عبد الوحد النبوي لـ"الشاهد": دار الوثائق بها 110 ملايين وثيقة ترجع للعصر الفاطمي
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
أكد الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة الأسبق، أن دار الوثائق القومية تعد أقدم من الأرشيف البريطاني
وقال عبد الواحد النبوي، خلال لقائه ببرنامج "الشاهد" الذي يقدمه الدكتور محمد الباز، عبر قناة "extra news": "دار الوثائق القومية المصري تحتوي علي وثائق من العصر الفاطمي و110 ملايين وثيقة خلال فترة وجودي بالدار".
وتابع: "بعد التخرج بدأ الاحتكاك الاحترافي بدار الوثائق في مرحلة الماجستير والدكتوراه، وسجلت الدكتوراه في 1999، وبدأت أنقل مشاكل الباحثين والوضع والاضطلاع وبدأت العلاقة تتعمق بالدار ومشاكل الدار، وبعد أن اختتمت الدكتوراه فؤجئت بترشيحي للعمل في الدار نظرًا لاحتكاكي المباشر بالدار وكل مشاكلها، ودار الوثائق أقدم من الأرشيف البريطاني، وكان أول أرشيف مؤسس طبقًا للنظم الحديثة الأرشيف الفرنسي 1897، وبعدها أسس محمد علي دار الوثائق، ومصر أهم أرشيف في المنطقة".
يعد "الشاهد" الذي يقدمه الدكتور محمد الباز، على فضائية "إكسترا نيوز"، أول تعاون إعلامي بين القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والدكتور محمد الباز، يرأس تحريره حازم عادل، ويخرجه أحمد داغر، إعداد كل من هند مختار والبدري جلال ورضا داود.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور محمد الباز الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية دار الوثائق القومية دار الوثائق
إقرأ أيضاً:
عادل الباز يكتب: إلى ظلٍّ ممدود.. عم أحمد (2/2)
1 تموت الرجال، وتبقى المآثر… مات عم أحمد وتوسَّد الباردة بعيدًا عن وطنه الذي أحبَّ، وعمل لرفعته طوال حياته. رحل، ولكن مآثره ستبقى شاخصة لزمن طويل، تُلهم أجيالًا من السودانيين الذين سيجدون فيها كل ما تمثِّله الشخصية السودانية من تواضع، وتسامح، وحب للناس، وقدرة على التضحية، وعفَّة يدٍ ولسان، وكل الطبائع السمحة التي عاش بها، وتربَّى عليها، وأحبَّها السودانيون طوال تاريخهم.
2
حين يكتب عم أحمد عن الصراعات السياسية التي شهدها، وكان طرفًا فيها منذ الثانويات، مرورًا بالجامعة وساحات العمل العام، تشعر بتلك السماحة والمحبة التي يكنُّها لخصومه السياسيين وفي كل المراحل. لا تجد في حديثه عبارةً واحدةً تدين تيارًا سياسيًا أو رمزًا من رموز السودانيين، بل كلما ورد اسم علمٍ من أعلامهم، مهما عظمت خصومته مع الإسلاميين، وجدتَ عبارات التوقير والاحترام، من السيد علي، والأزهري، إلى السيد الصادق المهدي.
لاحظتُ فيه هذه القدرة المدهشة على التعامل مع الخصم بسماحة، وكأنه وليٌّ حميم، وظهر ذلك في كثير من المواقف، خاصةً في علاقته برفيق دربه عمر نور الدائم. فقد كنا نراه في البرلمان أقرب ما يكون إلى عمر نور الدائم من أعضاء حزبه، يصطحبه معه في عربته جيئةً وذهابًا، وهو جليسه المفضَّل. وكنا إذا لم نعثر على عم أحمد في منزله، نعرِّج مباشرةً إلى ناصية الشارع الثاني، فنجدُه في منزل عمر نور الدائم، هاشًّا، باشًّا، ضاحكًا، فنستغرب؛ إذ إن حريق خلافاتهما في جلسة البرلمان لم يخمد بعد، وها هما هنا كأن شيئًا لم يكن!
أذكر أنه حين عاد نميري من منفاه الاختياري إلى السودان، كان في طلائع مستقبليه، وقد نسي كل ما كان بالأمس من سجون وعذابات لا حدَّ لها، تسبب فيها له نميري. كانت مسيرته المميزة في قدرته على التسامح والتجاوز، فهو رجل بلا ضغائن ولا أحقاد، سمح النفس، بسَّام العشيات، وفيٌّ.
3
منذ أوائل الأربعينيات، خاض عم أحمد غمار العمل العام في الحركة الإسلامية، التي أصبح جنديًا في صفوفها بفضل خاله الصائم إبراهيم موسى. ومنذ ذلك الوقت، ظلت حياته سلسلة من التضحيات المستمرة، تضحياتٍ بكل شيء: بالوظيفة، والوقت، والجهد، وحتى الأسرة، التي لم تعرف الراحة والهدوء لعقود، كان فيها عم أحمد إما في السجن، أو في غمار معارك السياسة، فلا يجد وقتًا للأسرة.
