سان فرانسيسكو "د.ب.أ": في حالات الولادة المبكرة، عندما تخرج أجنة أسماك القرش الصغيرة إلى الحياة قبل انقضاء فترة الحمل الطبيعية، تمثل المياه المالحة في البحار والمحيطات خطورة على أجسامها الضئيلة، حيث لا تستطيع في هذه المرحلة السنية ضبط مستويات الملح في دمائها وكثيرا ما تنفق في غضون ساعات قليلة. وفي إطار محاولات الحفاظ على القروش والأحياء البحرية بشكل عام، توصل فريق بحثي من مؤسسة تشوراومي للأبحاث البحرية في مدينة أوكيناوا اليابانية إلى حل لهذه المشكلة، ألا وهو بناء أرحام صناعية لمحاكاة رحم سمكة القرش الحقيقية.

وفي إطار دراسة نشرتها الدورية العلمية Frontiers in Fish Science المتخصصة في أبحاث الحياة البحرية والاسماك، وجد الباحثون أن الارحام الصناعية يمكنها الحفاظ على حياة أجنة أسماك القرش من فصيلة "مولر لانتيرن" لفترة تصل إلى عام كامل، علما بأن فترة الحمل الطبيعية لهذه الفصيلة تصل إلى 18 شهرا. ويأمل الباحثون أن تساعد هذه التقنية العلمية في الحفاظ على حياة أسماك القرش الوليدة وزيادة أعداد القروش على مستوى العالم، ولاسيما الأنواع المهددة بالانقراض.

وتتكون الارحام الصناعية من أحواض مائية صغيرة مخصصة لإعاشة القروش الصغيرة، حيث يتم تغذية تلك الأحواض بسوائل معقمة بالأشعة فوق البنفسجية في محاولة لتقليد السوائل الطبيعية التي توجد داخل أرحام الأسماك مع تنقيتها من أي شوائب وتزويدها بالأكسجين بشكل مستمر. وتجمع مؤسسة تشوراومي الأجنة من الصيادين المحليين الذين كثيرا ما يصطادون أسماك قرش في مرحلة الحمل من فصيلة مولر لانتيرن ويتبرعون بتلك الاسماك إلى المركز. ومن حسن حظ أجنة هذه الفصيلة أنها تتغذى من خلال أكياس خارجية وبالتالي يمكنها أن تبقى على قيد الحياة لفترة قصيرة بعد نفوق أمهاتها.

وبالرغم من ذلك، تواجه مهمة فريق الدراسة العديد من التحديات، من بينها نوعية السوائل داخل الأرحام الصناعية، وكيفية اجتياز القروش الصغيرة ما يعرف باسم مرحلة الفطام، وتأهيلها لدخول البيئة الطبيعية بعد اكتمال نموها، حيث شهدت المرحلة الاولى من التجارب نفوق الأجنة التي عاشت في الأرحام الصناعية لمدة خمسة أشهر بعد فترة قصيرة من تعرضها للماء المالح.

وفي المراحل التالية من التجارب، توصل الباحثون إلى ضرورة زيادة نسبة الملوحة تدريجيا في أحواض الارحام الصناعية، على غرار ما يحدث خلال فترة الحمل الطبيعية لهذه القروش، حيث عادة ما يتم غمر الرحم بالمياه المالحة تدريجيا أثناء الحمل. وعلى الرغم من ذلك، خسر الفريق البحثي كثير من الأجنة أثناء التجارب جراء تعقيدات متنوعة، مثل زيادة ملوحة المياه بشكل مفاجئ أو مشكلات في تغذية الأحواض بالأكسجين أو حدوث تلوث بكتيري غير متوقع. ويقول رئيس فريق الدراسة تاكيتيرو توميتا الباحث المتخصص في الأحياء البحرية من مركز تشوراومي: "إنها بالطبع مسألة محزنة، ولكن الأمر المهم هو تعلم كيفية علاج هذه المشكلات".

وشرع توميتا وزملاؤه مؤخرا في التعامل مع أجنة أصغر سنا لا تتجاوز أعمارها ستين إلى ثمانين يوما. وأثناء التجارب، لم تظل على قيد الحياة سوى ثلاثة من بين 33 سمكة. وبعد خروجها من الارحام الصناعية، كان يتم تغذية القروش الصغيرة بوجبات من سمك الماكريل، علما بأن هذه القروش الآن أصبحت بالغة وتعيش في مركز تشوراومي ولا يمكن التمييز بينها وبين القروش التي خرجت للحياة بشكل طبيعي.

