سودانايل:
2025-01-05@05:24:52 GMT

مؤتمر القاهرة ورأى لابد أن يقال

تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

السابع من يوليو 2024م سوف تبدأ جلسات الحوار للقوى السياسية السودانية في القاهرة. و أجندة الحوار مقدمة من أصحاب الدعوة تتعلق بنقتطين الأولى كيفية وقف الحرب الدائرة في السودان، و الثانية توصيل الإغاثة للمواطنين داخل السودان.. السؤال هل القوى السياسية تملك رؤى لعملية وقف الحرب و توزيع الإغاثة؟
لابد من الترحيب بالمجهود الذي تقوم به الدولة المصرية متمثلة في السلطة السياسية في البلاد، و الهادفة من أجل البحث لحلول للقضية السودانية إذا كان فيما يتعلق بعملية وقف الحرب الدائرة في السودان، أو توزيع الإغاثة، و أيضا مجهوداتها السابقة في الوساطة بين الفرقاء السياسيين للوصول لمنطقة أوسطى.

أن القوى السياسية السودانية متشظية فيما يتعلق بقضية وقف الحرب لأنها تحمل أراء مختلفة بسبب التدخلات الخارجية التي تريد أن تفرض أجندتها، و أيضا تختار عناصر للسلطة فيما تعتقد أنهم تستطيعون تنفيذ هذه الأجندة..
و هذا يرجعني لتصريح وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري، و الذي قدمت الدعوة في عهده إلي القوى السياسية السودانية للحوار في مصر، و كان أخر تصريح لشكري يتعلق بالدعوة قال ( لا مكانة لحل سياسي للأزمة السودانية في ظل الضغوط و الإملاءات الخارجية، و أن أي حل سياسي حقيقي يوقف الحرب لابد أن يستند إلي رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات، و ضغوط من الأطراف الخارجية) السؤال هل وزير الخارجية المصري الجديد يتفق مع الوزير السابق أم هناك رؤية جديدة؟..
أن وجود رؤية مخالفة للتي صرح بها وزير الخارجية السابق تعني تغيير في الأجندة، و معرفة الأجندة تبين الهدف من الدعوة.. حددت الدعوة للأحزاب دون الكتل السياسية، و هذا مقبول أن تتحاور الأحزاب السياسية في الشأن السوداني، و الأجندة المطروحة للوصول إلي تفاهمات تدفع نحو الحل.. لكن يصبح السؤال عبد الله حمدوك يمثل أي حزب سياسي في السودان؟ المعروف و بصريح العبارة دون أي مواربة، أن حمدوك يمثل الأجندة الأماراتية الساعية وراء تسوية سياسية بين " الجيش و الميليشيا" بهدف إعادة الحوار لأجندة "الاتفاق الإطاري" و هي الأجندة التي كانت قد جاءت بها مساعدة وزير الخارجية الأمريكي " مولي في" و هي التي كانت راعية لهذه الأجندة معها الاتحاد الأوروبي، و تم توظيف الاتحاد الإفريقي و الإيغاد للوقوف مع هذه الأجندة، مع فرض عناصر بعينها لتكون في السلطة..
القضية الأخرى و يجب الحديث فيها بصراحة؛ أن الواقعية السياسية تفرض على أي وسيط أن يقرأ الساحة السياسية قراءة صحيحة دون انحياز، و يعرف مكونات القوة و الضعف فيها، خاصة إذا كانت القضية متعلقة بحل أزمة سياسية، و الشعار المرفوع في السودان " التحول الديمقراطي" أن الدعوة تجاهلت قوى سياسية لها شعبية في الشارع السياسي السوداني، و لا يمكن تجاوزها و هي " الحزب الشيوعي و الإسلاميين" و أي حل سياسي لا اعتقد سوف يستمر دون تحديات قوية من الشارع إذا تجاهل هذه القوى السياسية.. و هنا أردد قول الدكتورة أماني الطويل في مقالها الأخير بعنوان " السودان: رسائل إلي المجتمعين في القاهرة" حيث قالت الطويل (أهمس في أذن القاهرة أن متطلبات الاستقرار في السودان و استقراره مغايرة تماما للمصرية). أن صراع السودانيين منذ الاستقلال كان البحث عن الديمقراطية، و ذلك يعود لتركيبة المجتمع السوداني المتعددة في إثنياته و ثقافته.. أن تجاهل القوى الأيديولوجية في السودان الزملاء الشيوعيين و الإسلاميين في أي حوار سياسي لن يكتب له النجاح مستقبلا.. صحيح أن الحوار يضم حزب الأمة الذي له قاعدة أجتماعية عريضة، و أيضا الاتحاديين و لهم قاعدة اجتماعية عريضة، و لكن أغلبها قوى ساكنة تتحرك في الفترة الانتخابية فقط. و قليل من فاعلية الحركة في الشارع. أما الشيوعيين و الإسلاميين لهم قواعد عندها قدرة كبيرة على الحركة و الحشد و التعبيئة، و هؤلاء سوف يخلقوا تحديات كبيرة لأي قوى في السلطة تحاول ان تتجاوزهم..
مصر أكثر دولة يجب أن تكون على علم بالمجتمع السوداني، و ثقافته و طباعه و قواه السياسية، و لكن يصعب عليها التعامل إذا لم تعرف الفروق في المجتمعين السوداني و المصري عندما تكون القضية متعلقة بالشأن السياسي.. مصر وقفت مع الأحزاب الاتحادية التي توحدت في مصر عام 1953م و خرجت تحت اسم " الوطني الاتحادي" ورفعوا شعار وحدة وادي النيل، و فاز الحزب بالأغلبية، و عندما طاف الزعيم الأزهري اقاليم السودان و استمع للجماهير و القيادات الأهلية و الصوفية كانت الأغلبية تنادي بالاستقلال لذلك انحاز لهم، و غضبت القيادة المصرية زمن عبد الناصر، و قررت أن تتعامل مع جانب دون الأخر، و هذا حقها تتعامل مع من تريد.. لكن في القضية السودانية الكلية لابد من معرفة موازين القوى السياسية، إذا كانت مصر أن تلعب دورا ناجحا فيما تسعى إليه..
أن الحرب في السودان فرضت متغيرات كثيرة، و أيضا خلقت وعيا جديدا وسط الشباب، و ليس كل الشباب الذين دخلوا المقاومة الشعبية متحزبين، و لكن العديد منهم دخولها كردة فعل للانتهاكات التى تعرضت لها القرى و المدن من قبل الميليشيا التي مارست السرقة و النهب و الاغتصاب و ترويع الأمنين، دفعتهم الميليشيا لحمل السلاح حماية لأنفسهم تحت سلطة الجيش.. هؤلاء أيضا سوف تكون لهم رؤية في مستقبل السودان.. و لا ننسى كلمة السيد سامح شكرى أن هناك من يريد أن يفرض على السودان قوى بعينها حتى دون انتخابات، الغريب قوى سياسية ترفع راية الديمقراطية و يتخوفون من الانتخابات.. أن حوار القاهرة لعله يخرج بأجندة تمثل أرضية لحوار أخر لا يستثنى أي قوى سياسية.. و نسأل الله حسن التوفيق و حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة وزیر الخارجیة فی السودان وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

السودان… عام آخر من الحرب!

 

السودان… عام آخر من الحرب!

ناصر السيد النور

قد لا يبدو عنوان المقال أكثر تشاؤما مما تجسده أزمة السودان واقعيا بعد عامين من الحرب بعد أن انخرط السودانيون أو مكونات الدولة السودانية العسكرية في صراع دموي غير محدود أو مسبوق تخطى التوقعات بازدياد وفقد فيها السودان موارده ومكوناته البنيوية التي تجعل من وصف الدولة وانقسمت مكوناته الاجتماعية قبل السياسية والعسكرية خلال ما يقرب من العامين إلا قليلا.  فالانهيار الذي أحدثته الحرب في القيم الإنسانية والمادية أذهل العالم قبل السودانيين أنفسهم من فظاعات قذرة في التقتيل والاغتصاب والتدمير لأجل التدمير.

ويودع السودانيون عاما كالذي سبقه حين باغتتهم حرب ضروس على حين غرة في الخامس عشر من ابريل/نيسان 2023م تجاوزت كل ما عرفته الحروب من وصف وتعريف. واختطت الحرب مسارا لا يشابه ما عرفه السودانيون من حروب اقعد ببلادهم عن ركب الأمم، ومع ذلك تبقى الحرب وأسبابها وأطرافها الفاعلة والملتحقة بها والاستمرار في خوضها بعض من ألغازها العصية على التفسير. وإن يكن الصراع وطبيعته صراع حول السلطة كما بدا في الأيام التي سبقت الحرب بقليل فيما بدا تنازعا وجدل حول نقاط لم تكن مقرراتها لا تقود إلا إلى الحرب، وقد كان دون أن يستصبر الساسة السودانيون مآلاتها الشاخصة.

فما الذي حدث خلال العام المنصرم وماذا يعني عام جديدا في رزنامة الحرب السودانية؟ فمنذ اندلاعها بالشكل الذي استمرت عليها ظلت الأزمة السودانية الأزمة الوحيدة بين أزمات دول العالم التي انتجت ما يجمع عليه من آثار التخلف، وأدت إلى نزوح جماعي ومجاعة وأمراض فتكت بالسكان. ومع الانهيار الذي كان نتيجة حتمية لكل محاولات الحلول والوساطات والمبادرات لم تنفتح مسارات تفضي إلى مخرج يحد من هول النتائج الكارثية للعمليات العسكرية التي يخوضها الطرفان مع مجامع شعبية ومليشيات وحشود شعبية موظفة في حرب لا هدف لها أو نهاية؛ فطوال العام المنصرم راوحت الازمة السودانية مكانها كما بدأت في العام الذي قبله.

وفي سياق تحليل موقف الطرفين في الحرب بين الجيش والدعم السريع وبما أن المعادلة لا ترق للكثير من السودانيين بين ما يفترض مليشيا تمردت على الدولة وبين نتائج محققة ما يمكن عدها بمنطق الحروب هزائم ألحقتها المليشيا بقوات دولة مؤسسات أو هكذا بحكم خروج ولايات وتجمعات عسكرية خارج سيطرة الدولة. ولكن بالتحول الذي احدثه الطرفان طوال الفترة الممتدة بين 2023 و2024 من اقتتال مستمر لم يتوقف سيجعل من الأزمة تدخل عاما جديدا حاملة عوامل هدمها التي باتت في فكاك عن أي التزام قانوني أو عرف أخلاقي أو قوة تحد من وحشتيها.

وبالرصد والتحليل للمواقف السياسية للتنظيمات السياسية السودانية لم يطرأ جديدا على خارطتها وموجهاتها التي لم تختلف كثيرا وان تباينت حول موقف آحادي بين أن تستمر الحرب أو تتوقف. وهو موقف رغم مفارقته إلا أنه يشير إلى فقدان البوصلة في سلم أولويات السياسات السودانية ومدى فهمها للأمن القومي أو مبدأ السيادة وهي عناصر تقتضي مسؤولية أخلاقية قبل أن تسجدها سياسات راشدة كما هو متعارف عليها في دول العالم حتى في ظل الحروب.  ولأن المساحة الوحيدة التي حددت أولية السياسات في الدولة السودانية بشكل القائم تقف ورائها جماعات اتخذت من السلطة القائمة واجهة وقوة ضاربة استعادة لسلطة أي تكن حجم الخسائر وقد أدت الحرب هذه المهمة ولا زالت.  واتضح أن الموقف من الحرب بين فرقين على المستوى السياسي فالجهات المدنية التي تدعو إلى وقف الحرب منها أحزاب تاريخية (حزب الأمة، اليسار، الديمقراطيون) وما يشكل مجموعة تحالفات تنسيقية القوى المدنية تقدم التي يترأسها الدكتور عبد الله حمدوك. وهي مجموعة مدنية لا تملك من قوى قادرة على التدخل المؤثر بغير القوى الإسلامية التي تدعم للجيش ومعها مجموعات بما فيها المكونات القتالية ذات الطابع الجهوي والقبلي.

وفي جرد حساب لما أنجزته الأزمة السودانية في العام المنصرم وهي تدخل عاما آخر لم يختلف كثيراً إلا على مستوى التدهور المريع وما وصلت الأزمة الإنسانية بصورتها الماثلة شملت كافة ولايات السودان بما فيها المناطق أو الولايات التي تعرف بالآمنة.  فلم تعد يوميات العمليات العسكرية وضحاياها وانتهاكاتها ضد المدنيين وما تخلفه من اضرار يشغل بال طرفي النزاع بقدر عزمهما على سحق كل منهما للآخر ولو بدا أن تحقيق معقدا في ظل الواقع الانقسامي الذي أوجدته الحرب بين المكونات السودانية التي تقدمت في مشاريعها الانقسامية إلى درجة ما يعد التراجع عنها ممكنا في المدى المنظور.

