غزة - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم السبت، إن تقديراته تفيد بوجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني وفلسطينية في عداد المفقودين تحت الأنقاض في قطاع غزة، مشيرًا إلى أنه لا سبيل للعثور عليهم بفعل تعذر انتشالهم أو إعادة دفن رفاتهم بكرامة، بما يشكل انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، في وقت يغيب فيه أي تحرك إنساني دولي للمساعدة في انتشالهم.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي، أن عائلات ضحايا الهجمات العسكرية المميتة والمدمرة التي تشنها "إسرائيل" ضد المدنيين على نحو مباشر وعشوائي، خلال هجومها الذي يقترب من شهره العاشر، يواجهون تحديات هائلة في انتشال الجثامين، وبخاصة في ظل عدم توفر المعدات والآلات الثقيلة لطواقم الدفاع المدني وتعطلها بسبب صعوبة العمل وتشغيلها دون توقف، بالإضافة إلى استهداف وتدمير جيش الاحتلال هذه الآليات والمعدات على نحو مباشر ومنهجي، ومنع إدخال أي معدات وآليات أخرى من خارج قطاع غزة. 

ووثق الأورومتوسطي أنماطًا متكررة للنهج الإسرائيلي القائم على منع وعرقلة انتشال الضحايا والمفقودين من تحت أنقاض الأعيان المدنية المدمر، بما في ذلك المنازل والمباني، بما يشمل تكرار استهداف طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ والعوائل التي تحاول انتشال جثث الضحايا، ومنع إدخال الوقود اللازم لعمل ما تبقى من مركبات وآليات ثقيلة، ومنع إدخال المعدات، بالإضافة إلى تعمد استخدام أسلحة ذات قدرات تدميرية هائلة تخلف أطنانًا من الركام يصعب إزالتها وانتشال الجثامين من تحتها.

وأفادت السيدة "مريم عماد" (19 عامًا)، لفريق الأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت يوم 7 ديسمبر/كانون أول 2023 منزلين لعائلتها في خان يونس جنوبي قطاع غزة، وكان فيهما 36 فردًا/ منهم والداها واثنان من إخوانها، أحدهما طفل، والبقية هم جدها وأعمامها وزوجاتهم وأبناؤهم. 

وأضافت "بقينا أكثر من 42 يومًا لا نعرف شيئًا عن مصير كل هؤلاء، وبعدها علمنا أن جميعهم استشهدوا تحت الأنقاض جراء القصف الإسرائيلي. وعندما انسحبت القوات الإسرائيلية مطلع نيسان/أبريل الماضي، ذهبت أنا الناجية الوحيدة من عائلتي مع خالي وعمي لمحاولة انتشال الجثامين لكن لم نستطيع أن نخرج أحدًا منهم".

وتابعت "ثم جاء الدفاع المدني في اليوم التالي وتمكن من استخراج عدد قليل من الجثامين، والبقية بقوا تحت الأنقاض، وحرمنا حتى من دفنهم حتى الآن، لعدم توفر معدات ملائمة، وما يزال مطلبنا أن يتم انتشالهم رغم إدراكي أنهم تحللوا بعد كل هذه الأشهر، لكن نريد دفن ما تبقى منهم بشكل لائق".

وأفاد "وسام السكني" لفريق الأورومتوسطي، بأن طائرات حربية إسرائيلية قصف منزل عائلته في 22 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023، والمكون من خمسة منازل في منطقة مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد اثنين من أطفاله مع حوالي 45 شخصًا قتلوا في الحادثة.

وذكر "السكني" أنهم على مدار أسابيع من سعيهم لاستخراج الضحايا، فإنه ما يزال 15 منهم تحت الأنقاض، في الوقت الذي يعوق فيه الحجم الهائل من الركام والأنقاض وغياب المعدات وتكرار القصف على المنطقة انتشالهم.

أما "أحمد البهنساوي" فأفاد للأورومتوسطي بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت منزلهم يوم 31 أكتوبر/تشرين أول 2023، ضمن حزام ناري استهدف مربعًا سكنيًّا يضم حوالي 40 منزلًا في "حارة السنايدة" في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة. 

وأوضح "البهنساوي" أن جميع أفراد أسرته البالغ عددهم 18 فردًا مع حوالي 400 شخصًا استشهدوا في الهجوم الإسرائيلي الواسع، مشيرًا إلى أنه على مدار أسابيع تم استخراج العشرات من الجثث، لكن ظل حوالي 50 شخصًا تحت الأنقاض يتعذر انتشالهم لعدم توفر المعدات وحجم الدمار الكبير. 

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن غالبية جثامين الضحايا المنتشلة في الهجمات العسكرية الإسرائيلية كانت إما في الشوارع أو في بنايات بسيطة من طابق واحد أو طابقين، في حين تبقى هناك صعوبات جسيمة في انتشال جثامين الشهداء من أسفل المباني متعددة الطوابق، في ظل اعتماد فرق الدفاع المدني والإنقاذ على معدات متهالكة ومطارق يدوية وأجهزة بدائية في عملية البحث عن الجثامين تحت عشرات آلاف الأطنان من الأنقاض، مما يعرقل فعالية العمل واستمراريته.

وأكد ضرورة الضغط على "إسرائيل" للالتزام بواجباتها القانونية وإدخال بواقر ومعدات خاصة وكميات كافية من الوقود، نظرًا للحاجة الهائلة، والبدء في إزالة الأنقاض والبحث عن الجثامين والوصول إليها وانتشالها وفق إجراءات خاصة للتعرف على أصحابها ودفنهم في مقابر مخصصة، وبالتالي وقف الانتهاك الحاصل لكرامة الضحايا، وكفالة حقهم وحق ذويهم في دفنهم باحترام وبشكل لائق، وطبقًا لشعائر دينهم.

ونبه الأورومتوسطي إلى أن النهج الإسرائيلي في منع وعرقلة انتشال الضحايا يمثل سببًا رئيسًا في انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة في قطاع غزة، في وقت تحللت الغالبية العظمى للجثث بالفعل لتضيف المزيد من المخاطر على الصحة العامة للمدنيين، والمتدهورة أصلا جراء تدمير "إسرائيل" للبنية التحتية المدنية الحيوية، وقطعها لإمدادات الوقود الضرورية لمعالجة مياه الصرف الصحي وعدم القدرة على التخلص من النفايات، والاضطرار إلى استهلاك المياه الملوثة، مما يعرض صحة ورفاهية أكثر من مليوني فلسطيني وفلسطينية، نحو نصفهم من الأطفال، للخطر.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن منع وعرقلة انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض يشكل انتهاكًا صارخًا ومركّبًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبخاصة تلك المرتبطة بحقوق جميع الأشخاص بعدم التعرض للاختفاء القسري، وفتح التحقيقات والانتصاف والجبر، وكذلك الحقوق الأخيرة والمتعلقة بالمعاملة الكريمة لجسد الميت ودفنه ومعاملة رفاته باحترام، ويضاف إلى ذلك أن بقاء آلاف الضحايا في عداد المفقودين يشكل جريمة إضافية بحق عائلاتهم الذين يعانون من العذاب النفسي الشديد بما يشكل ركنًا آخر من أركان جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في القطاع.

كما أكد أن منع انتشال الجثامين ينتهك كذلك قرارات محكمة العدل الدولية بشأن ضرورة وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة وحماية المدنيين، كونه يتضمن كذلك إخفاءً متعمدًا للأدلة المرتبطة بجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة.

وشدد على أن بقاء هذا العدد الكبير من الضحايا تحت الأنقاض وفشل جهود استخراج الجثث على مدار أشهر يثبت تعمد "إسرائيل" استخدام أنواع مختلفة من القنابل والذخائر وقوة تدميرية غير متناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في انتهاك لقواعد الحماية للمدنيين وممتلكاتهم من مخاطر الحرب، والتي يوفرها القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان مطالبته بضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين في كافة مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة والطواقم المتخصصة والسماح لها بالعمل بشكل آمن، محذرًا من أن استمرار بقائها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وستكون له تداعيات خطيرة جدًا على الصحة العامة، والتي بدأت تلمس منذ عدة أشهر مع تسجيل متكرر لإصابات ووفيات بالأمراض المعدية، بالإضافة إلى تعريض الصحة البيئية للقطاع على المدى الطويل للخطر الشديد وتدمير البيئة بما يصل حد الإبادة البيئية، وجعل قطاع غزة في نهاية المطاف مكانًا غير صالح للحياة والسكن.

وأعاد الأورومتوسطي التأكيد على وجوب إلزام "إسرائيل" بقواعد القانون الدولي التي تنص على ضرورة احترام جثامين الشهداء وعدم سلبها وحمايتها أثناء النزاعات المسلحة، وضرورة اتخاذ أطراف النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الشهداء والموتى كرامتهم وتشويه جثامينهم وتأمين الدفن اللائق لهم، فضلا عن ضرورة الضغط الدولي على "إسرائيل" لوقف هجماتها العسكرية فورًا بحق المدنيين في قطاع غزة ومحاسبتها على كل الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها لمنع الإفلات من العقاب.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حرب غزة المرصد الأورومتوسطی الإبادة الجماعیة انتشال الجثامین الدفاع المدنی ا تحت الأنقاض فی قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الخارجية الإسرائيلية تحرض ضد سوريا: آلاف الإرهابيين يريدون خلق جبهة ضدنا

اعتبر وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن "إسرائيل" أن "ما رأيناه في نهاية الأسبوع في سوريا (أحداث الساحل)، لن يحدث أيضا على حدودنا، ونحن مصممون على منع تكرار أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر في جميع الجبهات".

وقال ساعر إنه "في سوريا، هناك أيضًا آلاف من عناصر حماس والجهاد الإسلامي، وهم يريدون إشعال حدودنا وخلق جبهة إضافية ضد إسرائيل، ويجب على أوروبا أن تُسمع صوتًا واضحًا بشأن القتل الجماعي للمواطنين العلويين والمسيحيين في سوريا"، على حد وصفه.

وجاء ذلك خلال استضافة ساعر نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية في لوكسمبورغ، كزافييه بتيل، إذ عقد الاثنان اجتماعًا مغلقًا، ومن ثم عقدا لقاء ثنائي موسع ركز على التطورات في المنطقة والعالم.


واعتبرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أنه "تم قتل ما يقارب ألف علوي في الأيام الأخيرة، في مجازر مروعة ارتكبها القوات الإسلامية في غرب سوريا، في حين تماطل الأمم المتحدة والعالم يقف متفرجًا، يحاول النظام في دمشق أن يبعث برسالة مفادها أن الأمور تحت السيطرة، وأعلن عن تشكيل لجنة تحقيق في الهجوم الذي نفذه رجاله".

وقالت الصحيفة إنها تحدثت مع بعض العلويين الذين "دعوا إسرائيل إلى مهاجمة مسلحي النظام ورفضوا نظام الأسد: نحن نوجه نداء إليكم وإلى الجميع، نحن لا نريد هذا (الجولاني) أخرجوه".

ونقلت الصحيفة قولهم: "عندما قررنا في بلدنا تنظيم احتجاجات لإسقاط نظام الجولاني - رفعوا الأسلحة وفتحوا النار على المتظاهرين، آمل أن تنقلوا الرسالة بأن هذا نظام فاسد مثل سابقه.. نظام قاتل وإجرامي لا يجب أن يبقى، يجب على إسرائيل أن تحمينا".

وطالب هؤلاء "إسرائيل" بأن "تهاجم بطائراتها الحربية جميع الفصائل المرتبطة بالجولاني على الساحل السوري، بما في ذلك في اللاذقية وطرطوس وضواحيها، ولم تلبِ أي دولة طلبنا، حتى الروس الذين موجودون في بلدنا منذ سنوات، إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يمكنها حمايتنا".

ويأتي ذلك بعدما جدد الاحتلال أنه "مستعد للدفاع عن الدروز في سوريا" بعد أيام من أعمال عنف شهدتها منطقة الساحل السوري إثر هجوم لمجموعة من المتمردين من فلول نظام الأسد المخلوع على الأجهزة الأمنية، تبعها حملة أمنية في عدد من مدن الساحل التي يقطنها أغلبية علوية.


ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر في تصريح للصحفيين ما حصل في سوريا بأنه "مذبحة للمدنيين"، وقال إن إسرائيل "مستعدة، إذا لزم الأمر، للدفاع عن الدروز"، دون أن يقدم تفاصيل عن كيفية ذلك.

في وقت سابق، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن الحكومة ستسمح قريبا لعمال دروز من سوريا بالعمل في مستوطنات مرتفعات الجولان المحتلة، بزعم تعزيز العلاقات مع الطائفة الدرزية.

وقال كاتس إن الحكومة أقرت خطة للسماح قريبا لعمال دروز من سوريا بالعمل في الجولان، إضافة إلى دعم غير مسبوق للطائفتين الدرزية والشركسية داخل "إسرائيل"، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم".

مقالات مشابهة

  • مقرر أممي: منع إسرائيل المساعدات لغزة استمرار لجرائم الإبادة
  • سلاح "التجويع" جريمة إسرائيلية بشعة في غزة
  • كير: الإبادة الجماعية بغزة رافقتها موجة إسلاموفوبيا بالولايات المتحدة
  • الأورومتوسطي: إسرائيل قتلت 145 فلسطينيا بغزة منذ وقف إطلاق النار
  • ارتفاع عدد شهداء قطاع غزة إلى 48.5 ألف منذ بدء العدوان
  • تقرير: إسرائيل تواصل القتل والتجويع في غزة رغم وقف إطلاق النار.. إبادة صامتة
  • الأورومتوسطي .. إسرائيل تقتل 7 فلسطينيين كل 48 ساعة في غزة منذ وقف إطلاق النار
  • الخارجية الإسرائيلية تحرض ضد سوريا: آلاف الإرهابيين يريدون خلق جبهة ضدنا
  • أبرز عقوبات إسرائيل الجماعية بحق فلسطينيي الضفة والقدس
  • الخارجية الفلسطينية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة “تعميق لحرب الإبادة”