ماذا تبقى من #الشارع_العربي؟
د. #فيصل_القاسم
هل مازال لدى الإنسان العربي قضايا وطنية أو قومية يتحمس لها أو تشغل باله يا ترى؟ هل مازال هناك هَمٌ وطني داخلي مشترك فيما يسمى بالدول العربية؟ هل مازال هناك رأي عام أو شأن عربي مشترك؟ كم ألف مرة سمعنا مصطلح (الشارع العربي) على مدى عقود؟ آلاف المرات طبعاً.
ما هو الشغل الشاغل اليوم للجماهير العربية من المحيط إلى الخليج؟ إياك أن تقول لي إنهم مشغولون بغزة أو بالسودان أو بسوريا واليمن. سأزعل منك كثيراً. هل شاهدتم كيف يتدفق ملايين العرب على المهرجانات الغنائية هذه الفترة؟ هل شاهدتموهم وهم يتراقصون بمئات الآلاف على أنغام أغاني هذا المغني أو ذاك؟ ولو نظرت إلى عدد الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الفتاة العربية أو تلك وهي تحضن هذا المطرب أو ذلك على مسارح المهرجانات لوجدت أنها تنتشر كانتشار النار في الهشيم، بعد أن وصل عدد مشاهداتها إلى عشرات الملايين.
الشعوب فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة
مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/07/04والأنكى من ذلك أن المواقع العربية لا هم لها اليوم إلا التركيز على حركات هذه الراقصة أو تلك وهي تتمايل أمام هذا المطرب أو ذلك في هذا المهرجان الفني أو ذاك. لقد انتشر خبر وفيديو إحدى الفتيات وهي تقبل وتعانق مطرباً ثم ترقص أمامه بطريقة مثيرة في أحد المهرجانات، انتشر بشكل رهيب بين الشباب العربي، وأصبح حديث الشارع لا بل الشغل الشاغل لمواقع التواصل. نعم نحن اليوم في العطلة الصيفية وهي موعد المهرجانات الغنائية التي تتكاثر اليوم كالفئران والأرانب في عموم ما يسمى بالوطن العربي زوراً وبهتاناً، لكن نحن أيضاً نشاهد في الوقت نفسه واحدة من أكبر المآسي التي حلت بمن يسمون بالعرب منذ عقود وعقود. مدن تُسمى عربية تحترق وشعوب تتهجر بالملايين وقتلى بمئات الألوف على مسافات قصيرة من الحفلات الفنية الراقصة هنا وهناك. ثم تحدثونا عن عروبة وإسلام. (عروبة مين والناس هايمين). طبعاً البعض سيقول إن الشارع العربي مستعد أن يخرج في عشرات المظاهرات لمناصرة القضايا العربية الساخنة، لكن الأنظمة تمنعه. وهذا صحيح جزئياً فقط، لكن في الوقت نفسه لا ننسى أن الشعوب أيضاً فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة. ولا ننسى أن أبناء البلد الواحد لم يعودوا يتضامنون مع بعضهم البعض، ففي سوريا مثلاً كان سكان دمشق قبل سنوات يدخنون الشيشة في المقاهي، بينما كانت الغوطة تُقصف بالغازات الكيماوية على بعد ضربة حجر. وفي لبنان قبل أيام احتشد عشرات الألوف في بيروت للاستمتاع بحفلة غنائية لأحد النجوم، بينما كان الجنوب اللبناني يحترق وعشرات الألوف من سكانه ينزحون. وكي لا نذهب بعيداً، ماذا فعلت الضفة لغزة وأهلها على مدى شهور؟ وإذا كان ذلك ديدن (الشقيق العربي) القريب فما بالك بالشقيق العربي البعيد الذي يبكي على ليلاه؟
من يتابع اليوم أخبار غزة أو السودان أو كارثة السوريين يا ترى؟ من بربكم؟ ألا يشيح مئات الملايين من العرب اليوم بأنظارهم بعيداً عن المآسي العربية ليتفرغوا لمشاهدة حفلات الرقص والنقص والمجون؟ أليست أخبار هذا الفنان أو ذاك أهم بالنسبة لهم أكثر بمرات من أخبار أي قضية عربية؟ قبل أيام فقط نسي من يسمون بالعرب أنفسهم أنهم يتعرضون يومياً لملايين الصفعات في عموم الشرق الاوسط وافريقيا، وانشغلوا بصفعة أحد المطربين لأحد المعجبين. وقد غطى هذا الحدث على كل الأخبار والمآسي العربية الأخرى لأسابيع.
أليس من حق البعض إذاً أن يتساءل اليوم: أين العرب والمسلمون المزعومون من القول الكريم: «إنما المؤمنون أخوة» أو مصطلح «كالبنيان المرصوص» أو حديث «المسلم أخو المسلم» أو أين هم من شعار «أمة عربية واحدة»؟ ألم يستبدلوه بشعار: رقصني يا جدع؟
كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الشارع العربي فيصل القاسم الشارع العربی قضیة عربیة هل مازال
إقرأ أيضاً:
اليوم.. استكمال محاكمة 117 متهمًا في قضية اللجان الإعلامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تنظر الدائرة الثانية إرهاب، برئاسة المستشار وجدي عبد المنعم، اليوم السبت، استكمال محاكمة 117 متهمًا، في القضية رقم 9453 لسنة 2024 جنايات العمرانية والمعروفة إعلاميا بخلية اللجان الإعلامية.
ووجه لبعض المتهمين، تهم تولى قيادة فى جماعة إرهابية، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحريات والحقوق العامة، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.
ووجه لبعض المتهمين، تهمًا بارتكاب جرائم تمويل الإرهاب، وحاذوا ونقلوا أموالا ومعلومات للجماعة الإرهابية، مع علمهم باستخدامها في ارتكاب جرائم إرهابية.