يقول عم أحمد في مذكراته: “لقد كان للتضحيات والمجاهدات التي قدَّمتها الأسرة دورٌ عظيم في مساندتي، وخاصةً زوجتي نور، التي حُرمت من السفر هي وأبناؤها، فتخلَّفت عن رفقتي لعدة سنوات”.
وهب عم أحمد حياته كلها للدعوة في الحركة، وقدم التضحيات برضىً تام، منذ بواكير شبابه حتى أواخر أيامه، وسجَّلها بتواضع شديد في مذكراته.
4
حين أطلت الثروة في عالم الإسلاميين منذ أواخر السبعينيات، بعد ظهور البنوك الإسلامية التي ساهمت في خلق طبقة أثرياء في صفوفهم—وهي ظاهرة لم تكن معروفةً بينهم منذ أربعينيات القرن الماضي، حين تأسست أول خلايا جماعة الإخوان المسلمين—كان عم أحمد زاهدًا في كل شيء.
لم يزاحم على بنك، ولم يهرول تجاه المرابحات، ولم يسعَ وراء الثروة. ظلَّ نظيف اليد، لم تعلق به شبهة استغلال للنفوذ، ولم تُغره مغريات الدنيا. بقي كما هو، رغم تنسُّمه المناصب، ورغم علاقاته الممتدة، ورغم ثراء رفاقه، زاهدًا في كل شيء.
5
أمس الأول، اجتمعنا لفيفًا من أصدقاء، وتلاميذ، وأحبَّاء، وجمهرة من عارفي فضله، في النادي السوداني، نعزِّي بعضنا بعضًا، ونتذكَّر مواقفه، وتضحياته، وحكاياته. ويا لها من مواقف وأيام عاشها عم أحمد في طاعة ربه، وخدمة شعبه!
حين يُكتب تاريخ السودان على نحوٍ أكثر إتمامًا، سيجد السودانيون “عم أحمد” رجلًا يجسِّد كل أخلاقهم: السماحة، والكرامة، والعفَّة. وما إن يفتحوا كتاب التاريخ، حتى يجدوا جهاده في سبيل ما آمن به، مدوَّنًا بتاريخٍ ناصعٍ في مجال الدعوة، ومُثبتًا في مجهوداته في الحكم والإدارة، ومسجَّلًا في مئات الصفحات التي توثِّق مواقفه السياسية، حاكمًا ومعارضًا.
يا إلهي… وفد إليك رجل كريمٌ عفيف، وأنت أكرم، فأَجْزِهِ عن شعبه وأمته، التي أفنى عمره في خدمتها، خير الجزاء، واجعل مثواه الجنة، واجعل البركة في ذريته.
وداعًا، عم أحمد
ملحق
طلب مني أستاذي عبد الله علي إبراهيم أن أسرد ما جاء في المذكرات عن موقف أحمد عبد الرحمن من قضية التمثيل النسبي في جامعة الخرطوم، وهو يعتبرها من مآثره الكبرى. وقد أفرد عم أحمد صفحتين لتلك القصة، وها أنا أنقلها كما جاءت في المذكرات. يقول عم أحمد:
“إن فكرة التمثيل النسبي في اتحاد جامعة الخرطوم جاءت بإيحاءٍ من الأستاذ سعد الدين فوزي. التقينا بالدكتور فوزي مع صديقي الزعيم الطلابي قريب الله الأنصاري، الذي عرفته من الدويم، وكان لقاءً مثمرًا. لفت الدكتور فوزي نظرنا إلى أن السودان في حاجةٍ ماسَّة إلى بناء مستقبله بكوادر متخصصة لمواجهة الكثير من القضايا المستقبلية.
وقال: إنكم تتحملون المسؤولية؛ إذ كيف تتحكمون في مصير غالبية الطلاب، وأنتم، سواء كنتم يسارًا أو يمينًا، لا تمثلون أكثر من 10% من الطلاب؟ فحرامٌ عليكم أن تعطلوا تطلعات وأشواق من يرغبون في العمل والتعليم والتخصص، وأن تفسدوا المناخ باستدامة الصراعات. فأشفقوا على السودان.”
اقترح علينا التفكير في نظام انتخابي مناسب يتيح مشاركة أوسع عن طريق التمثيل النسبي، وبعد لقاء الدكتور، تم التفاهم في اجتماعات أوسع مع الطلاب من اليسار واليمين، وأذكر منهم: دفع الله الحاج يوسف، ومحمد هاشم عوض، وإبراهيم الحاردلو، وعمر محمد سعيد، وعمر مصطفى مكي، وسعاد إبراهيم أحمد، وعبد الحفيظ باشري، وموسى عبد الغفار، وعلي يس فهمي، وآخرين.
وقد لقيت الفكرة قبولًا، وبدأ تطبيقها في عام 1957، فساهم هذا النظام في استقرار الوسط الجامعي لأكثر من عقد من الزمان. وانتهى العمل به في ظل قيادة الإسلاميين، بعد أن استوى اليسار بسلطة مايو، وشجَّعوا دخول الجيش إلى الجامعة بقيادة أبو القاسم محمد إبراهيم، مردِّدين هتافهم الشهير: “حاسم، حاسم، يا أبو القاسم!”
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتساب