«إيهٍ يا عزيز! إنى لأقولها لك بين حين وحين وقد قطع الموت ما بينك وبينى من الأسباب، فلا أسمع حديثك راضيًا، ولا أسمع حديثك ساخطًا! ولكنى على ذلك أسمع منك حديثًا صامتًا لا يصل إلى سمعي؛ لأن الموتى لا يتحدثون إلى الأسماع، وإنما يصل إلى قلبي؛ لأن الموتى كثيرًا ما يتحدثون إلى القلوب. وإنك لتعلم يا بنى أن أجسام الموتى تغيب فى الماء أو فى التراب، ولكن نفوسهم تحيا فى القلوب، فتتحدث إليها وتسمع منها فى النوم واليقظة، وفى الإقامة والترحال».
تلك كانت فقرة بديعة مما كتب عميد الأدب العربى فى تقديمه الرائع للديوان الشعرى البديع « ديوان عزيز» للشاعر الوطنى المبدع « عزيز فهمى « ، فقد كان يرى أن للميت نفسًا لا يبلغها الإحصاء ولا ينالها الحصر ولا يحدها المكان؛ فهى كثيرة على أنها واحدة، وهى تنزل فى قلوب كثيرة فى وقت واحد وعلى اختلاف الأوقات والأطوار والشئون..» ..
وقد تميز «عزيز فهمى» الشاعر المصرى بغزارة إنتاجه الشعرى ، وهو من مواليد طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّى حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسى فى مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، كما انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه فى القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.
بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة ، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصرى عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة ؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب فى الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» فى تحرير الصُّحف والمَجَلات التى كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا فى كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ فى عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزى.
وقد رصد النقاد فى زمانه تنوع قصائد دواوينه بينَ الطويلةٍ والمتوسطةِ الطول، واتجاهه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و»حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية فى شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن.
وعندما نشرت مجلة الرسالة بتاريخ ١٥ / ١ / ١٩٤٥أن النساء قررن فى مؤتمرهن الذى انعقد فى القاهرة المطالبةَ بحذف نون النسوة من اللغة؛ تحقيقًا لمساواتهن بالرجال، نظم الدكتور عزيز فهمى هذه الأبيات فى ذلك :
هَلَا أتاك حديثُهُنَّه؟
النون ليست نونَهُنَّه
هذا القرار وثيقة
أَفصحْ وذكِّرْ جمعَهنَّه
النون تخدش سمعَهُنَّ
… وما أرقَّ شعورَهنَّه!
ظلم الرجالُ نساءهم
ما للرجال وما لَهُنَّه؟!
النون فرض كفاية
يكفى النساءَ فروضُهنَّه
والميم أحسم للخلاف
فلا تثيروا كيدَهنَّه
بَرِئ النساء من الأنوثة
مذ مَلْكنَ قيادَهنَّه
عِفْنَ الخِباء وما الحياة
إذا لزمن خدورَهنَّه
عبء الأمومة فادح
حسب العقائل حَمْلُهنَّه
حسب العقائل ما احتملــن
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية الشاعر المصرى حزب الوفد
إقرأ أيضاً:
الوفد: دماء الشهداء سطرت تاريخًا حافلًا بالبطولات في صفحات التاريخ بأحرف من نور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال المهندس حمدي قوطة عضو الهيئة العليا في حزب الوفد، رئيس لجنة الصناعة بالحزب، إن دماء المصريين سطرت تاريخًا حافلًا بالبطولات والتضحيات في صفحات التاريخ بأحرف من نور، وباتت نموذجًا يحتذي به للأجيال المتعاقبة، ودرسًا من دروس الوطنية الحقيقية، وتحفيز الأجيال بالولاء والانتماء والدفاع عن الوطن والتضحية من أجله بالغالي والنفيس.
وأضاف رئيس لجنة الصناعة في بيان له اليوم، إن تضحيات الشهداء من أبطال القوات المسلحة والشرطة والشعب المصري عامل أساسي في قوة هذا الوطن وتقدمه وتنميته، فلولاهم لظلت مصر تحت سيطرة الاحتلال، لولا دمائهم العطرة والذكية التي روت تراب ورمال هذا الوطن، ما كان لهذا الشعب أن ينعم بالاستقلال ويحلم بالتقدم والتنمية ويعيش في الرخاء والازدهار، يستنشق هواء الحرية والسيادة على أراضيه.
وشدد المهندس حمدي قوطة على أن أرواح شهداء هذا الوطن الطاهرة ستظل شريكة في مسيرة التنمية ورفعة المجتمع عبر الزمان، اعتزازًا وتقديرًا لتضحياتهم في الدفاع عن أمن وسلامة أراضي هذا الوطن، فهم الذين استعادوا أراضي مصر من أسطورة الجيش الذي لا يُقهر وهم من حموا تراب الوطن من براثن الإرهاب التي كادت أن تفتك بمصر وشعبها ومقدراتها.
وحرص عضو الهيئة العليا لحزب الوفد على توجيه التحية لأبطال القوات المسلحة والشهداء الأبرار وأسرهم وذويهم بهذه المناسبة العظيمة ، والذي يوافق التاسع من مارس من كل عام تخليدًا لبطولات الشهيد البطل عبد المنعم رياض ورفاقه الجنود الذين دفعوا ثمنًا كبيرًا هو أغلى الأثمان ببسالة وجسارة من أجل الدفاع عن الوطن وتحقيق أمن واستقرار سيناء.