صحيفة بريطانية: واشنطن تستشعر فرصة كبيرة في صفقة المحتجزين بين إسرائيل وحماس
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، فى عددها الصادر اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة تستشعر حاليًا وترى بأن هناك "فرصة كبيرة" لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق محتمل بين إسرائيل وحركة حماس لوقف الحرب المستمرة منذ تسعة أشهر فى قطاع غزة المنكوب وتأمين إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
ونقلت الصحيفة، فى سياق مقال رأى كتبته رئيسة تحريرها رولا خلف، عن مسئول رفيع المستوى فى الإدارة الأمريكية، قوله: إن ثمة انفراجة محتملة قد تحدث قريبًا، وذلك بعد اتصال هاتفى أجراه أمس الخميس الرئيس الأمريكى جو بايدن لمدة 30 دقيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.
وقال المسئول الذى لم تذكر الصحيفة اسمه : "لقد حققنا انفراجه بشأن مأزق حرج"، لكنه حذر من أن الصفقة "لن يتم التوصل إليها فى غضون أيام رغم أن هناك فرصة كبيرة جدًا نحو إتمامها".
من جهتها، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن موجة التفاؤل المفاجئة جاءت بعد أن قدمت حماس ردًا على اقتراح أخير قدمه الوسطاء بشأن إنهاء الأزمة فى القطاع رغم أنه كانت هناك فترات سابقة من التفاؤل تبددت بسبب الخلافات بين إسرائيل وحماس حول الشروط الأساسية.
وأضافت الصحيفة أن الوسطاء فى الأزمة وعلى رأسهم مصر والولايات المتحدة وقطر يسعون منذ أشهر إلى التفاوض على اتفاق بين الأطراف المتحاربة من شأنه أن يؤدى إلى اتفاق من ثلاث مراحل، يبدأ بوقف مبدئى للأعمال العدائية فى غزة لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح النساء، بما فى ذلك النساء الإسرائيليات وجنود وشيوخ وجرحى محتجزون فى القطاع المحاصر. وسيعقب ذلك ما يأمل الوسطاء فى أن يكون وقفًا ممتدًا لإطلاق النار، أى إنهاء الحرب فعليًا، وسيتم خلالها إطلاق سراح المحتجزين المتبقين.
وبموجب أى مقترح محتمل، ستطلق إسرائيل سراح السجناء الفلسطينيين مقابل المحتجزين وتسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع ولسكان غزة النازحين بالعودة إلى منازلهم فى جميع أنحاء القطاع، بما فى ذلك الشمال. وتعتقد الولايات المتحدة والوسطاء الآخرون أن صفقة المحتجزين هى الطريقة الأكثر واقعية لإنهاء الحرب وتهدئة التوترات الإقليمية، خاصة الاشتباكات شبه اليومية عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله، الحركة المسلحة اللبنانية المدعومة من إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن آخر مرة اعتقد فيها الوسطاء أنهم كانوا على وشك التوصل إلى اتفاق فى شهر مايو الماضى شهدت عراقيل عديدة أدت إلى توقفها بسبب خلافات حول التفاصيل حيث أصرت حماس على أن أى اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات بأن الترتيب سينتهى بوقف دائم لإطلاق النار وسحب إسرائيل لقواتها من غزة.
فمن جانبه، رفض نتنياهو مرارًا وتكرارًا فكرة أن صفقة الرهائن وحدها ستنهى الحرب وواصل هجومه على مدينة رفح بجنوب القطاع، حيث تضم أكثر من مليون نازح، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الغربيين الآخرين. ويواجه نتنياهو أيضًا ضغوطًا من حلفائه اليمينيين المتطرفين، الذين يلعبون دورًا حاسمًا فى بقاء ائتلافه الحاكم، لعدم إنهاء الهجوم فى غزة أو تقديم تنازلات لحماس.
