الفشل الكلوي حالة طبية مزمنة، تضني الجسد، وتستنزف الروح، بسبب الحاجة إلى غسيل الكلى باستمرار، وهو مرهِقٌ وصعب على الكبار، لكنه أكثر إرهاقًا وصعوبة على الأطفال، خاصة إذا كان الطفل في العاشرة من عمره مثل محمد. 
محمد طفل موهوب من قطاع غزة في فلسطين، هوايته الرسم وشغفه الفن، كان يحلم بالمستقبل مثل أقرانه، لكنه أصيب بفشل كلوي منذ شهر مارس 2023، بسبب قلة الموارد الطبية والصحية المطلوبة في القطاع، وندرة الأدوية المتاحة المطلوبة لمرضى الكلي وغيرهم.


ومع التدهور الشامل والمستمر للأوضاع في غزة على المستويات الصحية والخدمية والحياتية، منذ أكتوبر الماضي، كان محمد يحصل على فرصة واحدة فقط لغسيل الكلى كل أسبوعين في مستشفيات القطاع المتبقية، وكان يضطر إلى تقليل تناول السوائل بانتظار الموعد المقبل للغسيل، مع صعوبةٍ بالغة في الحصول على المياه النقية ومياه الشرب وأبسط الأدوية الأساسية. 
حتى موعد غسيل الكلى لم يكن مضمونًا، بسبب التعطل المتكرر للكثير من المرافق الصحية لانعدام الوقود والكهرباء أو توقف المولدات عن العمل أو نقص الكوادر الطبية أو عدم القدرة على الوصول إليها. وما زاد الأمر صعوبة وتعقيدًا هو هاجس النزوح المستمر بعيدًا عن المركز الصحي الذي يتلقى فيه العلاج. 
وعادةً ما تقترن خطورة الفشل الكلوي لدى الأطفال بتعقيدات عديدة، منها الأثر العميق لغسيل الكلى على صحة الطفل وحياته، والذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة، كما يعاني مَن يخضع لغسيل كلى لضوابط تقيّد نوعية أكله وكمية السوائل التي يشربها.
الوصول إلى الإمارات.. بداية الأمل
وحدثت الانفراجة بالنسبة لمحمد في ديسمبر 2023، حين استطاع الوصول مع والده إلى الإمارات، على متن الطائرة الإماراتية التي حملت عددًا من الجرحى ومرضى السرطان، الذين خرجوا من قطاع غزة إلى مدينة العريش المصرية وتم نقلهم للعلاج في أبو ظبي، في إطار مبادرة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، بعلاج 1000 طفل فلسطيني من الجرحى والمصابين، و1000 من المصابين بأمراض السرطان.  
وفور الوصول، بدأ طاقم طبي متخصص في مدينة الشيخ خليفة الطبية التابعة لشركة "صحة" في أبو ظبي، رحلة علاج مكثفة، تمثلت بدايةً في جلسات الغسيل الكلوي 3 مرات في الأسبوع لمدة 4 ساعات لكل جلسة، بالإضافة إلى التعامل مع ارتفاع في ضغط الدم الذي كان يعاني منه رغم صغر سنه بسبب مضاعفات القصور الكلوي ونقص العلاجات له في قطاع غزة، وتم التعامل مع الأعراض والسيطرة عليها بفاعلية عالية وباستخدام الأدوية والعلاج المناسب، حتى استقرت حالته.
ونظرًا للمضاعفات الخطيرة للفشل الكلوي على المدى البعيد، تولى الأطباء تهيئة محمد لعملية زراعة الكلية، التي أصرّ والده على أن يتبرع بها له، ليعيش حياته كغيره من أطفال العالم.
تجهيزات واستعدادات على مدار الساعة
وقالت الدكتورة منى الحمادي، المدير الطبي التنفيذي بالإنابة في مدينة الشيخ خليفة الطبية، أن مقدرات وموارد المدينة الطبية جاهزة على مدار الساعة للتعامل مع الحالات الطبية والصحية الطارئة والحرجة والملحّة التي حطت رحالها من غزة في أبو ظبي. 
وأضافت: "نجحنا في استقبال العديد من الأطفال الجرحى والمرضى القادمين من غزة في مدينة الشيخ خليفة الطبية ضمن مبادرة الشيخ محمد بن زايد، ونواصل تقديم كل الخدمات التي تسهّل عليهم رحلة العلاج والتعافي".
فريق متكامل وفحوصات شاملة 
وعمل فريق طبي متكامل من "مدينة الشيخ خليفة الطبية" على استكمال كافة الشروط والتحاليل المطلوبة لنجاح العملية. 
وقال الدكتور إيهاب الخصاونة، استشاري ورئيس وحدة كلى الأطفال في مدينة الشيخ خليفة الطبية، والذي قاد الفريق: "بعد إجراء تقييم كامل لحالة محمد وإجراء فحوصات شاملة لوالده من قبل فريق قسم الكلى للبالغين للاطمئنان إلى حالته الصحية بشكل عام، والتأكد من إمكانية تطابق الكلية قبل زراعتها، تم توحيد جهود إخصائي فريق الأطفال وعدد من الجراحين المتخصصين في زراعة الأعضاء في المدينة الطبية لإجراء عملية زراعة الكلى التي تكللت بالنجاح، والآن تعمل الكلية على أكمل وجه، واستغنينا بشكل كامل عن الحاجة لعملية الغسيل الكلوي".
واستمرت الفحوصات الشاملة لتقييم المطابقة 3 أشهر، فيما استغرقت عمليات نقل الكلية وزراعتها 6 ساعات من التحضيرات والعمل الجراحي الدقيق، والآن يقوم الطفل محمد بزيارات دورية من مكان إقامته في مدينة الإمارات الإنسانية إلى "مدينة الشيخ خليفة الطبية" للاطمئنان إلى صحته وتعافيه الكامل.
رسوماته لتخليد أبطاله
وقال محمد بعد نجاح العملية: "شكرًا لوالدي البطل الذي أعطاني كليته، وشكرًا لأطباء الإمارات الذين أراحوني من غسيل الكلى حتى أعيش حياة طبيعية، سأرسمهم لأتذكرهم دائمًا، لأنهم أبطال أنقذوا حياتي".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فلسطين غزة مرضى السرطان الفشل الكلوي فی مدینة الشیخ خلیفة الطبیة

إقرأ أيضاً:

«الأسر الأكثر احتياجا أولا».. «حياة كريمة» تغير ملامح المحافظات

رسمت مبادرة «حياة كريمة» ملامح مختلفة للمحافظات، ما بين خدمات صحية وتعليمية وثقافية، وتغيرات جذرية بدايةً من الصرف الصحي حتى الطرق والكباري، ونالت الأسر الاكثر احتياجا النصيب الأكبر من المبادرة الرئاسية، من خلال تجهيز العرائس وتوفير مسكن للمواطنين.

مبادرة حياة كريمة في المحافظات

واستطاعت حياة كريمة في المحافظات أن تساهم في نقل المواطن المصري من العيش في قرى بدائية تفتقر لعدد كبير من الخدمات إلى قرى متكاملة تشبه المدن الكبيرة وتزيد عليها في بعض الخدمات والتي من أهمها الخدمات الصحية العلاجية والاجتماعية التي تنال اهتمام المواطنين بشكل كبير خاصة المصالح الحكومية.

مساعدات إنسانية للأسر الأولى بالرعاية

وأكد محمد سامي منسق حياة كريمة في الدقهلية لـ«الوطن» أن حياة كريمة قدمت مساعدات كبيرة للمواطنين من خلال تقديم الدعم للأسر الأكثر احتياجا وتوزيع مواد غذائية، وتوفير فرص عمل للشباب من خلال تنظيم أكبر ملتقى توظيفي شمل أكثر من 3000 فرصة عمل.

وفي محافظة الإسماعيلية سعت مبادرة حياة كريمة للبحث عن الأسر الأولى بالرعاية، وراحت تقدم لهم المساعدات بشكل مستمر لتغيير نمط حياتهم، وعملت على تقديم مشروعات صغيرة لكسب الرزق أو مساعدات شهرية للحالات غير القادرة.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل نظمت المبادرة فاعليات تجهيز العرائس من خلال توفير جميع الأجهزة الكهربائية والمنزلية الخاصة بالزواج، مع توفير عدد من الشقق والمسكن الاجتماعي لمجموعة من الشباب لدعمهم في مقتبل العمر.

تطوير القرى والبنية التحتية

وفي محافظة الإسكندرية، أكدت مبادرة حياة كريمة أنها تسعى لتطوير البنية التحتية في شتى المناطق، وآخرها تطوير 9 مناطق بإجمالي 111 ألف مواطن مستفيد، وتنفيذ 75 مشروعا لخدمة المواطنين.

وفي محافظة الأقصر، تستمر مبادرة حياة كريمة في تنفيذ مشروعاتها القومية بعد الانتهاء من 368 مشروعا، وتعمل على 324 مشروعًا آخر، بتكلفة إجمالية تبلغ أكثر من 9.9 مليار جنيه، بهدف خدمة أكثر من 600 ألف مواطن وتشمل تحسين البنية التحتية لتوفير دعم شامل للسكان.

دعم التعليم في قرى المنيا

وفي محافظة المنيا قدمت مبادرة «حياة كريمة»، هبة كبيرة للمواطنين من خلال تطوير قطاع التعليم والذي بلغت المصاريف به حتى الآن نحو 3 مليارات جنيه، بعد تنفيذ 524 مدرسة جديدة في قرى كانت محرومة من التعليم، ليصل عددها الإجمالي حاليًا إلى 1997 مدرسة، مقارنةً بـ 1696 مدرسة كانت موجودة في عام 2014.

ولم يقتصر الأمر على المدارس فقط بل نال التعليم العالي جزءا كبيرا من لمسات حياة كريمة، إذ جرى تنفيذ 17 مشروعا في قطاع التعليم العالي بما فيهم:

- مستشفيات متخصصة مثل مستشفيات الكلى والكبد، ومباني الاستقبال والطوارئ بمستشفى المنيا الجامعي

- إنشاء  كليات جديدة مثل كلية الحقوق ومبنى كلية دار العلوم. 

- زاد عدد الكليات والمعاهد بالجامعات الحكومية والأهلية والخاصة حاليًا إلى 36 كلية، مقارنةً بـ 21 كلية في عام 2014.

مشروعات خدمية سعت لراحة المواطنين

وفي محافظة أسوان قدمت مبادرة «حياة كريمة» مشروعات خدمية ومرافق أساسية، وأهمها مشروع الصرف الصحي المتكامل والذي بلغت تكلفته نحو 2 مليار جنيه، ويخدم 13 قرية في مركزي كوم أمبو ونصر النوبة.

دعم المسنين والأيتام والأرامل

في محافظة شمال سيناء، قدمت مبادرة «حياة كريمة» الدعم للمسنين والأرامل والمرأة المعيلة، ونظمت قوافل طبية، لتقديم المساعدات الغذائية، وتوزيع الشنط المدرسية، وتوفير ماكينات خياطة لعدد من النساء، وإعادة تأهيل المنازل البدوية.

مقالات مشابهة

  • «الأسر الأكثر احتياجا أولا».. «حياة كريمة» تغير ملامح المحافظات
  • نهيان بن مبارك: الإمارات بقيادة محمد بن زايد وطن يجتمع لتنمية الشباب
  • الكشف على 837 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ
  • "بموت عالجوني".. تفاصيل وفاة سعودية بعد عملية شفط دهون في مصر
  • القيادة تهنّئ شعب الإمارات والشعوب الإسلامية بالعام الهجري الجديد
  • بقيادة الإمارات.. «العدالة الخضراء» عملية دولية لإنفاذ القانون على جرائم بيئية في منطقة الأمازون
  • قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في قرية الكشاكوة بكفر الشيخ لمدة يومين
  • جلسة بعنوان «العين في.. ذاكرة الصحفيين»
  • «زراعة القاهرة» تطلق المهرجان الأول لمشروعات تخرج الطلاب الأربعاء المقبل
  • عملية شفط دهون تُنهي حياة مواطنة سعودية بمصر