حملة حوثية مسعورة تطول عشرات الفنانين والمنشدين في مدينتي عمران وثلا (أسماء)
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
تشن قوة أمنية مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي (المصنفة على قائمة الإرهاب) حملة اختطافات وملاحقة مسعورة منذ أكثر من شهر ضد الفنانين والمنشدين وكل العاملين بالمجال الفني في محافظة عمران امتداداً للإجراءات القمعية وتحريم الفن وتجريمه الذي انتهجه النظام الإمامي الكهنوتي.
وقالت مصادر محلية، إن وحدة من شرطة ما تسمى "الأخلاق" بمشاركة "الزينبيات" التابعة للمليشيا واصلت حملات مداهمة صالات الأعراس بمدينة عمران واختطفت عشرات الفنانين والفنانات والمنشدين ومهندسي الصوت، إضافة إلى مُلاك عدد من قاعات المناسبات بتهمة "الغناء".
وأضافت إن حملة المليشيا تعتدي على الفنانين والفنانات بأعقاب البنادق وتنهب الآلات الموسيقية من داخل قاعات المناسبات وتقوم بملاحقتهم واحتجاز العديد منهم أثناء مرورهم من نقاط التفتيش على الطرقات واقتيادتهم إلى سجونها.
وأوضحت المصادر أن الحملة الحوثية طالت ما يزيد عن 40 فناناً وفنانة ومنشداً ومهندس صوت في مدينتي عمران وثلا، وما يزال أغلبهم في سجونها حيث ترفض المليشيا إطلاق سراحهم إلا في حال توقيعهم امضاءات بتوقفهم عن "الغناء" مع إحضارهم ضمانات تجارية.
وحصلت وكالة خبر على قائمة بأسماء بعض الفنانين والفنانات والمنشدين ومهندسي الصوت ومُلاك الصالات الذين اختطفتهم المليشيا بشكل غير قانوني وهم: "الفنان هاشم الشرفي، الفنان زهير قشطر، الفنان علي قشطر، الفنان عصام العودري، الفنان ضياء المشعوف، الفنان محمد النيساني، الفنان بلال العامري، الفنان بسام عداعد، والفنانة حنان الخدري، والفنانة فوزية الخدري ووالدتهما).
فيما العازفون والمنشدون ومهندسو الصوت ومُلاك الصالات هم: "العازفون: مبروك الدحيمي، علي منصور العطير، جمعان جمعان. المنشدون: صدام العشاري، مهيب بلوس، نجيب الشامي. ومهندسو الصوت: محمد الدحيمي، محمد جمال مفرح، يوسف الصلاحي، محمد الحبيشي. ومُلاك قاعات المناسبات محافظة عمران: يحيى البصلي مالك قاعة المدينة، وعبدالسلام المدري نجل مالك قاعة العمادي، وعز الدين الحايطي مالك قاعة الحايطي).
ويقود الحملة ما يسمى مدير شرطة عمران القيادي الحوثي المتطرف "نائف أبوخرشفة"، صهير شقيق زعيم المليشيا تحت مزاعم مواجهة ما تسميها الجماعة "الحرب الناعمة" من خلال حملات قمعية وإجراءات شبهها ناشطون بممارسات تنظيم داعش الإرهابي.
يذكر أن المليشيا الحوثية سبق ومنعت إحياء الحفلات الغنائية في الأعراس في محافظات صعدة والمحويت وعمران وحجة، بذريعة أن "الأغاني حرام"، كما اختطفت فنانين من عدد من الأعراس وفرضت غرامات مالية على كل من يستقدم فناناً لإحياء المناسبات والأفراح.
وقبل أعوام أصدرت مليشيا الحوثي تعميماً قضى بمنع إقامة الحفلات الغنائية في المناسبات والأعراس وهي عادة دأب عليها اليمنيون منذ القدم لإحياء المناسبات الاجتماعية وتسعى لطمسها واستبدالها بـ"الزوامل" التحريضية، في مسعى للترويج لدعايتها الحربية بغرض استقطاب الأطفال إلى صفوفها.
من التحريم إلى التجريم
وتؤكد دراسة حديثة أن اليمنيين عَرَفَوا العزف على الآلات الوترية منذ عصورٍ قديـمة كما تظهر في نقوش المسند، حيث ازدهرت الموسيقى وفنون الغناء، ولم تقتصـر مزاولتها على المتخصصين بل تعدى الأمر إلى الأمراء والملوك ويذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (الأغاني): «أن بعض الملوك من تُبَّعٍ في اليمن زاولوا الغناء، ومنهم (تُبَّع بن إليشـرح) والمُلقب بـذي جدن؛ أي ذي الصوت الجميل، وعَلَس بن يزيد (توفي 525م).
