أغسطس 7, 2023آخر تحديث: أغسطس 7, 2023
نزار عبد الغفار السامرائي
محادثتي الاخيرة مع عامر كاظم مطلك كانت تتعلق بكتابة الفصل الاخيرة من رسالته للماجستير والمعنونة (الشعبوية في البرامج الحوارية) والتي اشرف عليها.. حدثني عن الاشكالات التي يواجهها، وطلبت منه ان يفرغ الحوار لكل حلقة على الورق بالكامل حتى يتسنى له تحليل حديث مقدم البرنامج وضيوفه.
ورغم اني اشعر احيانا بأني اتشدد بملاحظاتي وطلباتي منه في تعديل ما كتب، بحذف او اضافة، غير ان ما يدفعني لها هو الحرص على ان ينجز رسالته بالشكل الذي يتمنى ان تكون عليه.. لذلك كان يتقبل كلّ شيء بهدوء وصبر وابتسامة.. ثم يقول انكم لا ترضون على شيء ” لازمينا من بلعومنا ما تخلونه نحوس”.. وحين اخبره ان الوقت ليس له كله فهناك طلاب اخرين في الانتظار يجيبني بعفويته ولهجته العمارية المحببة” انا الاول المفروض الي الاسبقية..وأنا اخوك” !! فاوعده خيرا..
و تواعدنا ان نتحدث بعد يوم عن انجاز الفصل الاخير..
مرّ النهار وكنت منشغلا باكور عدة، وحين عدت الى البيت في ساعة متأخرة من الليل ذهبت لتصفح الفيسبوك والرسائل كما اعتدت قبل ان ابدء بالكتابة ..واذا بمنشور نعي للاديب جمال جاسم امين تكاد كلماته تذرف الدموع وهو ينعى عامر كاظم.. يا ألهي من عامر هذا الذي ينعاه جمال؟! ايعقل أن يكون ؟
تركت كل شيء ورحت ابحث عن صفحته على الفيسبوك، فاذا صورته تطالعني بابتسامته المعهودة، وهدوءه … ولكن الكلمات لم تكن له ..
عرفت ان نهاية الفصل الاخير قد اكتملت ولكن لم يكتبها (ابا ياسر) بنفسه بل سطرها ادباء ومثقفو ميسان الذين عرفوا ان المدينة فقدت احد شخصياتها الثقافية المهمة.. لم يكن الفصل الاخير (شعبويا) بل وثقته كلمات النخبة، بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها، واعمارها … حتى اولئك الشباب الذين تمردوا على من سبقهم كان يرونه مميزا ويرتبطون بصداقة طيبة معه.. يكتب صلاح حسن جابر ” بموته ثلم من وعي العمارة ثلمة من الصعب ان تسد او تعوض..” ويكتب د.علي الفكيكي ” انت المراية الوحيدة ال ماطلعلي الشيب بيها..” ويرثيه جمال جاسم امين قائلا ” خذلتنا بموتك يا عامر …هلا تريثت! انت تدري بمحنتنا، نحن اقل من القليل وكنت اكثرنا! هل ارثي وضوحك النادر.. كنت انصحك بالهدوء وانت تغذ السير…”
وتترادف الكلمات وعلى مدى اليومين الفائتين لم يكن لدي غير ان اراجع ما كتبه الاخرون في الفصل الاخير .. وانت ترحل مخلفا اوراقك وكلماتك وآمالا كبيرة .. وبدلا من ان نتوجه الى شمال ايران كما وعدتني عند الانتهاء من مناقشة رسالة الماجستير .. ذهبت وحيدا الى مقبرة السلام. تتبعك قصيدة الشاعر مهند عبد الجبار:
أهَكذَا ..
مِن غَيرِ مُقدماتٍ تُذكر
أو تَلويحةِ وداعٍ على الأقَل
غَادرتنَا سَريعاً يا أبا يَاسرٍ
دُونَ أن تَرزمَ ، حَتى أحلامُكَ المُقدسة ؟!
أ كُنتَ على موعدٍ مع المَلائكةِ ؟
أم الجنةُ هي مَنْ اِحتاجتكَ لِيكتملَ النصاب ؟
بتاريخٍ مُستَعرٍ
لا نَعرِفُ كَيفَ نُخمدُ القُلوب الحَرى؟!
كَالنزفِ فَقدناكَ سَريعاً
فَروَّعَنا زَحفُ المُفاجآتِ
أبا يَاسرٍ بكُلِّ تأكيدٍ مَحفوظةٌ مكانتُكَ
عاليةٌ تَتلألَأ بَين النجوم
أما الغيثُ فَلا نَراهُ يَتجدَدُ
لهذا كالبرقِ خَطفكَ مِنْ بَينِ أعيُنِنا
رَيبُ المَنون
أبا يَاسرٍ …
مَعَ رَكبِ الظلامِ
خَبرُكَ المُدوي هَزَ أعمارَنا
لا أسفٌ على هذهِ الحياةِ المَشلولةِ
مادُمتَ قَد التحقتَ بسربِ النُبلاءِ
فابتسامتكَ الخالدة ..
أنجزت المُهمةَ على أكملِ وَجهٍ
وسَتكونُ شامخةً بدلَ الشاهدة
لِتُحطمَ أُسطورةَ النَفَسِ الأخيرِ
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
كل ما تريد معرفته عن قانون العمل الجديد.. وداعًا للفصل التعسفي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عاد قانون العمل الجديد إلى الواجهة بعد أن أحالته الحكومة إلى مجلس النواب لمناقشته تمهيدًا لإقراره، في خطوة طال انتظارها، ليصبح أحد أبرز التشريعات المنتظرة التي تستهدف تطوير بيئة العمل في مصر، وتحقيق توازن حقيقي بين حقوق العمال ومصالح أصحاب الأعمال، لا سيما في القطاع الخاص الذي يستوعب ملايين العاملين.
ويُعد القانون الجديد بديلًا للقانون رقم 12 لسنة 2003، حيث جاءت التعديلات استجابة لمطالب النقابات العمالية ومجتمع رجال الأعمال على حد سواء، وسط تأكيدات حكومية بأن المشروع يهدف إلى تحقيق الحماية الاجتماعية، وتحفيز الإنتاج، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار.
أهم ملامح القانون الجديد:الفصل التعسفي تحت المجهرينص القانون صراحة على حظر الفصل التعسفي، ولا يُجيز إنهاء خدمة العامل إلا بقرار من المحكمة العمالية المختصة، كما يضمن تعويضًا عادلًا للعامل حال ثبوت الفصل بدون وجه حق.
عقود العمل المؤقتة تحوَّل إلى دائمةألزم القانون أصحاب الأعمال بتحويل العقد المؤقت إلى دائم بعد مرور 4 سنوات من الخدمة المتصلة، لضمان الاستقرار الوظيفي للعامل.
إجازات مدفوعة وتحفيزيةأقرّ القانون حق العامل في 21 يومًا إجازة سنوية مدفوعة الأجر، تزداد مع سنوات الخدمة، إضافة إلى إجازات للزواج، والحج، ووضع المرأة، مع تنظيم ساعات العمل بما لا يتجاوز 8 ساعات يوميًا.
تمكين المرأةأقرَّ القانون العديد من الحقوق للمرأة العاملة، من بينها حظر فصلها خلال الحمل أو الوضع، وتنظيم إجازات رعاية الطفل، مع إلزام المنشآت الكبرى بإنشاء دور حضانة.
ضمانات الأجر والتأمينأكد مشروع القانون الالتزام بالحد الأدنى للأجور وفقًا لقرارات المجلس القومي للأجور، وربط ذلك بالتأمينات الاجتماعية لتأمين حياة كريمة للعامل بعد التقاعد أو الإصابة.
موقف النقابات العمالية من قانون العمل الجديدالنقابات العمالية رحّبت بمشروع القانون، ووصفته بأنه "خطوة نحو العدالة الاجتماعية"، في حين أبدى بعض أصحاب الأعمال تحفظاتهم على بعض البنود التي اعتبروها تمثل عبئًا ماليًا على المشروعات الصغيرة.