طهران:أ ف ب": فاز مسعود بيزشكيان الداعي إلى الانفتاح على الغرب، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسيّة الإيرانيّة أمام المرشّح المحافظ سعيد جليلي، وفق نتائج أُعلنت اليوم السبت.

وفي ختام جولة ثانية من الانتخابات جرت الجمعة، حصل بيزشكيان على 53,6% من الأصوات فيما حصل منافسه على 44,3%، بحسب النتائج النهائية التي أعلنتها السلطات الانتخابية.

وبعد جولة أولى في 28 يونيوو بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 49,8%.

ونُظمت هذه الانتخابات على عجَل لاختيار خلف لابراهيم رئيسي الذي قضى في حادث مروحيّة في 19 مايو.

وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، قال بيزشكيان على منصة إكس "الطريق الصعب أمامنا لن يكون سهلًا إلا برفقتكم وتعاطفكم وثقتكم. أمدّ يدي لكم"، مكررًا ما تعهد به الثلاثاء بـ"مد يد الصداقة للجميع" في حال فوزه.وتعهد جراح القلب البالغ من العمر 69 عاما بتبني سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر المرتبط بالمفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 وتحسين آفاق الحريات الاجتماعية والتعددية السياسية.

من جهته، دعا جليلي أنصاره إلى "احترام" نتائج الانتخابات، قائلًا على التلفزيون "علينا جميعنا بذل جهود لمساعدته".

وشكك محللون غربيون في امكانية فوز بيزشكيان النائب عن تبريز، أكبر مدينة في شمال غرب إيران، و تحقيق هذه النتيجة عندما قبل مجلس صيانة الدستور طلب ترشّحه مع خمسة مرشّحين آخرين، كلهم من المحافظين، للانتخابات المبكرة معتبرين ان أن بيزشكيان ليس شخصية بارزة في معسكر الإصلاحيين والمعتدلين وان تأثيرهم تراجع في مواجهة المحافظين في السنوات الأخيرة على حد توقعاتهم.

لكن الرجل تمكّن من كسب دعم هذا المعسكر، لا سيما تأييد الرئيسين الأسبقين محمد خاتمي وحسن روحاني، وكذلك وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، مهندس الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع القوى الكبرى في العام 2015.

وأظهرت لقطات بثتها وسائل إعلام محلية أنصارًا لبيزشكيان يعبّرون عن فرحهم في شوارع طهران وتبريز حتى قبل صدور النتائج الرسمية.ورحّب إيرانيونبعد فوز بيزشكيان، بالانتصار فيما اعتبر آخرون أن ذلك لن يحدث أي تغيير.

وقال المهندس أبو الفضل (40 عامًا) "نحن سعداء جدًا لفوز بيزشكيان. نحن بحاجة إلى رئيس واسع المعرفة لحلّ المشاكل الاقتصادية".من جهتها، قالت ربة المنزل رؤيا (50 عامًا) "هؤلاء المرشحون يطلقون فقط شعارات. حين يستلمون السلطة، لا يفعلون شيئًا للشعب".

ودعا المرشح الإصلاحي إلى "علاقات بنّاءة" مع الولايات المتّحدة والدول الأوروبية من أجل "إخراج إيران من عزلتها".

غير أن صلاحيات الرئيس في إيران محدودة إذ تقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعتبر رأس الدولة. أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى علي خامنئي.

وأوصى خامنئي اليوم الرئيس المنتخب في رسالة تهنئة "باستخدام القدرات العديدة للبلد خصوصًا الشباب الثوريين" لدفع الجمهورية الإسلامية إلى الأمام.

واعتبر خبير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز في منشور على منصة إكس أن فوز بيزشكيان "يكسر نمط سلسلة من الانتخابات الوطنية شهدت تشديد المعسكر المحافظ قبضته على جميع مراكز السلطة".لكن مع ذلك، "تستمر سيطرة المحافظين على المؤسسات الأخرى في الدولة" وفق قوله.

وأضاف "الصلاحيات المحدودة للرئيس تعني أن بيزشكيان سيواجه معركة شاقة لتأمين المزيد من الحقوق الاجتماعية والثقافية في الداخل ومشاركة دبلوماسية في الخارج، وهو ما تم التأكيد عليه خلال حملته الانتخابية".

ويقدّم بيزشكيان الذي تولى تربية أطفاله الثلاثة بمفرده بعدما قضت زوجته وطفلهما الرابع في حادث سيارة في العام 1993، نفسه على أنه "صوت الذين لا صوت لهم".

ولقيت هذه الانتخابات متابعة دقيقة في الخارج، إذ إنّ إيران، القوّة الوازنة في الشرق الأوسط، هي في قلب كثير من الأزمات الجيوسياسيّة، من الحرب في غزة إلى الملفّ النووي الذي يُشكّل منذ سنوات عدّة مصدر خلاف بين الجمهوريّة الإسلاميّة والغرب ولا سيما الولايات المتحدة.

