لقد كانت تجربتنا فى الحوار الوطنى تجربة بالغة الثراء وفى غاية الأهمية، فقد كانت بمثابة الملتقى لأبناء الوطن المختلفين فكرياً وسياسياً فتوافرت لهم أرضية للحوار والنقاش فى قضايا محددة دون غرض وبلا أى مقابل أو هدف سوى صالح الوطن والمواطنين من خلال طرح حلول للمشكلات التى تعانيها مصر بالمحاور الثلاثة: السياسى والاقتصادى والاجتماعى بطرق غير تقليدية تسعى للتوافق لا للمغالبة.

ولقد نتج عن المرحلة الأولى من تجربة الحوار الوطنى حزمة من التوصيات شهدت توافقاً ملموساً سواء بالجلسات العامة أو بالجلسات التخصصية.

حين أحال السيد رئيس الجمهورية توصيات الجولة الأولى إلى الحكومة السابقة، فقد قامت الحكومة بإعداد جدول زمنى لتنفيذ تلك التوصيات، وتم تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة ومن أمناء الحوار الوطنى للتنسيق والاتفاق ومتابعة التنفيذ حسب ذلك الجدول.

يتعين هنا أن نشير إلى أن رئيس الحكومة السابقة هو نفسه رئيس الحكومة الحالية، وبالتالى فهو لن يبدأ من الصفر فى الملفات المختلفة حيث يتوافر لديه إلمام بتلك الملفات وجدول زمنى ألزم حكومته السابقة به.

من المهم أيضاً أن نشير إلى أن تعيين المستشار محمود فوزى، الرئيس السابق للأمانة الفنية للحوار الوطنى، وزيراً للمجالس النيابية من شأنه، بالإضافة إلى اضطلاعه بمهام وزارته، أن يساعد رئيس الوزراء ونوابه والوزراء فى إتمام خطط الحقائب التى يتولونها بصورة تتيح تيسير تدفق المعلومات والأفكار التى نتجت عن الحوار الوطنى.

فى المحور السياسى، فمن أهم الملفات على طاولة الحكومة الجديدة، هو ملف مكافحة التمييز تفعيلاً لأحكام المادة 53 من الدستور، وقد تقدمت للأمانة الفنية بمسودة قانون لتعريف وتجريم التمييز وإنشاء المفوضية المستقلة لمكافحته فى أولى جلسات المحور السياسى بالحوار الوطنى والتى شهدت توافقاً غير مسبوق.

ويعتبر هذا القانون بمثابة التطبيق الفعلى للمسارات الثلاثة التى وردت بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من زوايا التطوير التشريعى والتطوير المؤسسى والتثقيف وبناء القدرات، بالإضافة إلى كونه مؤشراً مُطَمئِناً على اهتمام الدولة المصرية بمفاهيم المواطنة والمساواة.سنجد أيضاً فى هذا المحور ملفات أخرى ذات أهمية قصوى، مثل ملف تعديلات قانون الانتخاب وقد صارت الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وكذا قانون الحبس الاحتياطى بالإضافة إلى أهمية إحراز مزيد من التقدم فى ملف سجناء الرأى على غرار ما حدث بالجولة الأولى من الحوار.

فى المحور الاقتصادى، وهو المحور الذى يضم قضايا تشكل تحديات حقيقية أمام أى صانع قرار ينبغى معها النظر فى حزمة متكاملة من الحلول التى يؤثر بعضها على بعض، فلا يمكن الفصل بين حلول كبح جماح التضخم وبين حلول العجز فى الموازنة والدين العام وبين حلول التنمية المستدامة والاستثمار الأجنبى.

كنا فى الحوار الوطنى قد اقترحنا تعيين نائب رئيس وزراء للشئون الاقتصادية أو على الأقل تعيين وزير للاقتصاد يلعب دور منسق السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والترتيب بين الوزارات المعنية، كما كنت قد تقدمت شخصياً باقتراح لإنشاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى والبيئى وهو مجلس استشارى يتبع السيد رئيس الجمهورية بشكل مباشر تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة (وثيقة تغيير عالمنا) التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 2015 ولضمان تنسيق السياسات المالية والنقدية والاقتصادية وما يرتبط منها بعدالة توزيع الدخل والاهتمام ببيئة الأعمال النظيفة ومحو آثار سوء المناخ. وقد أدرجنا هذا الاقتراح بالتوصيات النهائية للمرحلة الأولى الأمر الذى يستوجب من الحكومة دراسته.

فى المحور الاقتصادى أيضاً، تقدمنا بلجنة التضخم التى أشرُف بكونى مقرراً مساعداً لها، فى ضوء إقرار جميع القوى السياسية والاجتماعية بلا استثناء أن مشكلة التضخم راجعة بالأساس إلى العرض لا الطلب، بحلول تتعلق بالسياسات النقدية والمالية وكذا بمبادرات تشمل رفع الحد الأقصى للإعفاء الضريبى وزيادة الرواتب والمعاشات وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وزيادة الرقابة على الأسواق، مع الاهتمام بالاقتصاد الحقيقى وزيادة المنافسة.

من ناحية أخرى، قدمنا حلولاً غير تقليدية لمشكلات المالية العامة والعجز والديون بشكل لا يؤثر على تصنيف مصر الائتمانى ويساعد فى نفس الوقت على تخفيض الأعباء العامة.

تقدمنا كذلك بمبادرات متنوعة لتطوير الصناعة وتحديث الزراعة وإحداث نقلة نوعية فى السياحة كأهم مصدر من مصادر الدخل. حظيت صناعات صديقة للبيئة على رأسها صناعة السيارات الكهربائية بنقاشات جادة حيث تتوافر أمام مصر فرص هائلة لاستثمار العلاقات المتميزة مع بعض التجمعات كالبريكس ومنظمة دول شنغهاى والاتحاد الأوروبى لتحقيق الاستخدام الأمثل لطاقات مصر الطبيعية والبشرية والفنية، تقدمنا كذلك بتوصيات تتعلق بتطوير مناخ الاستثمار وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال تمويل غير تقليدى لا يلقى بأعباء سداد أصل ديون أو فوائد على عاتق أصحاب مشروعات ذات أحجام ضئيلة ولا خبرة إدارية لديهم من خلال تقديم تمويل مُحَوكَم ومنضبط ولتشجيع ضم الاقتصاد غير الرسمى.

كل هذه توصيات يمكن أن تكون بمثابة برنامج عمل تتبناه الحكومة، وأتمنى أن يبادر رئيس الحكومة بدعوة مقررى لجان الحوار الوطنى للقاءات فنية مباشرة متعمقة مع كل وزير للاستماع والنقاش ومزيد من مرونة الحوار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحوار الوطني جلسات الحوار الوطني الحوار الاقتصادي الحوار الوطنى

إقرأ أيضاً:

«مستقبل وطن»: الحوار الوطني بمثابة بوصلة للحكومة الجديدة

قال المستشار شعبان رأفت عبد اللطيف، أمين الشئون القانونية المركزية لحزب مستقبل وطن، إن الحوار الوطني شكل حالة غير مسبوقة من الاصطفاف الوطنى، وإعلاء المصلحة الوطنية، وتناغم كبير بين القوي السياسية، والذى نتج عنه إثراء الحياة الحزبية بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، وأصبح بمثابة بوصلة للحكومة الجديدة.

وأضاف أمين الشئون القانونية المركزية لحزب مستقبل وطن، الحوار الوطنى ساهم بقوة من خلال عدد من المخرجات في وضع رؤية وخطة وأفكار ومقترحات لحل العديد من المشاكل في عدد من القطاعات المختلفة أبرزها الملف السياسى، الاقتصادى، الأمن العام، الصناعة، والزراعة، وغيرها من الملفات الحيوية أبرزها القضية الفلسطينية.

وأشاد عبد اللطيف، بتبنى الحكومة الجديدة تنفيذ مخرجات الحوار الوطنى، وحالة التواصل بين الحوار الوطنى والسلطة التنفيذية ونتائج ذلك على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة، الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، حريصة على اختراق العديد من الملفات الشائكة، ووضع رؤية شاملة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى، وهذا يعنى أن الفترة المقبلة سيكون للحوار المزيد من الأدوار الفاعلة على أرض الواقع.

وأشار أمين الشئون القانونية المركزية لحزب مستقبل وطن: الحوار الوطنى يشكل معادلة حقيقة في الحياة السياسية، واهتمام القيادة السياسية بالحوار يعكس الجدية في إثراء الحياة الحزبية وأن يكون الجميع شريك في مناقشة قضايا الوطن ووضع رؤية وأفكار قابلة للتطبيق لتغليب المصلحة الوطنية في ظل التحديات الكبيرة التى نشهدها.

مقالات مشابهة

  • «الحوار الوطني» يفتح ملفات الحبس الاحتياطي ومشاكل الدعم والثانوية العامة
  • النائب أيمن محسب: استئناف جلسات الحوار الوطنى خطوة مهمة فى ظل التحديات الراهنة
  • «مستقبل وطن»: الحوار الوطني بمثابة بوصلة للحكومة الجديدة
  • رئيس حزب الاتحاد: تعاون الحوار الوطنى والحكومة الجديدة يصب في صالح المواطن
  • 42 حزبًا يدعون الحكومة الجديدة التعجيل في تنفيذ توصيات الحوار الوطني
  • عماد الدين حسين: تنفيذ توصيات الحوار الوطني على رأس أولويات الحكومة
  • الإرادة السياسية والمشروع الوطنى للتعليم
  • الحوار الوطني يناقش خطة تنفيذ توصيات المرحلة الأولى وقضايا الحبس الاحتياطي
  • توصيات المرحلة الأولى والحبس الاحتياطي.. تفاصيل اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني اليوم
  • طلعت عبد القوي: هناك إرادة سياسية من السيسي لدعم الحوار الوطني (فيديو)