"إحياء الإرث اليهودي".. أضخم مخطط تهويدي يُغير مشهد القدس تاريخيًا وحضاريًا
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
القدس المحتلة - خــاص صفا
كشف الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب عن أضخم مخطط تهويدي جديد يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذه في مدينة القدس المحتلة، ولاسيما في المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك.
وتحت عنوان "إحياء الإرث اليهودي" بدأت ما تسمى "وزارة التراث" الإسرائيلية بالتعاون مع عدة وزارات وجمعيات استيطانية تنفيذ المشروع التهويدي في المدينة، بتمويل مباشر من وزارة مالية الاحتلال.
وفي حديث خاص لوكالة "صفا" يقول أبو دياب إن الاحتلال يُسارع الخطى لتنفيذ مخططاته التهويدية بالمدينة المقدسة، مستغلًا الظروف الإقليمية وانشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ويوضح أن العمل في المشروع الجديد بدأ بشكل مكثف عبر إحداث تغييرات على أرض الواقع، من خلال رفع أعلام الاحتلال، وتغيير أبواب البلدة القديمة والمزارات والمعالم القديمة التي تُدلل على هويتها العربية الإسلامية، وكذلك تشديد الإجراءات الأمنية في القدس.
ويشمل المخطط-وفق أبو دياب- هدم عشرات المنازل وتقليل عدد الفلسطينيين في المدينة، ومصادرة المزيد من الأراضي والممتلكات المقدسية، وتغيير بعض المعالم العربية ووضع رموز عبرية عليها.
وخصص وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش لوزارة "التراث" ميزانية ضخمة بلغت 364 مليون شيكل لأجل تنفيذ المشروع التهويدي.
وجه القدس
ويُركز الاحتلال في مخططه على مناطق ما تسمى بـ"الحوض المقدس" التاريخي، البالغ مساحتها 27 ألفًا و500 دونم، والتي تبدأ من حي الشيخ جراح شمالًا، مرورًا بالبلدة القديمة، وصولًا إلى بلدة سلوان جنوب الأقصى.
ويهدف المخطط التهويدي إلى تغيير وجه القدس التاريخي والحضاري بشكل كامل، وتهويد معالمها الإسلامية والسيطرة على ما تبقى من أراضيها، تمهيدًا لحسم قضيتها وتحويلها إلى مدينة يهودية.
وحسب أبو دياب، فإن سلطات الاحتلال استولت على 40 ألف دونم من أراضي شرقي القدس منذ احتلال المدينة عام 1967، أي ما نسبته 39٪، وتسعى حاليًا لمضاعفة هذه النسبة إلى ٦٠٪ من خلال الاستيلاء على مزيد من الأراضي لصالح المخطط الجديد.
ويضيف أن الاحتلال يعمل وفقًا لهذا المخطط، على استهداف الذاكرة الفلسطينية، وتحويل الأراضي المقدسية التي سيتم الاستيلاء عليها إلى مستوطنات ومشاريع تهويدية، بالإضافة إلى استهداف المعالم العربية التاريخية وتهويدها وصبغها برموز عبرية تُحاكي أساطير وروايات تتماشى مع تاريخهم ورواياتهم التلمودية المزعومة.
ومن أبرز المعالم التي يستهدفها المخطط أبواب البلدة القديمة، تلك المحيطة بالمسجد الأقصى، والأبنية التاريخية التي تعود للفترات اليونانية والأيوبية والعثمانية، بالإضافة إلى ثلاثة مستشفيات بُنيت بالفترة العثمانية، وبرج القلعة في باب الخليل، وبعض المدارس العثمانية القديمة، والمعالم المسيحية التاريخية، والمباني الضخمة مقابل باب الخليل، فضلًا عن عدد من الشوارع في مناطق باب العامود والمصرارة والمغاربة، وغيرها من المعالم التاريخية.
ويبين الباحث المقدسي أن الاحتلال يحاول تهويد كل شيء في القدس، وزرع المزيد من المستوطنات فيها، بهدف تعزيز الاستيطان، وزيادة عدد المستوطنين، في مقابل تقييد حركة المقدسيين وتقليل عددهم، وزيادة القبضة الحديدية ضدهم.
ويسعى الاحتلال من خلال المخطط، إلى تغيير التركيبة السكانية وزيادة التواجد اليهودي في المدينة المحتلة عبر تنفيذ المزيد من المهرجانات التهويدية، وتنظيم مناسبات ومسيرات استفزازية، ليس فقط في فترة الأعياد اليهودية، وإنما بشكل دوري، بغية صبغها بأعلام الكيان بشكل دائم.
مخاطر المشروع
ويحذر أبو دياب من مخاطر المخطط التهويدي على الاقتصاد المقدسي الذي يُعاني الأمرين بسبب قيود الاحتلال وإجراءاته الممنهجة، فضلًا عن خنق أسواق البلدة القديمة، ومنع الوصول إليها لأجل إبعاد الفلسطينيين عن المسجد الأقصى ومحيطه، وتشديد الخناق عليه لإفراغه منهم.
ويشير إلى أن الاحتلال صعّد منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، قبضته الحديدية بحق أهالي القدس، عبر وضع الحواجز العسكرية وعمليات التفتيش والتنكيل والاعتقال، والمنع من دخول الأقصى.
ووفقًا لأبو دياب، فإن وزارة مالية الاحتلال حولت مبلغًا إضافيًا لقسم التنفيذ وإجراءات الهدم في بلدية الاحتلال بالقدس بقيمة 3 مليون شيكل، من أجل تنفيذ مزيد من عمليات الهدم في المدينة، وكذلك الضغط على المقدسيين وإجبارهم على "الهدم الذاتي".
ويؤكد أن هناك حملة إسرائيلية ضخمة لتغيير المشهد التاريخي والحضاري بالقدس كاملًا، وفرض وقائع تهويدية عليها، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف وأوضاع صعبة، مع استمرار الحرب على غزة.
ويشدد على أن موضوع حسم قضية القدس بات مطروحًا بشكل كبير على طاولة حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، والتي تُسخر كل إمكانياتها المادية والعسكرية واللوجستية لأجل تحقيق هذا الهدف.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: تهويد القدس حرب غزة المسجد الأقصى فی المدینة أبو دیاب
إقرأ أيضاً:
أسرى القدس المحررون.. حكايات وأوجاع
القدس المحتلة – بعد ثمانية أشهر ونيف، تحررت من سجون الاحتلال الطفلة المقدسية روز خويص التي ستنتقل إلى مرحلة الشباب في أبريل/نيسان المقبل، وذلك بعد إدراج اسمها في قائمة الأسيرات اللاتي سيتحررن ضمن الدفعة الأولى من صفقة التبادل التي وقعت بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
اتهمت روز بمحاولة تنفيذ عملية طعن قرب باب السلسلة، أحد أبواب المسجد الأقصى، وبعد سلسلة جلسات في محاكم الاحتلال، طالبت النيابة العامة الإسرائيلية بسجنها لمدة 15 عاما تم تقليصها لاحقا لعشرة أعوام.
لم تكن هذه الطفلة تعاني من أي مشكلات صحية قبل اعتقالها، لكنها تقول إن ظروف الزنازين البائسة التي احتُجزت فيها بطريقة مهينة "كانت كفيلة بإصابتي بجلطة وارتفاع في ضغط الدم نُقلت على إثرهما للمستشفى ومكثت على سرير المرض أربعة أيام لم يقدم لي خلالها العلاج الملائم".
وبعد عودتها إلى السجن، طلبت روز مرارا زيارة الطبيب بسبب آلامها، لكن رد السجانين كان يأتي بتعنيفها ورفض طلبها دائما وإجبارها على العودة إلى الزنزانة.
أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الليلة الماضية عن 16 أسيرا وأسيرة من مدينة القدس، في اليوم الأول من المرحلة الأولى، ضمن الصفقة المبرمة بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي.
والأسرى المحررون هم: آدم الهدرة، وعصام أبو دياب، وفراس المقدسي، وثائر أبو سدرة، وقاسم جعافرة، ومحمود… pic.twitter.com/wqtbVs5Dzf
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 20, 2025
إعلان قمع وإهانة"تعامل إدارة السجن معنا كان سيئا للغاية.. كنا نتعرض للقمع المتواصل ولإجراء النقل من زنزانة إلى أخرى بشكل مفاجئ، إضافة لسوء التغذية، وعدم تقديم العلاج للأسيرات المريضات واقتصار الأدوية على نصف حبّة من المسكن"، أضافت المحررة روز خويص.
وعن أقسى ما حرمت منه الأسيرات في السجون الإسرائيلية خلال الحرب، قالت روز "الهواء والضوء"، إذ لا يسمح للأسيرات بمغادرة زنازينهن لرؤية الشمس سوى لساعة واحدة يوميا.
وقبيل تحررهم بيوم واحد، تم نقل 90 أسيرة وطفلا من السجون إلى سجن عوفر غرب مدينة رام الله تمهيدا لإطلاق سراحهم، ومن بينهم روز خويص التي طوت صفحة اعتقالها وفتحت صفحة جديدة في كتاب حياتها الذي كان عنوان آخر فصول الطفولة فيه "الأسر في ظل الحرب".
وكان نصيب القدس من الدفعة الأولى بصفقة تبادل الأسرى 16 أسيرا، هم 7 قاصرين و9 نساء، وبعد تجميع هؤلاء في سجن عوفر تم نقلهم إلى مركز تحقيق المسكوبية في غربي القدس واحتجزوا لساعات طويلة فيه قبل أن توصلهم مخابرات الاحتلال في سيارات خاصة بعد منتصف ليلة الاثنين إلى منازلهم التي تأكدوا من خلوّها من المهنئين.
ومن بين الأسيرات المحررات زينة بربر من حي رأس العامود في بلدة سلوان، وهي ابنة الأسير المقدسي المحرر مجد بربر، الذي قضى 20 عاما في سجون الاحتلال وتحرر في مارس/آذار 2021، ويتهم الاحتلال زينة بالمشاركة في أنشطة طلابية في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبالتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واقتحمت شرطة ومخابرات الاحتلال منزل زينة بربر خمس مرات في اليوم الذي تحررت به، وأفاد شهود عيان للجزيرة نت بأن دوريات من الشرطة والجيش كررت اقتحامها للحي ولمحيط المنزل اليوم الاثنين للتأكد من عدم تردد المهنئين عليه، وضمان عدم إقامة احتفالات ابتهاجا بتحرر زينة.
لقاء الأسيرة المحررة المقدسية زينة بربر من القدس المحتلة بأقاربها بعد الإفراج عنها ضمن صفقة طوفان الأحرار. pic.twitter.com/zkiJLpzib0
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 20, 2025
إعلان معظم المحررات موقوفاتوتحررت أيضا المقدسية نوال فتيحة التي كانت تقضي حكما بالسجن لمدة ثمانية أعوام، قضت منها قرابة خمس سنوات بعد اتهامها بمحاولة تنفيذ عملية طعن.
أما بقية الأسيرات المحررات فجميعهن موقوفات وتتهمهن سلطات الاحتلال بالتحريض عبر مواقع التواصل باستثناء أسيل شحادة من مخيم قلنديا والتي اعتقلت قبل أشهر بعد رفعها الراية الخضراء خلال سيرها باتجاه حاجز قلنديا العسكري شمال القدس.
ومن أبرز المحررين القاصرين محمود عليوات الذي اعتقل مطلع عام 2023 بينما كان يبلغ من العمر 13 عاما بعد تنفيذه إطلاق نار في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى أصيب على إثره مستوطنان مسلحان، وخاض اشتباكا مع أحدهما قبل أن يصاب بالرصاص ويعتقل.
وبسبب صغر سنه، خرج عليوات من المستشفى بعد التعافي من إصابته إلى مؤسسة داخلية تتبع لوزارة الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية حتى بلغ من العمر 14 عاما ونُقل إلى السجون، وكان ينتظره حكم بالسجن ما بين 15 و20 عاما، واعتبر مختصون بشؤون الأسرى أن تحرره يعتبر مكسبا كبيرا.
ووفق بيانات لجنة أهالي الأسرى، يقبع في سجون الاحتلال 440 أسيرا مقدسيا بين شاب ومسن، ويضاف إليهم 12 أسيرة تحررت منهن 9، و70 قاصرا تحرر منهم 7.
ويعد الأسير المقدسي وائل قاسم صاحب أطول حكم إذ يقضي حكما بالسجن لمدة 3515 عاما، وأُدرج اسمه ضمن المرحلة الأولى من الصفقة لكن مع نية إبعاده خارج البلاد، كما يقبع في السجون 42 أسيرا مقدسيا محكوما بالسجن مدى الحياة.