ويأمل توميتا أن يتم ترجمة هذه النجاحات العلمية في صورة مناهج علمية لإنقاذ أعداد أكبر من القروش البحرية. ويقول في تصريحات للموقع الإلكتروني "هاكاي" المتخصص في الأبحاث البحرية: "لا يمكننا في المركز اختيار فصائل القروش التي نتلقاها، ونظرا لأن أنظمة الانجاب والتكاثر تختلف من فصيلة لآخرى، فإننا نرغب من تطوير أرحام صناعية أكثر عمومية، لأن النظام الحالي الذي نجحنا في ابتكاره لا يصلح سوى لنصف فصائل أسماك القرش "الولودية" ويقصد بها الفصائل التي تنمو فيها الاجنة داخل أرحام الأمهات قبل أن تخرج للحياة وهي مكتملة النمو.

ومن جانبها تقول ميجان إيليس خبيرة القروش البحرية التي تشارك في مشروع علمي مماثل في أستراليا إن هناك تحديات كثيرة تواجه مشروعات الأرحام الصناعية للقروش البحرية، حيث وجدت خلال تجارب إعاشة أجنة من نوعية القروش الرمادية، وهي فصيلة مهددة بالانقراض تعيش في شرق أستراليا، أن أجنة القروش تتغذى على بعضها البعض داخل الأحواض، حيث لم ينجح الفريق العلمي في إنقاذ سوى قرشين فقط من بين أربعين جنينا تم إخضاعها للتجربة. وترى أن هناك صعوبات تواجه إعاشة بعض الأنواع مثل القرش الابيض، حيث أن هذه الفصيلة تتطلب أنواعا معينة من المغذيات وهي في طور الأجنة، حيث تتغذى على سائل يشبه اللبن يتم إفرازه على جدران الرحم داخل جسم الأم. وتوضح إيليس أن "طبيعية البيئة وسوائل الرحم الخاصة بهذه الفصيلة على سبيل المثال لها خصوصية معينة، وبالتالي لا أعرف إذا ما كنا سوف نستطيع بناء أرحام صناعية تلاءم جميع الفصائل".

وخلال المرحلة المقبلة، يهدف توميتا وفريقه البحثي إلى إعاشة أجنة قروش خلال مرحلة حمل كاملة على مدار 18 شهرا، ويريد أن يجعل منظومة الأرحام الصناعية متكاملة على نحو يتيح مراقبتها على مدار فترة أطول للأغراض البحثية. ويقول: "إنها مهمة شاقة تستغرق فترات طويلة بدون عطلات نهاية أسبوع... ولكننا دائما نقول إن هذه القروش هي مثل أطفالنا، وتحتاج قدرا كبيرا من الرعاية".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أسماک القرش

إقرأ أيضاً:

يوم علمي لمناقشة أحدث طرق الجراحات وزراعة الكبد بمستشفى معهد ناصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظمت وزارة الصحة والسكان، اليوم الاربعاء، اليوم العلمي لمستشفى معهد ناصر للبحوث والعلاج بالتعاون مع مستشفي الناس، وذلك لمناقشة أحدث طرق العلاج والجراحات، وزراعة الكبد، وأمراض الجهاز الهضمي، وذلك برعاية الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان.

وأكد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الصحة والسكان، خلال كلمةٍ مسجلة، تقديم كافة أوجه الدعم  لمبادرة التبرع بالاعضاء، ومؤتمرها القادم تحت شعار "دعوة القاهرة للحياة: سد القلوب، تمتد عبر القارات"، وذلك بالتزامن مع جهود الدولة المستمره لرفع معايير نظام الرعاية الصحية، حيث يقود هذه المبادرة منظمون ذوى رؤية وخبرات كبيبرة فى هذا المجال، تسترشد بالالتزام الثابت بالنهج العلمي في كل خطوة.


وأشار الدكتور «خالد عبدالغفار» إلى أن هذه المبادرة تمثل لحظة تحويلية في رحلة الدولة المصرية، نحو تعزيز نظام التبرع بالأعضاء، حيث يتضمن تأسيس هذه المبادرة في جميع الجامعات المصرية والعديد من المستشفيات الكبرى التابعة لوزارة الصحة، مشيرًا إلى دعم شخصيات وطنية، ودولية بارزة في مجال زراعة الأعضاء لهذه المبادرة، وعملها بشكل جماعي لدفعها إلى الأمام بخطوات ثابتة.


