خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
المناطق_واس
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي المسلمين بتقوى الله وتدبر كتابه، واتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم.
أخبار قد تهمك أكثر من خمسة ملايين يؤدون الصلوات في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي 4 يوليو 2024 - 12:08 مساءً خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي 28 يونيو 2024 - 1:50 مساءً
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام:” إن كلام الإنسان من عمله، الذي يحاسب عليه، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، فللكلمة أهمية عظيمة، يدخل بها المرء الإسلام، ويفرَّق بها بين الحلال والحرام، وبها يُرفع المرء لأعلى الدرجات، أو يهوي بها لأسفل الدركات، ففي صحيح البخاري، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ))، وبين سبحانه فضل الكلمة الطيبة، فقال: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، ولا يصعد إلى الله تعالى، إلا ما يحب ويرضى، فلذا جاءت نصوص الكتاب والسنة، بحثّ المؤمن على مراقبة ما يتكلم به، فمن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت “.
وبين الشيخ ماهر المعيقلي أن كفّ اللسان عن المحرمات، طريق موصل إلى السلامة، وإلى رضوان الله والجنة، ففي سنن الترمذي: قال معاذ رضي الله عنه يا رسول الله: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، فذكر له صلى الله عليه وسلم أبواب الخير، ثم قال: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمِلَاْكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللهِ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، قَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))، فكم من إنسان تكلم بكلمة دون تفكر، أو إمعان نظر، فكانت سببًا للخسران والبوار، هوى بسببها في النار، أبعد مما بين المشرق والمغرب، فالعاقل اللبيب، من جعل على لسانه رقيباً، يكفه عن شهادة الزور والنميمة، والبهتان والغيبة، والكذب والازدراء، والسخرية والاستهزاء.
ولفت فضيلته النظر إلى أنه في غزوة تبوك، خرج أناس مع النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلَّموا بكلمات زلّت بها ألسنتهم، فقالوا: “ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، وأكذب ألسنًا، وأجبن عند اللقاء”، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فجاء الوحي من السماء، بخبر تلك المقالة السيئة، فقال سبحانه: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ))، فجاء القوم يعتذرون، ويقولون يا رسول الله: إنما هي كلمات، نقطع بها عناء ومَشَقَّة الطرقات، والرسول صلى الله عليه وسلم، لا يلتفت إليهم، ولا يزيد عليهم، إلا أن يقول: ﴿أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾.
وشدد أمام وخطيب المسجد الحرام على أن كل كلمة يتلفظ بها المرء، مكتوبة عليه، ويكون لسانه يوم القيامة، إما شاهداً له أو عليه: ((يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))، ولما كان اللسان بهذه المنزلة، عُدّ حبسه من أسباب النجاة يوم القيامة، ففي سنن الترمذي، قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: ((أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ))، ودعانا صلى الله عليه وسلم إلى عفة اللسان، والبعد عن السباب واللعان، فأفضل المسلمين، من سلم المسلمون من لسانه ويده، وضمن صلى الله عليه وسلم الجنة، لمن حفظ لسانه وفرجه، بل عَدَّ صلى الله عليه وسلم، الكلمة الطيبة صدقة، ومن الكلمات الطيبات، ذكر رب البريات، فالحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله، تملآن أو تملأ ما بين الأرض والسموات، وفي الصحيحين: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ))، قال ابن القيم رحمه الله: “وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به”.
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ أحمد بن طالب بن حميد المسلمين بتقوى الله وطاعته، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال فضيلته في خطبة الجمعة من المسجد النبوي: إن الله قد أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيمان، ورحمنا بنبيه عليه الصلاة والسلام، فهدانا به من الضلالة، وجمعنا به من الشتات، وألف بين قلوبنا ونصرنا على عدونا، ومكن لنا في البلاد، وجعلنا به إخواناً متحابين.
وأوضح أن النّعم لا تدوم إلا بحمد الله وشكره جل في علاه، والتوبة إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي، قائلاً: احمدوا الله على هذه النعمة، واسألوه المزيد فيها، والشكر عليها، فإن الله قد صدقكم الوعد بالنصر على من خالفكم.
