تمكنت إيطاليا من التخلص من السمعة السيئة لاقتصادها وجذب ثروات الأثرياء الأوروبيين بعد سنوات من المؤشرات السلبية وتراكم الديون، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "تيليغراف" البريطانية.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما صعدت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إلى المنصة لإلقاء خطاب ضريبي تاريخي أمام المشرعين الإيطاليين في وقت سابق من هذه السنة، دافعت باستماتة عن الطريقة التي يجب أن يُعامل بها فاحشو الثراء.

وحثّت رئيسة الوزراء بصراحتها المعهودة النخبة الحاكمة في إيطاليا على "تهيئة أفضل الظروف لأولئك الذين يخلقون الثروة".

وأكدت ميلوني، أنه كلما زادت الثروة التي يتم إنتاجها، تمكنت الدولة من استخدام حصتها من تلك الثروة لتوفير الحلول التي ينتظرها المواطنون، وأن الغرض من النظام الضريبي ليس خنق المجتمع، بل مساعدته على الازدهار. وقد أبرزت هذه الرسالة محاولة ميلوني الشرسة لإخراج إيطاليا من سنوات الركود وإعادتها إلى أوج ازدهارها الاقتصادي.

والآن، في الوقت الذي يدرس فيه رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر سلسلة من الزيادات الضريبية على فاحشي الثراء في المملكة المتحدة، بينما تكافح فرنسا حالة عدم اليقين السياسي، بدأت إصلاحاتها الرامية إلى إعادة إيطاليا إلى الخريطة تؤتي ثمارها، بحسب التقرير.


وأشارت الصحيفة، إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت تزايدا في توافد فاحشي الثراء إلى إيطاليا، راغبين في الاستفادة من أجندة ميلوني الإصلاحية. كما يتفوق سوق الأسهم في ميلانو، وهو مقياس للثقة في إيطاليا، على منافسيه الأوروبيين هذه السنة حيث ينمو الاقتصاد الإيطالي بوتيرة أسرع من قوة ألمانيا الصناعية. وتشكّل هذه التغييرات الجذرية انقلابا مذهلا في حظوظ بلد كان ينظر إليه النقاد سابقًا على أنه حالة اقتصادية ميؤوس منها.

وفقا للتقرير، فإن إيطاليا سعت من أجل تحقيق هذا التحول، إلى استقطاب أصحاب الملايين والمليارديرات من خلال فرض ضريبة سنوية موحدة تبلغ 100 ألف يورو على الدخل المكتسب في الخارج. وقد ساهمت جاذبية هذه الضريبة الموحدة على الأرباح الأجنبية في تدفق العديد من الأشخاص الراغبين في الاستفادة من هذا النظام.

وذكرت "بلومبيرغ"، أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين انتقلوا إلى إيطاليا وتأهلوا لهذا النظام بلغ 4000 شخص السنة الماضية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بمقدار 2000 شخص في سنة 2024.

وأوردت الصحيفة البريطانية، أن ميلوني تسعى إلى البناء على نظام الضرائب المؤيد للأعمال الذي أدخله سلفها ماتيو رينزي. لكن سياساتها حظيت بجاذبية متجددة مع تزايد عدد الأثرياء الذين يغادرون بريطانيا بحثًا عن اقتصادات ذات ضرائب منخفضة في الخارج. وقد كان أحد دوافع هذا التحول إلغاء المملكة المتحدة لوضع غير المقيمين، وهي سياسة اقترحها المحافظون، ولكن يُتوقع أن يتم تشديدها من قبل حزب العمال إذا نجح في الانتخابات العامة.

وبموجب خطط غير المقيمين التي وضعها المحافظون في الميزانية، لن يضطر الأفراد الذين يصلون إلى المملكة المتحدة إلى دفع أي ضرائب على أرباحهم في الخارج لمدة أربع سنوات، بعد ذلك، سيدفعون ضرائب الدخل العادية على أرباحهم في الخارج. لكن حزب العمال يخطط للذهاب إلى أبعد من ذلك.

ووفقا للصحيفة، فقد أدت المخاوف من التضييق الضريبي إلى إنشاء العديد من المستثمرين الأثرياء صناديق ائتمانية لحماية ثرواتهم خارج المملكة المتحدة من الضرائب البريطانية، بينما ترك آخرون البلاد تمامًا. وحسب بيتر فيريجنو، مدير الخدمات الضريبية في شركة هينلي وشركائه، فإن النظام الضريبي الإيطالي "يجذب الكثير من الاهتمام" بسبب بعض التغييرات في المملكة المتحدة. ووفقاً للشركة، فمن المتوقع أن تجذب إيطاليا 2200 مليونير إضافي في 2024، مما يجعلها الوجهة الأكثر رغبة للأثرياء في أوروبا.

وأضافت الصحيفة، أن باريس كانت أيضا مكانا يهرب إليه معظم المليارديرات عندما تستهدف المملكة المتحدة ضرائبهم.  لكن الفوضى السياسية التي تجتاح فرنسا حاليًا بسبب شعبية التجمع الوطني اليميني المتشدد ألقت بظلالها على عاصمة الأنوار. وعلى النقيض من ذلك، تبدو ميلوني وإيطاليا ملاذا آمنا بشكل متزايد.


ورغم المخاوف بشأن ولاءاتها الشعبوية، فقد حكمت ميلوني كيمينية معتدلة، حيث سارت على الخط في بروكسل، ودعمت حلف الناتو وأبقت الأسواق سعيدة بسياساتها الاقتصادية. ولا تزال إيطاليا تملك أكبر نسبة ديون في أوروبا بقيمة 2.9 تريليون يورو، إلا أن أجندتها الداعمة للنمو أبقت المستثمرين في صفها، حسب التقرير.

مع ذلك، لا يتعلق الأمر كله بالاقتصاد، فهناك اعتبارات أخرى تجعل من ميلانو الوجهة الجديدة التي يقصدها الأثرياء. ففي حين أن لندن قد تضم جيوباً صغيرة من الفخامة في مناطق صغيرة مثل مايفير ونيو بوند ستريت، فإن ميلانو تمتلئ بالعلامات التجارية الفاخرة التي تغري الأثرياء بالتوجه إليها. وميلانو هي موطن لعلامات الأزياء الراقية مثل بولغاري وغوتشي وفيرساتشي وبرادا، كما تنتشر شركات تصنيع السيارات الرياضية بما في ذلك لامبورغيني وفيراري في الشمال الصناعي.

وذكرت الصحيفة البريطانية، أن ما يزيد من جاذبية المدينة أن أسعار السلع الفاخرة والمطاعم الحائزة على نجمة ميشلان ترتفع في ميلانو بوتيرة أبطأ مما هي عليه في لندن. ويتضح ذلك من خلال الأرقام الأخيرة الصادرة عن بنك جوليوس باير، التي وجدت أن أسعار المجوهرات ارتفعت بنسبة 7.6 بالمائة في ميلانو السنة الماضية مقابل 11.3 بالمائة في لندن.

وهذا دون الأخذ بعين الاعتبار سياسة التسوق المعفاة من ضريبة القيمة المضافة، التي تخلت عنها بريطانيا في السنوات الأخيرة. كل هذا يغذي محاولة ميلانو لانتزاع مكانة لندن كمدينة للأثرياء فاحشي الثراء؛ حيث أصبحت الإعفاءات الضريبية الإيطالية مطلوبة الآن بقدر حقائب غوتشي، وفقا للتقرير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيطاليا ميلوني بريطانيا أوروبا بريطانيا إيطاليا أوروبا ميلوني صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة المتحدة فی الخارج

إقرأ أيضاً:

دراسة جديدة: خطر الانتحار بين الموسيقيين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة عند مستويات قياسية

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة أن صناعة الموسيقى تعد من المهن عالية الخطورة، حيث ترتفع فيها معدلات الانتحار بشكل ملحوظ، لا سيما بين النساء. وأشارت النتائج إلى أن العاملين في هذا المجال يتعرضون لضغوط نفسية كبيرة، مما يضعهم ضمن الفئات الأكثر عرضة لخطر الانتحار.

اعلان

ووفقا للإحصائيات البريطانية، يحتل الموسيقيون المرتبة الرابعة بين أكثر الفئات المهنية عرضة للانتحار، بعد عمال البناء وعمال تشطيب المباني والعمال الزراعيين، بينما جاءت فئة الممثلين والفنانين في المرتبة الخامسة. 

وتشير البيانات إلى أن خطر الانتحار بين الموسيقيين الذكور في المملكة المتحدة أعلى بنسبة 20% من المتوسط العام، بينما يرتفع إلى 69% بين النساء، مما يضعهم ضمن الفئات الأكثر هشاشة نفسيا في قطاع الثقافة والإعلام والرياضة.

أما في الولايات المتحدة، فقد سجلت النساء العاملات في صناعة الترفيه - ومن بينهن الموسيقيات - أعلى معدل انتحار بين جميع الفئات المهنية على مدى سنوات، في حين احتل الرجال في هذا المجال المرتبة الثالثة من حيث ارتفاع معدلات الانتحار.

ويقول الدكتور جورج موسغريف، المحاضر في علم الاجتماع الثقافي بجامعة غولدن ميمز، والذي شارك في تأليف الدراسة مع الدكتور دوريان لاميس من جامعة إيموري: "عندما ننظر إلى بيانات الوفيات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، نرى بوضوح أن النساء العاملات في صناعة الموسيقى أكثر عرضة لخطر الانتحار مقارنة بغيرهن".

ويشرح موسغريف الأسباب التي تجعل هذه المهنة محفوفة بالمخاطر، مشيرا إلى الضغوط التي يتعرض لها الموسيقيون، مثل عدم الاستقرار العاطفي العميق، والتحديات التي يفرضها الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، والتنقل المستمر في الجولات الفنية، والاستثمار الكلي لهويتهم في مهنة غير مستقرة. وأضاف أن انتشار حالات القلق والاكتئاب، إلى جانب تعاطي المخدرات وإدمانها، يساهم في زيادة الخطر بشكل ملحوظ.

هذا، وسلطت الدراسة الضوء على أمثلة عديدة تربط بين النجومية والانتحار، مثل ليام باين من فرقة "ون دايركشن"، ومنسق الموسيقى الإلكترونية أفيتشي، إضافة إلى شخصيات بارزة مثل جيمي هندريكس، الذي توفي عن عمر 27 عاما. ونقلت الدراسة عن هندريكس قوله ذات مرة: "إذا لم يعد لدي ما أقدمه موسيقيا، فلن يكون لدي سبب للبقاء على هذا الكوكب".

ورغم أن بعض وسائل الإعلام ربطت بين بعض أنواع الموسيقى مثل "الإيمو" و"الراب الساوندكلاود" وزيادة الأفكار الانتحارية، إلا أن الدراسة أكدت عدم وجود أدلة علمية تدعم هذه الفرضية حتى الآن.

Relatedإل ألتو البوليفية: "المنازل الانتحارية" مهددة بالانهيار والسكان يصرون على البقاءوزير الدفاع في كوريا الجنوبية يحاول الانتحار في زنزانته بعد اعتقاله بقضية الأحكام العرفيةهل كان ينوي الانتحار؟ العثور على حبل في زنزانة مساعد نتنياهو المتهم بقضية تسريب الوثائق

ولم تقتصر الظاهرة على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إذ لاحظ الباحثون أن كوريا الجنوبية، التي تمتلك أحد أعلى معدلات الانتحار في العالم، شهدت أيضا حالات متزايدة لانتحار نجوم البوب. 

ويشير موسغريف إلى أن "الكمال المفروض اجتماعيا" في الثقافة الكورية قد يكون عاملا إضافيا يزيد من الضغط النفسي على الموسيقيين.

رجل من كوريا الجنوبية يقف أمام نصب تذكاري لنجمة البوب ​​الكورية جو هارا في مذبح تذكاري بمستشفى سانت ماري في سيول، يوم الاثنين 25 نوفمبر 2019.AP Photo

ويدعو الباحثون إلى تبني نهج "صفر انتحار" داخل صناعة الموسيقى، وهو إطار عمل يعتمد على سبع استراتيجيات للوقاية من الانتحار عبر أنظمة الرعاية الصحية والدعم النفسي.

وأوضح الدكتور لاميس أن هذا النهج أثبت فعاليته في أماكن مثل مكتب الصحة النفسية في نيويورك، حيث أدى إلى انخفاض معدلات الانتحار بنسبة 75% خلال 18 شهرا من تطبيقه.

كما شدد موسغريف على ضرورة التخلص من الصورة الرومانسية التي تربط معاناة الفنانين بالإبداع، قائلا: "لقد تقبل المجتمع لفترة طويلة فكرة أن الموسيقيين معذبون بطبيعتهم، وأنهم يعانون من أجل فنهم. هذا التصور يجب أن ينتهي".

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حالات الانتحار في الولايات المتحدة تبلغ أعلى معدل لها منذ العام 1941 انخفاض الانتحار في أوروبا بنسبة 13% في السنوات العشر الأخيرة دراسة: عدد حالات الانتحار في سنغافورة يبلغ أعلى مستوى له منذ 22 عاماً المملكة المتحدةانتحارموسيقىاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext العاصفة ألفريد تترك مئات الآلاف من الأستراليين بلا كهرباء في مقاطعة كوينزلاند يعرض الآنNext هجوم روسي مباغت في كورسك: عشرات الجنود يتسللون عبر خط أنابيب الغاز لدخول بلدة سوزيا يعرض الآنNext اختتام المحادثات التمهيدية بشأن تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في ألمانيا يعرض الآنNext مع تنامي مشاريع النقل في أوروبا.. كيف تخطط فنلندا لتعزيز اتصالها بالقارة؟ يعرض الآنNext من مدريد إلى إسطنبول.. أصوات النساء تعلو في يوم المرأة العالمي للمطالبة بالمساواة ومناهضة العنف اعلانالاكثر قراءة "الجنس مقابل السمك".. كيف تُستغلّ النساء في زامبيا بسبب الجفاف وقلة المساعدات الدولية تصاعد الاشتباكات في إدلب..مشيعون يتوعدون بالانتقام بعد مقتل أفراد من قوات الأمن السورية ترامب والتهديد بفرض رسوم على المنتجات الأوروبية.. أين إيطاليا من كل هذا؟ سوريا: أكثر من 600 قتيل في يومين خلال معارك بين القوات الحكومية وموالين لنظام الأسد لا يزال الحمل والولادة والأمومة تجربة قاتلة في معظم أنحاء العالم.. إليكم السبب اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالاتحاد الأوروبيإسرائيلسوريابشار الأسدالمملكة المتحدةمواجهات واضطراباتالسويدأبو محمد الجولاني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دراسةالرسوم الجمركيةالمسجد الأقصىالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • المغرب يسجل زيادة قياسية في صادرات التوت الأحمر إلى المملكة المتحدة
  • «الجامعة التي لا تهدأ».. تاريخ من التصعيد والاحتجاجات في كولومبيا
  • برئاسة المملكة .. انطلاق الدورة 69 للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة
  • المملكة المتحدة تدين حظر طالبان لتعليم الفتيات في أفغانستان
  • ميلوني في مأزق سياسي بعد حكم المحكمة العليا بتعويض المهاجرين
  • سموتريتش: نعمل مع أمريكا لتحديد البلدان التي سيهاجر إليها سكان غزة
  • دراسة جديدة: خطر الانتحار بين الموسيقيين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة عند مستويات قياسية
  • سجواني: المملكة والإمارات من الدول المتقدمة في مراكز البيانات أكثر من أوروبا.. فيديو
  • أكثر الأدوية المزورة التي يتناولها الملايين
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إحراز تقدم معين في المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس