شمال غزة.. كفاح يومي للحصول على كوب ماء نظيف
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
غزة- تُجهّز خالدية الغفري الحطب، لا لطهي الطعام، بل لغلي وتعقيم الماء الذي سيحضره بعد قليل زوجها أحمد. وتحرص المواطنة، التي تقيم في حي الرمال غربي مدينة غزة، على هذا الطقس اليومي المرهِق، بعد أن عانت من إصابة طفليها (4 و6 أعوام) بالتهابات معوية متكررة، بفعل الماء الملوث.
ولا يُعدّ غلي الماء ثم تبريده وتعبئته، في زجاجات بلاستيكية، عملية سهلة، خاصة مع فقدان غاز الطهي والاعتماد على الحطب، لكنّ خالدية تجد نفسها مضطرة لهذا العمل.
وتقول خالدية للجزيرة نت إن الماء تغير في الحرب، فأحيانا يكون عكرا وفيه شوائب وله لون وطعم، فيشربونه خائفين.
غلي الماء وتبريده وتعبئته في زجاجات بلاستيكية عملية صعبة يضطر سكان غزة للقيام بها (الجزيرة) كفاح يوميفي الأثناء، يبدأ الزوج كفاحه اليومي من أجل الحصول على ماء الشرب لعائلته. ويعتمد على حاسة السمع في شرائه، حيث تُصدر شاحنات بيع المياه مقطوعة موسيقية مميزة للفت انتباه السكان، فيتبع الصوت حاملا برميلين فارغين.
وما إن يصل حتى يُسرع بالحصول على دوره في الطابور الطويل الذي يصطف أمام صهريج المياه. ويوضح للجزيرة نت أن شحّ الوقود -الذي تمنع إسرائيل إدخاله منذ بداية الحرب وارتفاع أسعاره- جعل حركة الشاحنات المحملة بصهاريج المياه، نادرة، ويضطر السكان للمشي مسافات طويلة للوصول إليها.
وفي الأيام التي لا تأتي فيها الشاحنات، يتجه أحمد نحو بعض مراكز الإيواء، على أمل العثور على بعض المياه لشرائها. وأدى شح المياه وغلاء سعر الوقود إلى ارتفاع ثمن الماء، حيث يضطر أحمد لشراء نحو 17 لترا بـ4 شياكل (الدولار: 3.7 شياكل) بعد أن كانت قبل الحرب بشيكل واحد فقط.
وقطعت إسرائيل منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إمدادات المياه عن قطاع غزة، واستهدفت -بالقصف والتدمير- البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. كما أدى قطع التيار الكهربائي ومنع إدخال الوقود إلى عمل غالبية محطات تحلية المياه بشكل جزئي، مما تسبب بشح كبير في مياه الشرب، وتردي جودته.
آمنة الحرتاني تقول إن الماء غير نظيف ويصفّونه بقماش رقيق (الجزيرة) معاناة قديمةوفي 4 يونيو/حزيران الماضي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنّ عدم توفر الوقود في غزة تسبب بتوقف محطات مهمة لتحلية المياه عن العمل.
وتعد معاناة قطاع غزة مع ماء الشرب قديمة، وتعود لعدة عقود مضت، حيث يستخدم السكان الماء الذي تضخّه البلديات من الآبار لغرض التنظيف فقط كونه مالحا وملوثا، ويشترون ماء الشرب من شركات تحلية خاصة. واليوم وخلال الحرب، يشكو السكان من رداءة الماء الذي تبيعه لهم شركات التحلية، حيث يقولون إنه مالح بعض الشيء، وذو طعم غير مستساغ، وملوث وبه شوائب.
ويقول أحمد إن أحد موزعي المياه اعترف له بأن المحطة التي يشتري منها الماء لا تملك فلاتر مياه كافية، لاستبدال القديم منها بسبب الحصار الإسرائيلي، وإنه لم ينظف صهريج المياه المحمول على سيارته منذ مدة، لعدم توفر مواد التنظيف في الأسواق.
ولا تستطيع آلاء حميد المقيمة في مركز إيواء غربي مدينة غزة غلي الماء لجميع أفراد الأسرة، وتكتفي بتعقيم كمية قليلة للأطفال فقط. وتقول للجزيرة نت "بصراحة لا نستطيع غلي الماء للجميع، هذا أمر صعب، نغليه للأطفال فقط". وتقر بأن شرب الكبار للماء دون غليه مغامرة غير محسوبة المخاطر، لكنهم لا يملكون خيارا آخر.
وتتفق آمنة الحرتاني، من سكان البلدة القديمة بمدينة غزة، مع سابقيها في صعوبة الحصول على ماء الشرب، وعدم صلاحيته للاستهلاك الآدمي.
وتقول للجزيرة نت "نجري وراء سيارة الماء من شارع لآخر حتى نلاقيها، والماء غير نظيف، نُصفيه بالشاشة (قماش رقيق) لأن كله رمل". واعتبرت أن مشكلة المياه هي أكبر أزمة يعاني منها سكان شمالي قطاع غزة. وناشدت من أسمتهم "أهل الخير" إنشاء محطات لتحية المياه وتنقيتها شمالي القطاع.
السكان يضطرون للمشي مسافات طويلة للوصول إلى شاحنات المياه (الجزيرة) تحدٍ خطيرقبل الحرب، كان نائل السوسي يتجول بأريحية بسيارته المحملة بصهريج ماء في شوارع مدينة غزة لتلبية طلبات زبائنه من المياه العذبة المحلاة. لكنّ شح الوقود يحول بينه وبين القيام بعمله حاليا، حيث يكتفي بالتنقل بين عدة شوارع، والوقوف على بعض المفترقات، وانتظار السكان كي يأتوا إليه.
ويخلط السوسي بعض السولار -الذي يشتريه من السوق السوداء بأسعار عالية- بزيوت أخرى، وخاصة زيت قلي الطعام، لتشغيل شاحنته، رغم علمه بأن هذا الأمر يلحق ضررا كبيرا بمحركها. ويقول للجزيرة نت "أمشي بحذر شديد بسبب ارتفاع سعر السولار، وأحاول تلبية حاجات الناس في كل مكان".
ورغم إجماع السكان على رداءة مياه الشرب، لكن السوسي يرفض هذا الأمر، ويوضح أن محطة التحلية التي يشتري منها تنقي الماء من الأملاح والملوثات بشكل جيد. واستدرك "قد يكون هناك غش من بعض الموزعين، حيث يخلطون الماء المُحلّى بماء الآبار".
الإسي يؤكد أن حصة الفرد في غزة من الماء خلال الحرب انخفضت لأقل من 3 لترات يوميا (مواقع التواصل)يحذر الدكتور خميس الإسّي أستاذ تأهيل الأعصاب وطب الألم المسند بالبراهين من أن المياه الملوثة في مدينة غزة تمثل تحديا خطيرا للسكان.
وأفاد الطبيب المقيم في مدينة غزة -للجزيرة نت- بأن أكثر من 97% من مياه غزة غير صالحة للاستهلاك البشري بسبب الملوحة العالية والملوثات الضارة. وذكر أن حصة الفرد في غزة قبل الحرب (للشرب والتنظيف) كانت تصل إلى ما بين 70 و80 لترا من المياه يوميا، وانخفضت -منذ بدء الحرب- إلى أقل من 3 لترات يوميا للشخص.
ووفق الإسي، يمكن أن يؤدي استهلاك مياه الشرب الملوثة إلى مشاكل صحية مختلفة، مثل الالتهابات المعوية والتهاب الكبد الوبائي، وأمراض الكلى، وحمى التيفوئيد، والكوليرا، والدوسنتاريا، خاصة عند الأطفال وكبار السن.
كما يزيد تناول المياه الملوثة من فرصة التعرض للسموم والمواد الكيميائية السامة، مثل الرصاص والزئبق والمبيدات الحشرية، ويمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة كالأضرار العصبية، والإعاقات التعليمية بسبب نسب الرصاص المرتفعة، وبعض أنواع السرطان، حسب المصدر نفسه.
ولا يفصل الإسي بين أوضاع المياه شمالي القطاع، وبين "حرب الإبادة" التي تشنها إسرائيل، مؤكدا "هناك حكم على من نجوا بأعجوبة من الموت شمالي غزة بالموت بسبب شرب واستخدام المياه الملوثة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات للجزیرة نت مدینة غزة ماء الشرب
إقرأ أيضاً:
نائب وزير الإسكان يتابع خطة المراجعة الميدانية لكفاءة محطات المياه والصرف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد الدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعا بمقر جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، لمتابعة تكليفات المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بشأن متابعة خطة المراجعة الميدانية لكفاءة محطات مياه الشرب والصرف الصحي على مستوى الجمهورية، وذلك بحضور الدكتور أسامة حمدي، مستشار الوزارة للمتابعة والمشروعات والمرافق، والدكتور محمد حسن، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، وممثلي وحدة إدارة المشروعات بوزارة الإسكان، وممثلي جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك.
واستهل الدكتور سيد إسماعيل، الاجتماع بالترحيب بالحضور، والتأكيد على ضرورة متابعة التكليفات أثناء الزيارات الميدانية لقيادات الوزارة.
وقام ممثلو الجهاز التنظيمي، باستعراض خطة المراجعة الميدانية لكفاءة المحطات على مستوى الجمهورية لعام ٢٠٢٤/٢٠٢٥ وتقارير الجهاز التنظيمي لمتابعة التكليفات أثناء الزيارات الميدانية لقيادات الوزارة بمحافظات جنوب سيناء، دمياط، مطروح، كفر الشيخ وبورسعيد، حيث وجه الدكتور سيد إسماعيل، الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، بتنفيذ ما جاء من توصيات بالتقارير المعروضة كل فيما يخصه.
كما ناقش نائب وزير الإسكان مع مسئولي الجهاز التنظيمي، ملف التشغيل والصيانة للمحطات القائمة وآليات الحوكمة لدوام تحقيق المعايير والمواصفات القياسية ودعم الأطقم الفنية العاملة على إدارة المحطات القائمة، مؤكداً حسن إدارة محطات المعالجة وخاصة بالمناطق الساحلية والحدودية واستغلال المياه المنتجة في الأغراض المناسبة للتخفيف من احتياج المياه المحلاة، وكذلك ضرورة العمل على محطات التحلية من خلال وثيقة سياسات ملكية الدولة وتشجيع مشاركة القطاع الخاص.
كما قام مسئولو الجهاز التنظيمي، بعرض الدراسات الاقتصادية التحليلية نطاق عمل الجهاز، وأكد الدكتور سيد إسماعيل، أهمية تلك الدراسات لدعم اتخاذ القرار والحصول على النتائج المرجوة.
كما تابع نائب الوزير مع مسئولو الجهاز، موقف تنفيذ توجيهات مجلس الوزراء من تركيب العدادات الكودية والمجهودات المبذولة لتقليل الفواقد وترشيد الاستهلاك.
واختتم نائب وزير الإسكان، الاجتماع، بتأكيد حرص الدولة على الوصول إلى أقصي درجات الجودة للخدمة المنفذة، والعمل على التطوير الدائم في منظومة مياه الشرب والصرف الصحي من خلال المتابعة والتقييم المستمرين وتطبيق الحوكمة لإرضاء المواطنين.