تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور  أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال كلمته التي ألقاها في مؤسسة دار القرآن جاكيم بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، إنه لا يمكن لمتحدث في هذا الاجتماع القرآني المهيب أن ينصرف دون أن يتوقف عند مأساة شعب فلسطين، بل مأساة الشعبين: العربي والإسلامي، بل مأساة العالم الحر في قارات الدنيا كلها شرقا وغربا، والتي تمثلت في جريمة الإبادة الجماعية، وتجاوزت بشاعتها كل الحدود.

وأضاف: لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نسأل الله -سبحانه وتعالى- ونتوسل إليه بحرمة كتابه الكريم أن يمن على هذا الشعب المرابط بالفرج القريب والنصر المبين، ليستقيم بزوال الظلم والعدوان ميزان العدالة، لا في أرضهم المحتلة فحسب؛ ولكن ليقوم هذا الميران في العالم أجمع.

وبين فضيلته أن القرآن نزل ليعلن احترام الإنسان، ويؤكد تكريمه وتفضيله على سائر المخلوقات، ويفتح أمامه آفاق العلم وأبواب المعرفة بلا حدود، ويدفعه دفعًا للتفكير والنظر والبحث والتأمل، بعدما حرر فيه عقله من أغلال الجهل والجمود والتقليد، والاتباع الأعمى بغير حجة ولا دليل، مضيفا أن القرآن قد أعلن حرية المرأة، وأعاد لها كرامتها وإنسانيتها وحقوقها التي صادرتها عليها أنظمة المجتمعات في ذلكم الوقت، ولازالت تصادرها عليها حتى يوم الناس هذا.

وأوضح شيخ الأزهر خلال كلمته أن القرآن جاء بفلسفة جديدة للحكم تقوم على العدل والمساواة والشورى والديمواقراطية الرشيدة ومَنع الاستبداد وتحريم مظالم العباد، مشيرا إلى أن القرآن نزل بالكثير حول شئون المجتمعات والعلاقات الدولية، وفي أمر العقوبات وفي الأسرة، وفي الشأن العام، وغير ذلك، بجانب ما جاء فيه حول العقيدةِ والعبادةِ والمعاملاتِ بتنوعاتها، والغيبيات والدار الآخرة.

وأضاف شيخ الأزهر :  هذا الكتاب الفرقان بين الحق والباطل لا يزال يتعرض للحملات المضلِّلة في عصرِنا هذا، من بعض أقلام ينتمي أصحابها إلى الإسلام، ممن يؤمنون بالمذاهب الأدبية النقدية في الغرب، وبخاصة ما يسمى بالهيرمينوطيقا، تلك المذاهب تقوم على قواعد من صنع هؤلاء، ومنها إلغاءِ كل حقيقة دينية فوقية، والتمسك بالذاتية الإنسانية كمصدر أوحد للمعرفة، وأن الإنسان وحده قادر على أن يمتلك الحقيقة، وهو وحده معيار الحق والباطل ومقياس كل حقيقة، ولا توجد سلطة تعلو عليه أو على العالم، ولكم أن تتساءلوا عن مصير نص إلهي كنص القرآن الكريم -بأبدياته وثوابته وغيبياته- إذا ما تناولته القراءة الحداثية بهذا المبضع الذي لا يفرق بين إله وإنسان، ولا بين غيب وشهادة.. ولا بين مقدس ومدنس.. ألا يطلب من المسلمين آنذاك أن ينفضوا أيديهم من هذا الكتاب الذي لم يعد في منظور هذه القراءة وحيا إلهيا صالحا لكل زمان ومكان؟!.

وشدد فضيلته على أن طبيعة التلازم بين القرآن والسنة بحسبانه: مؤسسا لشرعيتها، ولحجيتها ومرجعيتها في حياة المسلمين وتشريعاتهم، تقتضي الإشارة إلى أمر قديم متجدد، وهو هذه الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية، وأنكرت ثبوتها وحجيتها، وأهدرت قيمتها التشريعية في الإسلام، وانتهت إلى أن القرآن وحده هو مصدر التشريع، ولا مصدر سواه، ضاربة عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين.

