قيود أمنية واقتصادية تفاقم أزمة “حصار” مدينة الأُبيّض
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
بورتسودان- الشرق/ مها التلب
أوضاع إنسانية وأمنية واقتصادية بالغة التعقيد، تسبب فيها الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع، على مدينة الأُبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان منذ الأيام الأولى من حرب السودان، في ظل قيود صعبة فُرضت على وصول المواد الغذائية والأدوية للمدينة، ما يهدد بخروج المستشفيات عن الخدمة.
وتسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على الأُبيّض بسبب موقعها الاستراتيجي الرابط بين إقليمي دارفور وكردفان، ولذلك تخوض على مدى أشهر معارك ضارية مع الجيش السوداني داخل وحول المدينة، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين بأعداد كبيرة، بحسب صحيفة "سودان تربيون".
وتقع الأُبيّض في موقع جغرافي مهم، حيث تبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 400 كم، وتحدها من الجنوب ولاية جنوب كردفان، والغرب ولاية غرب كردفان وشمال دارفور، أما شرقاً ولاية النيل الأبيض، وشمالاً ولاية نهر النيل والشمالية.
مدينة استراتيجية
عسكرياً، تضم مدينة الأُبيّض قيادة قوات الفرقة الخامسة مشاة "هجانة"، ويرى محللون عسكريون، أن السيطرة على المدينة يعني نقطة في صالح الطرف المسيطر باعتبار أنها ستسمح لهم بقطع طريق إمداد الطرف الآخر.
واعتبر المحلل العسكري والأمني عبد الرحمن الريح في حديثه لـ"الشرق"، أن "سيطرة الجيش على مدينة الأُبيّض يمثل نقطة قوة له، وسقوطها يعني خسارة كبيرة، ويعني سيطرة الدعم السريع من شمال كردفان وحتى دارفور".
وذكر أن "تماسك قوات الجيش في هذه المنطقة دافع رئيس لاستمرار تواجد المواطنين".
أوضاع متراجعة
واشتكى عدد من سكّان مدينة الأبيّض خلال حديثهم لـ"الشرق"، من سوء الأوضاع وتراجع الخدمات كافة، نتيجة حصار قوات الدعم السريع للمدينة، وصعوبة الحصول على الدواء والمواد الغذائية إضافة إلى انقطاع الكهرباء.
وقالت المواطنة خديجة علي عثمان (52 عاماً) إن "المدينة ظلت صامدة أمام هجمات قوات الدعم السريع، التي فرضت عليها حصاراً من جميع الاتجاهات، وعلى رغم من ذلك فهي ملاذ لكل المواطنين الذين فروا من الحرب".
وذكرت المواطنة عوضية منصور، أن "هناك صعوبة في الحصول على الأدوية والمواد الغذائية خاصة مع ارتفاع أسعارها، إضافة إلى عدم صرف رواتب الموظفين".
وأضافت أنه "في بعض الأحيان نطلب الأدوية من أقاربنا خارج السودان، لكن في الوقت ذاته هناك صعوبات نتيجة لقطع قوات الدعم السريع للطرق، وتوقف حركة السفر بين المدن".
وأشارت ناهد حسن إلى أن انقطاع التيار الكهربائي لمدة شهرين، والماء لمدة عام، خلّف وضعاً معيشياً صعباً، موضحة: "نعمل على شراء الماء المنقول عبر الدواب بأسعار باهظة تفوق طاقتنا".
وأردفت: "فيما يخص الهواتف النقالة التي تحصل من خلالها على أخبار أقاربنا نقوم بشحنها من الطاقة الشمسية، بعد دفع مقابل مادي وهو ما لا يستطيع الجميع دفع تكاليفه أو تحمله بشكل يومي".
أكبر سوق للصمغ العربي
وتتمتع مدينة الأُبيّض التي ترتبط بأهم طريق بري هو طريق الصادرات، بميزات اقتصادية عديدة حيث تحتضن أكبر سوق للصمغ العربي على مستوى العالم، وأسواق أخرى للمحاصيل والماشية.
وتزخر المدينة بالموارد الإنتاجية والزراعية والغابية فضلاً عن أنها ملتقى للطرق القومية الرابطة بين الولايات السودانية، كما أنها تُعد مركزاً تجارياً مما أكسب سوق محصولات الأبيض ميزة في استقبال المحاصيل، وإحداث حراك تجاري يساهم بشكل فاعل في الاقتصاد القومي للدولة، بحسب المدير التنفيذي لسوق محصولات الأبيض بولاية شمال كردفان، حسن باب الرحمة.
وأشار الرحمة لـ"الشرق"، إلى أن "الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع أثر بشكل مباشر على تدني الوارد من المحاصيل الزراعية"، موضحاً أن "الكثير من الأراضي خرجت عن الزراعة والرعي نتيجة للاشتباكات التي تدور بين الطرفين".
فيما قال أحمد المصباح، يعمل في مجال الصمغ العربي، إن الحرب في مناطق حزام الصمغ العربي أفقدت البلاد ما لا يقل عن 70% من الإنتاج، معتبراً أن "تجارة الصمغ بعيدة عن تمويل الحرب القائمة بين الجيش والدعم السريع".
وأرجع السبب إلى أن "عائداتها لا تتجاوز 200 مليون دولار في أفضل الأحوال والتي تخص شركات خاصة وليست حكومية".
وتشهد الأسواق ركوداً غير مسبوق كما أفاد البائعون "الشرق"، إضافة إلى تدني إقبال المواطنين، وذلك بسبب الأسعار الباهظة للمواد الغذائية.
وعن القطاع الصحي في المدينة، قالت وزارة الصحة بشمال كردفان، إن "حصار المدينة إثر بشكل مباشر على إمدادات الأدوية، وكشف عن هجرة بعض الأطباء في الفترة الأولى للحرب خوفاً من المواجهات التي وقعت بين الجيش وقوات الدعم السريع".
ولكنها أكدت لـ"الشرق" وجود مخزون استراتيجي من الأدوية والمساعدات الطبية في المستشفى الرئيسي.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
40 قتيلا بهجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط السودان
الخرطوم - قُتل أربعون شخصا في هجوم شنه عناصر من قوات الدعم السريع مساء الثلاثاء على قرية في ولاية الجزيرة التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط السودان الذي دمرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف، على ما أفاد طبيب الأربعاء 20نوفمبر2024.
وقال طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم لوكالة فرانس برس إن "القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص". وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته بعد تعرض الفرق الطبية لهجمات.
وقال شهود في قرية ود عشيب إن قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش السوداني منذ منتصف نيسان/أبريل 2023، شنت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني.
وقال شاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن "الهجوم استؤنف صباح" الأربعاء، موضحا أن المهاجمين يرتكبون "أعمال نهب".
ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها قوات الدعم السريع خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ ذلك التاريخ، وثقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسية كانت تعد سلة الخبز في السودان.
وحذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الجمعة من أن اندلاع أعمال العنف هناك "يعرض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر".
- نازحون ينقصهم كل شيء -
خلفت الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يمسك بالسلطة، عشرات الآلاف من القتلى معظمهم من المدنيين.
ولم يتم تسجيل الضحايا، بحسب الأطباء. وتتراوح التقديرات بين 20 ألفا و150 ألفا.
كما أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، فر منهم أكثر من ثلاثة ملايين إلى البلدان المجاورة.
واتُهم كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب. فقد حاصر مقاتلو قوات الدعم السريع قرى بأكملها، وقاموا بتنفيذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة ونهبوا ممتلكات المدنيين بشكل منهجي.
وتعرضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة، مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية.
وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأصيب العشرات منهم بالمرض.
ويصل العديد من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد "السير لعدة أيام ... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها"، وفق ما قال دوجاريك الجمعة.
وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية.
وقال دوجاريك "إنهم مضطرون للنوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى".
وتقدر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حاليا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص من الجوع الحاد.
Your browser does not support the video tag.