الإجازة الصيفية تعني الكثير لدى الطلاب، ويحصي بعضهم الأيام والليالي للحصول عليها، لممارسة أنشطتهم المفضلة، مثل اللعب والتنزه والبحث عن راحة البال بعيدًا عن أجواء الامتحانات، لكن محمود قدري السعيد، البالغ من العمر 15 عامًا، كانت نظرته إلى العطلة مختلفة، فهو ينتظرها من أجل العمل لتوفير نفقاته والاعتماد على نفسه.

قصة الطموح 

«بحب الرسم وهبقى فنان»، بتلك الجملة عبر «محمود» عن  حبه لهوايته التي أشعلت رغبته في العمل للاعتماد على نفسه، وسط تخوف من الأسرة وعدم رغبتهم في أن يقدم على هذه الخطوة، لكنه أصر على تحقيق هدفه، وكان له رأس مال قصص وألبومات رسم قديمة يحتفظ بها منذ نعومة أظافره، فقرر بيعها واستثمار ثمنها، حتى وجد توفيق الله حليفًا له.

الفرحة في البدايات 

في أول مرة خرج فيها «محمود» من منزله إلى أحد النوادي في مدينة المنصورة، لبيع القصص الأدبية والمصورة، حقق أرباحًا مبشرة، شجعته على الاستمرار والمضي قدمًا في مسيرة تحقيق الذات: «ببيع القصة بـ25 جنيهًا وعملت 300 جنيه في أول يوم، وجبت موبايل وكنت فرحان أوي عشان من تعبي ومجهودي مراحش سدى».

الدعم الأسري

مع الوقت أصبح العمل بالنسبة لـ«محمود» من أساسيات الحياة، وبدأ يفكر في تطوير نفسه ومن مشروعه، وسط دعم ابنة عمه «فاطمة»، التي اقترحت عليه التوسع لإنشاء صفحة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب الزبائن، «محدش بيروح يشتري لازم أنا اللي أعرض وأوصل شغلي».

الهدف الأكبر والتطلع إلى المستقبل

وفي الوقت نفسه يكثف «محمود» من مهاراته في الرسم، حتى يتمكن من إعداد كتب الرسم للأطفال بنفسه دون الاعتماد على شرائها، كما ما زال يسير في طريق حلمه الأكبر وهو الالتحاق بكلية فنون جميلة، «إن شاء الله هبقي فنان كبير وهحقق حلمي».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المنصورة فنون جميلة الرسم موبايل

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في الزوايا التي لا تزورها الكاميرات، حيث لا يجلس الشعراء ولا يمرّ السائحون، وُلدت لوحات فتحي عفيفي. لم يُولد من رحم الضوء، بل من رحم الغبار، من سعال الآلات، من عرق العامل الذي نسي اسمه، وتذكرَ فقط صوت المخرطة.

فتحي عفيفي ليس فنانًا يرسم، بل كائنٌ يُصغي. يُصغي للحديد وهو يتألم، للحائط وهو يتقشّر، للقلب وهو يُطوى داخل بدلة زرقاء. خرج من حيّ السيدة زينب، لكن قلبه ظلّ هناك، يشرب من كوب الشاي المرّ، ينام على صوت الراديو العتيق، ويتأمل وجوه الرجال الذين لم يتعلموا البكاء، فصاروا يُسرّبونه في صمتهم الطويل.

كل لوحة له، ليست عملًا فنيًا، بل مَعلمًا من معالم الأرواح المنسية. كأنه لا يرسم بفرشاته، بل بأظافر جدته، بحنين أبيه، بأحزان أم لم تتعلم القراءة لكنها تحفظ وجه الله في التجاعيد.

في مصنع ٥٤ الحربي، تعلّم أن الحديد له قلب. أن الآلة تُحب. أن الندبة في ذراع العامل ليست عيبًا، بل ختمًا سماويًا. هناك، صادقَ الصدأ، وراقبَ الحزن وهو ينسكب على الخشب والبشر معًا، ثم عاد إلى مرسمه كي يُعيد رسم العالم كما يراه: عالم لا يخجل من شقوقه، ولا يتجمّل.

لوحاته ليست أنيقة. بل صادقة.

ليست لامعة. بل دامعة.