وأكد أن سلخ القرآن عن السنة يفتح أبواب العبث على مصارعها بآيات هذا القرآن وأحكامه وتشريعاته.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الإبادة الجماعية أحمد الطيب شيخ الأزهر ماليزيا فلسطين شیخ الأزهر أن القرآن

إقرأ أيضاً:

وكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن قضية الدعوة الإسلامية يجب أن يحمل علماء الأمة جميعا همومها، وأن يتكاتفوا حولها؛ فما تواجهه الدعوة الإسلامية يدعونا إلى إجراء دراسة متأنية لمستقبلها في ظل ما تواجهه الأمة من تحديات

وأضاف: “ولعل الحوار الحضاري الذي يعني في مجمله عملية تبادل الأفكار والقيم والمعارف بين الحضارات والشعوب المختلفة، بهدف تحقيق التفاهم المتبادل والتعايش السلمي، أعمق من مجرد نقاش، فهو بناء لجسور التواصل بين الثقافات، والعمل على إيجاد أرضية مشتركة تجمع بين البشرية كلها”.

وأوضح وكيل الازهر خلال المؤتمر الدولي الرابع لكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، والذي جاء بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية، تحت عنوان: «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري رؤية واقعية استشرافية»، أن حوار الحضارات تمس فيه مجالات علمية كثيرة، المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كما يتداخل فيه البعد المحلي والدولي، والقديم والحديث؛ ومن ثم فإن طرح «الحوار الحضاري» كموضوع للمناقشة ينبغي أن يكون طرحا شموليا، يعكس الترابط بين الحقول المعرفية المختلفة، والتي يظن البعض أنها منعزلة أو مستقلة، إضافة إلى ضرورة فهم أن الحضارة الإنسانية من إنتاج كل البشر، على تفاوت في أنصبة إسهامات الشعوب والأمم في بنائها، على عكس ما يراد من تقزيم البعض وتضخيم البعض الآخر لاعتبارات أيديولوجية أو سياسية تختبئ وراء شعارات علمية.

ولفت إلى أنه من الواجب أن يتجاوز المؤتمر التنظير للحوار الحضاري من ناحية المفهوم وتاريخ نشأته ومن تكلم عنه من العلماء والمفكرين إلى وضع مسارات عملية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية حقيقية تقرب بني الإنسان، وتجمعهم على أصول حقيقية لا تنكر، مبينا أن الحضارات في ذاتها لا تحاور، ولا تحاور، وإنما الذي يحاور هو الإنسان، هو الذي يرسل ويتلقى، ويسأل ويسأل، ويوافق ويعارض، ونقل هذه المعاني من الإنسان إلى الحضارة يسمونه «أنسنة الحضارة»؛ بمعنى إضفاء الصفات البشرية على الحضارة.

وبيّن فضيلته أن المثاقفة فعل بشري، يجري بين بني الإنسان، تنتقل فيه عادات وتقاليد، وأنماط ثقافية، واتجاهات فكرية، وليس لدى بني الإنسان فرصة الاختيار في هذه المثاقفة؛ خاصة أن العالم الآن أصبح قرية صغيرة، وأصبح الناس أشبه بسكان عمارة واحدة، وربما يجعلهم المستقبل وما يحمله سكان شقة واحدة، إذا طرقها طارق سمع صوته جميع من فيها، إلا من اختار أن ينعزل، فحوار بني الإنسان اليوم أكثر سهولة ويسرا من أي وقت مضى، وتكفي ضغطة أو لمسة من أصغر الأنامل ليكون الإنسان في الصين أو في الهند أو في أميركا، يطالع المكتبات العالمية ويشارك في الفعاليات الثقافية المختلفة، ولكن العجيب حقا أن ترى بني الإنسان مع هذه الفرصة الكبيرة كلما ازدادوا قدرة على التواصل ازدادوا عصبية وانعزالا، وازدادت الفوارق بينهم!

وتساءل وكيل الأزهر عن موقف الهويات من هذا الحوار الذي يديره الآن طرف يملك من مقومات الحياة شيئا ما، ويتغافل هذا الطرف عمدا عن حقيقة الحضارة، ومقوماتها، وأنها كما تحتاج إلى المادة فإنها تحتاج إلى الروح، وكما تثق في المحسوس فإنها لا تستغني عن المعنى! وهل يقتضي الحوار الحضاري منا ونحن نملك تاريخا ثريا، وعلوما أضافت إلى الحياة ما أضافت مما كتب عنه المسلمون والعرب والأعاجم، ومنه كتاب: «أثر العرب في الحضارة الأوربية» للكاتب المفكر عباس محمود العقاد، ومنه كتاب: «شمس العرب تسطع على أوربا» للمستشرقة زيجريد هونكه، وغير ذلك؛ هل يقتضي هذا أن نعيد النظر في موقفنا الحضاري؟ وأن نكون فاعلين في إدارة حوار حضاري لا يتغافل عمدا عن ديننا وقيمنا وعلومنا وتراثنا وهويتنا؟ وهل المثاقفة الحضارية الموجودة الآن -والتي تدار وفق أيديولوجية خاصة- هل تستدعي القلق والخوف على شبابنا وهم أمل أمتنا؟

