سواليف:
2024-10-05@06:03:09 GMT

وراء الحدث

تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT

#وراء_الحدث د. #هاشم_غرايبه

في قصة رمزية، يقول الإنسان للحيوان: أنا أرقى منك فأنا حر في قراراتي، وخياراتي مفتوحة لا يحكمني فيها إلا عقلي، وأنت لا تملك حرية بل تسيّرك الغريزة، فرد عليه الحيوان: صحيح لكن ما نفع عقولكم إن كانت قطعان الحيوانات يقودها دائما الأفضل والأحكم، فيما يقود قطعانكم الأغنى مالا، حتى لو كانوا حمقى مغفلين!.


هذا العام سمي عام الانتخابات، تزامن فيه إجراء عدد كبير من الانتخابات في مختلف بقاع العالم، والتي أصبحت تظاهرا كاذبا بممارسة القطعان البشرية لحقها في انتخاب من يمثلها، لكنها في واقع الحال مناسبات احتفالية، يبذر فيها الأثرياء أموالا في هذا المهرجان الذي لا يعني اختيار الشخص الأفضل، بل من يملك الإمكانات المالية، والأقدر على إقناع أصحاب النفوذ بأنه سيحقق مصالحهم أكثر من منافسيه، أما الناخبون الذين يدلون بالأصوات فهم دهماء يتم توجيههم من قبل المؤثرين اجتماعيا واقتصاديا، بصورة لا تختلف كثيرا عن توجيه الراعي لقطيع الأغنام.
في الهند جرت انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس السابق (مودي) ذاته، ورغم أن الهاجس الأساس للمواطن الهندي هي الأوضاع الاقتصادية المتردية، إلا أنه تم صرفه عن الفشل المتواصل لحكوماته في تحقيق مستويات معيشة أفضل وتخفيض مستوى البطالة، بإلهائه عنها بالتعصب القومي والديني، فاستنهض القادة السياسيون في الحزب الحاكم عصبيات المعتقدات الهندوسية التي عفا عليها الزمن، وما أبقاها إلا الأمية والجهل، فأوهموا بسطاء الهندوس أنهم هم أهل البلاد، وأن الهندي المسلم طارئ دخيل يشاركهم أرزاقهم، مع أنه معروف أن المسلمين ليسوا مهاجرين بل هنود أصليون دخلوا الاسلام.
انتخابات الرئاسة الروسية استغل فيها الرئيس الحالي “بوتين” حالة القلق التي يعيشها الشعب نتيجة حرب أوكرانيا، حيث جدد انتخابه رغم أنه باتخاذه قراره الأخرق بشن هذه الحرب أوقع بلاده في المصيدة التي نصبها له الغرب، لاستنزاف الدولة الروسية وإعاقة تقدمها، فالجميع يدرك أنه لن يخرج أحد منتصرا، لكن الهاجس الذي سيطر على الناخب الروسي ليس معاقبة الرئيس على خطئه ولا مكافأته على تصديه لحلف الناتو، بل التمديد له لكي يخرج بلاده من الورطة التي أوقعها فيها.
الانتخابات البريطانية الأخيرة كانت نتيجتها طرد المحافظين من الحكم الذي استأثروا به طويلا، بسبب فشل حزب العمال، وكانت عودة العمال واحدة من الارتدادات الزلزالية لطوفان الأقصى، فتأييد حكومة المحافظين اللامحدود للعدوان أفقدها كثيرا من الأصوات التي تمقت الأفعال الاستعمارية للغرب، ورغم ان المسلمين البريطانيين (الذين تبلغ أصواتهم 6 %) لا يصوتون عادة مع المحافظين بسبب غلبة الاسلاموفوبيا بين صفوفهم وخاصة زعيم الحزب الهندوسي الأصل المتعصب ضد الإسلام، لكنهم أحجموا عن دعم العمال لمواقفه الممالئة للكيان اللقيط.
الانتخابات الأوروبية الأخرى وخاصة الفرنسية القادمة يغلب عليها أيضا النزعة القومية المتعصبة ضد المهاجرين الى أوروبا، فهذه النزعة ذات الجذور التاريخية المترسخة، لم تفلح ادعاءات التقدم والتحضر في إخفائها، مما يدل على عدم اختلاف ثقافة القطيع لدى الأوروبيين عن الشعوب غير المتقدمة، بل قد تزيدها وطأة تلك النفسية الاستعلائية لديهم التي تسمى تفوق العرق الأبيض، فيعتقد الدهماء الأوروبيون أيضا أن الغرباء هم من يشاركونهم أرزاقهم فينتقصون من رغد عيشهم، رغم أنهم لو استعملوا العقل وليس الغريزة الأنانية لعلموا أن المهاجرين هم من يوفرون الأيدي العاملة الرخيصة، وهم من يؤدون الأعمال التي يأنفون منها، وبالتالي فهم من يوفرون لهم متطلبات الحياة الرغيدة.
الانتخابات الإيرانية يسميها الغرب صراع بين المحافظين والاصلاحيين لدغدغة مشاعر بعض الطامحين للسلطة، بأنهم دعاة للعلمانية التي يصورونها على أنها رديف للتقدم، مقابل التخلف الذي يعتبرونه عنوانا لمن يدعون للاسلام، يصدق البلهاء أن الأمر صراع بين الإسلاميين والعلمانيين، لكنه في حقيقته بين طامحين للحكم، وكلاهما منتم الى الفكر الإسلامي بحسب فهمه له، ولا أحد منهم يرفض الدين، لكنها أحلام في عقول الغرب، بدليل أن الذي فاز في الانتخابات ويسمونه إصلاحي، انجحته الحسينية الخمينية، ومنافسه ما أفشله العلمانيون، فهم قلة، بل العزوف عن التصويت.
أما في أمريكا قائدة العالم، فالخيار محصور بين شخصين: احدهما غبي، والآخر معتوه.
نستنتج أن الليبرالية حولت البشر الى قطعان منقادة وليست حرة، تحركها الغرائز وليس العقل، وأن الانتخابات هي لعبة سمجة عنوانها الاستغباء.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وراء الحدث

إقرأ أيضاً:

لفتة إنسانية من الرئيس.. تعيين الطالب «يوسف» الذي توفي بعد اجتيازه اختبارات الحربية برتبة ملازم

أتم «يوسف أشرف» مراده على أكمل وجه، اجتاز كل الصعاب في اختبارات الكلية الحربية، متمنيا الالتحاق بها، وأن يكون ملكًا متوجًا بين صفوة رجال القوات المسلحة البواسل في حفل تخرجه من معقل الأبطال، إلا أن للقدر حكاية مغايرة مع الطالب، إذ وافته المنية بعد اجتيازه اختبارات الكلية الحربية قبل تحقيق آماله. على أمل تحقيق المراد لأسرته.

وفي لفتة إنسانية من الرئيس وتخليدًا لهذا الطالب، صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتعيين الطالب «يوسف أشرف عطف الكريم أحمد»، الذى وافته المنية، بعد اجتياز اختبارات الكلية الحربية ضابطا بالقوات المسلحة، برتبة ملازم، اعتبار من 30 يونيو 2024.

وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسى والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات المقر الجديد للأكاديمية العسكرية فى العاصمة الإدارية، بالتزامن مع تخريج الدفعات الجديدة.

وقال اللواء ياسر وهبة خلال تقديم حفل تخريج دفعات جديدة من الكليات العسكرية، وتنقله قناة "إكسترا نيوز"، إننا اليوم نشهد افتتاح الأكاديمية العسكرية المصرية فى مقرها الجديد لتكون انطلاقة لبناء مستقبل أفضل نحو الجمهورية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • هاريس وترامب يتصارعان على كسب أصوات العمال
  • المنصف المرزوقي يدعو التونسيين لمقاطعة الانتخابات التي وصفها بـ المهزلة
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • لفتة إنسانية من الرئيس.. تعيين الطالب «يوسف» الذي توفي بعد اجتيازه اختبارات الحربية برتبة ملازم
  • كريدية: من الصعب الوصول الى المناطق التي تحصل فيها المعارك لإصلاح الأعطال
  • بالفيديو.. فتاة سودانية “مثقفة” تكشف القصة الحقيقية وراء تسميىة الفنانة باسم “قونة”.. قصة يعود تاريخها للعصر الأموي وقال فيها الشاعر أبو نواس: (أراك بقيّة من قوم موسى فهم لا يصبرون على طعام)
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • التميمي يزور مدرسة بركات الزهراء التي نشرنا عنها سابقا ويوعز بحل المشكلات فيها
  • الرئيس النمساوي يقبل استقالة الحكومة ويكلفها بتصريف الأعمال