فيها صوت السلم المكسور، وهمهمة الخوف، وبكاء الليل في أذن امرأةٍ تصنع الغداء من الهواء.

هو فنان من طينة نادرة، لا يرى في الألوان بهجة زائلة، بل يرى فيها توثيقًا للعابر، للمنكسر، للهامشي الذي لا تكتبه الصحف. في الأحمر يرى الجرح، وفي الأزرق يرى الغياب، وفي الأبيض يرى جسدًا خرج من العمل ولم يعد.

لوحات فتحي عفيفي ليست مُجرد صُورٍ للمكان، بل هي رحلة في ذاكرة الإنسان، رحلة في قلب العالم الذي يعجّ بالآلات والبشر، بالأحلام التي لا تُكتب، وبالأفكار التي لا تتسع لها الصحف. هنا، في تفاصيل هذا العالم، تجدُ الأجساد غير المرئية تُحاول أن تصرخ، لكنهم لا يمتلكون سوى فمٍ صامت وأيدٍ مهشمة. ولهذا، فقد حمل عفيفي هذه الهمسات الصامتة في لوحاته، وأعطاها حقها في التعبير. فنراه يغير وجه الحياة في كل لون يرسمه، في كل حركة فرشاة تُمرّ على القماش، كأنه يعيد استكشاف المعنى في الأشياء البسيطة.

في جوائزٍ مثل جائزة التحكيم في بينالي القاهرة السابع عام 1998، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون عام 2023، كان تكريمًا له، ولكن في حقيقة الأمر كان تكريمًا لكل هذه الوجوه التي رسمها، لكل هذه الأرواح التي لم تجد طريقًا للتعبير عنها سواه. لم يكن عفيفي بحاجة إلى الكلمات ليُعبّر عن نفسه؛ فقد كانت أعماله هي اللغة الأكثر صدقًا، وهي الأداة التي لم تترك بابًا مغلقًا إلا وفتحته، ولم تترك ملامح غريبة في عالمه إلا وأخرجتها من الظلام إلى النور.

لكن الفضل الأكبر في أعماله لا يكمن في الجوائز ولا في التصفيق الحاد، بل في قدرته على جعلنا نرى الحياة كما هي، دون تكلف، دون تجميل، فقط بكل شجاعتها وأحزانها. هو لم يرسم الحياة كما نريدها، بل كما هي بكل قبحها وجمالها. وفي لوحاته، نجح في أن يجعلنا نتأمل في تفاصيل تلك الحياة التي تمرّ دون أن نلتفت إليها. هو لم يكن فنانًا يخبئ الحقيقة في ألغازٍ معقدة، بل كان يضعها أمامنا كما هي، بشكل مباشر، عميق، وحميم.

فقد عرفت لوحاته الطريق إلى القلب، كما عرفت طريقها إلى الذاكرة. فتحي عفيفي، بكل ما يحمله من حزنٍ وطموح، رسم لنا مدينة من صمت وأصوات، مدينة لا نراها، لكنها دومًا في قلوبنا. وبذلك، لم يكن فقط فنانًا يقتصر عمله على الألوان والفرشاة، بل كان شاعرًا أيضًا، يسرد تاريخًا ضاع بين الزوايا، ويغني للأشياء التي لا يسمعها سوى الصامتون.

مقالات مشابهة

  • مدير مكتب الشؤون السياسية بحمص خلال زيارته مدينة حسياء الصناعية: ضرورة توفير الدعم لتحقيق التنمية وخلق فرص عمل
  • "وجوه منسية".. مشروع تخرج طلاب إعلام بنها لتسليط الضوء على أبطال الظل في المجتمع المصري
  • هل تُصنع السلع الغربية الفاخرة في الصين حقا؟ أم يستغل تجار التقليد الحرب الاقتصادية؟
  • محمد كاظم: المشاركات الدولية تزيد الوعي بالفن الإماراتي
  • وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تواصل مساهمتها في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في تنمية رأس المال البشري
  • مصر.. جريمة دموية تهز الإسماعيلية وإيقاف فنان شهير عن العمل
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل
  • محافظ الدقهلية: غلق أي منفذ للسلع يبيع بأسعار مخالفة للمعلنة
  • الرسم والفروسية.. جاسيكا حسام الدين تكشف لصدى البلد عن هوايتها (فيديو)
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا