كشفت المفاوضات الجارية حالياً بالعاصمة العُمانية مسقط حول الأسرى بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي الإرهابية، جانباً من حجم الأزمة التي تعاني منها الأخيرة بتخليها وتراجعها عن بعض مواقفها المتصلبة.

وأعلن مكتب المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ الأربعاء، عن توصل المفاوضات لتفاهم حول إجراءات لإطلاق سراح محتجزين على ذمة النزاع بينهم السياسي اليمني البارز محمد قحطان.

وبحسب المتحدث باسم الوفد الحكومي، وكيل وزارة حقوق الإنسان، ماجد فضائل، فان الاتفاق يقضي بتبادل 50 أسيرا حوثيا مقابل قحطان المختطف والمخفي لأكثر من تسع سنوات مضت، وهو ما أكدته جماعة الحوثي.

حيث قال رئيس لجنة الأسرى بجماعة الحوثي عبد القادر المرتضى في تصريح لوسائل إعلام الجماعة إن الاتفاق تضمن الإفراج عن محمد قحطان مقابل الإفراج عن 50 من أسرى الجماعة "وإن كان متوفيا فيتم تسليم جثته مقابل تسليم الطرف الآخر 50 جثة".

وعلى الرغم من الاستنكار الواسع لتصريح المرتضى ورفض حالة الابتزاز التي تمارسها الجماعة الحوثي حول مصير قحطان، إلا أن قبولها باتفاق يشمل الرجل يمثل تراجعاً غير مسبوق في مواقفها التي تسببت بإفشال كل المحاولات الأممية بملف الأسرى منذ عقد آخر صفقة تبادل بين الجماعة والحكومة في أبريل 2023م.

حيث مثلت قضية الإفراج عن المختطف محمد قحطان القيادي بحزب الإصلاح والمشمول بقرار مجلس الأمن 2216، واحداً من أسباب محاولات عقد صفقة تبادل أسرى ومختطفين بين الحكومة والجماعة الحوثية جراء رفض الأخير أي حديث عن الرجل أو حتى الكشف عن مصيره.

وهو ما دفع بمجلس القيادة الرئاسي إلى إصدار توجيه غير مسبوق لوفد الحكومة قبل ذهابه إلى مفاوضات مسقط بعدم إبرام أي صفقة تبادل جديدة لا تشمل قحطان، أو على أقل تقدير الكشف عن مصيره وتمكينه من التواصل مع أسرته، ما يعني رضوخ الجماعة الحوثية للموقف الحكومي.

كما كان لافتاً ما ذكره مكتب المبعوث الأممي في إعلانه عن التوصل لاتفاق يشمل قحطان بأن مفاوضات مسقط الجارية تأتي "كجزء من الجهود الأممية المستمرة لدعم الأطراف في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق ستوكهولم"، وهو الاتفاق الذي وقع بين الشرعية وجماعة الحوثي أواخر 2018م، لوقف تقدم القوات الحكومية نحو مدينة وميناء الحديدة.

الإشارة الأممية إلى أن الاتفاق في مفاوضات مسقط يأتي كتنفيذ لاتفاق ستوكهولم، يضاف إلى ما كشفته صحيفة "عكاظ" السعودية الأسبوع الماضي عن كون المفاوضات جاءت نتاج لوساطة سعودية - عُمانية، وأن جهود هذه الوساطة هي من تقف خلف فتح الطرقات الرئيسية في تعز ومأرب، وأن هدف الوساطة هو "تنفيذ قرارات التهدئة التي أقرتها الأمم المتحدة كخطوة لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة".

عودة الحديث عن استكمال تنفيد ما تبقى من بنود اتفاق ستوكهولم واتفاق الهدنة، يعني حرفياً قبول مليشيا الحوثي التخلي عن مواقفها، كونها الطرف الذي رفض تنفيذ بنود هذه الاتفاقات من جانبها، وهو ما يؤكد لجؤها لطلب تدخل من قبل عُمان بهدف العودة لمسار السلام في ظل ما تعانيه من مأزق غير مسبوق.

حيث تواجه الجماعة مأزقا كبيراً في مواجهة تداعيات هجماتها ضد الملاحة الدولية ومواجهة قرارات الحكومة والبنك المركزي بعدن لانتزاع قبضتها على ملف الاقتصاد والاتصالات وغيرها، مستفيدة من الغضب الدولي ضد هجمات المليشيا على السفن التجارية.

وفي هذا السياق كشفت تقارير إعلامية محلية خلال الساعات الماضية وساطة عمانية لإنهاء أزمة احتجاز مليشيا الحوثي لطائرات الخطوط الجوية اليمنية والتي تسببت بإعادة إغلاق مطار صنعاء وهو المنفذ الجوي الوحيد الخاضع لسيطرة المليشيا.

وبحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية فإن الوساطة العُمانية تسعى إلى اتفاق يقضي بإطلاق مليشيا الحوثي للطائرات المحتجزات من مطار صنعاء مقابل عودة الرحالات بين المطار والأردن واستكمال نقل باقي الحجاج من مناطق سيطرة المليشيا العالقين في السعودية.

وعلى الرغم من غياب تفاصيل هامة في هذه الوساطة حول مصير أرصدة شركة "اليمنية" المحتجزة لدى المليشيا والاتفاق على مسألة توريد قيمة التذاكر لرحالات صنعاء، فإن المؤكد أن تدخل عُمان للتوسط بهذا الملف لن يأتي إلا بناء على طلب من جماعة الحوثي وهو ما يعزز حقيقة المأزق والأزمة التي تعاني منه وفشل محاولاتها –ومنها خطف الطائرات– في التخفيف من الوضع الصعب الذي تعاني منه سياسياً واقتصادياً.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: وهو ما

إقرأ أيضاً:

إغناطيوس: ترامب يريد صنع السلام ونتنياهو يريد الحرب مع إيران.. بيد من القرار؟

شدد الكاتب الأمريكي ديفيد إغناطيوس على أن طموح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يكون صانع سلام يواجه بطموحات دولة الاحتلال الإسرائيلي وخططها لضرب المشروع النووي الإيراني.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" وترجمته "عربي21"، أنه في خضم الضجيج  داخل البيت الأبيض، فات العالم تصريحات ترامب في الأسبوع الماضي عندما هدد إيران بأنه سيقوم مع إسرائيل بضربها إن لم توافق على إلغاء مشروع أسلحتها النووية. 

ولكن ترامب الذي خاض حملته الانتخابية لولاية ثانية في البيت الأبيض على شعار إنهاء الحروب الأبدية، لا يريد أن يبدأ حربا جديدة في الشرق الأوسط، وفقا للكاتب الأمريكي.

واستدرك الكاتب بالإشارة إلى أن ترامب يتعرض لضغوط من "إسرائيل" التي ترى أن هناك فرصة لاستهداف إيران بعد فترة من الضعف الكبير وبخاصة في أعقاب إضعاف حلفائها في غزة ولبنان وهزيمتهم في سوريا والهجمات المدمرة التي شنتها "إسرائيل" على الدفاعات الإيرانية في تشرين الأول/أكتوبر 2024. وتريد "إسرائيل" انتهاز الفرصة، حسب تصريحات مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين تحدثوا إلى الكاتب.


وأضاف إغناطيوس، أنه لو لم توافق إيران على التخلي عن برامجها النووية، كما تخلت ليبيا في عهد معمر القذافي، فإن إسرائيل جاهزة لكي تضرب المنشآت النووية الإيرانية، بدعم أمريكي أو بدونه، حسب قول المسؤولين.

وأشار الكاتب إلى أن إدارة بايدن درست في أيامها الأخيرة، دعم مثل هذه الضربة ولكنها قررت التوقف، حسب المسؤولين. وترك الأمر لترامب الذي وضعه على القائمة الأولى من أولوياته.

وبحسب المقال، فقد كان ترامب واضحا وصريحا بشأن المواجهة مع إيران في المقابلة الأخيرة التي أجراها معه بريت باير في شبكة "فوكس نيوز"،  "الجميع يعتقدون أن إسرائيل بدعم منا أو موافقتنا ستضربهم، ولكنني أفضل ألا يحدث هذا، وأحبذ اتفاقا مع إيران حيث نستطيع عقد صفقة، ونشرف ونفحص ونفتشها وبعد ذلك نفجرها أو نتأكد من عدم وجود برنامج نووي".

ولخص نتنياهو دبلوماسية التهديد بالسلاح على هذا النحو: "هناك طريقان لوقفهم، بالقنابل أو بورقة مكتوبة وأفضل لو عقدنا صفقة". ويأمل ترامب أن تدفع حالة الضعف إلى عقد مساومة "أعتقد أن إيران في حالة من النرفزة الشديدة. وأعتقد انهم خائفون. وأعتقد أنهم يفضلون عقد صفقة. وأفضل لو عقدت هذه الصفقة معهم بدون قصفهم".

وأضاف ترامب في حديثه مع باير أن الدفاعات الجوية لإيران بعد تفجيرات تشرين الأول/أكتوبر "اختفت بشكل كبير".

وناقش رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ترامب عدة طرق محتملة من الدعم الأمريكي، تتراوح بين الدعم العسكري الحقيقي لضربة مثل تقديم المعلومات الاستخباراتية أو إعادة التزود بالوقود بالجو أو غير ذلك من المساعدات، إلى الدعم السياسي الأكثر محدودية لإنذار نهائي.

وزودت الولايات المتحدة إسرائيل بالفعل بذخائر خارقة للتحصينات من شأنها أن تلحق أضرارا بالغة بأجهزة الطرد المركزي الإيرانية وغيرها من معدات تخصيب اليورانيوم المدفونة في تحصينات جبلية في فوردو، بالقرب من مدينة قم. 

وأشار الكاتب إلى أن محللي الاستخبارات الأمريكية خلصوا في كانون الثاني/يناير إلى احتمال توجيه إسرائيل ضربة للمنشآت النووية الإيرانية في النصف الأول من عام 2025، وذلك في حالة عدم وجود اتفاق بشأن المشروع الإيراني، حسبما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" قبل أيام.

واعتمد تقرير الصحيفة الأمريكية على تصريحات المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بريان هيوز الذي وصف موقف ترامب: "ففي الوقت الذي يفضل فيه الحل التفاوضي والسلمي، فلن ينتظر طويلا لو لم توافق إيران على صفقة، وقريبا".

وناقشت إدارة بايدن وترامب المدة التي  يمكن أن تؤخر فيها الضرب الإسرائيلية البرنامج النووي الإيراني. وقد أخبر مسؤولون الكاتب أن الأمر قد يستغرق ستة أشهر على أفضل تقدير. لكن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن التأثيرات قد تستمر لمدة عام أو أكثر.

وواحد من أسباب حرص "إسرائيل" على استهداف إيران، هو خشية المسؤولين من سباق إيران سرا لرفع مستوى التخصيب بنسبة 90% اللازم لصنع القنابل. ويقول إغناطيوس إن ترامب، صانع الصفقات تصور، صفقة كبيرة مع إيران منذ ولايته الأولى.


وعلى الرغم من أنه ألغى في عام 2018 الاتفاق النووي الذي تفاوض عليه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، إلا أنه زعم أنه يمكنه الحصول على صفقة أفضل وأكبر. لقد عمل مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإقناع إيران، تحت ضغط العقوبات بالموافقة. وقال وزير الدفاع في حينه، مارك تي إسبر في أغسطس 2019، "نريد التحدث مع إيران والتحدث عن مسار دبلوماسي للمضي قدما".

لكن هذا الجهد باء بالفشل، وفقا للكاتب. وكان نهج ترامب الصارم في التعامل مع المفاوضات التعطيل ثم التوصل إلى اتفاق، السمة الأساسية لهذه الأسابيع الأولى من ولايته الثانية.

ولكن التهديد باتخاذ إجراء عملي ضد إيران يشكل محاولة فاشلة، حتى بالنسبة لترامب. فمن الواضح أنه لا يريد الحرب. ولكن صانع القرار النهائي هنا قد يكون نتنياهو، وليس ترامب، على حد قول إغناطيوس.

مقالات مشابهة

  • اعتراف أمريكي بحجم الأضرار التي لحقت بحاملة الطائرات “ترومان”
  • العليمي يكشف كواليس تفاهم سابق خلال 2003 و2010 مع الأمريكان حول إيران والحوثيين وموقف واشنطن حينها
  • محطة استخباراتية للحوثيين في مسقط لتنسيق التواصل مع إيران وتسهيل عمليات التهريب والدعم.. هل سلطنة عمان متورطة؟
  • صفقة بيع ايران مقابل اوكرانيا !
  • زيلينسكي يرفض "صفقة المعادن" مع ترامب
  • مليشيا الحوثي توجّه حملة استقطاب لطلاب إب في معسكرات صيفية تحت شعار "النجاح مقابل التسجيل"
  • ما هي وحدة "سابير" التي أنقذت إسرائيل من صواريخ إيران؟
  • إغناطيوس: ترامب يريد صنع السلام ونتنياهو يريد الحرب مع إيران.. بيد من القرار؟
  • هل ينسف نتانياهو خطة ترامب ويضرب إيران؟
  • لبنان يسعى لحل أزمة الطائرات: جهود لعودة المواطنين من إيران