بوابة الوفد:
2025-02-07@04:46:44 GMT

عندما حذفن «نون النسوة»

تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT

«إيهٍ يا عزيز! إنى لأقولها لك بين حين وحين وقد قطع الموت ما بينك وبينى من الأسباب، فلا أسمع حديثك راضيًا، ولا أسمع حديثك ساخطًا! ولكنى على ذلك أسمع منك حديثًا صامتًا لا يصل إلى سمعي؛ لأن الموتى لا يتحدثون إلى الأسماع، وإنما يصل إلى قلبي؛ لأن الموتى كثيرًا ما يتحدثون إلى القلوب. وإنك لتعلم يا بنى أن أجسام الموتى تغيب فى الماء أو فى التراب، ولكن نفوسهم تحيا فى القلوب، فتتحدث إليها وتسمع منها فى النوم واليقظة، وفى الإقامة والترحال».


تلك كانت فقرة بديعة مما كتب عميد الأدب العربى فى تقديمه الرائع  للديوان الشعرى البديع « ديوان عزيز» للشاعر الوطنى المبدع « عزيز فهمى « ، فقد كان يرى أن للميت نفسًا لا يبلغها الإحصاء ولا ينالها الحصر ولا يحدها المكان؛ فهى كثيرة على أنها واحدة، وهى تنزل فى قلوب كثيرة فى وقت واحد وعلى اختلاف الأوقات والأطوار والشئون..» ..
وقد تميز «عزيز فهمى» الشاعر المصرى بغزارة إنتاجه الشعرى ، وهو من مواليد طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّى حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسى فى مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، كما انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه فى القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.
بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة ، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصرى عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة ؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب فى الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» فى تحرير الصُّحف والمَجَلات التى كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا فى كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ فى عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزى.
وقد رصد النقاد فى زمانه تنوع قصائد دواوينه بينَ الطويلةٍ والمتوسطةِ الطول، واتجاهه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و»حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية فى شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. 
وعندما نشرت مجلة الرسالة بتاريخ ١٥ / ١ /  ١٩٤٥أن النساء قررن فى مؤتمرهن الذى انعقد فى القاهرة المطالبةَ بحذف نون النسوة من اللغة؛ تحقيقًا لمساواتهن بالرجال، نظم الدكتور عزيز فهمى هذه الأبيات فى ذلك :
هَلَا أتاك حديثُهُنَّه؟
النون ليست نونَهُنَّه
هذا القرار وثيقة
أَفصحْ وذكِّرْ جمعَهنَّه
النون تخدش سمعَهُنَّ
… وما أرقَّ شعورَهنَّه!
ظلم الرجالُ نساءهم
ما للرجال وما لَهُنَّه؟!
النون فرض كفاية
يكفى النساءَ فروضُهنَّه
والميم أحسم للخلاف
فلا تثيروا كيدَهنَّه
بَرِئ النساء من الأنوثة
مذ مَلْكنَ قيادَهنَّه
عِفْنَ الخِباء وما الحياة
إذا لزمن خدورَهنَّه
عبء الأمومة فادح
حسب العقائل حَمْلُهنَّه
حسب العقائل ما احتملــن

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رؤية الشاعر المصرى حزب الوفد

إقرأ أيضاً:

دراويش مصطفى النحاس!!

الدراويش هم فئة من الناس، تعشق من تؤمن به وتحب ما تقوله عنه.. وكاتب هذه السطور من عُشاق مولانا الحسين ومن مُحبى الزعيم مصطفى النحاس.. ولأن النحاس كان من مريدى سيدنا الحسين، فقد وجدت نفسى -ولست مُرغمًا- من دراويش زعيمنا مصطفى النحاس الطاهر الشريف عفيف اليد واللسان والتاريخ!
نعم.. هو الشريف الذى أخذه والده طفلا إلى ضريح الإمام الحسين وقال له: «يا بن بنت الرسول هذا ابنى مصطفى فى مَعيتك وقد وهبته لخدمتك»! وهذا هو سر ارتباط النحاس بالمسجد الحسينى وحرصه على الصلاة فيه كل أسبوع.
وهذا هو سبب إصرار تلاميذ النحاس عند وفاته على السير بجنازته -بعد الصلاة عليه فى مسجد عمر مكرم بميدان التحرير- إلى مسجد الحسين، والصلاة عليه مرة ثانية داخل المسجد الذى ارتبط به منذ كان طفلًا.. وهتفت الجماهير عندما اقتربت الجنازة من المسجد «يا ابن بنت الرسول الزين جالك الحبيب الزين».
علاقة النحاس بمسجد الحسين استمرت وازداد تعلقه به بعد يوليو 1952 عندما تم تحديد حركة الزعيم مصطفى النحاس.. وكان مسجد الإمام الحسين من الأماكن المسموح له بزيارتها أسبوعيًا بناءً على طلبه.. وكان مريدوه يذهبون إلى هناك يوم الجمعة لمقابلته والاطمئنان عليه، وكان سعد فخرى عبدالنور نجل القيادى الوفدى البارز فخرى عبدالنور لا يرى النحاس إلا كل يوم جمعة فى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة.. وفى إحدى المرات قال سعد عبدالنور للنحاس: يا باشا أنا مسيحى.. مش معقول كل ما أحب أشوفك لازم تجبرنى أدخل جامع الحسين! فرد عليه النحاس مازحًا: جرى إيه يا سعد إنت ما تعرفش إن مولانا الحسين كان وفدي!
هذه الحكاية الحقيقية -سردًا ونقلًا- هى مفتاح شخصية مصطفى النحاس باشا الذى قضى عمره يدافع عن الوطن وقضيته الوطنية من خلال الوفد، الحزب العريق الذى عشقه مثل روحه مستعينًا بالله.. متمسكًا بثوابته التى لا تختلف عن ثوابت كل المصريين الذين كانوا يعملون نهارًا من أجل لقمة العيش ويناضلون ظهرًا ضد الاحتلال ويزورون، ليلًا، أولياء الله الصالحين تبركًا بهم فى مواجهة ظُلم الاحتلال، ويمسكون بأيدى إخوانهم المصريين بغض النظر عن دينهم لصناعة عروة وثقى تحميهم من الطغيان والتشتت والانحدار.. كانت هكذا مصر وكان مثلها النحاس.. الذى كانت حياته مثل وفاته.
قال الصحفى إبراهيم عيسى: «مصطفى النحاس رجل عظيم ومظلوم ولا يوجد أعظم منه فى تاريخ مصر.. حزب الوفد كان حينها حزب الأغلبية وجاء بالديمقراطية والانتخاب رغم وجود بعض المظالم ووجود ملك يحتكر السلطات واحتلال إنجليزى».
نعم.. مصطفى النحاس، هو الزعيم الذى تعرض، للظلم، فهو الزعيم الوطنى، المناضل، الذى تعرض لأكبر عملية محو تاريخى لإنجازاته السياسية، وهو الزعيم الطاهر الشريف الذى لم يحصل على تكريم من وطنه سوى إطلاق اسمه على شارع شاءت الظروف أن يكون شارعًا مهمًا فى أحد أحياء القاهرة!
دعونا نتكلم عن سيرة مصطفى النحاس، حتى تعرفه الأجيال الجديدة، التى تبحث عن مثل مضىء فى طريق العمل السياسى، ولن نجد أفضل من مصطفى النحاس نموذجًا، وهو الرجل الذى أطلق عليه سعد زغلول لقب «سيد الناس» الذى أصبح لقبه فيما بعد.. «الزعيم المظلوم»!
«النحاس» تعرض لانتقادات شديدة بسبب قبوله تشكيل الحكومة الخامسة له، والتى استمرت أربعة أشهر، تقريبًا، من 4 فبراير 1942 وحتى 26 مايو من نفس العام، وقد تعرض للهجوم لأن الإنجليز فرضوها على الملك «فاروق».. فقد كانوا يريدون حكومة يرضى عنها الشعب خوفًا من القلاقل الداخلية أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن «النحاس» قال فى خطاب الحكومة موجهًا حديثه للملك: «لقد ألححتم علىّ المرة تلو المرة ثم ألححتم علىّ المرة تلو المرة كى أقبل هذه الوزارة وقد قبلتها» لينفى الرجل بذكاء شديد الاتهام الذى وجهه خصوم الوفد للنحاس بالتواطؤ من أجل الحصول على منصب رئيس الوزراء!!
ورغم كل هذه الوزارات وكل هذا السلطان كان يعود الرجل بعد أشهر قليلة من الحكم إلى صفوف الجماهير، مناضلًا ومكافحًا من أجل الحرية والديمقراطية.. لم يفسد ولم يتربح.. حتى إن خصومه حاكموه فى البرلمان و أصدروا ضده كتابًا أسودًا واتهموه بالفساد لأن زوجته السيدة زينب الوكيل لم تدفع رسومًا جمركية مقررة على بالطو «فُرير» حضرت به من الخارج وكانت ترتديه.. فاعتبره خصومه فسادًا!
ظل النحاس مقيد الحركة حتى توفى يوم 23 أغسطس 1965 وهو لا يملك سوى معاش لا يكفى تغطية ثمن الدواء.. عاش فقيرًا ومات فقيرًا.. ولكنه بلا شك رحل زعيمًا فماتت الزعامة من بعده.
النحاس، كما قلت لكم هو أيقونة الوفد، ودليل الوفديين للمبادئ التى لا تموت، و زعيمهم الملهم، وقائدهم عند الشدائد، ونحن جميعًا سائرون على دربه.. وسنظل دراويش النحاس.. تجمعنا سيرته.. ونشد عضدنا بمبادئه.

مقالات مشابهة

  • حالة من الغضب.. فيديو تشييع جنازة بالرقص والغناء يثير الجدل
  • أبرزها أكل الموتى.. تعرف على أغرب التقاليد فى العالم وسر الإيمان بها
  • «أمن القاهرة» تستقبل وفدا من «الشباب والرياضة» للاحتفاء بعيد الشرطة الـ73
  • أمن القاهرة يستقبل زيارة لوفد من مديرية الشباب والرياضة وأعضاء برلمانات مراكز الشباب.. صور
  • وفد رفيع المستوى.. من سيزور بيروت قريباً؟
  • عزيز الشافعي ونادر حمدي وصناع ألبوم حبيبنا في احتفالية نجاحه مع أحمد سعد
  • وفد عسكري كويتي يزور أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة
  • رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في ندوة حول كتاب المجيء الثاني للمسيح للراحل القس فهيم عزيز
  • دراويش مصطفى النحاس!!
  • لجنة حماية الصحفيين تدين حكمًا بالسجن بحق الصحفي عزيز الأحمدي في شبوة