مدينة سنجة السودانية.. مدينة المروج والمراعي والصوفية والتنوع العرقي
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
عاصمة ولاية سنار جنوب شرقي السودان، وفيها يوجد مقر حكومة الولاية وكل الوزارات. استوطنها الإنسان قبل أكثر من 160 ألف سنة، أي خلال العصر الحجري الحديث، وفق ما كشفته دراسة بقايا جمجمة عثر عليها صدفة في بداية القرن الـ20، وهي محفوظة حاليا في أحد متاحف لندن.
كانت قرية صغيرة على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وأصبحت مع توالي الهجرات إليها عبر الحقب التاريخية حاضرة مهمة شكلت جزءا من تاريخ السودان الحديث.
يفصلها النيل الأزرق إلى شطرين، وجعلتها مياهه جنة على الأرض، حيث تنتشر فيها الأشجار المثمرة بوفرة مثل أشجار الموز والجوافة والمانغو، كما تتوفر على ثروة غابوية وحيوانية مهمة.
الموقعتقع على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، وترتفع 439 مترا فوق سطح البحر، تبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 360 كيلومترا باتجاه الجنوب الشرقي، وعن مدينة سنار بحوالي 60 كيلومترا.
تبلغ مساحتها 750 كيلومترا مربعا، تحدها من الناحية الجنوبية قرية أم بنين ومحلية أبو حجار الجديدة، ومن الناحية الشمالية محلية سنار ومن جهة الغرب محلية الدالي والمزموم، ومن الشرق مجرى النيل الأزرق.
مشهد عام من مدينة سنجة (مواقع التواصل الاجتماعي) أصل التسميةيرجح أن اسم المدينة مشتق من كلمة "السنج" (مفردها سنجة) وهو نبات ينتشر في هذه المدينة بكثرة، ويقال إن مرادف هذه الكلمة في اللغة العربية هو المروج والمراعي الخضراء المنبسطة.
ويفترض البعض أن الاسم مشتق من لفظة "السونكي"، ومعناها النصل أو السكين الذي كان يثبت على فوهة البندقية في الماضي، في حين ترجح روايات أخرى أن الكلمة مشتقة من لفظة "صنجة" وهي إحدى أدوات موازين الذهب قديما.
يطلق على المدينة أيضا "سنجة عبد الله" في إشارة إلى عبد الله ود الحسن، زعيم قبيلة "لكنانة"، وهي من أهم القبائل المستوطنة في المدينة، وكان أحد أمراء الثورة المهدية.
التاريختصنف سنجة ضمن المدن القديمة التي استوطنها البشر، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن إنسان سنجة الأول عاش في العصر الحجري البلستوسيني، أي قبل أكثر من 160 ألف سنة.
وكانت الصدفة قد قادت الحاكم الإنجليزي لمقاطعة شمال الفونج، والذي كان يقيم في مدينة سنجة، إلى اكتشاف مقبرة سنة 1924 بينما كان يتنزه على شاطئ النيل، وعثر بداخلها على بقايا جمجمة متحجرة.
لاجئون فروا من الحرب الدائرة في سنجة في يونيو/حزيران 2024 (الفرنسية)أرسل الحاكم تلك البقايا إلى لندن لتحليلها ودراستها ليتبين أن الأمر يتعلق بجمجمة إنسان عاش في المنطقة في الفترة التي تعرف علميا بالعصر الحجري الحديث، ولا تزال تلك الجمجمة محفوظة في المتحف البريطاني بلندن.
بدأت المدينة قرية صغيرة على الضفة الغربية للنيل الأزرق واستقبلت هجرات سكانية مختلفة عبر حقب تاريخية طويلة، قبل أن تصبح حاضرة مهمة.
وكانت إحدى حواضر مملكة الفونج أو مملكة سنار، أشهر الممالك الإسلامية في أفريقيا والسودان وأول سلطة سياسية مسلمة نشأت في سودان وادي النيل خلال القرن الـ16 الميلادي، وامتد حكم الفونج في بلاد السودان لأكثر من 3 قرون صارت خلالها مركزا مهما للإشعاع الثقافي والإسلامي في أفريقيا.
وتعرضت المدينة عام 1934 لحريق مهول أتى على كل بيوتها التي كانت عبارة عن أكواخ مبنية من القش ومتلاصقة مع بعضها البعض، إذ انطلق الحريق من جوار ضريح الشيخ ود عابدين وانتقل إلى باقي المساكن وساهمت الرياح في انتشاره بسرعة فتحولت المدينة إلى رماد.
