوير ورشتها الصغيرة، بعد تخليها عن فكرة الزواج: «رفضت الزواج لأننى عشقت مهنتى ومنحتها كل وقتى وحياتى، بحبها زى ما كنت هحب بيتى وأولادى».

رحلة «آمال» فى تعلم حرفة التلى بدأت فى العشرين من عمرها، وحينها كانت عضوة فى جمعية تنمية المجتمع بقريتها، حيث حضرت ورشة لتعليم حرفة يدوية لم تسمع بها من قبل: «عرفت أن تلك الحرفة تدعى (التلى) فطلبت التعلم، وبدأت فى تعلمها والموضوع ماكانش سهل، بس سحرنى وأصريت أتعلمه».

أثناء محاولات آمال لتعلم الحرفة شاهدتها عمتها وأخبرتها أنها كانت تمارس تلك الحرفة قبل سنوات، وأخرجت صندوقاً مليئاً بالأدوات التى كانت تستعملها العمة، وبدأت فى مساعدتها لتعلم الحرفة بشكل أكثر دقة، وتابعت: «علمت من عمتى أن أحد الأشخاص كان يمنح الأدوات للسيدات فى قرية جزيرة شندويل وبعد شهر يعود لجمع ما تم إنتاجه من قطع من أجل بيعها، وبعد وفاة هذا الرجل توقفت العادة، فقررت أن أكمل مسيرته وأعلّم السيدات فى شندويل وأمنحهن فرصة لتصبح الحرفة مصدر رزق لهن كما كان الوضع منذ سنوات».

بدأت «آمال» مشروعها بتعليم السيدات فى القرية حرفة التلى وبيع القطع التى ينتجنها بحيث تتم إعادة إحياء الحرفة التراثية التى اشتهرت بها جزيرة شندويل بمحافظة سوهاج منذ قديم الأزل وتصبح أيضاً مصدر رزق للسيدات، لكن واجهت العديد من التحديات، بينها عدم تصديقها من أهالى القرية، ورفض أسرتها فكرة وجودها فى سوق العمل، وقالت: «قطعت الطريق وحيدة دون دعم الأهل الذين مثلوا واحدة من أكبر العقبات فى طريقى، وبعد نجاحى أصبحت قدوة لكل بنات العائلة».

تمكنت «آمال» من تحقيق النجاح، وبدأت فى جنى الأرباح، حتى عرف محافظ سوهاج ووزير الصحة آنذاك بمشروعها وقاما بمعاونتها، ورغم نجاحها الكبير، إلا أن العائلة ظلت متمسكة بالعادات والتقاليد: «كلما زاد نجاحى كان يزداد رفض أسرتى لفكرة وجودى فى سوق العمل، وعايزينى أتجوز وأقعد فى البيت، وتعرضت للعقاب كتير».

لم تكن محاربة الأهل والابتعاد عن حضن الأسرة أمراً سهلاً على فتاة فى العشرينات أو حتى الثلاثينات، واجهت الإحباط المستمر وعدم التقدير لما تحققه، تلقت الصفعات والضرب من الأخ بدلاً من الدعم والتشجيع والفخر بما وصلت إليه، ولكنها قاومت كل تلك المشاعر السلبية، ولم تستسلم، فكان حلمها بانتشار حرفة التلى فى كل مكان وإيمانها بإمكانية تحقيق ذلك أقوى بكثير من آلام الروح وصدمات الأهل التى تعرضت لها وواجهتها، مما دفعها لتكملة طريقها، إلى أن أصبحت فى سن الـ50 دون زوج أو أطفال ولكنها أصبحت واحدة من سيدات الأعمال الناجحات وأشهر مدربات التلى، ما دفع العائلة التى كانت تعارضها فى بداية الأمر، إلى أن تفخر بها جداً وتتمنى أن تصبح بناتها مثلها، ناجحات ومتمكنات من عملهن وأصبحت قدوة بين عائلتها وقريتها بعد أن تخلت عن حلم الفستان والزواج وتكوين الأسرة، واستمرت فى السعى وراء حلمها، إلى أن تمكنت من المشاركة فى العديد من المعارض فى القاهرة، والمعارض الدولية، ونشر التراث وفتح باب رزق أمام العديد من فتيات القرية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الت ل ى سوهاج

إقرأ أيضاً:

تعادل الرمثا والحسين ينعش آمال الوحدات

#سواليف

تعثر نادي #الحسين مجددا أمام #الرمثا، بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله، اليوم الثلاثاء في #اللقاء_المؤجل من الجولة 13 للمسابقة.

سجل هدف الرمثا اللاعب مؤمن الساكت، وتعادل لنادي الحسين اللاعب إحسان في الوقت بدل الضائع من الشوط الثاني عن طريق اللاعب إحسان حداد.
واستغل نادي الوحدات سقوط الحسين بأفضل طريقة ممكنة عقب فوزه على نادي مغير السرحان بنتيجة (3-1)، ليشعل المنافسة على لقب الدوري الأردني للمحترفين، حيث تصدر الترتيب بـ 48 نقطة وبفارق نقطة عن الوصيف الحسين.

ويشتد الصراع في الدوري على اللقب، كما تحتدم المنافسة بين الفرق المهددة بالهبوط، إذ تأكد هبوط فريقي مغير السرحان ومعان إلى مصاف أندية الدرجة الأولى، في حين ما زالت هوية الفريقين الآخرين المهددين بالهبوط قيد الحسم، وسط تنافس بين الأهلي وشباب الأردن (22 نقطة)، والصريح وشباب العقبة (19 نقطة).

مقالات ذات صلة الاحتلال يشن حملة اعتقالات في بلدة كوبر شمال رام الله 2025/04/23

مقالات مشابهة

  • آمال ماهر تحيي نيكول سابا في حفلها بأوبرا دبي
  • مأساة مغترب الحوامدية.. عاد من الخليج فوجد زوجته في أحضان رجل آخر أنجبت منه طفلة
  • «الدنيا دي غريبة أوي».. حورية فرغلي تثير الجدل بصورة مع باسم سمرة (صور)
  • الشخص الذكي دائم الأسئلة.. خالد الجندي يكشف توجيها قرآنيا يرسي ثقافة التفكير
  • العراق يترقب مصير مفاوضات إيران النووية: آمال ومخاوف
  • المستشار محمود فوزي: مراجعة ملف حقوق الإنسان في مصر كانت ناجحة ومثمرة
  • تعادل الرمثا والحسين ينعش آمال الوحدات
  • الأمم المتحدة: تدمير المعدات الثقيلة في غزة يبدد آمال العثور على المفقودين تحت الأنقاض
  • الدرديري: الأهلي كان رافع حسين الشحات للسماء وبعد زيزو بيستغنوا عنه
  • من النحت إلى فن الريزن.. 11 حرفة يدوية ومهارة تقنية في معرض بالأحساء