لا شكّ أنّ العالم ما بعد السابع من تشرين الأول 2023، ليس نفسه العالم ما قبله، فقد غيّرت عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وما أعقبها من حرب إسرائيلية دموية لم تنتهِ فصولاً على غزة، وما تفرّع عنها من "حروب إسناد" في أكثر من جبهة، وجه العالم بصورة أو بأخرى، حتى أنّ إسرائيل أصبحت "معزولة" في مكانٍ ما، تلاحقها المحاكم الدولية، ويطاردها الرأي العام حتى في دول كانت تتبنّى سرديّتها.


 
وكما تركت الحرب الإسرائيلية على غزة تداعياتها على العالم برمّته، فإنّها تركت تأثيراتها على الساحة اللبنانية، التي تواجه منذ نحو تسعة أشهر، حربًا متصلة ومنفصلة عن غزة، بدأت على شكل "جبهة إسناد" فتحها "حزب الله" تضامنًا مع الفلسطينيين، لكنّها تمدّدت شيئًا فشيئًا، على وقع انقسام داخليّ في مقاربتها، بين فريق يعتبر ما يقوم به الحزب "واجبًا إنسانيًا"، وآخر يحمّله مسؤولية أخذ البلاد إلى "مجهول"، وبالتالي توريطه في ما لا تحمد عقباه.
 
وعلى وقع التصعيد الذي لا يُعرَف مداه، وما إذا كان سيفضي إلى حربٍ أوسع وأشمل كما يتكهّن البعض، أم سيبقى محدودًا ومضبوطًا بسقف عدم الانزلاق للحرب، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، عن مقاربة "حزب الله" تحديدًا لمرحلة ما بعد "حرب الإسناد"، أو "اليوم التالي"، فما الذي تغيّر أو سيتغيّر على خطّها؟ وما صحّة الحديث عن "تحالفات جديدة" في قاموس الحزب، الذي بدأ إعادة النظر بالكثير من العلاقات، فضلاً عن المقاربات؟!
 
"لا تغيير في مواقف الحزب"
 
يرفض المحسوبون على "حزب الله" والمقرّبون منه السؤال من الأساس، حول التداعيات السياسية المحتملة للحرب الدائرة في الجنوب، أيًا كانت نتيجتها، حيث يذكّرون بأنّ الحزب ليس ممّن "يوظّفون" المجريات العسكرية في الجنوب، وهو حين انتصر في حرب تموز 2006، لم يعمد إلى استغلال ما حقّقه في السياسة، بل بقي ثابتًا على دعواته للشراكة والتفاهم، وهو ما جسّده في أدائه على امتداد السنوات اللاحقة للحرب، حتى يومنا هذا.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ الحزب بعد الحرب لن يكون مختلفًا عنه ما قبل الحرب، فهو باقٍ على ثباته على المواقف المبدئية التي لطالما آمن بها، علمًا أنّ قياديّيه من المستوى السياسي لم يعدّلوا في خطابهم حتى خلال مرحلة الحرب، وهم يدعون دائمًا إلى فصل الاستحقاقات السياسية بما فيها رئاسة الجمهورية عن الحرب في غزة ولبنان، وذلك في إطار التفاهم الوطني الذي لا يُعتبَر تعذّره نتيجة للحرب، باعتبار أنّ أزمة الرئاسة سابقة لها.
 
وإذا كان هناك من يراهن على الحرب لرفع أسهم مرشح من هنا أو هنالك، حتى إنّ بعض من يصنَّفون ضمن خانة "المحسوبين على الحزب"، يعتقدون أنّ فرص رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية سترتفع بعد الحرب، سواء أفضت إلى انتصار أو تسوية، فإنّ العارفين بأدبيّات الحزب يؤكدون أنّ الموقف يبقى ثابتًا لجهة دعم فرنجية، معطوفًا على الدعوة إلى الحوار والتفاهم، بوصفها المدخَل الوحيد للحلّ، بمعزل عن الحرب أو غيرها.
 
تحالفات جديدة يُبنى عليها
 
لا يعني ما تقدّم أنّ شيئًا لن يتغيّر في مقاربات "حزب الله" وتحالفاته بعد الحرب، بحسب ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ الحزب يسجّل الكثير من "المآخذ" على المواقف التي يتّخذها العديد من الفرقاء منذ فتح الجبهة، وبينهم حلفاء وأصدقاء وحتى خصوم تجاوزوا منطق الخصومة بشكل أو بآخر، كما يبدي في المقابل اهتمامًا بالعديد من القوى السياسية التي ما كانت قريبة منه يومًا، لكنّها تعاملت مع أحداث الجنوب بإيجابية قلّ نظيرها.
 
في هذا السياق، ثمّة من يعتقد أنّ أكثر العلاقات التي سيعيد "حزب الله" النظر بها بعد الحرب هي علاقته مع "التيار الوطني الحر"، في ضوء المواقف التي اتخذها رئيسه الوزير السابق جبران باسيل من فكرة فتح الجبهة الجنوبية، وربط المسارات، وانتقاداته المتكرّرة للحزب، إلا أنّ الحزب الذي غضّ النظر عن الكثير من هذه المواقف، يتفهّم بحسب العارفين، "سياقها السياسي" السابق للحرب، وإن كان يدرك أنّ "مراجعة" ستكون مطلوبة في مرحلة ما.
 
لكن، إلى جانب العلاقة مع "التيار"، ثمّة علاقات أخرى يستعدّ "الحزب" لإعادة النظر بها، منها علاقته ببعض القوى التي بالغت برأيه في "تبنّي" السردية الإسرائيلية، لدرجة مطالبتها الحزب، لا إسرائيل، بتطبيق القرار 1701، في مقابل قوى أخرى، خصوصًا في الساحة السنّية، فاجأته باندفاعتها مع المقاومة، ومنها قوى اختارت النزول إلى الميدان، جنبًا إلى جنب الحزب، وهو ما يفترض كثيرون أنّ "ترجمته السياسية" لن تكون ببعيدة في المرحلة المقبلة.
 
يقول الحزب إنّه ثابتٌ على مواقفه، فعلى الرغم من رفضه للحديث الدولي المتكرّر عن "جناحين" سياسي وعسكري في صفوفه، إلا أنه "يفصل" بين عمله المقاوم، والأداء السياسي، وإن كان الأخير برأيه يأتي مكمّلاً للأول، أو ربما سندًا له. لكنّ الأكيد بحسب ما يقول العارفون، أنّ التموضعات والمواقف التي اتخذها البعض في مرحلة الحرب، ستفعل فعلها في "اليوم التالي" لها، وأنّ الغد لناظره قريب.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بعد الحرب حزب الله

إقرأ أيضاً:

آخر بيان لـحزب الله.. ماذا أعلن؟

أعلن "حزب الله"، مساء اليوم السبت، شنّ هجمات جديدة ضدّ تجمعات لقوات العدو الإسرائيليّ داخل جنوب لبنان وفي المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود.     وذكر الحزب أنه استهدف تجمعاً لقوات جيش العدو في مستوطنتي المنارة وميرون، مشيراً إلى أنه قصف دبابات ميركافا بصاروخٍ مُوجّه وذلك عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة، ما أدّى إلى تدميرها.   كذلك، شنّ الحزبُ هجوماً بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على تجمعٍ لقوات جيش العدو الإسرائيلي في بوابة العمرا عند الأطراف الجنوبية لمدينة الخيام، وأصابت أهدافها بدقّة.   كذلك، قصف الحزب دبابة ميركافا بصاروخٍ موجّه، في محيط المدرسة في بلدة الجبين، ما أدى إلى تدميرها، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.   وللمرّة الثانية، استهدف الحزب بواسطة سربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة عكا المُحتلّة.    




مقالات مشابهة

  • محلّقات انقضاضية تدخل ساحة المواجهة
  • أوكرانيا تخسر 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في مقاطعة كورسك الروسية
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • آفاق التحالفات الإقليمية المقبلة
  • قبل وقف إطلاق النار ما الذي يقوم به حزب الله؟.. معاريف تُجيب
  • الدفاع المدني ينشر مجمل الخسائر التي تكبدها جرّاء الحرب على قطاع غزة
  • نظريتان داخل قوى المعارضة.. لنؤجل الاستحقاق الرئاسي
  • من هو محمد حيدر الذي تدعي إسرائيل استهدافه بغارة بيروت؟
  • آخر بيان لـحزب الله.. ماذا أعلن؟
  • حكم الشرع في الدين الذي تم التنازل عنه بسبب الوفاة.. دار الإفتاء ترد