يقال في المثل: «السر إذا تجاوز الاثنين شاع» ومن تجربة شخصية أقول؛ وبكل ثقة: إن السر إذا تجاوز صاحبه لم يعد سرا، بغض النظر عن من هو الذي تشاركه، أو يشاركك هذا السر، وكما قال أحدهم:
«إذا ضاق صدر المرء يوما بسره
فصدر الذي يستودع السر أضيق»
حيث لا حصانة هنا لأحد أيا كانت الخصوصية التي تجمع بين أي طرفين، ففي ظرف غير معتاد يمكن لهذا الشخص أو ذاك ممن استأمنته سرك، أن ينشره على حبل الغسيل -كما يقال- ولو بطريقة التورية، فالناس مجبولون على الحرص على أن يكونوا في المقدمة، وخاصة إذا كان هذا التقدم يضعهم في أول قائمة من يشار إليهم بالبنان، لأنهم يمتلكون شيئا مما لم يعرفه الآخرون، وهذه الإشارة أو تلك لن تكون إلا بتقديم أنفسهم على أنهم يمتلكون سرا ما، أو حقيقة ما مخفية عن آخرين، ولا يهم إن كان الإفصاح في حينها سوف يضر بأولئك الآخرين، أو ستكون له ردة فعل غير طيبة، فالمهم في هذه اللحظة أن يضع الشخص نفسه في قائمة الاهتمام من قبل الآخرين، مع أن الآخرين لن ينفعوه في ساعة المحنة، حيث سيجول في ميدان العتاب من قبل من أساء إليهم بإفشاء سرهم، وسيدفع ثمن الخطأ وحده فقط، وقد يكون الثمن قاسيا، وذلك بناء على الأهمية التي يشكلها ما كان قبل الإفشاء «سر».
وانعكاسات إفشاء السر غير منكورة، ونعايشها بشكل كبير، فكم من بيوت تهدمت! وكم من علاقات تقطعت! وكم من مواثيق تمزقت! وكم من ثقات تزعزعت! وكان سبب ذلك كله، لأن أحد الأطراف لم يستطع أن يحتفظ بسر الطرف الآخر، وهذا السلوك أيضا من الفطرة، وليست ممارسة ميكانيكية تحتاج إلى تدرب ومراس، ولذلك يعقبها ندم كبير، وألم ما بين دواخل الأنفس، ولكن بعد ماذا؟ بعد «خراب مالطا» كما هو المثل الشهير.
يروى عن الدكتور مصطفى محمود- رحمه الله- قوله: «الستر في القاموس الشعبي، القليل من كل شيء والكثير من الروح، وأنا بعد ثلاثين سنة من التفلسف وقراءة المعاجم والمراجع والمصطلحات لم أجد أفصح من هذه الكلمة البسيطة (الستر). ولهذا فأنا أطلبه لك كما كانت أمي تطلبه لي، واعتبر بأني بهذا أكون قد طلبت كل شيء» - انتهى النص - ووفقا لهذه المقاربة، فإن الستر لن يخرج عن المحافظة على سر ما، يظل التستر عليه من قبل الأطراف الأخرى، لذلك فانكشاف الستر هو تعرية السر، وإفشاؤه للعامة، ومن المقاربات الأخرى في هذا المعنى هو ضرب المثل بـ«ورقة التوت» حيث يقال في كثير من المواقف: «سقطت ورقة التوت» بمعنى أن السر قد انكشف، وعرف ما كان مخفيا من قبل، لذا لا فائدة من إخفاء ما علم بعد ذلك.
والمحافظة على السر، وإخفاؤه بصورة مطلقة، ليس بالأمر اليسير حيث يحتاج إلى كثير من المجاهدة، وعقد المقارنات بين الاحتفاظ به، وبين العلن به، وهذه المقارنات تذهب كلها إلى مستويات الخطورة المتوقعة من إفشاء السر، وبالتالي فهناك الكثير من الناس الذين خسروا أنفسهم، ومن كان قريبا منهم في لحظة زمنية ما، والسبب هو عدم قدرتهم على الاحتفاظ بأسرار من ائتمنوهم؛ في لحظة صفاء أو رضا؛ بشيء من أسرارهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من قبل
إقرأ أيضاً:
شبيه جديد لـ"كوفيد-19" يظهر في الصين.. علماء يعلنون اكتشاف فيروس تاجي جديد يصيب البشر.. دراسة علمية: الخفافيش كلمة السر في انتشار الفيروسات حول العالم.. و"كورونا" و"إيبولا" و"سارس" أبرز الأمثلة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كابوس جديد يفاجئ العالم كشف عنه فريق طبي صيني ويشكل مصدرًا جديدًا لتهديد فيروسي قد يغزو العالم.
وأكد علماء الفيروسات أنه تم تأكيد اكتشاف فيروس تاجي جديد لدى الخفافيش، يمكنه إصابة البشر بنفس الطريقة التي يصيب بها فيروس "كوفيد-19"، والسلالة الجديدة تندرج ضمن الفيروسات التاجية التابعة لفيروس كورونا، وتحمل اسم " HKU5".
وبحسب تقرير نشرته صحيفة محلية صينية فإن الفيروس الجديد هو نسخة شبيهة لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"؛ حيث يمكنه إصابة البشر بنفس الطريقة التي يصيب بها فيروس كورونا، واكتشف لأول مرة في خفاش ياباني في هونغ كونغ.
وذكر التقرير أن فريقًا من العلماء برئاسة عالمة الفيروسات الصينية الشهيرة شي تشنغ لي، درس هذا الفيروس في مختبر قوانغتشو بالتعاون مع متخصصين من فرع قوانغتشو لأكاديمية العلوم الصينية وبمشاركة علماء جامعة ووهان ومعهد ووهان لعلم الفيروسات، بحسب صحيفة South China Morning Post.
ويؤكد الخبراء أن السلالة الجديدة من الفيروسات التاجية تم اكتشافها بالفعل بعد تحاليل معملية، وقالوا: "لقد أبلغنا عن اكتشاف وعزل سلالة منفصلة (السلالة 2) من HKU5-CoV التي يمكنها استخدام ليس فقط ACE2 (بروتين الغشاء لدى الخفافيش؛ بل وأيضًا ACE2 البشري وبقية الثدييات".
واكتشف الباحثون أن الفيروس المعزول من عينات الخفافيش يمكنه إصابة الخلايا البشرية ويحذرون من أن "فيروسات الخفافيش تشكل خطورة كبيرة في الانتقال إلى البشر مباشرة أو من خلال الوسطاء".
ووفقًا للباحثين قد يكون للفيروس HKU5-CoV-2 الجديد مضيفين أكثر وإمكانية أعلى لإصابة مختلف الأنواع". ولكن لا يوجد سبب للذعر حتى الآن؛ لأن "خطر ظهور HKU5-CoV-2 في المجتمع البشري لا ينبغي المبالغة فيه". لكن على الرغم من ذلك يجب إجراء دراسة مفصلة وشاملة.
الخفافيش.. مستودعات لنقل الفيروسات الخطرة حول العالموبحسب دراسة صادرة عن المركز الوطني للمعلومات التقنية الحيوية التابع للمكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة؛ فإن الخفافيش تعد بمثابة مستودعات طبيعية للعديد من الفيروسات شديدة الضراوة؛ حيث تلعب الخصائص الاجتماعية والبيولوجية والمناعية للخفافيش دورًا مهمًا في الحفاظ على الفيروسات ونقلها.
ويعتقد أن انتقال الفيروسات من الخفافيش إلى الحيوانات المضيفة الوسيطة هو الطريق الأكثر احتمالاً للتسبب في إصابة البشر. كما أنه يمكن للعوامل الاجتماعية والثقافية أن تؤدي إلى انتشار الفيروسات التي ينقلها الخفافيش بين البشر.
وخلصت الدراسة إلى أن الخفافيش كانت كلمة السر في انتشار العديد من الفيروسات حول العالم ومن أبرز تلك الفيروسات فيروس إيبولا، وفيروس سارس، وفيروس ميرس، وفيروس نيباه، وفيروس هيندرا.
وأكدت الدراسة أنه في السنوات الأخيرة ظهرت أمراض معدية خطيرة بشكل مستمر؛ ما تسبب في حالة من الذعر في العالم، والآن نعلم أن العديد من هذه الأمراض الرهيبة ناجمة عن فيروسات نشأت من الخفافيش؛ مثل فيروس إيبولا، وفيروس ماربورغ، وفيروس سارس التاجي (SARS-CoV)، وفيروس ميرس التاجي (MERS-CoV)، وفيروس نيباه (NiV)، وفيروس هندرا (HeV). وقد تطورت هذه الفيروسات مع الخفافيش بسبب السمات الاجتماعية والبيولوجية والمناعية الخاصة بالخفافيش.
وشددت الدراسة على أنه على الرغم من أن الخفافيش ليست على اتصال وثيق بالبشر؛ إلا أن انتشار الفيروسات من الخفافيش إلى العوائل الحيوانية الوسيطة، مثل الخيول والخنازير والزباد أو الرئيسيات غير البشرية، يُعتقد أنه الطريقة الأكثر ترجيحًا للتسبب في إصابة البشر. قد يصاب البشر أيضًا بالفيروسات من خلال الهباء الجوي عن طريق التطفل على كهوف الخفافيش أو عن طريق الاتصال المباشر بالخفافيش، مثل اصطياد الخفافيش أو التعرض لعضة من الخفافيش، وكذلك نظرًا لاعتماد بعض الشعوب في الصين وأفريقيا على تناول لحوم وعظام الخفافيش كغذاء وتعد جزءا من الوجبات الأساسية.