مع ذلك، قال مسئولون عسكريون إسرائيليون علنًا إن الاتفاق مع حماس هو أفضل وسيلة لضمان العودة الآمنة للمحتجزين المتبقين، الذين يعتقد أن عددهم حوالى 120، وبعضهم مات. وشككوا أيضًا فى تعهد نتنياهو بالقضاء على حماس، قائلين إنه من المستحيل تدمير الجماعة، مشيرين إلى أيديولوجيتها المتشددة وجذورها فى المجتمع الفلسطيني. لكن مسئولاً إسرائيليًا كرر، فى تصريح خاص للصحيفة، أن الصراع لن ينتهى إلا بعد تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية والتى تشمل تحرير المحتجزين وتدمير حماس.
وتابع المسئول الأمريكى تعليقًا على الأمر أن هذه المرحلة من المحادثات "تبدو مشابهة" لـ "اللعبة النهائية" للعملية التى أدت إلى وقف الأعمال العدائية لمدة أسبوع فى نوفمبر الماضي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة إسرائيل حماس بین إسرائیل
إقرأ أيضاً:
هل تؤسس ثورة غزة ضد حماس للسلام؟
في واشنطن وبروكسل والعواصم العالمية، لم يصدق الناس ما شاهدوه على شاشات الأخبار المتواصلة من شرق البحر المتوسط، إذ بمئات ثم آلاف المتظاهرين يحتجون ضد سطة حماس، للمرة الأولى منذ حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وربما المرة الأولى منذ تولي الحركة الحكم في القطاع.
ورغم قصف إسرائيل المتواصل لأهداف داخل القطاع منذ خريف 2023 لكن المحللين والمراقبين يتوقفون على أسئلة ثقيلة ومنها، من يقف وراء الاحتجاجات، هل تقف جهة إقليمية أو دولية أو فريق فلسطيني؟ هل إسرائيل دبرت المسألة؟ أم أن المجتمع الغزاوي هو الذي أفرز تلك الظاهرة؟ وبعدها تأتي موجة ثانية من الأسئلة، هل ستتحول التظاهرات إلى شبه انتفاضة؟ هل تتوسع؟ هل ستطول؟ هل ستنهار أم ستنتصر؟ إن كان ذلك حاصلاً فما السيناريوهات ومستقبل غزة في خضم التطورات الإقليمية والحروب والعلاقات الدولية. ولعلها معادلة مترابطة بين إيران وميليشياتها، و"السابع من أكتوبر" وحملة إسرائيل رداً عليها، وعامي حرب، وثورة في غزة على حكامها. فلنحاول في هذا المقال أن "نقشر" الحال المعقدة الدموية في القطاع ونفهم ما يجري أو في الأقل ما نراه.
هل هنالك معارضة لحماس في غزة؟بالطبع داخل كل مجتمع قوة مسيطرة وقوة تعارضها، حتى تحت الاحتلال. وهذا كان الوضع في الأراضي الفلسطينية منذ انتهاء الحرب الباردة، منظمة التحرير في الصدارة والحركات الإسلامية تنخر من تحت. ومع وفاة القائد التاريخي ياسر عرفات عام 2004، بدأت الحركة الإسلامية الفلسطينية في تمددها ولا سيما داخل غزة، معقل "الإخوان" التاريخي. ومع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، بدأ صراع وسباق على السلطة، مر بمواجهة دموية انتهت بانقلاب عسكري قامت به حماس ضد فتح، عام 2007 لتسيطر على القطاع لعقدين ونيف، ودخلت فتح وآخرون صف المعارضة. لكن مع مرور الزمن خرجت من داخل المجتمع الفلسطيني مجموعات اجتماعية شبيهة باليسار الليبرالي، ومشاركة في عهد الإنترنت منذ ظهوره. وكانت حماس المسيطرة على القطاع منذ صيف عام 2007 بنت قوة خارقة بعد الانقلاب على فتح، جمعت في مساحتها الدعمين الإخواني والإيراني ما وضع "المعارضة الفتحية" ومعارضة المجموعات الليبرالية في موقف مستحيل، قبل حرب السابع من أكتوبر.
مع اندلاع المواجهة العسكرية بين القوات الإسرائيلية و"المقاومة الإسلامية" في غزة منذ الثامن من أكتوبر، بدأت رحلة الـ18 شهراً من الحرب المدمرة التي تخطت غزة إلى إسرائيل فلبنان، وسوريا، والعراق، واليمن إلى الداخل الإيراني. وهذه الحرب لم تكن كسابقاتها ولم تعد العودة إلى الستاتيكو هي الهدف عند الإسرائيليين.
