أحياء الفقراء.. يمنيون يعيشون ظروفا قاهرة في قلب المدن الحضرية
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
اضطر صادق حزام إلى الانتقال للسكن منذ نحو أربعة أعوام في منطقة عشوائية شمال غرب صنعاء لرخص إيجارات المساكن في مثل هذه المناطق التي تكتظ بسكان غالبيتهم من ذوي الدخل المنخفض والذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الحياة في المناطق والأحياء المنظمة.
يصف المواطن الأربعيني قايد عبد العليم الحياة في هذه المناطق بأنها قاسية وشاقة، نظراً لانعدام الخدمات العامة فيها من كهرباء ومياه، فهي عبارة عن مناطق نائية مقطوعة عن المدينة.
أحياء الفقراء
يعيش اليمن على وقع تمدد وتوسع لافت للرقعة الجغرافية المكتظة بالفقراء والتي تشمل معظم المدن الرئيسية في المحافظات بصورة غير متوقعة، مدفوعة بتبعات الحرب والصراع والأزمات الاقتصادية والمعيشية التي طاولت تأثيراتها غالبية سكان البلاد.
يكشف تقرير صادر مؤخراً عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية بالتعاون مع البنك الدولي واليونيسف، ، عن أن نحو 64 في المائة نسبة السكان الحضريين الذين يعيشون في أحياء فقيرة أو غير منظمة أو مساكن غير ملائمة.
ويعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء علي سيف كليب، أن الفقر والجوع من أبرز الكوارث التي خلفتها الحرب في اليمن، إذ إن أغلب سكان البلاد فقدوا مصادر دخلهم المتاحة وأصبح كثير منهم يعيش على الكفاف مع انخفاض مستوى دخل الفرد في البلاد إلى أدنى مستوى له على الإطلاق.
وتنتشر عشرات المناطق العشوائية التي تعتبر أحياء فقيرة مكتظة بالسكان الفقراء في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت ومدن ومناطق يمنية أخرى، في حين تتشكّل مخيمات النازحين في مأرب في بؤر سكنية عشوائية متناثرة في مختلف مناطق المحافظة التي استقبلت أكبر عدد من النازحين بفعل الحرب والصراع في اليمن.
مبارك صالح من ضمن هؤلاء النازحين الذين استقروا في مأرب منذ أكثر من خمس سنوات، يتحدث عن أن الوضع المعيشي المتردي لأسرته التي يصل عددها إلى 6 أفراد دفعه للعمل في مجال الزراعة بالأجر اليومي، بينما يعمل جاره في المخيم بنسبة متفق عليها مع أحد ملاك الأراضي الزراعية، في حين انخرط كثير من سكان هذه الأماكن، خصوصاً النساء، في أعمال مهنية وأشغال يدوية متنوعة ومتعددة.
وكان تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2021 قد توقع أن يصبح اليمن أفقر بلد في العالم إذا استمر النزاع حتى عام 2022. وتسببت الحرب بزيادة الفقر في اليمن من 47 في المائة من السكان عام 2014 إلى أكثر من 80 في المائة في عام 2021، يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر ويُصنف 65 في المائة منهم على أنهم فقراء جداً.
أوضاع قاهرة
من جانبه، يوضح الأكاديمي في جامعة حضرموت سالم بن محمد، أن الأوضاع والظروف الراهنة والمتغيرات الطارئة كشفت عن هشاشة المدن الحضرية في اليمن وحجم المشكلة المتسعة نتيجة النمو السكاني والتغيرات الديموغرافية الطارئة ومحدودية الخدمات المقدمة، لافتاً إلى المدن الرئيسية في محافظة حضرموت كمدينة المكلا التي تعاني من مشكلة سكانية كبيرة ونقص في الخدمات العامة بسبب استقبالها عدداً كبيراً من المغتربين الذين اضطروا بسبب قوانين العمل إلى مغادرة مواطن الاغتراب.
وتعاني المدن الرئيسية في حضرموت ومدن أخرى في عدن ومأرب من التشتت السكاني والتباعد بين المناطق الحضرية المحلية واختلال أنظمة التخطيط الحضري والسكاني. ويرصد "العربي الجديد" توسع سلسلة المديونية في المجتمع لمؤجري المساكن، وتصاعد عملية بيع الممتلكات العامة في صنعاء ومدن يمنية أخرى، خصوصاً العقارات، بسبب تردي الأوضاع المعيشية واضطرار كثير منهم للعيش في مجمعات سكانية عشوائية في أطراف المدن.
