تعيش ولاية الجزيرة تحت وطأة أوباش قالوا إنهم إرادة الهامش لتحرير السودان من دولة 1956. وترافق مع زعمهم وانتهاكاتهم في الجزيرة أن وقع في يدي كتاب ليوسف أحمد المصطفي، عضو الحزب الشيوعي حتى 1970 وسكرتير اتحاد المزارعين عند تأسيسه 1953 وفي دورات لاحقة، يتذكر مواقفاً ودروساً في دفاتر سيرة كفاح المزارعين بالجزيرة (2019) حرره ابنه محمد يوسف أحمد المصطفى.

ووجدت عند يوسف لأشاوس الدعم السريع درساً في كيف يخرج الناس من الهامش من غير أن يخرجوا مثلهم من الملة. فقال يوسف نصاً إنه ارتأى أن من واجبه “تجاه الأجيال المقبلة أن أقوم بتسجيل شهادتي عن كافة الأحداث التي عايشتها بالمشاركة المباشرة في صناعتها أو المراقبة اللصيقة لمفرداتها توثيقاً لحركة المزارعين للخروج من الهامش إلى المشاركة الفاعلة في صياغة مصيرهم”.

فالجزيرة التي يحتلها الاشاوس باسم الهامش كانت هي نفسها خرجت من الهامش ما وسعها بنضال حركة سياسية واجتماعية استنفرت لا قطاع الطرق والباغة والفجرة بالسلاح، بل أهلها من المزارعين. فرفعوا التهميش عنهم ما وسعهم من فوق حركة سياسية اجتماعية منذ إضرابهم الأول في 1946، إلى موكبهم في ميدان الأسرة (ميدان عبد المنعم سابقاً) في 1953 ليفرضوا اتحادهم فرضاً على الإنجليز، إلى أن صار الأمين محمد الأمين، الرئيس المؤسس للاتحاد، وزيراً في حكومة ثورة أكتوبر 1964 الأولى. ثم انقلب المركز عليها وكان أول ما فعله أن تخلص في حكومة أكتوبر الثانية من تمثيل العمال والمزارعين في مجلس الوزراء.
شاعت ثقافة التهميش في العقود الأخيرة وفي أوساط الليبراليين واليساريين الشماليين. ولا غضاضة. ولكنهم كان يذيعونها جزافاً للراغب بعد أن تقطعت أسبابهم بالحركة الاجتماعية الجماهيرية في المدينة وغادروا الهامش وغير الهامش ليحتكره المسلحون من كل فج. وكان مبلغ غايتهم من الترويج للهامش معارضة الإنقاذ. وهذا بخلاف تقليدنا في اليسار الشيوعي. فلم نكن حزباً سياساً وحيد الجانب. كنا حزباً وحركة اجتماعية أخذت بجناحها طوائف الشعب من عمال ومزارعين ونساء وطلاب وشباب ومهنيين. ولم نستنفرهم من هامش السياسة جزافاً، بل من فوق عمل للوعي والتنظيم غاية في المصابرة. ومن أراد أن يقف على كيف انبذر ذلك العمل في الجزيرة مثلاً فليقرأ كتاب “تلك الأيام” لكامل محجوب الذي بعثه الحزب الشيوعي في أوائل الخمسينات مسؤولاً عن العمل السياسي بالجزيرة. وسيرى قارئ الكتاب كيف رعرع كامل حركة المزارعين من نطفة واستجمع حوله فريقاً فيه يوسف أحمد المصطفي الذي تحول، ومعه الأمين محمد الأمين، من أنصار السنة إلى الحزب الشيوعي.

كانت إذاعة صفوة المركز لقضية التهميش فتنة بالمظلومية للإثارة والمعارضة لأنها أقوال مرسلة لا تقعيد لها بين جمهور يأخذ ناصيتها بالوعي والإرادة والنبل. فلم يكتف حتى محمد يوسف أحمد المصطفي، محرر كتاب والده عن خروج الجزيرة من الهامش، بالتجرد من النهوض بحركة اجتماعية مثل التي اضطلع بها أبوه فحسب، بل “انضم لجيش التحرير” هو نفسه. ولا يجد حرجاً من القول إنه “سكرتير الحركة الشعبية في المناطق التي تحتلها الحكومة”، أي كل السودان آنذاك إلا جبال النوبة. فغادر الساعون بالفتنة بالمظلومية للإثارة، في قول الواثق كمير، من النقابة للغابة. وهي غابة لا يملكون مع مسلحيها أو جمهورها صرفاً ولا عدلاً. فهم فيها ضباط علاقات عامة في أحسن الأحوال.