الدراسة التي نشرها الباحث "محمد علي ثامر" بعنوان "الغناء الصنعاني من التحريم إلى التجريم" أشارت إلى انحسار الموسيقى وفنون الغناء في عهد الإمام الهادي بن الحسين القاسم الرَّسـي (245هـ/859م – 298هـ/911م) بفرضه عقوباتٍ عديدة لتأديب الموسيقيين، والفنانين الجائلين أهمها السجن أو بالعقاب الجسدي بالتحديد، كما جاء في كتابه "الحُسبة الزَّيدية" (لامبير، ص. 135) وهو ما ينتهجه الحوثيون (الاحفاد) اليوم اتباعا للاجداد (الإمامة).
إلا أن الدراسة نفسها أكدت انه في ظل الوجود العثماني الذي تزامن مع أيام الإمام الزَّيدي شـرف الدين يحيى (توفي 965هـ/1557م)، وإلى أيام ابنه المطهر (توفي 980هـ/ 1572م) برز فنان يعزف ويغنَّي ويجيد الشعر الحُميني "محمد عبد الله شـرف الدين" في قصـر الحاكم التركي بصنعاء (930 – 1010هـ/ 1524 – 1601م) حفيد الإمام شـرف الدين نفسه، مما يدل على أن القصد من وراء حملات التحريم والتجريم لهذا الفن لم يكن حماية الدين أو الدفاع عن حرماته.
وأشارت إلى أن تحريم وتجريم الفن كان بهدف إبعاد الشعب عن روح المقاومة، حيث إن الفن يعتبر أكثر قدرةً من غيره من وسائل المقاومة على التأثير الشعبي والتغلغل في وجدان الجماهير؛ وإنما كان ذلك الفعل نابعاً عن خطةٍ مدروسة وضعها العهد الإمامي في اليمن ترمي إلى كبت المشاعر الإنسانية وحرمان المواطن من التعبير الصادق عن أحلامه وأحزانه وأفراحه، ومن ثم طمس أحاسيسه الإنسانية وتحويله إلى ذليل صامت يتحمل القهر والعذاب كقدر لا يمكن تغييره أو التفكير في مواجهته (فارع، 1993، ص. 20-22).
مقاومة مجتمعية فنية
وفي ظل تزايد سرقة الألحان والأغاني اليمنية ومحاولات الحوثيين طمس الأغاني اليمنية خاصة الوطنية وتحريمها وتجريمها ومنعها في الأعراس خصوصاً مع تمسك غالبية اليمنيين على إحيائها في مناسباتهم وذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962 التي اسقطت النظام الإمامي البائد وتجوال المواطنين بسياراتهم فاتحين الأغنية الوطنية ورفعهم للعلم الجمهوري تزداد الحرب الشعواء التي تشنها مليشيا الحوثي وممارساتها القمعية وجباياتها بحق السكان.
لم يستسلم سكان صنعاء لخرافة الإمامة وسطوة المليشيا الحوثية متخذين من الفن وسيلة مثلى للمقاومة كل بطريقته وأسلوبه رافضين الممارسات القمعية الحوثية بحق الفنانين في محافظة عمران التي لاقت موجة تنديد واسعة عبر عنها الشاعر "حسين السميني" في مقطوعة شعرية غنائية بصوت الفنان "محمد ابو بكر" بطابع ناقد وسخرية لاذعة تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
صنعاء توصت لي وقالت ادخل
أدخل بقاتي والعريس والكل
لان في عمران ممنوع نطبل
شلوا لكم عمران مع حبابه
لاعـد فيهـا عــود ولا ربـابه
ماعـد الا الضيـق والكـآبـه
يا طير يا طاير فوق السحابه
ظلل على العرسان والقرابه
شلوني الصاله صنعاء نغني
الأمن في عمران قد منعني
خرجت من ديوان وسيع حالي
من اجل أغني يفرحوا عيالي
والله ماعد به سلا وراحـه
الا في صنعاء مع الضباحه
ليس هذا وحسب، فقد استمرت تلك المقاومة المجتمعية لممارسات مليشيا الحوثي بتداول مقاطع مرئية لشعراء ومنشدين آخرين بالتزامن مع استمرار حملة الكترونية واسعة استجابة لدعوات اطلقها ناشطون لمقاطعة شركة الهاتف النقال "يمن موبايل" ردا على فرض مليشيا الحوثي ممثلة بوزارة الاتصالات بصنعاء جرعة سعرية جديدة دشنتها مؤخراً، وسط اتهامات لها باللصوصية وسرقة أرصدة المشتركين والتي قوبلت بتفاعل واسع.
وعبر الشاعر الغنائي "يوسف شذان" عن احتجاجه ورفضه للجرعة السعرية الحوثية بأسلوب وطريقة مختلفة بكلمات شعرية غنائية قام بتأديتها وعزف وغناء الفنان "أسامة الشريجة" في أحد الأعراس بصنعاء كما يظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي:
يا يمن موبايل: باشتري لي زاجل
سير وارجع ياجمالي
باشتري لي ناقه: نفس سعر الباقه
سير وارجع ياجمالي
لا تقولوا اسف: قد كسرت الهاتف
سير وارجع ياجمالي
الدقيقة بميه: نفس سعر الجزيه
سير وارجع ياجمالي
وان ماعد عبيت: شايجوا لك للبيت
سير وارجع ياجمالي
كما انتشر مقطع مرئي آخر على مواقع التواصل الاجتماعي لمقطوعة شعرية مستوحاة من اغنية برنامج المسلسل الإذاعي والتلفزيوني الكوميدي الشهير: "لا تشكي لي أبكي لك" تندد بالجرعة السعرية لشركة "يمن موبايل" التي يسيطر عليها الحوثيون:
الفورجي قدو غالي
قد ضاقت احوالي
قد شابيع جوالي
لاتشكي لي ابكي لك
فيما تداول ناشطون مقطعا آخر لمقطوعة شعرية تعبر عن رفض وإصرار الحوثيين على فرض الجبايات غير القانونية والجرعة السعرية الحوثية لشركة "يمن موبايل" في ظل الوضع المعيشي والمادي الصعب والمتدهور الذي يعانيه السكان القابعون تحت سيطرة الجماعة.
وحداتي طارت: كم جهدي اشقا
وضرايب زادت: والحالة ضنكا
كم جهدي باطل: من يمن موبايل
اشقى وهي تلقى: كم جهد الواحد
لاتبقي فلسا : تخصم وتعاند
مشكلة حقا : والله الشاهد
ترضى او ماترضى: برصيد ما اتبقى
طولا وعرضا: مثلنا ما تلقى
ليش هذا الباطل: يايمن موبايل
والشعب عاطل: يمن موبايل
ووجد الكثير من المواطنين القابعين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية من تلك الممارسات الحوثية فرصة للتعبير عن رفضهم لها ينتقدون من خلالها سلطة الحوثيين وما آلت إليه الأمور في مناطقهم منذ انقلابهم على الحكم واجتياحهم المدن قبيل 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی یمن موبایل
إقرأ أيضاً:
السيد القائد: الذكرى السنوية للشهيد من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها
يمانيون/ خاص
أكد السيد القائد أن قضية شهداء مسيرتنا وشعبنا، ومنذ اليوم الأول، هي قضية الأمة وفق التوجه القرآني.
وقال السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، كلمة له اليوم الخميس، حول آخر تطورات العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والمستجدات الإقليمية والدولية، أن الذكرى السنوية للشهيد من المناسبات المهمة التي يحييها شعبنا ولها قدسيتها في مضمونها وأهدافها ولها بركاتها وآثارها الطيبة.
ونوه قائد الثورة إلى أن الذكرى السنوية للشهيد تهدف إلى ترسيخ قيم وثقافة ومكاسب الجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى والاستنهاض للأمة تجاه مسؤولياتها، وتهدف إلى تمجيد عطاء الشهداء الذي حقق الله به النتائج المهمة للأمة.
ولفت السيد القائد إلى أن الأمم تمجد من يضحون بأنفسهم للخلاص من سيطرة الأعداء ودفع شرهم.. مؤكداً أن منزلة الشهداء في سبيل الله تعالى وقيمة الشهادة هي منزلة عالية ومرتبة رفيعة تفوق كل عطاء وتضحية.
وأضاف أن الشهادة في سبيل الله تعالى فوز عظيم طالما لا بد من الرحيل من هذه الحياة واستثمار واع لما لا بد من حصوله للإنسان.. مؤكداً أن التكريم العظيم – المعنوي والمادي – للشهادة ومقامها الرفيع يدل على أهمية الجهاد في سبيل الله وفضله.
وشدد قائد الثورة على أن الجهاد في سبيل الله تعالى هو ضرورة حتمية لكي تسود قيم الحق والخير والعدل والرحمة ولدفع الأشرار وحتى لا تبقى الساحة خالية لهم.