وبنيت المدينة من جديد وفق مخطط عمراني حديث بشوارع واسعة ومنازل مبنية من الطوب الأحمر وميادين واسعة، وتم تخطيط الأحياء الأولى التي تعرف الآن بالشمالي والشرقي والغربي والجنوبي، أما السكان غير القادرين على البناء بالطوب فنقلوا إلى جنوب المدينة، حيث منحت لهم قطع سميت بسكن الأهالي. وأطلق على كل حي اسم القبيلة التي تسكنه.
السكانيبلغ عدد سكان محافظة سنجة 316 ألف نسمة يمثلون 27% من سكان ولاية سنار. وتتميز التركيبة السكانية للمدينة بالتنوع، وتتعايش فيها عدة قبائل مثل كنانة -وهي أولى القبائل التي استقرت فيها- والتعايشة والفونج والنوبة والجعليين والمعاليا والرزيقات وغيرهم.
ويقول أهل سنجة إن في مدينتهم رحما مع كل أجناس السودان، حيث تصاهرت هذه القبائل فيما بينها وانصهرت وقدمت نموذجا إيجابيا في التعايش السلمي.
أضرحة المدينةاشتهرت سنجة بالطرق الصوفية والأضرحة التي كان لها دور مهم في نشر وتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين وإحياء ليالي الذكر والمديح النبوي، خاصة في المناسبات الدينية.
ويتناقل الأهالي أساطير وحكايات عن شيوخ الصوفية في المدينة الذين كانت لهم أدوار دينية وتعليمية إلى جانب مساهمتهم المهمة في مقاومة الاحتلال، وتحولت قبورهم إلى مزارات وفضاءات لتحفيظ القرآن والعلوم الشرعية. ومن أبرز هذه الأضرحة:
ضريح الشيخ ود عابدين: وتوفي حسب الشاهد الموجود على قبره سنة 1106 هجرية، يوجد على أطراف غابة مدينة سنجة ويتداول الأهالي حكايات شفوية عن شجاعة وجسارة الشيخ ود عابدين في مواجهة الجيش التركي أيام حكم السودان وقضى على مملكة سنار، التي كان الشيخ أحد علمائها ورجالاتها الأقوياء. ضريح الشيخ محمد ود حامد عبد الله: وهو ابن أخ الإمام المهدي مفجر الثورة المهدية في السودان، ويعد الشيخ محمد من رموز المقاومة في السودان، إذ شارك في صباه في معارك ضد المستعمر البريطاني وتم أسره ونفيه وتحديد إقامته في مدينة سنجة، وخلال إقامته فيها التف حوله الأهالي لما عرف عنه من الصلاح والكرم وما امتلك من علم شرعي. قاد انتفاضة ضد الحاكم الإنجليزي إثر خلاف حول حقوق القبيلة في استخدام موارد الماء، وانتهت بأسره وإعدامه عام 1919، وتحول مكان دفنه إلى ضريح ومزار ديني. مدينة سنجة تضم مؤسسات رسمية وآثارا تاريخية (مواقع التواصل الاجتماعي) المؤهلات الاقتصاديةتعرف المدينة بتنوع النشاط الزراعي وبثرواتها الحيوانية ومواردها المائية، تضم 5 ملايين فدان تعتمد في زراعتها على التساقطات المطرية، وحوالي 400 ألف فدان من الأراضي المروية بمياه النيل، وتزرع فيها أنواع متعددة من الفواكه أبرزها المانغو والليمون والموز والجوافة، وتوجد فيها أكبر محطة لتصدير الفواكه.
تقدر ثروتها بنحو 12 مليون رأس من الماشية، وتتوفر على ثروة غابوية مهمة، ومن أبرز غاباتها غابة القعرة وغابة العزازة اللتين تنتشر فيهما أشجار الطلح والهشاب (الشجر الذي ينتج الصمغ العربي) وهو ما جعلها معروفة بصناعة الأثاث المنزلي.
وجعلها موقعها الجغرافي نقطة وصل بين عدة ولايات ومدن، حيث يمر بها الطريق البري الذي يربط جنوب ولاية النيل الأزرق بالعاصمة الخرطوم. كذلك يوجد بها طريق بري يصل إلى بورتسودان.
تتوفر المدينة على سكة حديدية تربطها بباقي المناطق السودانية، وتمر عبر جسرها، الذي يربط بين ضفتي النيل الأزرق، الشاحنات القادمة من الولايات ومن دولة إثيوبيا المجاورة والمتجهة إلى ميناء السودان الرئيسي بورتسودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النیل الأزرق مدینة سنجة
إقرأ أيضاً:
الحركة المتأسلمة السودانية صانعة الحروب والأزمات بجدارة
عبدالمنعم النور
أحسن الكاتب خالد ابواحمد في رده على د. الدرديري محمد أحمد
بدأ القيادي بالحركة المتأسلمة د. الدرديري محمد أحمد في نشر سلسلة حلقات عن تعثر ونهوض حركتهم بعنوان (الإسلاميون السودانيون: لم تعثروا وكيف ينهضون)، ومن خلال الثلاث حلقات التي نشرت السلسلة عبارة عن تنظير وفذلكة تأريخية ويتضح منها أن الكاتب يريد أن يعطي صورة وردية وجميلة عن (الاسلاميين) ومحاولة ربطها بالتاريخ الاسلامي والثقافة الاسلامية، أعتقد أن السيد الدرديري ارهق نفسه في ما لا طائل منه، لان ما يكفي الناس هو التجربة الماثلة التي استمرت حتى الوقت الراهن 35 عاما ونتائجها معروفة لجميع أهل السودان.
عجبي جدا ما سطرته قلم الأستاذ الكاتب خالد ابواحمد في رده على السيد الدرديري وأتفق معه جملة وتفصيلا ذلكم لأن الجانب العملي في تجربة المتأسلمين هو الأبقى والأهم لأنه يمثل أهم معالم حُكم الكيزان وتأثيره المباشر على حياة السودانيين، وانا في هذا المقال أعقب على ما ذكره خالد ابواحمد وأضيف عليه أن الحركة (الاسلامية) التي حكمت السودان صنعت الأزمات الداخلية والاقليمية والدولية، ومن بين هذه الأحداث الكبير محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في العاصمة أديس أبابا في 1995م، وبفعل هذه الألاعيب الصبيانة تدهورت حياة السودانيين، وانتشر الفساد المالي والاداري في مؤسسات الدولة، والفساد والاخلاقي في المجتمع، وفتح أبواب البلاد لدخول الحركات المتشددة والقيادات المتطرفة مثل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي أقام في السودان 4 (سنوات) درب فيها قواته على أحدث الاجهزة التقنية والأمنية وبعدها مباشرة نفذ تنظيم القاعدة عددا من العمليات النوعية المعروفة.
أكثر من 35 عاما في حُكم الشعوب فترة ليست بالقصيرة حتى يتقاضى د. الدرديري الحديث عنها، فقد أثرت كثيرا في وضعية السودان الحالية، ويمكنني باختصار ذكر نماذج من الاضرار الكبيرة التي لحقت ببلادنا وأوجزها في الآتي:
اشعال الحروب في السودان مثل دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق السودان وراح ضحيتها حوالي مليوني نسمة غير النازحين والمُهجرين، وحدثت أكبر جرائم ارتكبت في العصر الحديث في (دارفور) جريمة حرب وإبادة الجماعية في أول سنة منها (2004) بسببها اتهمت محكمة الجنايات الدولية الرئيس الأسبق عمر حسن البشير بارتكاب هذه الجريمة، وهو نفسه في حديث مؤثق على (اليوتيوب) يعترف بارتكاب هذه الجرائم، حينها قالت الأمم المتحدة ان الضحايا بلغوا 300 ألف نسمة، واستمرت بعد ذلك الحرب لسنوات طويلة واصبح الضحايا بالملايين الذين أرحقت قُراهم وهم بداخلها وتم ابادة أكبر ثروة حيوانية في السودان تقدر ب5 مليون رأس.
إن انهيار السودان اقتصاديا بدأ باحتكار (الإسلاميين) للعمل التجاري وجعلوه فقط لعضوية التنظيم والمتعاطفين معهم في مجال الاستيراد والتصدير، وهو ما أدى إلى إبعاد غالبية الشركات والقطاع الخاص عن العمل في السوق لصالحهم، فتوقفت الشركات والمؤسسات الانتاجية بسبب عدم معرفة وجهل الادارات الجديدة الذين جاءت بهم الحركة (الاسلامية) في مواقع ذات صلة بالخبرة والمهنية فكان التردي الإداري بسبب ابعاد العاملين المتخصيين فيها، كم تم طرد غالبية الكفاءات السودانية النادرة في مجالات القانون والطب والهندسة والتعليم..إلخ، في اطار ما عرف بسياسة (التمكين) الذي يعني اتاحة الفرص لكل لكوادر الحركة في العمل بالتجارة والوظائف الحكومية جميعها بلا استثناء.
في العشر سنوات الأولى من حُكم هذه الطائفة الاسلاموية "بلغ التدهور حداً أصبح فيه ظهر السودان مكشوفاً سواء من ناحية العلاقات الخارجية على الصعيدين الإقليمي والدولي أو من الجانبين السياسي والاقتصادي، حيث وصلت قيمة الجنيه إلى حد التلاشي، ففي يوم انقلاب (الإسلاميين) كان الدولار الأميركي يساوي 12 جنيهاً سودانياً، فيما وصل بعد 10 سنوات إلى 6.03 آلاف جنيه، وقفزت الديون الخارجية من 13 مليار دولار إلى 43 ملياراً وتزايدت البطالة من 9.8% إلى 36% والتضخم من 10.3% إلى 66% وانتشرت بطالة الشباب وقد مثل مشهد ازدحام السودانيين على أبواب السفارات الخليجية والأوربية والغربية بالخرطوم اعلان عن انهيار الدولة، الذي حذرت منه بوقت طويل المنظمة الأممية، وقد بات هذا الانهيار ظاهرا من تقارير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فطيلة سنوات الحُكم أصبح السودان في المراكز الأخيرة عالميا مع اليمن والعراق والصومال.
حول الفساد المالي..إن الحركة (الاسلامية) التنظيم الحاكم بتحالف مع ضباط الجيش سخّرت إيرادات البلاد لمنسوبيها، واستخدمت المال العام أداة للبقاء في الحُكم، ما أدى في النهاية إلى حالة الإفلاس الشامل التي تمثلت في عجز الحكومة وشللها الكامل، خاصة في السنين الأخيرة للدرجة التي يذهب فيها المواطن للمصرف ليسحب من مدخراته التي أودعها يعتذر المصرف بعدم وجود سيولة، وتقدر إحصاءات غير رسمية إيرادات النفط وحدها كانت بنحو 90 مليار دولار، الرقم الفعلي غير معروف بسبب تكتم النظام عليه، لكنها لم تستخدم في تنمية البلاد، بل ذهبت إلى تمويل الأجهزة الأمنية والعسكرية للنظام، وإلى جيوب ذوي الحظوة منه وقد أثرى رموز النظام ثراء فاحشاً، وبنوا القصور الشامخات واشتروا الاراضي في ماليزيا وتركيا وغيرها، ومما لا يذكر في الإعلام كثيرا دعم النظام للجماعات المتشددة في عدد من الدول وارتباطها الوثيق بالاسلاميين في مصر وتركيا وقطر هذه العلاقات ذات طبيعة مالية..!.
انتشار المخدرات الآتية من الخارج عنوان كبير لفساد لم يكن تأثيره في المجالات الاقتصادية فحسب بل في انتشار تعاطي المخدرات وسط الشباب باعداد كبيرة جدا، وقد وضح أن قيادات نافذة في النظام كانت وراء استيراد حاويات مخدرات. بكميات ضخمة للمتاجرة بها، كشفت عنها السلطات في ميناء بورت سودان في اكتوبر/تشرين أول 2014م وهو ما حدا بالقيادي (الاسلامى) المعروف البروفسير حسن مكى أن يؤكد تورط نافذين فى هذه القضية الشهيرة بقوله "ان حجم المخدرات (735) مليون حبة مخدرة، وأن الحركة فشلت فى تحويل قضية المخدرات الى المحكمة بسبب افتقارها للغيرة الوطنية والدينية".
بشأن سرقة الموارد في ديسمبر/كانون الأول 2010م اتهم لويس مورينو أوكامبو مدعي المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني(الأسبق) عمر حسن أحمد البشير باختلاس مبالغ تصل إلى 9 مليار دولار من أموال الدولة وإيداعها في حسابات أجنبية، وفقا لمراسلات دبلوماسية أمريكية سربها موقع (ويكيليكس) ،وتقول الوثائق المسربة والتي نشرت في صحيفة (الجارديان) البريطانية إن دبلوماسيين قد نقلوا عن المدعي العام للمحكمة الجنائية قوله إن الجزء الأكبر من هذه المبالغ قد يكون أودع في بنوك بالعاصمة البريطانية لندن.
إن قادة النظام مارسوا نوعا من الفساد لم يخطر على بال أحد مثل بيع أهم الشركات التي ترفد الميزانية العامة بالعملات الأجنبية وتدعم الاقتصاد الوطني على سبيل المثال وليس الحصر (الخطوط الجوية السودانية- الخطوط البحرية السودانية- هيئة النقل المكانيكي، هيئة النقل النهري، وأهم شركات التجارة والملاحة التي تعمل في مجالات الاستيراد والتصدير على مستوى العالم نتج عنها تشريد آلاف العمال والموظفين والخبرات الاقتصادية، كما تم بيع مؤسسات ناجحة كانت ركيزة اقتصادية قوية للدولة تحولت ملكيتها للقطاع الخاص بل إلى أشخاص نافذين في التنظيم الحاكم، ونسبة لعدم علاقتهم بالاقتصاد فشلت هذه الشركات الكبيرة وخرجت من السوق نهائيا، إضافة إلى بيع أهم العقارات السودانية في أهم مدن العاصمة البريطانية (لندن) وفي عدد من الدول الأوروبية.
إن سرقة الموارد حدثت في ذات الوقت الذي أعفت فيه الحركة (الإسلامية) كل المؤسسات التجارية الضخمة التابعة لها من الضرائب ومن الجمارك، ولا تمتد إليها الرقابة المالية ولا الإدارية، علاوة على فقدان السودان للكثير من البنوك الناجحة التي خرجت من الخدمة بسبب الإدارة غير الكفوءة والجهل بالعمل المصرفي، الأمر الذي أفقد البلاد موارد مالية ضخمة لا تقدر برقم معين.
جهاز أمن الدولة التي ترفع (شعار الاسلام) مارس الاغتصاب داخل السجون والمعتقلات لكسر إرادة المختلفين معه في الرأي والفكر، وهذا الاغتصاب لم يكن للنساء فقط بل حتى الرجال، وفي محكمة قضية مقتل الأستاذ أحمد الخير إحدى أشهر عمليات القتل في السودان في ظل حُكم (الإسلاميين) قال المتحري أن "المتهم السادس ذكر للمعتقلين أنه "اختصاصي اغتصاب"، ولمن لا يعرف فإن الأستاذ احمد الخير قتل بالتعذيب النفسي والجسدي بعد أن تم اغتصابه، وهذه الممارسة ليست فردية بل ممارسة ممنهجة.!
ومن هنا أذكر بأن حُكم هذه الجماعة في السودان كانت أسوأ تجربة حُكم مرت بها البشرية والمنطقة العربية والاسلامية، بعيدا عن ما تعارف عليه أهل السودان من مبادئ وتقاليد اسلامية واعراف اجتماعية وسماحة، إن حكم الاسلامويين للسودان نشر الخوف والرعب وبسياستهم الممنهجة غير المتزنة، وألحق أضرارا بالغة بالأمن الوطني وأضعف الدولة حتى أصبحت على شفاء حفرة من الانهيار الكامل بل انهارت بالفعل كما حدث بالعراق ولبنان واليمن، وأن الحرب المستمرة في السودان من صنيع افكارهم الخربة ونواياهم السوداء القاتمة وقد تعودوا على اراقة الدماء وآهات الثكالى ونواح أمهات الضحايا.
وأقول للسيد الدرديري محمد أحمد أن ما كتبته في سياق حلقاتك الست لا يمثل أهمية تذكر لأنه كلام والسلام، السودانيين عليهم ما حدث على أرض الواقع، ومن هنا يجب القول بأن المستقبل الذي متأكدين منه سوف لا يكون فيه للحركة المتأسلمة أي دور، فإن الكراهية المقيتة داخل نفوسنا كسودانيين تجاهكم سوف لا تجعل لكم مكانة بيننا، نعم لديكم القدرة على صناعة الشر لكن ليس لديكم القدرة على كسر إرادة الشعب.
إن حملات الانتقام التي تقومون بها حاليا من الشعب السوداني والعنصرية التي تزرعونها الآن ستحصدون نتائجها أنتم، وبإذن الله ستقتلعون من السودان اقتلاعا نتيجة لما اريقتموه من دماء وأحدثتموه من خراب.
abd_noor20@yahoo.com