علماء يؤكدون فعالية طلاء الأسطح بالأبيض لمكافحة الحر في المدن
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
باريس "أ.ف.ب": غالباً ما تُقدَّم إعادة طلاء الأسطح والهياكل بالأبيض، وهي تقنية خضعت للتجربة في مدن كثيرة، على أنها علاج فعال لمقاومة موجات الحر في المناطق الحضرية... وأكدت دراستان حديثتان منافعها، إذ إنها قد تخفّض الحرارة المحيطة حتى درجتين مئويتين.
في مطلق الأحوال، ثبت أن الطلاء الأبيض يتمتع بفعالية أكبر من البدائل الأخرى مثل الألواح الشمسية التي توضع على الأسطح لإحداث الظل وتمتص الإشعاع الشمسي على الأرض، أو من تعزيز الغطاء النباتي، بحسب علماء من "يونيفرسيتي كولدج لندن" (UCL).
وأجرى العلماء دراستهم التي نشرت نتائجها مجلة "جيوفيزيكل ريسرتش ليترز" Geophysical Research Letters، باستخدام نماذج مناخية ثلاثية الأبعاد في لندن وضواحيها بالاعتماد على بيانات من صيف 2018، وهو الصيف الأكثر حرّا على الإطلاق الذي سجّلته العاصمة البريطانية.
وتُظهر النماذج أنه "في حال اعتمادها على نطاق واسع في كل أنحاء لندن"، بإمكان الأسطح المطلية باللون الأبيض أو المصنوعة من مادة عاكسة (وتسمى أيضاً "الأسطح الباردة")، أن "تخفّض درجة الحرارة الخارجية في المدينة بمعدل 1,2 درجة وصولاً إلى درجتين مئويتين في بعض الأماكن".
ويوضح المعد الرئيسي للدراسة الدكتور أوسكار بروس، أنّ "الأسطح الباردة تُعدّ أفضل حل للحفاظ على درجة الحرارة عند مستويات منخفضة في أيام الصيف الأكثر تطرفاً، وهناك طرق أخرى لها تأثيرات مفيدة مماثلة، ولكن لم يتمكن أيّ منها من تقليل الحرارة بالمقدار عينه".
ولا تتعدى قدرة الألواح الشمسية أو تخضير الشوارع على خفض الحرارة، عتبة 0,3 درجة مئوية في المعدّل.
وكذلك الأمر، فإن تعزيز الغطاء النباتي على الأسطح، وبالإضافة إلى كونه خياراً صعب التنفيذ (إذ يستوجب تعزيز الدعائم نظراً إلى الوزن الإضافي الذي يمثّله)، ورغم فوائده في ما يتعلق بتصريف مياه الأمطار أو تعزيز التنوع البيولوجي "ليس له تأثير يُذكر" على صعيد الحد من الحرارة، بحسب معدي الدراسة.
وأخيراً، فإن تكييف الهواء، من خلال نقل الحرارة من داخل المباني إلى الخارج، من شأنه أن يزيد معدلات الحرارة في المدينة ككل بمقدار 0,15 درجة، ولكن الازدياد قد يصل إلى درجة واحدة في وسط لندن، ما يساهم في تكوين جزر حرارية.
وتؤكد الدراسة أنه "من خلال إعادة الحرارة بدلاً من امتصاصها، تتمتع (الأسطح الباردة) بميزة مزدوجة تتمثل في خفض درجة الحرارة، ليس فقط في البيئة الحضرية الخارجية بل أيضاً داخل المباني".
وفي دراسة أخرى يعود تاريخها إلى آذار/مارس، أجريت هذه المرة في ظروف حقيقية في منطقة في سنغافورة حيث أعيد طلاء الأسطح والجدران وأسطح الطرق بالأبيض، تبيّن أن درجة الحرارة الإجمالية يمكن أن تنخفض بما يصل إلى درجتين في فترة ما بعد الظهر، وأن التراجع المحسوس في درجات الحرارة لدى المارة تحسن بما يصل إلى 1,5 درجة مئوية.
ويرجع ذلك إلى "تأثير البياض" (أو العاكسية - Albedo)، حيث كلما كان السطح أخف وزناً، ازدادت قدرته على أن يعكس الضوء، وبالتالي الحرارة. على سبيل المثال، يمكن السقف الأبيض المصنوع من البلاستيك الحراري أن يعكس 80 % من أشعة الشمس.
