أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية تستهدف تكوين العقل السليم.. والوعي لا يتغير بالوعظ
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
قال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، إن المكتبة تستهدف تكوين العقل السليم لدى الشباب (صغار – نشء)، مشيرا إلى أن التدفق الاتصالي في العالم المفتوح صنع عدم قدرة على الرقابة خاصة بمنصات التواصل الاجتماعي التي تكون مصدرا للأخبار المزيفة والشائعات.
وأضاف "زايد" خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج "نظرة" المذاع على فضائية "صدى البلد" مساء اليوم الجمعة، أن العولمة تطرح فرص تنمية الغرائز غير المسيطر عليها لدى الشباب، معلقا: العقل يجب أن يسيطر على الغريزة حتى لا نصل لما هو غير تكاملي بالمجتمع.
وتابع "نصدر سلسلة من الكتيبات بهدف تلخيص التراث العالمي للشباب وإيصال رسالة أن العالم تكون من خلال إسهامات فكرية عالمية وعربية ضخمة، ويكون سعر هذا الكتاب زهيد جدا في المكتبة".
وبشأن الوعي، علق مدير مكتبة الإسكندرية مستطردًا "مشكلة الوعي كبيرة وتغييره يحتاج فترة زمنية طويلة، ولا يتغير الوعي بالوعظ أو الإعلام فقط في زمننا الحالي، ونحتاج تغيير مفهوم أن الوطن أهم من الشخصنة ولا سبيل إلا بالعيش مع الآخرين".
إنتاج ثقافي متنوعوأشار مدير مكتبة الإسكندرية، إلى إن مؤسسة تكوين فشلت بسبب عدم رغبتهم في الحوار الهادئ وفرض الوصاية وعدم قبول الاختلاف، مشيرا إلى أن البداية من نقطة النهاية أمر غير مطلوب.
وأضاف "الإنسان المثقف يصنعه المجتمع والناس وليست كتاباته فقط أو تصنيفه أنه مثقف، منوها أن من يعتقد نفسه أكثر ثقافة من الآخرين فهو متنطع".
وتابع "مصر بها إنتاجا ثقافيا جيدا في الرواية والشعر والمسرح والسينما، وأطالب بتطوير صناعة السينما والعمل على إدخال قضايا المجتمع في السينما والدراما، نتمنى أن تسهم المكتبة في قيام نهضة ثقافية في مصر، ولدينا خطة لتطوير البرامج".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: صناعة السينما مكتبة الاسكندرية التواصل الاجتماعي التراث العالمي الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية مکتبة الإسکندریة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة، شهدت تداخلًا وتفاعلًا بين اتجاهات فكريّة متباينة، وأن هذا المناخ كان حافزًا لظهور منهج عقلانيّ متماسك تميّز به الماتريديون، موضحًا أن المدرسة الماتريديّة قد طوّرت أدوات معرفيّة رصينة قامت على التأمل العقليّ والاستدلال المنطقيّ، حيث نظر أئمّتها إلى العقل بحسبانه وسيلة لا غنى عنها لمعرفة الله تعالى، بل واعتبروا النظر العقليّ واجبًا أوليًا على كل مكلّف، مؤكدين أن صحّة الخبر والحسّ لا تثبت إلا من خلال صدق العقل ذاته، وأنه تميّز برؤية عقلانيّة عميقة الجذور لا تكتفي بتلقّي النصوص، بل تبني المعرفة من خلال أدوات يمكن التحقق من صدقها ضمن المشترك الإنسانيّ العام، منوهًا إلى أن الماتريديّة أرست موقفًا معرفيًا متينًا يتكئ على ثلاث دعائم هي: العقل السليم، والحواس الظاهرة، والخبر الصادق، معتبرًا أن كل علم حقيقي لا بد أن يصدر عنها، وبالتالي فقد أسهم هذا الموقف المعرفي الماتريدي في بلورة رؤية تتسم بالموضوعيّة والانضباط، حيث ظل العقل فيها هو الأداة الأهم لفحص مصادر المعرفة الأخرى، مع وعي تام بحدود العقل نفسه، وحاجته إلى النقل في قضايا الغيب وما لا يُدرك بالتجربة.
جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر العلمي الدولي «الماتريدية مدرسة التسامح والوسطية والمعرفة»، الذي تنظمه لجنة الشؤون الدينية بجمهورية أوزباكستان، في الفترة من 29 إلى 30 أبريل الجاري، في مدينة سمرقند بجمهورية أوزباكستان
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن الإمام الماتريديّ –رضي الله عنه– امتاز بمجموعة من الشمائل التّي جعلته يحتل مكانةً فريدةً في تراثنا العظيم، فلقد كان رحمه الله متحررًا من التعصب المذهبيّ، منصرفًا إلى البحث عن الحقيقة بتجرد، دون انقياد أو تقليد أعمى لآراء السابقين، كما امتاز بنزعته الشموليّة في النظر والتحليل، حيث أظهر قدرةً فائقةً على الربط بين الجزئيات والكليات، وجمع الفروع تحت أصولها الكبرى، وهي قدرة تجلّت في تفسيره، وبرزت بوضوح في كتابه "التوحيد" ومن السمات اللافتة كذلك اهتمامه البالغ بالمضمون والمعنى، والتركيز على الجوهر والمقصد في تفسير النصوص، واللجوء إلى النكات البيانيّة أو اللفظيّة، إذا خدمت المعنى وأبرزت مغزاه، مؤكدًا بذلك أنّ الفكر لا قيمة له ما لم يرتبط بالعمل والتطبيق، ولذلك لم يكن تأثير المدرسة الماتريديّة حبيس بلاد ما وراء النهر فحسب، بل إن الأزهر الشريف بجامعه وجامعته كان ولا زال يدرّس في أروقته العتيقة كتابي «العقيدة النسفيّة وتفسير أبي البركات النّسفيّ»، وكلاهما مدونات أصيلة في المذهب الماتريديّ.
وأوضح المفتي، أن المذهب الماتريدي، لم يكن يومًا مجرد منظومة فكريّة نظريّة، بل مثل امتدادًا عميقًا للروح الإنسانيّة في الإسلام، حيث نظر علماؤه إلى القيم الإنسانيّة كأصول عقديّة وأخلاقيّة يجب أن تغرس في الوعي والسلوك معًا، وقد تجلى هذا في حرص الإمام الماتريديّ في تفسيره لقول الله تعالى ﴿خلقكم مّن نّفس واحدة}، على تأكيد أنّ الأصل البشريّ واحد، وأنّ جميع الناس إخوة، مما ينفي أي مبرر للتفاخر بالأحساب والأنساب، وتكتمل هذه الرؤية في نقده العميق لظاهرة الكبر، التّي يراها وليدة الجهل بحقيقة النفس، حيث يقول رحمه الله "من عرف نفسه على ما هي عليه من الأحداث والآفات وأنواع الحوائج - لم يتكبر على مثله "وبهذا يرسّخ المذهب الماتريديّ مفهوم التواضع لا كفضيلة أخلاقيّة فحسب، بل كمعرفة وجوديّة نابعة من وعي الإنسان بضعفه وحاجته، ويعكس بذلك تفاعلًا حيًّا بين العقيدة والأخلاق، حيث تصبح المساواة والتواضع والعدل قيمًا متجذّرةً في رؤية الإنسان لذاته والآخر، مبينًا أن الوسطيّة-التّي نحن بصدد دراستها في هذا المؤتمر المهم- لا تعني أبدًا الوسط بين الهدى والضلال، وإنّما تعني الاعتدال في الفكر، والصدق في الاعتقاد، والتوازن في السلوك، والعدل في الحكم والشهادة، إنّها موقف أهل السنّة والجماعة الأصيل الذي يجمع بين «الروح والمادة»، وبين «العقل والنقل»، وبين «الحقوق والواجبات»، قال تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا﴾ [البقرة: 143]، قال الإمام الماتريديّ «وسطًا يعني عدولًا» في كل شيء؛ فالعدل هو الأوثق للشهادة على الخلق، والأجدر لقبوله.
واختتم المفتي حديثه بأن المدرسة الماتريديّة لم تقف عند حدود التسامح العقديّ، بل تجاوزته إلى التفاعل مع الفلاسفة والمتكلمين بنقد موضوعيّ هادئ، كما يظهر في أعمال النسفيّ وغيره، ممن جمعوا بين الإخلاص للأصول والانفتاح العقليّ، وبهذا كلّه تعدّ المدرسة الماتريديّة أنموذجًا أصيلًا في التعايش والتسامح، ومصدر إلهام فكريّ وأخلاقيّ يصلح للاهتداء به في عصرنا الراهن.
وقد أعرب مفتي الجمهورية في ختام كلمته عن خالص شكره وتقديره للجنة المنظمة للمؤتمر وسعادته بالمشاركة في هذا الجمع العلمي المبارك، الذي حضره جمعٌ كبير من العلماء والباحثين من مختلف دول العالم، من بينهم فضيلة دكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف وجمع كبير من العلماء.