وأكد الدكتور الضويني أن هذا المؤتمر ليس تثقيفا باهتا، ولا فلسفة مغرقة في التنظير، ولكنه يضع أيدينا على آلام وآمال ينبغي أن تكون نصب أعيننا، ويكشف -إن أمعنا النظر- عن المعوقات الحقيقية التي تحول دون الأمة ودون العطاء الحضاري لها، والذي ينطلق من خيريتها التي منحها لها رب العالمين، مبينا أن بعض الأمم والشعوب يراد لها بإجراءات تربوية وثقافية واقتصادية وسياسية؛ أن تكون تابعة أبدا، ومؤدلجة أبدا، ومغلوبة أبدا، ومنهوبة أبدا؟!

واختتم وكيل الأزهر كلمته بتوجيه خمس رسائل حول أهمية دور الحوار الحضاري وهي:

الرسالة الأولى: إن وحي السماء ما نزل إلا ليرسم للإنسان طريق السعادة في الدنيا والآخرة، ويعلمه قيم الرحمة والحق والخير، ويحفظ دمه وماله وعرضه؛ وبأنوار هذا الوحي تستطيع البشرية أن تنهض من كبوة العنصرية وسفك الدماء وقتل الإنسان، ويصان إنسان غزة كما يصان أي إنسان على ظهر الأرض.

الرسالة الثانية: إن فلسفة القرآن الكريم لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين؛ ولذا فإن لفظ «السلام» ومشتقاته يملأ جنبات القرآن في آياته وسوره، حتى أصبح الإسلام والسلام وجهين لعملة واحدة إن صح هذا التعبير، ويكفي للتدليل العاجل على هذا أن نقارن بين كلمتي السلام والحرب في القرآن؛ لندرك شيوع السلام في أوامر الإسلام، وأن مبدأ «السلام» أصل في معاملة المسلمين وعلاقاتهم مع الكون من حولهم بكل ما فيه من موجودات، وبهذا تفتضح اتهامات المدلسين ممن لا يتوانون عن ظلم الإسلام وأهله لأدنى شائبة!

الرسالة الثالثة: إن الحوار الحضاري بين بني الإنسان ضرورة يقتضيها التنوع والاختلاف في الألسنة والألوان، والثقافات والعلوم، وإنما يكون الحوار بين بني الإنسان فيما اتفقوا عليه من مشتركات، وما أكثرها بينهم! ولا يتصور أن يؤدي التنوع إلى شر وكراهية وتهميش وإقصاء، كما يدعي بنو صهيون!

الرسالة الرابعة: إن الواجب علينا أن نعيد قراءة ذواتنا، ونفهم طبيعة أمتنا، وندرك الرسالة التي أخرجت بها الأمة للناس؛ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتملك أسباب الدنيا وتنير طريق الآخرة.

الرسالة الخامسة: إن أمتنا وأوطاننا أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها –أفرادا ومؤسسات، وشعوبا وحكومات- وبكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر.

مقالات مشابهة

  • مأساة عائلة هندية على الحدود الأمريكية الكندية تكشف جرائم تهريب البشر
  • رئيس وزراء ماليزيا: سندافع عن فلسطين بكافة المحافل الدولية
  • رئيس الوزراء ماليزيا: سندافع عن فلسطين بكافة المحافل الدولية
  • موعد اختبارات المتخلفين عن مسابقة «الأزهر» لحفظ القرآن بكفر الشيخ
  • تجاوزت خط احتوائها.. حرائق الغابات تهدد مجددًا شمال شرق أمريكا
  • انطلاق مسابقة الأزهر الشريف السنوية لحفظ القرآن الكريم بالوادي الجديد
  • وزير الأوقاف: ندعو الأشقاء في فلسطين إلى الثبات على أرضهم مهما كانت التضحيات
  • كل ما تريد معرفته عن مسابقة شيخ الأزهر السنوية للقرآن الكريم بأسوان
  • استمرار فعاليات مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم بالإسماعيلية
  • وكيل الأزهر: فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين