وجه شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ‏أبي المنى رسالة لمناسبة رأس السنة الهجرية جاء في نصها: "ما بين الأول من محرم؛ تاريخ هجرة الرسول إلى المدينة، وبين الأول من محرم العام 1446هـ، مسافة زمنية طويلة تحمل في طياتها كنوزا من العبر والفكر والعناوين، ورسالة إسلامية جليلة حملها الرسول المهاجر عليه الصلاة والسلام فأتم بها النعمة وأكمل بها الدين: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"، ورسالة إنسانية حملها أصحابه الأوفياء وآل بيته الأولياء، مجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الحق، بالكلمة الطيبة المؤثرة ولغة العقل والمنطق حينا، وبالجهاد والمواجهة الحاسمة حينا آخر، لا لشيء سوى لتكون كلمة الله هي العليا، تأكيدا لقوله تعالى: ".

.. وجعل كلمة الذين كفروا السفلىٰ ۗ وكلمة الله هي العليا ۗ والله عزيز حكيم".

أضاف: "دخل الرسول المدينة مهاجرا من مكة، فأضحت ‏برسالته "المدينة المنورة"، وهل يعني التنوير غير نور الحق ‏والتوحيد؟ وهل يعني الحق والتوحيد غير عبادة الله الواحد الأحد؟ وهل تعني عبادة الله الواحد الأحد غير معرفته والعيش الصادق معه؟ معرفة لا شبهة فيها، وعيشا نورانيا لا ظلمة تطغى عليه. تلك هي الرسالة التي استوجبت الهجرة، إذ هي رحلة سعي وجهاد لبلوغ الهدف الأسمى، وهو ما هاجر لأجله الرسول ليحقق قوله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام"، أي الإسلام الذي لا يتعارض أبدا مع ما جاء في الكتب السابقة وما جاء به الأنبياء والمرسلون، إذ ليس هو معزولا عما جاء قبله ومبطلا له، بل هو ما دعا إليه الرسول من توحيد وعبادة، توحيد للواحد الأحد يحطم أصنام الحجر والفكر والتخلف، وعبادة للفرد الصمد تتعدى عبادة العبيد والتجار إلى عبادة الأشراف والأحرار، وذلك هو العرفان، والعرفان هو التوحيد".

وتابع: "حمل الرسول الرسالة متحملا صابرا مجاهدا مصمما واثقا وناطقا بما أوحاه الله سبحانه وتعالى إليه، متحديا المخاطر والعقبات، مواجها حين تقتضي الرسالة المواجهة، ومحاورا حين تدعو الرسالة إلى المجادلة بالتي هي أحسن، مثبتا في هذه وتلك قواعد الإيمان في القلوب، والفضائل في المجتمع، ‏والوحدة الإنسانية في الأمة الواحدة، داعيا إلى المؤاخاة بين المسلمين والمساواة بين الناس أجمعين، آمرا ‏بالمعروف، ناهيا عن المنكر وعن كل ما من شأنه أن يحيد بالإنسان عن مراقي الخير إلى ‏مهاوي الهوى.‏ ليس للهجرة معنى وقيمة إذا لم تكن في غير ما قصده الرسول وما أمر به، أكان القصد منها اتقاء للفتنة، أم ارتقاء بالمهمة، وكلاهما جدير بالسفر والمسافرة، وبمثل هذه الهجرة التي تحمل معنيي الاتقاء والارتقاء تتحقق الغاية وتصان الرسالة، تماما كما أن الروح التوحيدية لا تحيا إلا بالاجتناب والاكتساب، والمجتمعات المنيعة لا تبنى إلا بمحاربة الآفات والرذائل وتنمية الأخلاق والفضائل".

وقال: "كما في كل ذكرى وعيد ومناسبة، فإننا نستذكر حال القوم وواقع البلاد عندنا، فنذكر لعل الذكرى تنفع والتذكير يوقظ الضمائر، ونرفع الصوت لعل آذان المسؤولين تسمع وعيونهم تبصر وضمائرهم تتيقظ، ألا يعيشون ما يعيشه الشعب من خوف على المستقبل وقلق على المصير؟ ألا يتوجسون من انهيار الهيكل على ساكنيه في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث واعتداءات إسرائيلية متمادية؟ ألا يعلمون أن التنافر يبدد الآمال وأن التفاهم يولد الإنجازات؟ فإلى متى الانتظار؟ وهل يبنى الوطن بغير دستور يحترم ونظام يتبع؟ أم هل تدار الدولة بغير رأس منظم وقلب يتسع للجميع؟ ألسنا اليوم أحوج ما نكون لاتخاذ المبادرة والبدء بالتشاور الجدي والحوار الصادق والصريح لانتخاب رئيس للجمهورية قبل تفاقم الأمور وحصول ما هو أسوأ في ظل ما نشهده يوميا من تصعيد حربي عدواني واستباحة إسرائيلية لجنوب لبنان الصامد؟ وهل فقدنا القدرة على تفاهم داخلي يأخذ في الاعتبار التوازنات المطلوبة، وأصبحنا رهينة لتفاهم خارجي منتظر يراعي التوازنات بين الدول ويحل العقد المستعصية في المنطقة؟"

أضاف: "إن إسرائيل المغتصبة لأرض فلسطين والطامعة بخيرات لبنان والضاربة عرض الحائط بالقرارات الدولية وبمشاعر العالم كله بما ترتكبه في غزة من مجازر وحشية لا يجوز أن تواجه بعجز داخلي وشغور رئاسي وتجاذب سياسي عشوائي، بل بمزيد من تحمل المسؤولية والتضامن الوطني والتلاقي على المصلحة الوطنية العليا وتأكيد الوحدة الوطنية الرافدة للعمل المقاوم الرادع والتصدي الميداني البطولي. إننا بحاجة إلى استلهام الحقيقة من ذلك الحدث التاريخي العظيم بتثبيت الإيمان والتأكيد بأن الحق والعدالة والإنصاف ونبذ الظلم والعدوان هي سبل الخلاص، بدءا من الانصراف إلى تزكية الذات وتطهيرها من الآفات، وصولا إلى تزكية المجتمع وتطهيره من الموبقات، والوطن من المعوقات، وتحقيق الإصلاح هنا وهناك، بإخراج النفس من محنة الشك إلى رحاب اليقين، والمجتمع من محنة التفكك والانحلال إلى واحة التمسك بالقيم والتماسك والأمل، والوطن من محنة عجز الدولة وفراغ المؤسسات وتحمل المخاطر إلى واحة النهوض والازدهار والانتصار".

وختم: "نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوقظ الضمائر ويحيي البصائر، وأن يلهم الجميع سواء السبيل، ببركة ما تحمله هذه المناسبة المباركة من معاني الخير والهدى، وأن يعيدها على أمتنا وعلى اللبنانيين بالخير والسلام، ويلهمنا جميعا ‏سبل الخلاص، إنه هو الكريم الحليم، وهو سبحانه السميع المجيب".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

سأنتصر على ترامب.. بايدن في رسالة إلى الديمقراطيين قبيل أسبوع حاسم في الكونغرس

(CNN)-- أبلغ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الديمقراطيين في الكونغرس، في رسالة الاثنين، أنه سيواصل محاولته إعادة انتخابه على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن لياقته العقلية وجدوى حملته، بينما انتقد "نخب" الحزب قبيل أسبوع حاسم في الكونغرس.

وكتب بايدن، في الرسالة التي حصلت عليها شبكة CNN: "أريدكم أن تعلموا أنه على الرغم من كل التكهنات في الصحافة وأماكن أخرى، فإنني ملتزم بشدة بالبقاء في هذا السباق، وخوض هذا السباق حتى النهاية، والتغلب على دونالد ترامب". 

سعى بايدن إلى وضع حد للمخاوف المتزايدة بشأن قدرته على البقاء في الرسالة شديدة اللهجة.

وقال بايدن: "لقد تم طرح مسألة كيفية المضي قدمًا بشكل جيد منذ أكثر من أسبوع. وحان وقت انتهاء الأمر. لدينا وظيفة واحدة، وذلك للتغلب على دونالد ترامب. أمامنا 42 يومًا حتى انعقاد المؤتمر الديمقراطي و119 يومًا قبل الانتخابات العامة. وخلص بايدن إلى القول إن أي ضعف في العزيمة أو عدم وضوح بشأن المهمة المقبلة لن يؤدي إلا إلى مساعدة ترامب ويضرنا. لقد حان الوقت للالتقاء والمضي قدمًا كحزب موحد وهزيمة دونالد ترامب".

هذا أسبوع حاسم بالنسبة لمستقبل بايدن السياسي حيث يسعى إلى تخفيف التداعيات المتزايدة مع عودة مجلسي النواب والشيوخ إلى الانعقاد للمرة الأولى منذ المناظرة الرئاسية مع ترامب عبر شبكة CNN. وأبلغ مجموعة من كبار الديمقراطيين في مجلس النواب زعيم الأقلية حكيم جيفريز، الأحد، أن بايدن يحتاج إلى الانسحاب.

بعد وقت قصير من نشر الرسالة، اتصل بايدن ببرنامج "Morning Joe" على قناة MSNBC، وهو جزء من استراتيجية للقيام بالمزيد من الارتباطات "غير الرسمية" وغير المكتوبة لتهدئة المخاوف بشأن عمره.

لكن المظهر، رغم حيويته، ربما لم يكن له التأثير المقصود.

قدم بايدن ردًا مطولًا وأحيانًا خارج الموضوع على سؤال حول رسالته إلى الديمقراطيين في الكونغرس، داعيًا إلى الوحدة وانتقد ترامب لوجوده في ملعب الغولف بعد المناظرة. ظل ترامب إلى حد كبير تحت الرادار بينما يحارب بايدن دورة الأخبار.

مقالات مشابهة

  • بالأغاني والتواشيح الدينية.. مسرح 23 يوليو بالمحلة يحتفل برأس السنة الهجرية
  • الكتائب: لا سوابق ولا اعراف من خارج الدستور لانتخاب رئيس
  • غدًا.. مسرح 23 يوليو بالمحلة يحتفل برأس السنة الهجرية الجديدة
  • موعد إجازة رأس السنة الهجرية والإجازات المتبقية في 2024
  • سأنتصر على ترامب.. بايدن في رسالة إلى الديمقراطيين قبيل أسبوع حاسم في الكونغرس
  • رسالة من رئيس إيران إلى نصرالله.. ماذا في مضمونها؟
  • الأربعاء المقبل.. مسرح 23 يوليو بالمحلة يحتفل برأس السنة الهجرية الجديدة
  • مجلس النواب: رأس السنة الهجرية نبع لا ينضب أبدًا
  • الإفتاء: هجرة الرسول كانت في ربيع الأول.. وهذا سبب اختيار المحرم ليكون أول السنة الهجرية
  • احتفالاً برأس السنة الهجرية.. انطلاق موكب الطرق الصوفية من أمام مسجد صالح الجعفري