وقد كان العام الماضي قد شهد أبرز المواجهات الداخلية على النطاق العسكري وكذلك سوح الدبلوماسية على الصعيد الأممي فقد جاءت قرارات الأمم المتحدة ومجلس امنها الدولي بكل ما حملت البيانات والتقارير من وصف وإدانة لما يجري في حرب السودان إلا أنها لم تؤثر في مجريات الأمور بالداخل. وبلغت ذروة التصعيد الاعتراض الروسي باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار تقدمت به بريطانيا وسيراليون في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي لوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات. وهو انقسام في الموقف الدولي بين قوى دولية ابرزت صراع المحاور الذي وصلت إليه الأزمة السودانية. فأصحبت بالتالي أزمة متعددة الأقطاب من الموقف الإقليمي لدول مجموعة الإيغاد في شرق أفريقيا إلى جامعة الدول العربية إلى المواجهة بين الحكومة القائمة ودول بعينها أفريقية (كينيا، تشاد، يوغندا) وعربية (دولة الامارات) بينما الطرف الآخر الدعم السريع خرج قائده في اتهام مباشر لدولة مصر بمشاركتها الفاعلة في الحرب بسلاح الطيران.

وإذا ظن الطرفان أن حربهما لا تؤثر أو تتأثر بما يجري في العالم والمحيط الجغرافي للسودان فإن ذلك يعد من بين الأخطاء الاستراتيجية الفادحة في التحكم بمصائر الحرب. فتعدد الأطراف من الخارج والداخل لم يعمق من الأزمة وحسب بقدر اتساع نطاقها وبعدها عن أي حل يأمل فيه المتضررون من الحرب.  ومع المساعي الدولية التي انطلقت بعيد اندلاع الحرب وصلت جميعها إلى طرق مسدودة على الرغم من حجم الدول ووزنها (السعودية، الولايات المتحدة) إلا أنها لم تتمكن من اختراق في ملفات الأزمة، غيرها من منابر تفاوضية آخرها مفاوضات جنيف التي توقفت عقب تدهور الوضع العسكري في الداخلي.

إن ما يمكن أن ينقذ الموقف المأزوم في السودان لن بأي حال استمرار الحرب على وتيرتها الحالية مهما كانت الدواعي والمبررات التي يسوقها الطرفان، وتأكد فشل آلية الحرب في حسم الصراع وما لم يتبقى إلا التوصل بآلية تفاوضية قد تتفق عليها الأطراف المتنازعة. ومع استبعاد فرض احتمال مثل هذا الطرح في واقع الحرب الدائرة إلا أن الاستمرار الذي يتجاهل حقائق الواقع سيقود إلى وضع أكثر قد لا ينتهي بتفكيك الدولة السودانية على ما تبقى منها من خرائب. فالأمر الذي لم تفطن إليه أطراف الحرب وهي تخطط أو تسعى لحرب غير محسوبة النتائج في غياب المؤسسات السياسية الشرعية أن القاعدة الدارجة في شن أن تبدأ الحرب بتوقيت ما ولكن يعصب التحكم بمصيرها ومداها الزمني. فالعام الجديد القادم قد لا يحمل من بشريات السلام إذا ظلت الحرب الملجأ الأخيرة للحل.

الوسومالجيش السوداني الدعم السريع حرب السودان

مقالات مشابهة

  • السودان… عام آخر من الحرب!
  • أجندة!!
  • المشهداني:ضعف الحكومة = ضعف العملية السياسية
  • هل سيضحون بالدعم السريع؟
  • السلطات السعودية تعيد إدراج الجنسية السودانية في قائمة تأشيرات العمرة الإلكترونية
  • الحكيم يدعو القوى السياسية إلى الاستعداد لـطارئ يمس أمن العراق ويحذر من مندسين
  • الدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة؟ صراع المصالح يشعل الساحة السياسية
  • وزارة الخارجية: المملكة تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود
  • عودة الحياة في السودان، حتى في ظل الحرب، تعكس ملامح الشخصية السودانية
  • جرف الصخر.. اختبار جديد لميزان القوى السياسية في العراق