كسر هيبة حماس والمحورإن تدمير الآلة العسكرية لحماس ومن بعدها حزب الله في لبنان، وتصفية قيادات القوتين الميليشياوية في القطاع ولبنان هزت تدريجاً هيبة حماس، والميليشيات الأخرى داخل المنطقة. فلا إسرائيل تراجعت ولا الدول العربية "انتحرت" في سبيل إنقاذ الجيش الحمساوي. وامتدت الضربات الإسرائيلية إلى حزب الله الحليف الشمالي لحماس، وأقعدته استراتيجياً. واخترقت أسراب من المقاتلات الإسرائيلية الأجواء الإيرانية وضربت الدفاعات الجوية للنظام وقلمت أظافره، فتقلصت قدرة "الجمهورية الإسلامية" على حماية قطاع غزة، وأدركت القيادة الحمساوية أن "النجدة الخمينية والإخوانية" لن تصل، لا لغزة ولا حتى أطراف الدولة العبرية. ومن وسط الأنقاض والبيوت المدمرة بدأ الناس يتكلمون عن ضرورة وقف الحرب، ليتمكن فلسطينيو القطاع أن "يعيشوا" كبشر. ووصلت الحرب المدمرة إلى حدود انهيار الصبر لدى المجتمع المدني، فسقطت قدسية "المقاومة العسكرية" ضد إسرائيل وبدأت مشروعية "المقاومة السلمية" ضد حماس.
معارضة حماس من أين؟سيتم تجميع الوثائق ومعرفة جذور معارضة حماس خاصة منذ 2007، لكن انتشار مسيرات الغزاويين ضد السلطة الحاكمة في القطاع بات يسلط الضوء على بعض الظواهر الكامنة وراء التحركات الشعبية المتلاحقة. وأهم معارضي حماس وأولهم كانوا ولا يزالون أعضاء وأنصار حركة فتح، ومؤيدي السلطة الفلسطينية، الذين ذاقوا الأمرين من حماس، لا سيما إبان انقلاب عام 2007 وبعده. وبعد "السابع من أكتوبر" بنحو شهرين بدأ على الـ"سوشيال ميديا" ظهور لمجموعات من اللاجئين الخارجين من غزة باتجاه مصر وهم ينددون بتهور حماس، ومسؤوليتها عن الدمار والخسائر الفادحة للأهالي، إلا أن الجو العام للإعلام كان يعكس تأييداً لسلطة حماس، رغم المآسي على الأرض.
لكن ظاهرة أخرى بدأت تهز ثقة الناس في حكامهم، وهي الفيديوهات التي ظهرت عن تعذيب الميليشيات لفتيان داخل غزة متهمين بـ"السرقة"، بما فيه الطعام والخبز، وسربت تقارير عن تصفيات لمن عدتهم الحركة "جواسيس" بينما هم مجرد معارضين للحركة، ولهذه الحرب. وهنا تذمرت جماعات أكبر من المواطنين داخل القطاع من قمع حماس بحقهم. المعترضون حافظوا على امتعاضهم من إسرائيل بسبب القصف لكنهم بدأوا ينتقدون نظامهم، لا سيما أن حماس تنسق حربها مع النظام الإيراني.
انهيار الجسرومع انسحاب جماعة حزب الله، وبعدها سقوط نظام الأسد كلياً، أدركت المعارضة الغزاوية لحماس أن هذه الأخيرة لن تكسب المعركة، وأن إطالة الحرب باتت كارثة. وبحسب بعض المعلومات فإن التحضيرات للتظاهرات بدأت منذ أشهر، وإن هنالك هيئات تنسيق في الداخل تقف وراء المسيرات. وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير إعلان الرئيس الأمريكي عن مشروع لنقل أهالي غزة إلى دول أخرى، بينما تُصلح المؤسسات ويُعاد الإعمار. وكان لهذه التصريحات أثر عميق خوفاً من ترك الأرض، بينما حماس تستمر في جهادها ولا تأبه بجهاد الناس الحياتي، فانفجرت الاحتجاجات وتوسعت.