ولما كان ما اشاعه هذا الجيل الليبرالي اليساري الشمالي هرجاً بالمظلومية لمأرب المعارضة وقعت للأشاوس من السماء. فهم يحتلون الجزيرة بزعم إنهاء عهد التهميش ولم يحدثهم أحد عن كيف خرج مهمشو الشمال بالنضال لمزاحمة مركز أذاقهم الويلات في مثل مذبحة جودة وعنبر كوستي في 1956.فالأشاوس بهذا المعنى ضحايا سياسات صفوة اشعلت النار بينما خلت يدها من .مطفأة واحدة.

عبد الله علي إبراهيم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: من الهامش

إقرأ أيضاً:

محمد يوسف: تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أوضح محمد بن يوسف، سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، أن تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي، حيث رحل الرئيس بن علي في 14 يناير 2011، وفي اليوم التالي كان هناك رئيس مؤقت وفقًا للدستور. 

وأكد أن وعي الشعب التونسي ونضجه، بالإضافة إلى نسبة التعليم المرتفعة، ساهموا في تجنب البلاد للأعمال العنفية والتوترات التي رافقت تلك الفترة.

وأشار إلى أن العلاقات بين تونس ومصر شهدت اتصالات دائمة، إذ لا يمر شهر أو شهرين إلا وتتم لقاءات على أعلى المستويات، سواء على الصعيد العربي أو الدولي، موضحًا أنه في 6 أكتوبر الماضي، كانت تونس قد أجرت انتخابات رئاسية، وتلقى الرئيس قيس سعيد تهنئة خاصة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر اتصال هاتفي.

وتطرق إلى مسيرة تونس الديمقراطية بعد 2011، قائلًا إن الوضع كان مشابهًا لما مرت به مصر، حيث كانت هناك محاولات لتحويل البلدين إلى أوضاع جديدة قد تكون بعيدة عن نسيج مجتمعيهما المنفتح. وأوضح أن تونس شهدت عشر سنوات من الاضطرابات بسبب عدم نجاح الطبقة السياسية في دفع البلاد نحو التقدم وتحقيق تطلعات الشعب التونسي الذي خرج في ثورة عام 2011.

وأضاف أنه بعد الثورة، انتقلت تونس من النظام الرئاسي إلى نظام برلماني مختلط، وكان هذا التحول صعبًا على الشعب الذي اعتاد النظام الرئاسي قبل 2010. 

وأشار إلى أن الدستور الجديد قسم السلطة بين ثلاث سلطات: رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة الذي يعينه الرئيس، ومجلس نواب الشعب الذي يشكل الحكومة، ولكن هذا الوضع أثار العديد من الأصوات المطالبة بتعديله.

وعن تطورات الأحداث بعد ذلك، قال بن يوسف إنه في 25 يوليو 2021، قام الرئيس قيس سعيد بتجميد مجلس النواب، بسبب الأوضاع المتدهورة والصراعات التي كانت تزعج المجتمع التونسي. 

وأكد أن الرئيس قيس سعيد بدأ مسارًا إصلاحيًا جديدًا يهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان والحريات، ويعتمد على تطبيق القانون بشكل عادل على الجميع، بعد أن كانت هناك تجاوزات في تطبيق القانون في العقد الماضي.

وتابع أنه تم تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية في إطار هذا الإصلاح، وأسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد.

وفي أكتوبر الماضي، أظهرت نتائج الانتخابات فوز الرئيس قيس سعيد بفترة رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات، بنسبة 90.69%، بمشاركة 2.8 مليون تونسي، ورفع الرئيس شعار محاربة الفساد خلال فترته القادمة.

مقالات مشابهة

  • محمد يوسف: أمن تونس ومصر مترابط.. والتنسيق السياسي في تصاعد مستمر
  • محمد يوسف: تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي
  • محمد يوسف: تونس تسعى مثل مصر إلى تسوية أوضاع الأجانب المقيمين على أراضيها
  • تحت شعار "مصر وتونس تحديات وطموحات مشتركة".. بن يوسف: أمن تونس من أمن مصر
  • نجم الجزيرة يدعم مبادرة مساند عائلة لاعب كفر الشيخ
  • بمشاركة سمية الخشاب ورانيا يوسف.. تعرف على موعد عرض «أوراق التاروت»
  • هل تذكرون الداعية الإماراتي”وسيم يوسف”؟.. شاهدوا النصيحة الذهبية التي قدمها له أشهر أطباء أمريكا لعلاجه من السرطان
  • فوز براعم بنات الجزيرة بالبطولة التنشيطية لكرة السلة
  • منتخبنا الوطني يسقط في الاختبار العراقي بهدف يوسف الأمين
  • مش عارفين نمشي.. عزبة أبو خطوة بالبحيرة تغرق بمياه الأمطار والصرف