عائض الأحمد
"من له حيلة فليحتل".. لا أعلم قائلا لها، ولا اعرف أصلا لها كذلك، ولم أسمع بها إلا في مجالس التبرير والخذلان وقلة الإرادة. النفاق وارتداء ما يخفي عيوبك، هروب يؤخر حقيقة ما تخفيه ليس أكثر، وكأنك تطلب وقتا ليس ملكا لك يذهب هدرا خلف ذلك الستار القاتم الذي أعمى بصرك وبصيرتك، حقيقة الأمر جلية ظاهرة، فكلما تقادم بها الزمن أفصحت عن مكنونها دون أن تشعر، ظنا منها أنه حديث عابر ولعله كذلك، ولكن النفس لا تطيق ألم انتزاع هذا العرق اليابس الذي انفصل عن منابعه وتبدل كغيره كما تتغير مظاهر وجه الحياة ومعالم أنفاس حديثه بين: انظر كيف بدأنا وكيف أصبحنا الآن؟ إن كان الغروب أجمل أوقاتك فتذكر بأن الشروق يسبق كل ذلك، وليس لنا إلا الانتظار في عربة الزمن علها تصل بنا إلى حيث كنا نحلم.
بعضنا يعتقد جازما أن حياة الآخرين بين أصبعيه يقلبهما كيفما شاء، وينظر من خلالهما إلى فضاء لا يشبهه في شيء فيظهر "أحقر" صنائع البشر وما يوغر الصدور حقدا وضغينة تأكله وتقطع أوصاله، ظنا منه أن سعيه سيوصله إلى سداد دين أعجزه، ولم ير ذل الكهولة وتثاقل الخطوات عنوان قدومه همسًا كما بدأ انتهى.
لسنا ملائكه هبطت من السماء يا هذا، أما آن لنا أن نرتكب الأخطاء؟! وما العيب بعد ذلك أن نسوق المبررات ونحتمى خلف أسوار آدميتنا، أوليس حريا بنا ذلك؟! الأذى النفسي أشد قسوة من حادث مؤلم أو ذكرى أفقدتك صوابك، فأحسن السير على النار كما تُحسن السير على الرماد.
وختاما.. لن تكون كلماتك كسابق عهدها، فالمرهم غير الدرهم.
-------------------
شيء من ذاته: استخلفنا الله في أرضه، وسنخلفها جيلا بعد آخر، فلا تستعجل قدرك، ستجد القلم الذي تكتب به النهاية.
نقد: الطريق لا يستحق الندم ولكنه يستحق التأمل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: