كلام الناس
نور الدين مدني
noradin@msn.com
*وصلتني رسالة معبرة ومؤثرة عبر "الواتساب" موجهة من أخ لأخيه، يسأله فيها السماح والعفو قال له فيها: لا يمكن أن تستقيم حياتنا ونحن زعلانين من بعض.
*رد عليه شقيقه قائلاً: سامحتك يا أخي وجزاك الله كل خير، فقد بادرت وطلبت العفو فكنت أحسن مني، أرجو منك أن تسامحني أنت أيضاً، وأن نفتح معاً صفحة جديدة نعيد فيها علاقتنا الأخوية كما كانت وأفضل.
*لم تكتفِ الرسالة بهذه المصالحة الطيبة التي تمت بين الأخوين، إنما انتقل بها صاحبها ليخاطب كل الذين يقرأون رسالته، ويدعوهم لأن يفتحوا صفحة جديدة، ليس فقط مع الأقربين من الأهل والجيران، وإنما مع الذين تعرفوا عليهم، بمن فيهم من تعرفوا عليهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة.
*قال صاحب الرسالة موجهاً حديثه لنا جميعاً: إذا أحببت أن يغفر الله لك فاغفر لعباده ما لحق بك منهم، وإذا أحببت أن يعفو الله عنك فاعفُ عن عباده ما لحق بك منهم، لأن الجزاء من جنس العمل، افتح قلبك بمفاتيح التسامح، تسامحوا وأطرقوا كل الأبواب المغلقة بينكم وبين الآخرين، وأبدأوهم بالسلام.
*ذكرنا صاحب الرسالة الصوتية بحديث رسول الله سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهم الذي يبدأ السلام.
*إنها رسالة التسامح التي نحتاجها جميعاً لتحقيق السلام الاجتماعي والنفسي، ليس فقط مع الآخرين وإنما تجاه ذواتنا أيضاً، لأننا الأحوج إلى التسامح والتصالح وتنقية الأجواء بيننا وبين الآخرين من الأهل والجيران والأحباب، حتى مع الذين ظلمونا أو أساءوا إلينا أو اغتابونا، سائلين المولى عز وجل أن يلهم الآخرين أيضاً فضيلة التسامح كي يعفو عن كل ما يمكن أن يكون قد لحقهم منا، أو بدر منا تجاههم.
*نبتهل إلى الله سبحانه وتعالى الذي لا نمل الابتهال إليه عند كل صلاة ونحن نسأله خاشعين طامعين في رحمته الواسعة: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة يا رب العالمين.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ولا تركنوا إلى الذين ظلموا
يبدو أن أمريكا تحاول استغلال محمد الجولاني (اسمه الحالي الرسمي: أحمد الشرع) كشاهد ملك، لتمرير أجندتها الإستراتيجية في المنطقة، ومنها إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط الجديد، ووفق المنظور الجيواستراتيجي المعد سلفاً، والذي يرمي لإقصاء روسيا من منطقة البحر الأبيض المتوسط، وإبعاد حليفتها إيران من سوريا ولبنان، وتسليم تركيا ملف الشرق الأوسط الجديد، وتهيئة الظروف لإقامة أنظمة سياسية صديقة، وتحويل كافة المنطقة وحكوماتها على غرار النظام التركي، الذي يقوم على التداول السلمي للسلطة، وتطبيق مبادئ الديمقراطية التعددية، والتعاون في ملف محاربة الإرهاب، وإجراء علاقات دبلوماسية تطبيعية مع إسرائيل.
ذلك لأن أمريكا كانت قد اعتقلت الجولاني عام 2003م، عندما كان يقاتل ضد الغزو الأمريكي وفي صفوف المقاومة العراقية. وبعد إطلاق سراحه، وفي عام 2011م انضم لجبهة النصرة مع البغدادي، الذي عينه أميراً على سوريا، ضمن منظومة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فوضعته أمريكا على قائمة الإرهاب وعلى رأسه جائزة بمبلغ عشرة مليون دولار.
بيد أنه اختلف مع منظمة القاعدة والبغدادي، وشكل في عام 2016م “جبهة فتح الشام”، ثم في عام 2017م أعلن عن إنشاء “هيئة تحرير الشام”، وصرح وقتها للصحافة الأمريكية: “أنه لا يجوز شرعاً الهجوم على الأمريكان ولا الأوربيين من غير المسلمين”.
الأمريكان واقعيون جداً في تناول أمور السياسة العامة والأمن القومي، ويتعاملون مع مَن يختلف معهم عند الحاجة، ويسري ذلك حتى على زعماء عصابات المخدرات، وعتاة المجرمين، وقادة الدول. ولدى أجهزة الاستخبارات الأمريكية قوانين وإجراءات غير معلنة وترتيبات خاصة، تتم صياغتها خارج المحاكم، وبالتنسيق مع النائب العام، وهيئات الإتهام، لتحويل المتهمين الخطرين لشهداء ضد منظوماتهم، للإستفادة من تفكيك الشبكات وجمع المعلومات.
للأسف معظم هؤلاء المتعاونين تنتهي حياتهم إما بالتصفية الجسدية، أو بالسجن المؤبد، إلا إذا نجحوا في إخفاء أنفسهم في الوقت المناسب. وقد حدثت هذه الترتيبات الخاصة مع العديد من قادة شبكات المخدرات في أمريكا الجنوبية، مثل الكولمبي بابلو اسكوبار، والعديد من نزلاء قوانتنامو، والحارس الشخصي للرئيس العراقي صدام حسين؛ ورئيس بنما، مانويل نورييغا، الذي تم استخدامه كعميل في السي آي إيه، ثم تم غزو بلاده عام 1989م عندما لم يحترم حدود استخدامه، فألقي القبض عليه وأودع السجن بولاية فلوريد، ثم نفي للسجن في فرنسا.
بعض المحللين يضم للقائمة د. جون قرنق دي مابيور، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM الذي صرح لوسائل الإعلام بتفضيله وحدة السودان، بدلا من الإنفصال، الذي أقرته اتفاقية نيفاشاعام 2005م، وكان من شهودها الموثوقين وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، الذي مهر توقيعه مع الشهود. ويعتقد أن قرنق تمت تصفيته في ظروف غامضة، عبر احتراق طائرة الرئيس اليوغندي الحالي يواري موسوفيني عام 2005م. وتضم القائمة الرئيس الباكستاني الأسبق محمد ضياء الحق، الذي قضى نحبه كذلك بصورة مفاجئة، إثر احتراق طائرته الرئاسية وفي ظروف غامضة عام 1988م.
ربما تشكل هذه الحوادث مصداقية للمثل الشائع الذي يحذر من التعاون مع الظلمة:
” من أعان ظالما سلطه الله عليه”..
والمولى سبحانه وتعالى يأمر عباده المؤمنين ويحذرهم من سوء عاقبة التعاون والتماهي مع الظالمين:
” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار” – الآية ١١٣ – سورة هود.
دكتور حسن عيسى الطالب
إنضم لقناة النيلين على واتساب