وتعهد بيزشكيان التفاوض مع واشنطن لإحياء المفاوضات حول النووي الإيراني بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة في العام 2018 بقرار اتّخذه دونالد ترامب الذي كان رئيسا للبلاد حينها وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران.

وكانت شخصيّات معارضة داخل إيران وكذلك في الشتات، دعت إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرة أنّ المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهان لعملة واحدة.

وفي حدث تاريخي في مارس 2023، استأنفت السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق رعته الصين، بعد قطيعة دامت سبعة أعوام.

ومذاك الحين، زادت علامات التقارب بين القوتين الإقليميتين رغم دعم كلّ منهما معسكرات مختلفة في عدة نزاعات أبرزها في سوريا واليمن.

وهنّأت كلّ من السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة السبت، بيزشكيان لفوزه.

وأكّد الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مهنئا الرئيس الإيراني المنتخب تطلّع الرياض "إلى الاستمرار في تنمية العلاقات التي تربط بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، ومواصلة التنسيق والتشاور في سبيل تعزيز الأمن والسلام الإقليمي والدولي".

بدوره، أعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن "استعداده للعمل مع الرئيس (الإيراني الجديد) لقيادة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وإيران نحو تقدّم أعمق".

وأكّد كذلك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على منصة إكس تطلعه "إلى العمل بشكل وثيق مع" بيزشكيان "لتعزيز علاقتنا الثنائية الدافئة وطويلة الأمد لصالح شعوبنا والمنطقة".

وهنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيزشكيان، قائلًا "آمل أن تسهم ولايتكم الرئاسية في تعزيز مستقبليّ لتعاون ثنائي بنّاء وشامل لصالح شعبينا الصديقَين".

وأكّد الرئيس السوري بشار الأسد اليوم حرص دمشق على تعزيز العلاقة الاستراتيجية مع طهران إحدى أبرز داعميها منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟

منذ 7 أعوام، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غرفة الاستقبال الدبلوماسية في البيت الأبيض وألقى خطاباً قصيراً أعلن فيه نهاية ما اعتبره معظم العالم نجاحاً بارزاً في الدبلوماسية العالمية.

بدأ الرئيس الأمريكي بإعلان جهوده لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وانتهى بتوقيع مذكرة أعادت فرض عقوبات قاسية على طهران، ما شكّل بداية حملة "الضغط الأقصى" التي أطلقها في عهده الأول.

وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه في غضون 12 دقيقة، دمر ترامب إنجاز السياسة الخارجية الأبرز لسلفه باراك أوباما، الاتفاق النووي في 2015 مع طهران، الذي فرض قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية وشاركت فيه أوروبا، وروسيا، والصين.

وقال ترامب حينها: "إذا لم نفعل شيئاً، فإننا نعلم بالضبط ما سيحدث في فترة قصيرة. الراعي الأول للإرهاب في العالم سيكون على وشك امتلاك أخطر الأسلحة في العالم".

الآن، ومع عودته إلى البيت الأبيض، يواجه ترامب تداعيات قراره في 2018. فقد انتقلت إيران من الامتثال للاتفاق إلى التصعيد النووي السريع، مما وضعها في مسار تصادمي مع الغرب يصل إلى ذروته هذا العام.

Is Iran on a collision course with the west? - The Big Read https://t.co/xAtjS1dZ52

— FT Opinion (@ftopinion) March 31, 2025 تصاعد التوترات

وتشمل المخاطر بحسب الصحيفة، اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط، وإذا شعرت إيران بتهديد وجودي، فقد تتجه إلى تسليح مخزونها المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب لتصبح الدولة العاشرة في العالم التي تمتلك أسلحة نووية.

تقول كيلسي دافنبورت، مديرة سياسات منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة: "هناك مجال للدبلوماسية، لكن كلا الجانبين يحتاجان إلى الإرادة السياسية والاستعجال لمواجهة هذه اللحظة. بدون ذلك، فإن التصعيد المتبادل سيخرج عن السيطرة هذا العام".

إسرائيل والدول الأوروبية

من جهته، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عزز موقفه بعد توجيه ضربات مؤلمة لإيران وحلفائها خلال العام الماضي، إلى دفع الولايات المتحدة لدعم عمل عسكري ضد طهران.

أما الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، فقد كانت تعارض انسحاب ترامب منه وحاولت إنقاذه مع إدارة بايدن، لكنها أصبحت الآن أكثر تصادماً مع طهران بسبب توسعها النووي المستمر.

Trump says he's 'very angry' and 'pissed off' at Putin during an NBC News interviewhttps://t.co/FPkvB1I5Iw

— MSNBC (@MSNBC) March 30, 2025

مع اقتراب 18 أكتوبر، حيث تنتهي بعض بنود الاتفاق النووي، تهدد الدول الأوروبية بتفعيل آلية "سناب باك" التي ستعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وإذا تم تنفيذ ذلك، فمن المرجح أن ترد طهران بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ما يزيد التوترات.

مستقبل التفاوض

ورغم تأكيد الاستخبارات الأمريكية أن إيران لا تنتج سلاحاً نووياً حالياً، فإنها تمتلك القدرة على إنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لصنع "ستة أسلحة أو أكثر في أقل من أسبوعين"، بحسب دافنبورت.

ويأمل البعض أن تجد إيران والولايات المتحدة طريقاً دبلوماسياً لتجنب أكبر أزمة انتشار نووي منذ أن أجرت كوريا الشمالية أول اختبار نووي لها قبل عقدين. لكن المشكلة أن ترامب زعيم غير متوقع، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يرفض الولايات المتحدة من منطلق أيديولوجي.

⚡️BREAKING

Iran's Supreme Leader reacts to Trump's threats

'An attack from the outside is unlikely, but if they make a mistake, they will certainly suffer a heavy blow' pic.twitter.com/3R9IyswNjK

— Iran Observer (@IranObserver0) March 31, 2025

يقول أحد المطلعين على النظام الإيراني: "هذه لعبة تصادم، مثل سيارتين تسيران بسرعة نحو بعضهما البعض، والفائز هو من يرفض الانحراف خوفاً".

سياسات ترامب

عندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض، كانت هناك آمال بأن تكون الدبلوماسية ممكنة، خاصة أن طهران أبدت استعدادها للعودة إلى المفاوضات، وكان الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بيزشكيان قد فاز في الانتخابات بوعود برفع العقوبات.

لكن في فبراير (شباط)، وقّع ترامب مذكرة تنفيذية أعادت عقوبات الضغط الأقصى، معلناً نيته تصفير صادرات النفط الإيرانية، وحرمانها من الصواريخ الباليستية، وتحجيم نفوذها الإقليمي. في طهران، فُسرت هذه الخطوة على أنها محاولة لإخضاع الجمهورية الإسلامية.

JUST IN: ???????????????? US President Trump threatens to bomb Iran if they don't agree to a nuclear deal.

"If they don't make a deal, there will be bombing and it will be bombing the likes of which they have never seen before. pic.twitter.com/ArkZb1kEu4

— BRICS News (@BRICSinfo) March 30, 2025

ورغم هذه السياسة المتشددة، أرسل ترامب لاحقاً خطاباً إلى خامنئي أعرب فيه عن رغبته في التوصل إلى "اتفاق نووي سلمي"، لكنه في نفس الوقت هدّد بأن البديل هو "قصف لم يسبق له مثيل".

المواجهة والبقاء

إيران تعاني من أسوأ وضع اقتصادي منذ الثمانينيات، إذ تراجعت عملتها، وبلغ متوسط التضخم السنوي 32%. في الداخل، تفاقم الاستياء الشعبي منذ قمع الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني في 2022.

لكن رغم ذلك، يرى قادة إيران أن تكلفة مواجهة محدودة قد تكون أقل من الخضوع للضغوط الأمريكية، ويؤكدون أن البقاء هو الهدف الأساسي.

Iran has rejected direct negotiations with the US in response to Trump’s letterhttps://t.co/9Xcq3uTPOo

— Sihle Mavuso (@ZANewsFlash) March 30, 2025 ما الخيارات المطروحة؟

المواجهة العسكرية: إسرائيل تهدد بضربة استباقية، لكنها تدرك أن قدرة إيران على إخفاء منشآتها النووية تحت الجبال تجعل من الصعب تدميرها بالكامل.

التصعيد الإيراني: إيران قد ترد على أي هجوم باستهداف القواعد الأمريكية والمنشآت النفطية بينما الاتفاق المحتمل ربما يتجه ترامب إلى "اتفاق أقل طموحاً" يجمّد التخصيب الإيراني، مع تأجيل الحل النهائي.

مقالات مشابهة

  • لاريجاني: ضربُ منشآتنا يخلقُ مبرّراً ثانوياً سيدفعُنا لامتلاك السلاح النووي ولن يعيقَنا لأكثرَ من مدة … فقط
  • هل إيران في مسار تصادمي مع الغرب؟
  • غراهام: تعيين إيلي شارفيت رئيسا جديدا للشاباك يثير إشكالية بالغة
  • إيران تحتج ضد تهديدات ترامب
  • الموافقة على المقترح المصري لـ«إطلاق سراح الرهائن» وإسرائيل تعيّن رئيساً جديداً لـ«الشاباك»
  • نتنياهو يعين رئيسا جديدا للشاباك
  • نتنياهو يعين رئيسا جديدا لجهاز الشاباك مع تصاعد الجدل حول إقالة رونين بار
  • ترامب يتوعد إيران بقصف “لم يروا مثيله” اذا لم توقع اتفاقا نوويا جديدا
  • ترامب: إيران ستتعرض لقصف لا مثيل له إذا لم نتفق بشأن برنامجها النووي
  • ترامب: سنقصف إيران بشدة إذا لم تبرم اتفاقا بشأن النووي