ويتطرق الباحث الاقتصادي عبد القوي مدهش، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، إذ يشهد اليمن كما يؤكد تغييرات ديموغرافية واسعة تسببت في انتشار العشوائيات وتمدد رقعة الفقر بشكل يصعب السيطرة عليها والتي تشمل معظم مناطق البلاد، إذ إن الحرب تسببت في تشكل طبقات وفئات سكانية بمستوى دخل مرتفع عملت على الزحف باتجاه المناطق الحضرية المنظمة والمناسبة والراقية، سواءً من حيث شراء مساكن جديدة أو ما تمتلكه من قدرة مالية تمكنها من دفع تكاليف إيجارات العقارات المرتفعة.
ويشير إلى أن ذلك كان على حساب توسع المناطق العشوائية، بعد أن دفعت بالكثير من سكان المدن ممن فقدوا أعمالهم أو رواتب ومصادر دخلهم المتاحة وأصبحوا في عداد الفقراء باتجاه هذه المناطق النائية التي تفتقد لأبسط الخدمات العامة.
ولضمان رفع فعالية واستدامة الدعم الخارجي في منع سقوط مزيد مما تبقى من أصولهم المعيشية، إن وجدت، يقترح خبراء اقتصاد أن تعمل برامج التنمية بالتوازي مع التدخلات الإنسانية الطارئة، مع التركيز على برامج سبل العيش المستدامة مثل توسيع برامج النقد مقابل العمل والأشغال كثيفة العمالة لإعادة تأهيل وصيانة البنى التحتية والأصول المجتمعية مثل الطرق والمدارس وأنظمة الري.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن فقراء الأزمة اليمنية أغنياء مجتمع فی المائة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
خاص سودانايل: دخلت الحرب السودانية اللعينة والبشعة عامها الثالث ولا زالت مستمرة ولا توجد أي إشارة لقرب انتهاءها فكل طرف يصر على أن يحسم الصراع لصالحه عبر فوهة البندقية ، مات أكثر من مائة ألف من المدنيين ومثلهم من العسكريين وأصيب مئات الالاف بجروح بعضها خطير وفقد معظم المصابين أطرافهم ولم يسلم منها سوداني فمن لم يفقد روحه فقد أعزً الاقرباء والأصدقاء وكل ممتلكاته ومقتنياته وفر الملايين بين لاجئ في دول الجوار ونازح داخل السودان، والاسوأ من ذلك دفع الالاف من النساء والاطفال أجسادهم ثمنا لهذه الحرب اللعينة حيث امتهنت كرامتهم واصبح الاغتصاب احدى وسائل الحرب القذرة.
خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية:
بالطبع كان الصحفيون السودانيون هم أكثر من دفع الثمن قتلا وتشريدا وفقدا لأعمالهم حيث رصدت 514 حالة انتهاك بحق الصحفيين وقتل 21 صحفي وصحفية في مختلف أنحاء السودان اغلبهن داخل الخرطوم وقتل (5) منهم في ولايات دارفور بعضهم اثاء ممارسة المهنة ولقى 4 منهم حتفهم في معتقلات قوات الدعم السريع، معظم الانتهاكات كانت تتم في مناطق سيطرتهم، كما فقد أكثر من (90%) من منتسبي الصحافة عملهم نتيجة للتدمير شبه الكامل الذي الذي طال تلك المؤسسات الإعلاميّة من صحف ومطابع، وإذاعات، وقنوات فضائية وضياع أرشيف قيم لا يمكن تعويضه إلى جانب أن سلطات الأمر الواقع من طرفي النزاع قامت بالسيطرة على هذه المؤسسات الاعلامية واضطرتها للعمل في ظروفٍ أمنية، وسياسية، بالغة التعقيد ، وشهد العام الماضي وحده (28) حالة تهديد، (11) منها لصحفيات ، وتعرض العديد من الصحفيين للضرب والتعذيب والاعتقالات جريرتهم الوحيدة هي أنهم صحفيون ويمارسون مهنتهم وقد تم رصد (40) حالة اخفاء قسري واعتقال واحتجاز لصحفيين من بينهم (6) صحفيات ليبلغ العدد الكلي لحالات الاخفاء والاعتقال والاحتجاز منذ اندلاع الحرب إلى (69) من بينهم (13) صحفية، وذلك حسب ما ذكرته نقابة الصحفيين في بيانها الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025م بمناسبة مرور عامين على اندلاع الحرب.
هجرة الاعلاميين إلى الخارج:
وتحت هذه الظروف اضطر معظم الصحفيين إلى النزوح إلى بعض مناطق السودان الآمنة داخل السودان منهم من ترك مهنة الصحافة ولجأ إلى ممارسة مهن أخرى، والبعض الاخر غادر إلى خارج السودان إلى دول السودان حيث اختار معظمهم اللجوء الى القاهرة ويوغندا وكينيا أو اللجوء حيث يمكنهم من ممارسة أعمالهم الصحفية هناك ولكن أيضا بشروط تلك الدول، بعض الصحفيين الذين لجأوا إلى الخارج يعيشون أوضاع معيشية وانسانية صعبة.
انتشار خطاب الكراهية والأخبار الكاذبة والمضّللة
ونتيجة لغياب دور الصحافة المسئولة والمهنية المحايدة عمل كل طرف من أطراف النزاع على نشر الأخبار والمعلومات الكاذبة والمضللة وتغييب الحقيقة حيث برزت وجوه جديدة لا علاقة لها بالمهنية والمهنة تتبع لطرفي الصراع فرضت نفسها وعملت على تغذية خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجدت الدعم والحماية من قبل طرفي الصراع وهي في مأمن من المساءلة القانونية مما جعلها تمعن في رسالتها الاعلامية النتنة وبكل أسف تجد هذه العناصر المتابعة من الالاف مما ساعد في انتشار خطابات الكراهيّة ورجوع العديد من أفراد المجتمع إلى القبيلة والعشيرة، الشئ الذي ينذر بتفكك المجتمع وضياعه.
منتدى الإعلام السوداني ونقابة الصحفيين والدور المنتظر منهم:
ولكل تلك الاسباب التي ذكرناها سابقا ولكي يلعب الاعلام الدور المناط به في التنوير وتطوير قطاع الصحافة والاعلام والدفاع عن حرية الصحافة والتعبير ونشر وتعزيز قيم السلام والمصالحة وحقوق الانسان والديمقراطية والعمل على وقف الحرب تم تأسيس (منتدى الاعلام السوداني) في فبراير 2024م وهو تحالف يضم نخبة من المؤسسات والمنظمات الصحفية والاعلامية المستقلة في السودان، وبدأ المنتدى نشاطه الرسمي في ابريل 2004م وقد لعب المنتدى دورا هاما ومؤثرا من خلال غرفة التحرير المشتركة وذلك بالنشر المتزامن على كافة المنصات حول قضايا الحرب والسلام وما يترتب عليهما من انتهاكات إلى جانب التقاير والأخبار التي تصدر من جميع أعضائه.
طالب المنتدى طرفي النزاع بوقف القتال فورا ودون شروط، وتحكيم صوت الحكمة والعقل، وتوفير الحماية للمدنيين دون استثناء في كافة أنحاء السودان، كما طالب طرفي الصراع بصون كرامة المواطن وحقوقه الأساسية، وضمان الحريات الديمقراطية، وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير، وأدان المنتدى التدخل الخارجي السلبي في الشأن السوداني، مما أدى إلى تغذية الصراع وإطالة أمد الحرب وناشد المنتدى الاطراف الخارجية بترك السودانيين يقرروا مصيرهم بأنفسهم.
وفي ذلك خاطب المنتدى المجتمع الدولي والاقليمي بضرورة تقديم الدعم اللازم والمستدام لمؤسسات المجتمع المدني السوداني، خاصة المؤسسات الاعلامية المستقلة لكي تقوم بدورها المناط بها في التنوير ورصد الانتهاكات، والدفاع عن الحريات العامة، والتنديد بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين، والمساهمة في جهود تحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وكذلك لعبت نقابة الصحفيين السودانيين دورا هاما أيضا في رصد الانتهاكات التي طالت الصحفيين والمواطنين حيث أصدرت النقابة 14 تقريرًا يوثق انتهاكات الصحفيين في البلاد.
وقد وثّقت سكرتارية الحريات بنقابة الصحفيين خلال العام الماضي 110 حالة انتهاك ضد الصحفيين، فيما بلغ إجمالي الانتهاكات المسجلة منذ اندلاع النزاع في السودان نحو 520 حالة، من بينها 77 حالة تهديد موثقة، استهدفت 32 صحفية.
وأوضحت النقابة أنها تواجه صعوبات كبيرة في التواصل مع الصحفيين العاملين في المناطق المختلفة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة وانقطاع الاتصالات وشبكة الانترنت.
وطالبت نقابة الصحفيين جميع المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة والتعبير، والمنظمات الحقوقية، وعلى رأسها لجنة حماية الصحفيين، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان أمن وسلامة الصحفيين السودانيين، ووقف حملات التحريض الممنهجة التي تشكل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية التي تكفل حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة.
خطورة ممارسة مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات
أصبح من الخطورة بمكان أن تمارس مهنة الصحافة في زمن الحروب والصراعات فقد تعرض كثير من الصحفيين والصحفيات لمتاعب جمة وصلت لحد القتل والتعذيب والاعتقالات بتهم التجسس والتخابر فالهوية الصحفية أصبحت مثار شك ولها تبعاتها بل أصبح معظم الصحفيين تحت رقابة الاجهرة الامنية وينظر إليهم بعين الريبة والشك من قبل الاطراف المتنازعة تهمتهم الوحيدة هي البحث عن الحقيقة ونقلها إلى العالم، ولم تسلم أمتعتهم ومنازلهم من التفتيش ونهب ومصادرة ممتلكاتهم خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع.