لم يستقر التاريخ القديم على موعد محدد لانطلاق الألمبياد القديمة بأثينا، مهد الألمبياد، ورجح معظم العلماء والمؤرخين سنة 776 قبل الميلاد موعداً لانطلاق الألمبياد القديم وذلك لوجود نقوش وأسماء لفائزين بسباقات ألعاب قوى وألعاب قتالية على جدران المعابد اليونانية وكانت الأولمبياد تعتمد فى منافساتها على ألعاب القوى مثل الجرى ورمى القرص ورمى الرمح، والفروسية ورفع الأثقال والمصارعة وبعض الألعاب القتالية.

وكانت تنظم الألمبياد القديمة كل أربع سنوات حتى زاد نفوذ الرومان وانتهت المنافسات القديمة فى اليونان والتى كانت تتخذ بعض المظاهر الدينية مع التنافس الرياضى بين أعوام 393 و426 ميلادية، وكما أقامت اليونان قديماً منافسات الألمبياد، نظمت أول دورة أولمبية فى التاريخ الحديث فى اليونان وتحديداً عام 1896 بعد أن أسس البارون بيير دى كوبرتان اللجنة الأولمبية الدولية (ioc) عام 1894 وكان لليونان شرف التنظيم الأول بعدها بعامين ومع ازدياد المنافسات الرياضية وسط تحولات تاريخية بدأت الرياضة المصرية تشق طريقها وتكتب تاريخها بإنجازات عالمية وتاريخية فى الأولمبياد وبالتحديد فى دورة أمستردام عام 1928 عندما اكتسح المصريون رياضات رفع الأثقال والمصارعة والغطس وحقق السيد نصير الميدالية الذهبية لمصر فى رفع الأثقال وإبراهيم مصطفى ذهبية أخرى فى المصارعة وفريد سميكة فضية وبرونزية فى الغطس وتوالت الانتصارات والإنجازات وجاءت أولمبياد برلين 1936 ليكتب التاريخ بطولات من نور لرياضة رفع الأثقال المصرية ويحصد أنور مصباح ذهبية فى الأثقال وكذلك خضر التونى ذهبية فى الأثقال ويبهر الحضور بتحطيم أرقام قياسية وعالمية فى أول مشاركة له فى الألمبياد ويحصد صالح سليمان فضية ويحصد إبراهيم شمس ووصيف إبراهيم برونزية لكل منهما، وتستمر الرياضة المصرية فى حصد الألقاب والميداليات الأولمبية فى الدورات ولكن كانت الميدالية الذهبية لخضر التونى فى رفع الأثقال فى أولمبياد برلين لها اهتمام خاص، خاصة بعد أن حطم اللاعب المصرى أساطير ألمانيا أبطال العالم والألمبياد وقتها وحطم أرقامهم القياسية وسط ذهول العالم أجمع وبحضور الزعيم الألمانى أدولف هتلر وحطم «التونى» الرقم العالمى ثلاث مرات فى كل رفعة له.

وجاء خلفه بطلان ألمانيان فى المركزين الثانى والثالث، ليطلب الزعيم الألمانى تكريمه أمام الجميع وكانت كلمة هتلر الشهيرة للبطل المصرى: «أنت فخر لبلدك مصر وبلدك أكيد فخور بك وألمانيا هى بلدك الثانى»، ولم يكتف الزعيم الألمانى بذلك وأوصى بالاهتمام به وذكر «التونى» فى أحاديث إعلامية رغبة الألمان فى تجنيسه ولقب التونى فى الأوساط العالمية بقلب «أقوى رجل فى العالم وبطل أبطال العالم».

وأطلق اسم البطل المصرى خضر التونى على أحد شوارع القرية الأولمبية بمدينة ميونيخ الألمانية وسجل اسمه فى سجلات أبطال العالم التى تضم أسماء أعظم 50 لاعباً لرفع الأثقال والصادرة عن الاتحاد الدولى للعبة وأطلق اسمه على عدد من شوارع مصر المحروسة فى القاهرة والإسكندرية وتم تكريمه بوسام الدولة وكذلك إصدار طابع بريد يحمل صورته من قبل البريد المصرى وتوفى هذا البطل فى عز شبابه عن عمر يناهز 43 عاماً بعد أن صعق بالكهرباء أثناء تغيير لمبة إضاءة غرفة مذاكرة أطفاله ليسدل الستار على قصة بطل غير طبيعى فى تاريخ الرياضة المصرية وكذلك ميدالية ذهبية عظيمة فى تاريخ ميداليات مصر فى الألمبياد.

وتستمر الألمبياد وتستمر الرياضة المصرية فى حصد الميداليات الأغلى بعدها فى أولمبياد لندن 1948، رفع الأثقال والمصارعة، استمرت فى كتابة التاريخ ومروراً بهيلسينكى وروما إلى أن جاءت أولمبياد لوس أنجلوس 1984 وكانت هذه النسخة تحمل ميدالية مختلفة وعظيمة وكبيرة كانت أعظم ميدالية فى تاريخ الرياضة المصرية بالأولمبياد رغم كونها ميدالية فضية وليست ذهبية، ميدالية احتفى بها العالم واستطاعت الرياضة المصرية بهذه الميدالية الفضية أن تخطف أنظار العالم وتنال احترام الجميع بل وتسطر تاريخاً منفرداً ومختلفاً لا يقارَن بتاريخ أى رياضى لأى دولة فى الأولمبياد وباتت الرياضة المصرية وميداليتها الفضية فى لوس أنجلوس حديث العالم حتى الآن بل وقام عدد من الدول بنشر قصة هذه الميدالية الأولمبية الغالية فى المناهج التعليمية لتكون قصة ملهمة ومعلمة للأجيال، فما حكاية أعظم ميدالية أولمبية فى تاريخ الأولمبياد ومَن البطل الذى أجبر العالم على احترامه وأعطى درساً لأجيال العالم؟

القصة بدأت ببطل مصرى إسكندرانى يلعب رياضة الچودو وهو العالمى محمد على رشوان الذى اشتهر اسمه بين كبار ممارسى الرياضة فى العالم وكان يريد تحقيق حلمه بالحصول على الميدالية الذهبية لألمبياد لوس أنجلوس 1984 وما أروع الحلم عندما تجد أن من ينافسك على هذه الميدالية هو بطل العالم وقتها وأسطورة الچودو اليابانى وياما شيتا وهو المثل الأعلى للاعب المصرى فى الأساس وقدوته فى الرياضة وأعد البطل المصرى عدته وبات جاهزاً لحصد الذهب الأولمبى وجاد ميعاد النزال وينمو إلى علم البطل المصرى محمد على رشوان إصابة منافسه اليابانى بإصابة خطيرة فى قدمه وأن الظروف كلها باتت مهيأة لحصد «رشوان» للميدالية الذهبية فى الألمبياد وبأقل مجهود. ويخسر محمد على رشوان رهان العالم أجمع فى حصد اللقب الذهبى ويظفر باحترام العالم والمجتمع العالمى بعد رفضه استغلال إصابة منافسه اليابانى ويدخل النزال وهو مصمم تماماً على اللعب النظيف رافضاً استغلال إصابة منافسه الذى ظهر أمام العالم «يعرج» على قدم واحدة، وظهرت كبرياء المصرى محمد رشوان الذى هُزم عن قصد وانهزم أمام العالم أجمع رغم قدرته على المكسب فى ظل ذهول الإنسانية العالمية، وضرب «رشوان» المثل والقدوة للعالم وسجل أعظم رسالة أخلاقية رياضية فى تاريخ الألمبياد لصالح الرياضة المصرية وسطر بفعله أعظم قصة رياضية إنسانية على مستوى العالم ووقف العالم أجمع يفسر ويدقق ويترجم ويتفهم ما فعله المصرى رشوان وسط ذهول واحترام وتقدير للبطل المصرى الذى حظى بأغلى وأقيم ميدالية فى العالم وباتت ميدالية رشوان الفضية هى أعظم ميدالية فى الألمبياد عبر تاريخه الحديث واستحق «رشوان» أن يكون حديث العالم واستحق أن يكرَّم من كل جهات العالم.

ونال البطل المصرى جائزة «بيردى كوبرتان»، مؤسس الألمبياد الحديث، وحصل على شهادة أحسن خلق رياضى لعام 1984 ومنحته اليونيسكو جائزة اللعب النظيف 1985 وكذلك أفضل خلق رياضى من اللجنة الأولمبية فى نفس العام.

وقامت اليابان بتكريم البطل المصرى وجعلته رمزاً للأخلاق، وتقيم اليابان احتفالاً دورياً لتقدير البطل المصرى سنوياً، وأصبح البطل المصرى حلماً لكل فتيات العالم وفتيات اليابان حتى نالت يابانية قلبه وتزوجته وأصبح البطل المصرى فخراً للرياضة المصرية ورسول الأخلاق فى الألمبياد العالمية، ومن دواعى سرورى الشخصى أننى كنت ضمن بعثة فريق الأهلى المصرى الإعلامية التى صاحبت فريق كرة القدم للمشاركة فى كأس العالم للأندية ومن طبيعتى أن أطلع على صحف وإعلام الدولة المضيفة للبطولة وهى اليابان لمعرفة كل الأمور وكانت المفاجأة أن أجد صفحة كاملة فى أكبر صحيفة يابانية تذكّر اليابانيين بهذا اليوم وتقدر دور البطل المصرى وتقوم بالاحتفاء به ودعوته للتكريم فى اليابان وهو ما دعانى للفخر، وكذلك كل البعثة وقتها، التى زاد فخرها بتقدير المجتمع اليابانى للبطل المصرى وأصبح «رشوان» أيقونة الرياضة والأخلاق لشعب اليابان والعالم وكذلك بلده مصر، وكلما شاهدتنا الجماهير اليابانية فى اليابان كانت تهمس إلينا «أنتم من مصر أنتم من بلد البطل رشوان».

فعلاً، نحن نفتخر بمصريتنا ونفتخر بالبطل المصرى محمد على رشوان الذى أصبح أيقونة العالم وصاحب أفضل ميدالية فى تاريخ الألمبياد، بطل الأخلاق والرياضة الذى أصبحت بطولته مدونة فى مناهج العالم الرياضية والدراسية والأخلاقية.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أولمبياد باريس 2024 بعثة مصر فريال أشرف كرم جابر أشرف صبحي الریاضة المصریة محمد على رشوان البطل المصرى العالم أجمع رفع الأثقال میدالیة فى فى تاریخ

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة يشهد ملتقى تحديات ترسيخ وتأصيل الهوية المصرية القديمة

في إطار المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان، شهد وزير الشباب والرياضة، عبر تقنية الفيديو كونفرانس؛ ملتقى "تحديات ترسيخ وتأصيل الهوية المصرية القديمة"، بمتحف آثار بني سويف، والتي يُنظمها بشبابها بالتعاون مع متحف آثار بني سويف ومديرية الشباب والرياضة بالمحافظة.

عبر وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي عن سعادته بتنظيم الملتقي الذي يهدف إلي تعزيز الهوية الثقافية المصرية من خلال الرياضة والشباب، كجزء من الجهود لتعزيز الهوية الوطنية وتمكين الشباب من فهم تاريخهم وثقافتهم.


تضمن الملتقى ورش عمل ومحاضرات تهدف إلى تعزيز الوعي بتاريخ مصر العريق وتراثها الثقافي، وكيفية دمجهما في الأنشطة الشبابية والرياضية. كما تم استعراض بعض المبادرات التي تهدف إلى جعل الشباب أكثر ارتباطًا بتراثهم الثقافي، وتشجيعهم على المشاركة في الفعاليات والأنشطة التي تعزز هذا الارتباط.

 

مقالات مشابهة

  • إيهاب الخطيب: الزمالك واخد أول 3 نقاط بالفار في بداية الدوري
  • إيهاب الخطيب يفجر مفاجأة بشأن عودة طارق حامد للزمالك| تفاصيل
  • منتخب الجوجيتسو ” يرفع رصيده إلى 34 ميدالية في بطولة العالم للشباب باليونان
  • مؤمن الجندي يكتب: حسن "سبانخ" الكرة المصرية
  • رئيس زراعة النواب: موقف الدولة المصرية من القضية الفلسطينية ثابت وواضح كالشمس
  • أبطال الإمارات يرفعون الحصاد إلى 22 ميدالية في بطولة العالم للجوجيتسو
  • وزير التعليم العالي: استراتيجية 2030 تحول الجامعات المصرية إلى قلاع علمية عالمية
  • وزير الرياضة يشهد ملتقى تحديات ترسيخ وتأصيل الهوية المصرية القديمة
  • بطولة العالم للجوجيتسو.. 12 ميدالية لمنتخب الإمارات للشباب
  • بطولة العالم باليونان «شباب الجوجيتسو» يحصدون 12 ميدالية في بطولة العالم