شيخ الأزهر من ماليزيا: مأساة فلسطين هي مأساة العرب والمسلمين والعالم الحر وهي جريمة إبادة جماعية
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال كلمته التي ألقاها في مؤسسة دار القرآن جاكيم بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، إنه لا يمكن لمتحدث في هذا الاجتماع القرآني المهيب أن ينصرف دون أن يتوقف عند مأساة شعب فلسطين، بل مأساة الشعبين: العربي والإسلامي، بل مأساة العالم الحر في قارات الدنيا كلها شرقا وغربا، والتي تمثلت في جريمة الإبادة الجماعية، وتجاوزت بشاعتها كل الحدود، وإنه لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نسأل الله -سبحانه وتعالى- ونتوسل إليه بحرمة كتابه الكريم أن يمن على هذا الشعب المرابط بالفرج القريب والنصر المبين، ليستقيم بزوال الظلم والعدوان ميزان العدالة، لا في أرضهم المحتلة فحسب، ولكن ليقوم هذا الميران في العالم أجمع.
وبين فضيلته أن القرآن، نزل ليعلن احترام الإنسان، ويؤكد تكريمه وتفضيله على سائر المخلوقات، ويفتح أمامه آفاق العلم وأبواب المعرفة بلا حدود، ويدفعه دفعًا للتفكير والنظر والبحث والتأمل، بعدما حرر فيه عقله من أغلال الجهل والجمود والتقليد، والاتباع الأعمى بغير حجة ولا دليل، مضيفا أن القرآن قد أعلن حرية المرأة، وأعاد لها كرامتها وإنسانيتها وحقوقها التي صادرتها عليها أنظمة المجتمعات في ذلكم الوقت، ولازالت تصادرها عليها حتى يوم الناس هذا.
وأوضح شيخ الأزهر خلال كلمته أن القرآن جاء بفلسفة جديدة للحكم تقوم على العدل والمساواة والشورى والديمواقراطية الرشيدة ومَنع الاستبداد وتحريم مظالم العباد، مشيرا إلى أن القرآن نزل بالكثير حول شئون المجتمعات والعلاقات الدولية، وفي أمر العقوبات وفي الأسرة، وفي الشأن العام، وغير ذلك، بجانب ما جاء فيه حول العقيدةِ والعبادةِ والمعاملاتِ بتنوعاتها، والغيبيات والدار الآخرة.
وأضاف شيخ الأزهر أن هذا الكتاب الفرقان بين الحق والباطل لا يزال يتعرض للحملات المضلِّلة في عصرِنا هذا، من بعض أقلام ينتمي أصحابها إلى الإسلام، ممن يؤمنون بالمذاهب الأدبية النقدية في الغرب، وبخاصة ما يسمى بالهيرمينوطيقا، لافتا أن تلك المذاهب تقوم على قواعد من صنع هؤلاء، ومنها إلغاءِ كل حقيقة دينية فوقية، والتمسك بالذاتية الإنسانية كمصدر أوحد للمعرفة، وأن الإنسان وحده قادر على أن يمتلك الحقيقة، وهو وحده معيار الحق والباطل ومقياس كل حقيقة، ولا توجد سلطة تعلو عليه أو على العالم، ولكم أن تتساءلوا عن مصير نص إلهي كنص القرآن الكريم -بأبدياته وثوابته وغيبياته- إذا ما تناولته القراءة الحداثية بهذا المبضع الذي لا يفرق بين إله وإنسان، ولا بين غيب وشهادة.. ولا بين مقدس ومدنس.. ألا يطلب من المسلمين آنذاك أن ينفضوا أيديهم من هذا الكتاب الذي لم يعد في منظور هذه القراءة وحيا إلهيا صالحا لكل زمان ومكان؟!.
وشدد فضيلته على أن طبيعة التلازم بين القرآن والسنة بحسبانه: مؤسسا لشرعيتها، ولحجيتها ومرجعيتها في حياة المسلمين وتشريعاتهم، تقتضي الإشارة إلى أمر قديم متجدد، وهو هذه الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية، وأنكرت ثبوتها وحجيتها، وأهدرت قيمتها التشريعية في الإسلام، وانتهت إلى أن القرآن وحده هو مصدر التشريع، ولا مصدر سواه، ضاربة عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين.. وأن سلخ القرآن عن السنة يفتح أبواب العبث على مصاريعها بآيات هذا القرآن وأحكامه وتشريعاته.
اقرأ أيضاًشيخ الأزهر يزور مؤسسة دار القرآن في العاصمة الماليزية
شيخ الأزهر من ماليزيا: وسطية الإسلام الحل الأنجع لمكافحة ظاهرة الجرأة على التكفير والتبديع
شيخ الأزهر يتوجَّه إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور في جولة جديدة لجنوب شرق آسيا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتور أحمد الطيب القرآن الكريم جريمة إبادة جماعية رئيس مجلس حكماء المسلمين شيخ الأزهر شیخ الأزهر أن القرآن
إقرأ أيضاً:
مرصد الأزهر يحذر من خطورة الفكر التكفيري لتنظيم داعش ويفنده بالأدلة
يواصل مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، في إطار جهوده المستمرة لمكافحة الفكر المتطرف، تفنيد مزاعم الجماعات التكفيرية التي تحاول تشويه تعاليم الإسلام السمحة.
وفي أحدث تقاريره، كشف المرصد زيف الادعاءات التي يروجها تنظيم "داعش" الإرهابي في خطابه الدعائي، والذي يستغل مفاهيم شرعية مثل “العزة” و"التوحيد" لتبرير تكفير المجتمعات الإسلامية وشرعنة العنف والقتل باسم الدين.
وتناول التقرير المقال الافتتاحي لصحيفة "النبأ" التابعة للتنظيم، الذي حمل عنوان "سبيل العزة"، حيث يحاول التنظيم تقديم تكفير المجتمعات الإسلامية على أنه السبيل الحقيقي لنصرة الدين، متجاهلًا أن التكفير المطلق يتنافى مع مبادئ الإسلام التي تحث على العدل والإنصاف، وهو ما أكدته النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع العلماء.
و يرى مرصد الأزهر أن الحكم على مجتمعات بأكملها بالكفر يتناقض مع المنطق والفطرة السليمة، إذ إن الإسلام وعد بحفظ الأمة وعدم اجتماعها على ضلالة. كما أن مبدأ المحاسبة الفردية في الإسلام لا يجيز تعميم الأحكام على الأفراد استنادًا إلى سياسات الحكومات، مستشهدًا بقوله تعالى :﴿ألَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ النجم: 38
وأكد التقرير أن القرآن والسنة النبوية يرفضان نهج التكفير العشوائي، حيث نهى الله عن التسرع في اتهام الناس بالكفر، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ النساء: 94
كما حذرت السنة النبوية من خطورة إطلاق التكفير جزافًا، حيث قال النبي ﷺ: إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما" متفق عليه.
وأجمع علماء الأمة عبر العصور على أن التكفير من القضايا الخطيرة التي لا يجوز التهاون فيها، وأكد الإمام النووي أن المسلم لا يُحكم بكفره إلا إذا أتى بأمر لا يحتمل التأويل.
وتابع المرصد أن انتشار فكر داعش التكفيري أدى إلى تمزيق وحدة المسلمين، من خلال تفتيت الصف الإسلامي وإشعال الفتن الداخلية، بدلًا من توجيه الجهود نحو البناء والإصلاح. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استغل الإعلام الغربي جرائم التنظيم في تشويه صورة الإسلام عالميًّا، مما ساهم في تفاقم موجات الإسلاموفوبيا وزيادة الاضطهاد ضد المسلمين في العديد من الدول. كما أن التنظيم، عبر دعايته المضللة، تمكن من إفساد عقول الشباب، مستغلًا جهلهم بالمفاهيم الدينية الصحيحة، حيث خدعهم بشعارات زائفة تزين لهم العنف والتطرف، ليصبحوا أدوات في يده ينفذون أجنداته التخريبية، مما يضاعف من أزماته داخل الأمة الإسلامية.
ويدعو مرصد الأزهر المسلمين كافة، وخاصة العلماء والدعاة والمفكرين، إلى مواجهة الفكر التكفيري بنشر الوعي وتعزيز مبادئ التسامح، حتى لا يُخدع الشباب بمزاعم الإرهاب، مؤكدًا أن الإسلام دين سلام ورحمة، لا دين تكفير وعنف، وأن مواجهة التطرف مسؤولية جماعية تتطلب تكاتف الجميع لحماية المجتمعات من خطر الفكر الهدام، والحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية من التشرذم والانقسام.