سرايا - بعد أسابيع من الركود والجمود الكامل، حصلت في الساعات الماضية تطورات مفاجئة بملف وقف إطلاق النار في غزة، بعد تسليم حركة حماس ردها “المُعدل” على المقترحات التي قُدمت من قبل الوسطاء حول التهدئة بغزة وتبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي.


رد حماس الذي جاء وفق الكثير من المراقبين بأنه كان “مفاجئًا”، إلا أنه بعث من جديد بعض الأمل بإنهاء الحرب الدامية على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها التاسع على التوالي، وأحرقت الأخضر واليابس وجعلت القطاع منطقة لا تصلح للسكن، في ظل مجاعة يعاني منها آلاف السكان خاصة بمنطقة الشمال.




ورغم أن رد حماس لا يزال يُحيط به الكثير من الغموض وعلامات الاستفهام حول الأسئلة الجوهرية الرئيسية التي تُطرح منذ اليوم الأول للحرب، إلا أن خطوة "إسرائيل" بإرسال وفدها على وجه السرعة برئاسة رئيس جهاز “الموساد” ديفيد برنيع، إلى العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة رد حماس وإعادة فتح باب مفاوضات وقف إطلاق النار، قد يُبشر بشيء جديد هذه المرة.


هذا التفاؤل بالتحرك الجديد، دفع العديد إلى الحديث عن قرب توقيع اتفاق تهدئة بين حماس و"إسرائيل"، فتوقعت صحفية “يديعوت احرنوت” إبرام صفقة تبادل في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أمر ممكن، لكنهم يقولون إن ذلك لن يحدث بسهولة.


فخ الصفقة
ووفقا لتقارير مختلفة، تنقسم الصفقة إلى ثلاث مراحل مختلفة – حيث سيتم في المرحلة الأولى إطلاق سراح جميع النساء الأسيرات، إلى جانب كبار السن والمرضى. أثناء تنفيذ هذه المرحلة، التي من المتوقع أن يتم فيها إطلاق سراح 33 مختطفًا اسرائيليا حيًا وميتًا، سيتم إجراء مفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة – التي طالبت حماس حتى الآن بأن تتضمن انسحابًا كاملاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، وهو أمر ترفضه "إسرائيل" حتى الآن. وفي هاتين المرحلتين، سيتم إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين الثقيلين من سجون الاحتلال.


وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن حماس لم تعد تطالب بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، والتي ستستمر ستة أسابيع. الاتفاق الذي يتشكل في الواقع يحفظ لـ "إسرائيل" إمكانية العودة إلى الحرب، إذا لم يتم التوصل خلال المرحلة الأولى إلى اتفاقات المرحلة الثانية.


وبحسب مسؤول إسرائيلي كبير، لا ينبغي استبعاد احتمال عقد قمة في الأيام المقبلة مع رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والوسطاء من أجل التوصل إلى اتفاق.


وتوضح "إسرائيل" أن هذا ليس اتفاقا “مثاليا”، لكن مصادر مطلعة على الأمر قالت إن “القضايا الرئيسية اصبحت خلفنا وان المفاوضات الآن تدور حول التفاصيل وليس حول المبادئ، لأننا اتفقنا بالفعل على المبادئ”. “


الأسباب التي أدت إلى تغيير الاتجاه، والتفاؤل النسبي بإمكانية التوصل إلى اتفاق قريباً، تقول الصحيفة هي الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على حماس من جانب قطر ومصر؛ وإدراك حماس أن الصدع بين "إسرائيل" والولايات المتحدة لا يتسع؛ وكذلك آمال حماس التي لم تتحقق بأن تتراجع حدة القتال في غزة.


وتشير التقديرات إلى أن الخطوة التالية ستكون محادثات قريبة لم يتضح بعد أين ستتم وعلى أي مستوى سواء بحضور رئيس الموساد أو عبر المستوى المهني فقط.

هذا وكشفت القناة “14” العبرية نقلا عن مسؤول بجيش الاحتلال الإسرائيلي أن قيادة الجيش مستعدة لقبول أي صفقة مع حركة حماس بأي ثمن وأن المهم هو وقف الحرب، وأضاف المسؤول وفقا للقناة بأن الجيش يتجه لقبول الصفقة، وسنتحول لأسلوب الغارات التي تنتقي أهدافا بعينها.


في غضون ذلك قالت القناة “12” العبرية أن قلقا يساور جهات بالوفد الإسرائيلي المفاوض من أن تخرب جهات مقربة من نتنياهو الفرصة لإبرام صفقة تهدئة.

وأكدت قناة “كان” العبرية أن رئيس الموساد دافيد برنياع توجه لعقد اجتماعات في قطر مع رئيس الوزراء القطري دون بقية أعضاء فريق التفاوض حيث بقي رئيس الشاباك رونين بار واللواء نيتسان ألون في دولة الاحتلال.

وذكرت عن مصادر لم تسمها، أن "حماس أضافت شرطا جديدا إلى المفاوضات، وهو انسحاب الجيش من محور فيلادلفيا (بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع)”.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مسؤولين، أن “قطر أرسلت الثلاثاء، إلى حركة حماس تعديلات جديدة على المقترح الأميركي لصفقة تبادل”.

وحول السؤال الأكثر الأهمية، وهو هل قبلت حماس بصفقة دون وقف إطلاق النار، نفى عضو المكتب السياسي في حركة حماس باسم نعيم التصريحات الإسرائيلية بشأن استبعاد شرط وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى من الصفقة المرتقبة.

وقال في تصريحات لـ “الجزيرة نت” إن هذه التصريحات غير صحيحة، وأكد أنه سيتم وقف العمليات العسكرية من الطرفين في المرحلة الأولى، والتفاوض في أثنائها على شروط الوقف الدائم لإطلاق النار.

وكانت القناة العبرية الـ12 العبري، نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن رد حماس لا يشمل شرط وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى من الصفقة، وقالت القناة نقلا عن مسؤول إسرائيلي، إن رد حماس يتيح “إعادة المحتجزين من كبار السن والأطفال والمرضى والجرحى والمجندات”.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي -وفقا للقناة أنه إذا خرقت حماس الاتفاق يمكن الانسحاب منه والعودة للقتال بعد المرحلة الأولى.


لماذا وافقت حماس؟
مصادر مطلعة قالت لقناة “الشرق” إن حركة حماس وافقت على التعديلات الأميركية الأخيرة التي جرت على الورقة التفاوضية، بما يعبد الطريق أمام عودة المفاوضات غير المباشرة مع "إسرائيل"، بعد أن تلقت ضمانات أميركية من خلال قطر ومصر، بأن العملية ستقود الى وقف إطلاق نار متدحرج، يتخلله انسحاب إسرائيلي من كامل غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر.

وتابعت المصادر: “وجدت حركة حماس أن الحرب مستمرة في كل الأحوال، وأن معاناة أهل غزة مستمرة وفي تزايد، وأن الورقة التفاوضية الأخيرة مع التعديلات الأميركية هي الوحيدة المعروضة على الطاولة”، وأضافت: “حاولت حماس الحصول على نص قاطع بوقف تام للحرب، لكن الوسطاء أقنعوها بأن نتنياهو لا يمكنه الموافقة على مثل هذا النص، حتى لو استمرت الحرب سنوات طويلة وذلك بسبب طبيعة تركيبة حكومته، لذلك كان الاقتراح الأميركي المقدم هو الموافقة على الورقة وترك الباقي للجانب الأميركي”.

وقالت المصادر ذاتها: “تلقت حماس نصيحة بأن تترك لنتنياهو سلماً للنزول التدريجي عن الشجرة، وهي في كل الأحوال لن تخسر شيئاً لأن الحرب مستمرة، ونتنياهو لا تهمه حياة الأسرى الإسرائيليين، خاصة بعد أن مات أكثر من نصفهم في القصف خلال الحرب”.

وكان البند الثامن في الورقة التفاوضية هو العقبة الكبرى أمام موافقة حماس ، حيث نص على أنه “بما لا يتجاوز اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، تجري مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، بما في ذلك الشروط المتعلقة بمفاتيح تبادل الأسرى المجندين”.

واعترضت حماس على كلمة “بما في ذلك” خشية أن تفتح الطريق أمام مطالب إسرائيلية أخرى مثل تجريد غزة من السلاح وغيرها.

ورحب مسؤولون في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بموقف حماس الجديد واعتبروه أساساً جيداً لبدء المفاوضات، لكن مصادر سياسية إسرائيلية اعتبرته غير ذلك، وهو ما يعكس الخلاف المتفاقم بين المؤسستين العسكرية والسياسية في "إسرائيل" بشأن الحرب في غزة.

وجاءت موافقة حماس بعد ظهور مواقف في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدعو إلى وقف الحرب، منها تسريب لوسائل إعلام أميركية من قبل جنرالات كبار طالبوا فيه بوقف الحرب.

ويخشى مسؤولون في حماس أن يستأنف نتنياهو الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى التي سيجري فيها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المدنيين من نساء وقاصرين ورجال فوق الخمسين والمجندات، لكن هناك من يقول إن "إسرائيل" ستواجه حينها ضغوطاً أميركية لوقف الحرب.

وثمة من يرى أن هناك ديناميكيات عديدة جديدة في "إسرائيل" تدفع بانتهاء الحرب منها تأكيدات قادة الجيش المعلنة بأن تحقيق الأهداف المعلنة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، وهي تدمير حركة حماس، أمر غير قابل للتحقيق.
ويبقى التساؤل..

هل تنازلت حماس رسميًا عن شروطها لإتمام التهدئة؟ وما هو الضمان؟ وكيف ستنتهي الحرب؟ ومن الخاسر والرابح؟

رأي اليوم 
إقرأ أيضاً : استشهاد الصحفي أمجد جحجوح وزوجته الصحفية وطفلهماإقرأ أيضاً : ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين بغزة إلى 158إقرأ أيضاً : "وجبة معكرونة كلفتها 60 شيكل" .. فلسطيني يتحدث عن اشتداد المجاعة في شمال غزة - فيديو


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: القطاع اليوم رئيس باب الاحتلال غزة رئيس قطر رئيس الاحتلال قيادة رئيس قطر رئيس الوزراء رئيس التعديلات قطر غزة التعديلات اليوم غزة الحكومة قيادة مصر قطر اليوم الحكومة غزة الاحتلال باب التعديلات رئيس الوزراء القطاع فی المرحلة الأولى وقف إطلاق النار مسؤول إسرائیلی إطلاق سراح حرکة حماس وقف الحرب عن مسؤول رد حماس

إقرأ أيضاً:

حماس: إبعاد الحركة عن غزة وهم إسرائيلي لن يتحقق

أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عزت الرشق اليوم الخميس أن إبعاد الحركة أو قادتها عن قطاع غزة "وهم إسرائيلي" لن يتحقق.

جاء ذلك تعقيبا على تقارير بشأن إمكانية مغادرة قادة حماس غزة ضمن صفقة لوقف إطلاق النار في القطاع وتبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الرشق عبر حسابه على منصة تليغرام "لا أعلق عادة على الشائعات السخيفة التي تنشرها بعض وسائل الإعلام"، مضيفا أن "حماس موجودة في فلسطين، تقاتل العدو الذي يحتل فلسطين".

وشدد على أن "إبعاد حماس أو قادتها عن غزة هو حلم ووهم إسرائيلي لن يتحقق"، مشيرا إلى أن "المنطق يقتضي أن يرحل المحتل ويبقى أهل الأرض وسكانها الأصليون".

وفي وقت سابق الخميس، قالت تقارير صحفية إن "هناك أفكارا جديدة متداولة لوقف إطلاق النار تقضي بخروج قادة حركة حماس وجميع مقاتليها بشكل آمن من غزة إلى السودان".

وأضافت التقارير أن "إحدى الأفكار تقترح انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة القطاع مقابل خروج حماس عبر معبر رفح إلى مصر، وبعدها إلى السودان حيث ستحصل على مكاسب مالية وسياسية".

وأشارت إلى أن "هذا المقترح لاقى استحسانا لدى الأطراف المعنية بوقف الحرب التي تقترب من نهاية عامها الأول، في مساعٍ لإنجاز صفقة التبادل بين الطرفين".

وبحسب التقارير نفسها، فإن "الجيش السوداني وافق على استضافة جميع قادة حماس ومقاتليها على أراضيه".

ولم تعقب إسرائيل أو السودان أو الوسطاء على هذه التقارير.

ويقدر الاحتلال الإسرائيلي وجود 101 أسير في قطاع غزة، في حين أعلنت حركة حماس مقتل عشرات منهم بغارات إسرائيلية عشوائية.

وبوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة أجرت إسرائيل وحماس على مدى شهور مفاوضات غير مباشرة متعثرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل أسرى.

وبدعم أميركي مطلق ترتكب قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.

مقالات مشابهة

  • بعد عام على الحرب.. ماذا حققت إسرائيل في غزة؟
  • رويترز: ولي العهد السعودي سيرحب باتفاق مع إسرائيل في هذه الحالة
  • هل تخفف الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله من حدة الحرب في غزة؟
  • حماس: إبعاد الحركة عن غزة وهم إسرائيلي لن يتحقق
  • «حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال .. الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية
  • مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة: الرد على إيران قريبًا ومؤلمًا
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها
  • فلسطيني من غزة.. القتيل الوحيد بالهجوم الإيراني على إسرائيل يوارى الثرى
  • حماس: المجازر الصهيونية التي تدعمها أمريكا لن تضعف عزيمة وصمود ‏شعبنا
  • إطلاق المرحلة الثانية من البرامج التدريبية بمنظومة إدارة المخلفات بالصعيد