«ديوان الصبابة» للتلمساني بتحقيق خالد الجبر وأحمد الشيخ
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
عمَّان "العُمانية": يُعدّ "ديوان الصبابة" لشهاب الدّين أحمد بن أبي حَجَلة التّلمسانيّ المغربيّ، من أهمّ مصادر الأدب العربيّ في موضوع العِشق، وهو تتويج لكتب سبقَتْه منذ أن خصّص ابن قتيبة الدّينوريّ (276هـ) الجزء الرّابع من "عيون الأخبار" للنّساء، وحشدَ فيه أشعارًا طريفةً في العشق والغرام، وأخبارًا تتعلّق بهذا الباب.
يجمع الكتابُ بين دفتيه أشعارًا في العشق، وقصصًا للعشّاق، مستشهدًا بفيضٍ من الأشعار، ومواقف من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والصحابة والتابعين، ومشاهير الشعراء عبر العصور، ويحشد من الأمثال والحكم ومواقف الفلاسفة والمفكرين والحكماء عبر العصور قبله كمًّا هائلًا. هذا إضافة إلى مقدّمة في العشق وأسمائه وأحواله وأطواره، ومنافعه ومضارِّه، وما قِيل في نشأته ونَمائه واستحكامه، ووسائل الخُلوص منه، ونهاياته الماتعة أو المُحزنة.
ويأتي الكتاب الصّادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" للمحقِّقين خالد الجبر وأحمد الشّيخ في 644 صفحة، ويزخر بأشعارٍ في الحب والغزل والعشق، والحكايات اللطيفة المرويّة عن بعض الشعراء والأدباء، وأهل السّياسة والفقه، ممّن ذاع له صِيتٌ في هذا المجال، وتناقلت المصادر حكايته، خاصّة أولئك الذين استحكم العشقُ في عقولهم وتمكّن من قلوبهم، فآل بهم الأمرُ أحيانًا إلى الجنون، وأُخرى إلى الموت.
ويقول المحققان في مقدمتهما: "هذا الكتاب من المصادر المتأخّرة المصنَّفة في هذا الباب من المعرفة؛ الحبّ والعشق والغرام والصّبابة وما تعلّق بها. وقد يتبيّن للقارئ فيه أنّ الرّجل لم يأتِ بجديدٍ إلّا في القليل النّادر، وإلّا فالإحالاتُ على مصادر مادّته في هوامش الصفحات كثيرة تدلّ على أنّه جمع وصنَّف، وكان له فضلُ التّبويبِ والجمع والتّصنيف أكثر ممّا له في الإضافة".
ويضيفان: "غير أنّه من هذا الجانب قد حفظَ كثيرًا من النّصوص الّتي لم نجِد لها مصدرًا مطبوعًا، بل لعلّ المصادر المخطوطةَ الّتي عادَ إليها ضاعَ بعضُها، وهو أمرٌ متوقَّع من مُؤلَّفٍ في العصر المملوكيّ الذي شهدت بداياتُه غزو المغول واقتحامَهم بغداد سنة 656هـ وإتلافهم مكتباتِها، واستمرارًا لغزو الصّليبيّين الممتدّ منذ سنة 490هـ حتّى خروجهم من عكّا سنة 692هـ وقد نهبوا كثيرًا من المخطوطات في المكتبات والقلاع والمدن الّتي احتلّوها. ولهذا فإنّ مثل (ديوان الصّبابة) يمثّل تأليفًا موسوعيًا في بابِه، مع أنّه لا يتّسمُ بضخامة الحجم مثل (نهاية الأرب) للنّويري، أو (صبح الأعشى) للقلقشنديّ، أو (مسالك الأبصار) لابن فضل الله العمريّ".
ويتابع المحققان في المقدمة: "نقدّم كتاب (ديوان الصّبابة) محقَّقًا عن مخطوطٍ كتبه المؤلّف بيدِه سنة 775هـ، قبل وفاته بسنة واحدةٍ في الطّاعون الّذي خطفَ ابنَه من قبلِه، مجتهِدَين ما تيسّرت لنا المصادر في تخريج ما ضمّه من آياتٍ كريمة، وأحاديث نبويّة شريفة، وآثارٍ وأخبار، وأقوالٍ ونُقول، وقصصٍ وأشعار، بالتّوثيق والتّدقيق والتّحقيق في ضبط مَتْنِ الكتاب كُلِّه، غيرَ مُقْتَصِرَيْنِ على الألفاظِ الّتي يُمكنُ أن تُقرَأ على غير وجهٍ، والإشارة بين الحين والآخر إلى لطيفةٍ هُنا، ونادرةٍ هُناك، واقفَيْنِ عندَ حُدود مقابلة ما وردَ في النّسخة الأمّ مع نسخةٍ أُخرى قريبة العهدِ بها، تغلّبنا بِها على اختلاطِ مواقعِ صفحاتٍ من النّسخة الأمّ على مَن ضمَّ أوراقَها، وجمَعَها في نُسخةٍ مُجلَّدة، فكانَ أن أَخَّرَ مواقعَ صفحاتٍ وجعلها في غير مواضِعها الصّحيحة، وقد أعانت تلك النّسخة الأُخرى على تبيُّنِ مواقع الاختلاطِ".
