بوابة الوفد:
2025-01-30@18:53:06 GMT

إنسان العصر المغترب عن ذاته

تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT

من الفلاسفة الذين تشدنى كتاباتهم وآراؤهم  جان جاك روسو فيلسوف القرن الثامن عشر الشهير سواء فيما كتبه فى كتابه الشهير عن «العقد الاجتماعى» أو فى بحثه الأشهر «مقال عن الفنون والآداب» الذى كتبه قبل «العقد الاجتماعى» بعشرين عاما، وكم كان ملهما ورائعا حينما قال فى ذلك البحث بلغة فلسفية رائقة وشفافة تكشف عن رؤيته التنويرية المختلفة عن لغة معاصريه من فلاسفة عصر التنوير « انه لمنظر جليل وجميل أن ترى الانسان يرفع نفسه من العدم بجهده الخاص، ويبدد بنور عقله تلك الظلمات التى لفته بها الطبيعة، انه ليرفع نفسه فوق نفسه، وينفذ بروحه الى أطباق السماء وينطلق كالشمس بخطوات جبارة عبر الفضاء الشاسع للكون، وأما الامر الذى يبقى هو الأعظم وهو الأصعب فهو أن يعود الى نفسه ليدرس الانسان ويعرف طبيعته وواجباته وغايته»!
انه فى ختام هذا النص البديع يلمح الى اغتراب الانسان عن ذاته رغم التقدم العلمى والصناعى والتكنولوجى الهائل الذى الذى حققه منذ أن خلقه الله على الأرض، وهو يضيف اليه يوما بعد يوم انجازات جبارة جعلته يكاد يطال عنان السماء ويكتشف أسرار الكون الشاسع!، ان نفس الانسان الذى حقق كل هذا التقدم اغترب عن ذاته فى النهاية ولم يعد يعرف حقيقة ذاته وغايتها فى هذا الوجود  وماذا عليه أن يفعل حتى يعود اليها من جديد ؟! وكم كان روسو صادقا فى ذلك وواعيا بأن هذا التقدم التكنولوجى والصناعى الذى يحققه الانسان سيقوده فى النهاية الى أن يخسر ذاته ويغترب عنها! 
وبالفعل ها نحن وبعد أكثر من قرنين من الزمان نعيش عصرا طغت فيه الآلية والمادية على كل شيء ولم يعد ثمة قيمة للإنسان فى ذاته، عصرا مليئا بالتناقضات السافرة ؛ فنحن ندعو للعودة الى الطبيعة بغرض التقليل من الآثار والمخاطر البيئية المدمرة  وفى ذات الوقت نواصل وندعم التقدم الصناعى وخاصة صناعات الأسلحة الفتاكة التى لا أعرف كم الذعر الذى كان سيتملك هذا الفيلسوف الانسان لو أنه سمع عنها !، وندعو الى الحب ونحلم بالرومانسية فى الوقت الذى انكشفت فيه العورات وذاعت العلاقات الجنسية الشائنة ولم يعد للحب قدسية ولم يعد للجسد حرمة ! وشاعت الجنسية المثلية بل وتم تقنينها وأبيح الزواج المثلى ! ويا لغرابة تعدى الانسان على الطبيعة وتكسيره لقوانينها التى يعرفها ويحترمها ويطيعها الحيوان بالغريزة، بينما يتمرد عليها الانسان العاقل بدعوى أنه «حر» وأن الشعور بالحرية أهم من احترام تلك التقاليد الأخلاقية المتخلفة  البالية! وكم كان روسو صادقا أيضا وهو يصف انسان عصره وكأنه أيضا يصف انسان القرن الحادى والعشين حينما قال « ان الصداقة الخالصة، والتقدير الحق، والثقة الكاملة، قد انمحت من نفوس الناس، أما الغيرة والشك والخوف واللامبالاة والتكتم والخداع والكراهية فقد بقيت باستمرار متخفية تحت ذلك اللباس والحجاب الخادع للأدب الذى ندين به الى نور هذا العصر»!، إن روسو ينتقد معاصريه فى ذلك النوع من النفاق الاجتماعى الذى ساد عصره حيث كان يُظهر الناس من القيم النبيلة والخلق الرفيع مالا يؤمنون به  فعلا، انه يتهمهم بالنفاق الاجتماعى  حيث يظهرون عكس ما يبطنون ويقولون غير ما يفعلون! 
لكن مازاد الطين بلة فى عصرنا الحالى أن الناس تجرأوا على القيم والمبادئ العليا لدرجة أنهم أصبحوا يتباهون بعكسها، وكلما ازدادت اخلاق المرء وضاعة وتدنيا كلما كان ذلك مثار الفخار والاعجاب !! لقد انقلب سلم القيم رأسا على عقب ـ ولم يعد هناك اهتمام يذكر من جانب البشر الا بكل ما يزيد من ثرائهم المادى أيا كانت الوسيلة !، الا بكل ما يشبع غرائزهم الحيوانية بصرف النظر عن العاطفة والجمال ! ولا عزاء للحب الصافى والعشق النبيل والإنسانية الحقة ! اننا فى عصر اغترب فيه الانسان عن ذاته وعن انسانيته وتناسى طبيعته الأصيلة! والسؤال هو : هل يمكن أن يكون هناك طريقا للعودة ؟!

.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل عن ذاته ولم یعد

إقرأ أيضاً:

أحمد سعد يتخطى المليون مشاهدة بأغنية «بسيط» ويتصدر تريند يوتيوب (فيديو)

حقق الفنان أحمد سعد نجاحًا لافتًا بأغنيته الجديدة "بسيط"، التي طرحها مؤخرًا ضمن ألبومه "حبيبنا" عبر قناته الرسمية على يوتيوب، حيث لاقت تفاعلًا واسعًا بين الجمهور.

وخلال 14 يومًا فقط من إصدارها، تجاوزت الأغنية مليون مشاهدة، كما نجحت في دخول قائمة المحتوى الرائج على يوتيوب، حيث احتلت المرتبة 31 في تصنيف الموسيقى.

الأغنية من كلمات نادر عبد الله، وألحان أحمد إبراهيم، بمشاركة العازفين سعيد كمال (أوتار وكمان)، وروكي (جيتار)، لتكون واحدة من أبرز الأعمال التي تميز بها أحمد سعد في الفترة الأخيرة.

كلمات أغنية بسيط

مش مليونير ولا عندي فيه دفتر شيكات 

ولا بيت كبير مليان تحف علي أنتيكات

ولا تابلوهات.. متعلقين فوق الحيطان 

ولا فيه ساعات ماركات ولا هدوم سينيهات 

إنسان بسيط جدا كمان لما تشوفيه 

ممكن ما يلفتش انتباهك حاجة فيه

ممكن يجوز.. بـ الوقت لما هتعرفيه

تلاقيه.. ما كانلوش ذكريات

بسيط.. إنسان بسيط 

دا ولا في إيديه ولا حيلته غير كلمة ياريت 

فـ كان.. عشمان كمان 

يلقاله فيكي وبيكي عيلة، وناس، وبيت 

بسيط إنسان بسيط 

دا ولا في إيديه ولا حيلته غير كلمة ياريت 

فـ كان.. عشمان كمان 

يلقاله فيكي وبيكي عيلة، وناس، وبيت 

ما وعدتكيش سنة عن سنة  نغير موديل 

ولا في الأجازه نسيب أوتيل ونروح أوتيل 

ولا كل ليل.. نسهر هنا وهناك عشان

ما أقدرش أبان فارس وأنا مش لاقي خيل

أنا حد من شيل الهموم بيبان عجوز 

ولا ليه معارف أو في يوم كان ليه نفوذ 

فأنا لو خسرتك عادي ما أنا بخسر كتير 

وإن فزت بيكى هتبقى أول مرة أفوز 

بسيط.. إنسان بسيط 

دا ولا في إيديه ولا حيلته غير كلمة ياريت 

فـ كان.. عشمان كمان 

يلقاله فيكي وبيكي عيلة، وناس، وبيت 

بسيط.. إنسان بسيط 

دا ولا في إيديه ولا حيلته غير كلمة ياريت 

فـ كان.. عشمان كمان 

يلقاله فيكي وبيكي عيلة، وناس، وبيت

مقالات مشابهة

  • حقوق إنسان الشيوخ تفند أسباب رفض مصر والرئيس السيسي لتهجير الفلسطينيين
  • وزارة العمل تشارك مع الوفد المصري في الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان بجنيف
  • ألمانيا: أول عملية زرع “رقعة قلب” لدى إنسان
  • أحمد سعد يتخطى المليون مشاهدة بأغنية «بسيط» ويتصدر تريند يوتيوب (فيديو)
  • طارق رضوان: مصر تقف على أرض صلبة خلال المشاركة في جلسات حقوق الإنسان
  • سر انقراض إنسان نياندرتال قد يكون مخفيا في دمه!
  • وزير الخارجية يترأس وفد مصر المشارك في جلسة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان
  • من الصراع إلى السلام.. 6 علامات للتصالح مع الذات
  • أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال جمعية “إنسان”
  • عاجل: صدمة لجماهير الأهلي بشأن الصفقة المنتظرة بعد ضم تريزيجيه