ولفت الدكتور «خالد عبدالغفار» إلى أن المبادرة تهدف إلى دعم جهود الدولة المصرية لتعزيز الوصول إلى نتائج التبرع بالأعضاء وزرعها بما يتماشى مع أعلى المعايير التنظيمية والعلمية الدولية، ومساعدة جهود الدولة المصرية في تقديم كافة أوجه الدعم لدول أفريقيا والشرق الأوسط في هذا المجال، بالإضافة إلى تنظيم العديد من الأحداث والأنشطة التعليمية في مجال زراعة الأعضاء، وتعزيز البحث العلمي في مجال التبرع بالأعضاء.

وأضاف الدكتور «خالد عبدالغفار» أن المبادرة تهدف أيضًا إلى بناء علاقات قوية، وبناءة مع الجمعيات، والمجتمعات الدولية في مجال زراعة الأعضاء، بما يليق بمكانة مصر المرموقة، كما تساهم في نشر الوعي حول التبرع بالأعضاء، وقيم العطاء، وتصحيح المفاهيم والمعتقدات الخاطئة، وتشجيع التدابير الصحية الاستباقية.

ونوه نائب رئيس مجلس الوزراء إلى ان المبادرة تشمل على حملات توعية يتم تنفيذها على ثلاث مراحل؛- المرحلة الأولى تستهدف كليات الطب، بما في ذلك الطب البشرى، وطب الأسنان، والصيدلة، والطب البيطري، والتمريض، والعلوم والعلاج الطبيعي، بالإضافة إلى المستشفيات الكبرى التابعة لوزارة الصحة، والمرحلة الثانية تشمل التوسع في الكليات غير الطبية في الجامعات، كما تضمن  المرحلة الثالثة الوصول إلى المجتمع المصري بأكمله.

وكشف نائب رئيس مجلس الوزراء عن المؤتمر الدولي  الذي سيعقد في أكتوبر المقبل والذى سيعد فرصة للتعرف على آخر التطورات في إطار العمل الوطني في هذا المجال، كما يعتبر بمثابة منصة للتواصل مع الخبراء الدوليين، ويجمع بين كبار العلماء في العالم في هذا المجال، كما يعد فرصة ذهبية لعرض خبرات مصر للعالم، وتبادل وجهات النظر العالمية فى هذا المجال، كما يجمع المؤتمر نخبه من الشخصيات البارزة من جميع أنحاء العالم، مما يعزز من دورنا الأفريقي والإقليمي.

وفي ختام كلمته شدد الدكتور خالد عبدالغفار، على مواصلة الجهود المبذولة لتنظيم نظام زراعة الأعضاء، والتبرع بها، وضمان عمله بأعلى مستويات الإنصاف والشفافية والتنظيم، مؤكداً على رفع مستوى نظام الرعاية الصحية في مصر إلى أعلى المعايير العالمية.

ومن جانبة أشار دكتور كريم أبو المجد، مؤسس، ورئيس مجلس أمناء  " مؤسسة كريم أبو المجد للجهاز الهضمي وزراعة الأعضاء "، ومدير مركز جراحات الجهاز الهضمي وزراعة الأعضاء بكليفلاند كلينك بأمريكا، ورئيس مركز الجهاز الهضمي وزراعة الأعضاء بمستشفي الناس، الى أن الهدف من هذا اليوم العلمي هو مناقشة أحدث التداخلات الطبية في مجال  علاج وجراحات وزراعة الكبد وأمراض الجهاز الهضمي، وتقديم مادة علمية ثرية لتدريب الأطباء، حتى يتسنى لهم تقديم أفضل الخدمات الطبية للمواطنين.

IMG-20250409-WA0037 IMG-20250409-WA0035 IMG-20250409-WA0034 IMG-20250409-WA0036 IMG-20250409-WA0033

مقالات مشابهة

  • السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تخلف البحرية الأميركية
  • جنوب لبنان.. إسرائيل تقصف المنازل المهددة (فيديو)
  • يوم علمي لمناقشة أحدث طرق الجراحات وزراعة الكبد بمستشفى معهد ناصر
  • «الوزراء» يقر تعديل البرنامج الزمني لمشروع شركة العربي جروب للتنمية الصناعية
  • اجتماع تنسيقي لمتابعة مراحل تنفيذ وتطوير مشروع الواجهة البحرية بنيابة الأشخرة
  • تغير المناخ: محاصيل مهددة بالانقراض على كوكب الأرض
  • نجاح علمي غير مسبوق: ولادة ‘الذئاب الرهيبة’ من نوع مهدد بالانقراض منذ 10,000 عام باستخدام تقنية CRISPR
  • شاهد| ولادة خمسة غزلان ريم المهددة بالانقراض في واحة بريدة العالمية
  • جدل علمي حول تسخين الشاي في الميكروويف
  • هل تسخين الشاي في الميكروويف خطر؟ جدل علمي يكشف الحقيقة!