وحذر فضيلته، المسلمين من كثرة المعاصي والكفر بالنعمة، فقلّما كفر قوم بنعمة، ولم يتوبوا إلا سُلبوا عزهم، وسلط الله عليهم عدوهم، مبيناً أن من أفضل أنواع الذكر قول لا إله إلا الله، وقول سبحان الله وبحمده، فهي سبب في فتح أبواب الرزق للعبد، والابتعاد عن الشرك والكبر، مستشهداً بوصية نوح ـ عليه السلام ـ لابنه (إني موصيك بوصية، وقاصرها كي لا تنساها، أوصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه، وهما يكثران الولوج على الله تعالى: أوصيك بلا إله إلا الله، فإن السماوات والأرض لو كانتا حلقة قصمتها، ولو كانتا في كفة وزنتها، وأوصيك بسبحان الله وبحمده، فإنهما صلاة الخلق، وبهما يرزق الخلق، قال تعالى (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، وأما اللتان أنهاك عنهما، فيحجب الله منهما، وصالح خلقه، أنهاك عن الشرك والكبر).
وختم فضيلته الخطبة مبيناً أن أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم، وفيه اليوم العاشر الذي أنجى الله فيه كليمه موسى ـ عليه السلام ـ وقومه من فرعون وملئه، فصامه نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحث على صيامه فقال: (نحن أحق وأولى بموسى منكم)، وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ (احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي خطبتا الجمعة صلى الله علیه وسلم المسجد النبوی المسجد الحرام ان الله ى الله ع ان الل
إقرأ أيضاً:
أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الحديث الذي رواه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، حول زيارة جبريل عليه السلام للنبي، يعد من أهم الأحاديث التي تشرح مراتب الدين الإسلامي بشكل واضح، حيث ذكر أن هذا الحديث يلخص جوهر الإسلام ويقسمه إلى ثلاث مراتب: الإسلام، الإيمان، والإحسان.
وقال الجندي، فى تصريح له: "أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى لنا تفاصيل زيارة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما جاء وسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، وفي نهاية الحوار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن هذا كان جبريل الذي جاء ليعلم المسلمين دينهم".
ونص الحديث: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ . قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أمارتها ؟ . قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " . ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال لي : “ يا عمر ، أتدري من السائل ؟ . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ”.
واوضح الجندي أن أول مرتبة هي الإسلام، والتي تتضمن الشهادتين، الصلاة، الزكاة، الصيام، والحج، و هنطائفة من العلماء قد اهتمت بحفظ هذه المرتبة عبر فقه الأحكام والتشريع، أي من خلال علم الفقه الذي يوضح كيفية تطبيق هذه العبادات، وأما المرتبة الثانية فهي الإيمان، التي تشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقد قام علماء العقيدة بتوضيح هذه المفاهيم من خلال علم العقيدة وعلم التوحيد، حيث يتم تعليم الناس كيفية الإيمان بكل هذه الأركان.
أما المرتبة الثالثة فهي الإحسان، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وبالتالي التصوف المعتدل هو الذي يختص بحفظ هذه المرتبة، حيث يهدف إلى تهذيب النفس ورفعها عن الرذائل مثل الكبر والغرور، أن الصوفية المعتدلين هم من قاموا بشرح كيفية الوصول إلى هذه المرتبة، من خلال علم التصوف، الذي يوجه المسلم إلى تحسين علاقته بالله..
وأكد أن التصوف في عصرنا الحالي يعاني من مشكلات، حيث أصبح بين الأعداء الذين ينكرون التصوف والادعياء الذين يزعمون تمسكهم بالتعاليم الصوفية وهم في الحقيقة يبتدعون ممارسات بعيدة عن التصوف الحقيقي.
وبين: "التصوف ليس مجرد موائد أو طقوس خرافية، بل هو منهج تربوي يهدف إلى تهذيب النفس والتقرب إلى الله وفقًا للكتاب والسنة".
ودعا العودة إلى التصوف المعتدل الذي يتسم بالاعتدال والضبط وفقًا لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، بعيدًا عن أي انحرافات أو بدع.