ويشرح المحققان في المقدمة أبعاد اختيارهما لتحقيق الكتاب، رغم أنه طُبع مرّتين سابقًا؛ فهما طبعتان غير محقّقتين، ووقع في الثّانية منهما خلطٌ كثير بين الشّعر وكلام المؤلّف، وزيادات ليست من أصول الكتاب، وتصحيفات وتحريفات كثيرة، فضلًا عن خلوّ الطّبعتين من التّخريج والتّحقيق والتّعليق إلّا في النّادر. ووضّح المحقّقان منهجهما في التحقيق، وعدد النسخ التي قارنا بينها، كما أضافا فهارس توضيحية للكتاب، من بينها فهرس الآيات القرآنية وفهرس الأعلام وفهرس الأشعار والأرجاز.
ويقول ابن أبي حجلة التلمساني في مقدمة الكتاب: "وسمّيته (ديوان الصّبابة)؛ ليصبح الواقف عليه مدلّهًا، ويعلم أنّه إن لم أكن أنا للصّبابة، من لها؟
ما يعلم الشّوق إلّا من يكابده... ولا الصّبابة إلّا من يعانيها
إي، والله:
قلّما يبرح المطيع هواه... كلفًا، ذا صبابةٍ وجنون
ورتّبته على مقدّمةٍ وثلاثين بابًا وخاتمةً".
كما يقول في بداية الباب العشرين: "أقول: هذا بابٌ عقدناه لذكر من أصبح دمعه مسكوبًا بمسكوبٍ، فبات وهو في جريانه كالرّمح أنبوبًا على أنبوبٍ، ولا سيّما إذا تمادى من محبوبه الهجر، أو كان عليه بعض الحجر، هنالك يرى من انسكاب عبرته العبر، وينشد إذا عزم الخليط على السّفر، قول من غبر:
ومفارقٍ سكن القلو... ب، فلا خلت منه الرّبوع
بعث الرّسول، وقال لي... وأنا السّميع له، المطيع:
بالله قل لي: ما جرى... بعدي؟ فقلت له: الدّموع!".
وجعل ابن أبي حجلة عنوان خاتمة كتابه "في ذكر من مات من حبّه، وقدم على ربّه من صغيرٍ وكبيرٍ، وغنيٍّ وفقيرٍ، على اختلاف ضروبهم، وتباين مطلوبهم"، ويقول فيها: "وليكن هذا ما وقع عليه الاختيار، وطابت به لابن أبي حجلة حين سقط بمصر أوطارٌ، وكيف لا وقد سقطت منه على الخبير، وأثبتّ من أخبار من غفر الله لنا ولهم بالجمّ الغفير؟ فشهداؤه من أعيان المشاهد، وقتلاؤه وإن اختلفت أسباب موتهم فداؤهم واحدٌ، ففي ذلك والحمد لله كفايةٌ، وإن كان التّقصير قصيرًا غير مقصورٍ عن الغاية، على أنّ في رحلتي (نشر العلمين في زيارة الحرمين) ما هو كفصّ الخاتم لهذه الخاتمة، والأمواج العظيمة لهذه الأبحر المتلاطمة".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
النزاهة توضح تفاصيل الحكم التمييزي بحق مدير في ديوان محافظة كركوك سابقاً
بغداد اليوم -
أوضحت هيئة النزاهة الاتحاديَّة تفاصيل قرار الإدانة الصادر بحقّ مُدير التخطيط والمُتابعة في ديوان محافظة كركوك سابقاً، بعد الطعن التمييزيّ من قبل الهيئة.
الهيئة أشارت إلى أنَّ محكمة جنح كركوك، أصدرت حكماً غيابياً في القضيَّة التي حقَّقت فيها وأحالتها إلى القضاء، يقضي بالحبس الشديد لمُدَّة سنتين وستة أشهرعلى المدان (يشار علي محمد أحمد بيرقدار) مُدير التخطيط والمُتابعة في ديوان مُحافظة كركوك سابقاً؛ لارتكابه عمداً ما يخالف واجبات وظيفته؛ بقصد منفعة آخرين على حساب الدولة، مُبيّنةً مُوافقة الهيأة التمييزيَّـة الجزائيَّة في رئاسة محكمة استئناف كركوك على الطعن التمييزيّ المُقدَّم من قبل هيئة النزاهة الاتحاديَّة، بعد أن وجدت المحكـمة أنَّ العقـوبة لا تتناسب مع الفعل المُرتكب.
وأضافت إنَّ الحكم جاء على خلفيَّة قيام المُدان بصرف مُستحقَّات مشروع إنشاء مقرّ حماية أحد الگمارك من المبالغ المُخصَّصة لميزانيَّة إعمار المناطق المُحرَّرة من الإرهاب دون أخذ المُوافقات الأصوليَّـة، لافتةً إلى أنَّ المُدان أصدر أمراً إدارياً بالصرف للمشروع من غير الباب المُخصَّص له؛ لغرض منفعة الشركات المُنفّذة على حساب الدولة.
وتابعت الهيئة إنَّ المحكمة، حكمت غيابياً على المُدان بالحبس الشديد لمُدَّة سنتين وستة أشهر وفق أحكام المادة (٣٣١) من قانون العقوبات، بدلاً من عقوبة الحبس البسيط لمدة سنة واحدة المفروضة بحقه، مشيرة إلى أنها أعلنت بتاريخ (٢٠٢٤/١/٢٥) عن إصدار محكمة جنايات كركوك - الهيئة الثانية قرار حكمٍ غيابياً على المُدان بالسجن لمُدَّة سبع سنواتٍ؛ استناداً إلى أحكام المادة (٣٤٠) من قانون العقوبات، بدلالة موادّ الاشتراك (٤٧ و ٤٨ و ٤٨) منه، عن جريمة تعمُّده إحداث الضرر بأموال الدولة، وصرف مبالغ ماليَّةٍ إلى شركةٍ قامت بإعداد تصاميم بناية مُحافظة كركوك الجديدة.