وتخضع هذه الأساليب التي أوصت بها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وجرت تجربتها في دول عدة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان، للاختبار في مدن مختلفة في بلدان كانت معتدلة مناخياً في السابق لكنها تشهد موجات حارة بشكل متزايد.
هل يمكن أن يقدّم طلاء المدن كلياً بالأبيض الحل على صعيد تقليص درجات الحرارة؟ الأمر يبقى نسبياً. فبالنسبة إلى المدن التي اختارت تغطية المباني وأيضاً طلاء الأرضيات في الطرق بلون أبيض نقي، تبدو النتائج باهتة.
ففي لوس أنجليس التي أعادت طلاء جزء من أرصفتها باللون الأبيض عام 2017، اشتكى المارة من شعور أكبر بالحماوة، إذ تنخفض الحرارة فقط عند الأرض وليس على مستوى الأشخاص، فضلاً عن الإرهاق البصري الناجم عن النظر إلى اللون الأبيض.
كما أنهت مدينة ليون الفرنسية في أغسطس الفائت اختباراً استمر عامين قام على طلاء الشوارع بالأبيض، بحجة الكلفة الباهظة وسرعة اتّساخ الشوارع.
على العكس من ذلك، عندما يُستخدم الأبيض فقط على أسطح المباني، أتت نتائج التجربة ناجحة: ففي غرونوبل الفرنسية، بعد إعادة طلاء قاعة "بيفورك" الاجتماعية باللون الأبيض، أتت النتيجة إيجابية بحسب المدينة، إذ تراجع معدّل الحرارة أربع درجات مئوية وفق دراسة مستقلة.
في ترمبلاي أن فرانس، اكتسبت صالة جان غيمييه للألعاب الرياضية والتي ستكون بمثابة مركز تدريب لأولمبياد باريس 2024، أدى طلاء السقف بالأبيض إلى خفض معدل الحرارة بواقع 5 درجات مئوية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: درجة الحرارة
إقرأ أيضاً:
"لا تنخدعوا بالدفء".. الأرصاد توجه تحذير شديد اللهجة للمواطنين
أكدت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة لـ “الأرصاد الجوية”، أنه يجب على المواطنين ألا ينخدعوا بالدفء خلال الفترات الحالية وبساعات النهار، قائلة: "لا تنخدعوا بالدفء لأن هناك انخفاض كبير في ساعات الليل المتأخر والصباح الباكر، فترات النهارد قيم درجات الحرارة أعلى من معدلاتها الطبيعية في هذا التوقيت من العام بمعدل درجتين".
بيان من الأرصاد الجويةوأوضحت "غانم"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المٌذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن درجة الحرارة العظمى على القاهرة الكبرى هذا الأسبوع تصل لـ 22 درجة مئوية في فترات النهارد، مؤكدة أن النصف الأول تتعرض الدولة المصرية لمنخفض جوي في طبقات الجو العليا يساعد على فترات سطوع الشمس وزيادة الإحساس بالإستقرار والأجواء تكون بين المعتدلة ومليئة للدفء.
وشددت هيئة الأرصاد الجوية، على أنه يكون هناك انخفاض كبير في درجات الحرارة في ساعات الليل مع غياب أشعة الشمس والأجواء تكون شديدة البرودة ومستمرة في هذا الأسبوع، وتصل درجات الحرارة الصغرى في فترات الليل لـ 11 درجة مئوية بالقاهرة الكبرى والمدن الجديدة تنخفض لأقل من 10 درجات الحرارة، مؤكدة أن شهري يناير وفبراير هما ذروة شهر الشتاء.
وتابعت: "الشبورة المائية هي الظاهرة المسيطرة على الأجواء خلال النصف الأول من الأسبوع الحالي تؤدي لانخفاض كبير في الرؤية الأفقية ولابد من القيادة بحذر شديد وهي ظاهرة أخطر من تساقط الأمطار"، مشددة على أن هناك فرص لسقوط الأمطار ووجود منخفض جوي بداية من الثلاثاء والأربعاء والخميس.