شيخ الأزهر: القرآن صنع أمة كبرى ونقلها من المحليَّةِ إلى العالميَّةِ
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
زار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، مَركز القرآن الكريم بدار القرآن جاكيـم.. بالعاصمة الماليزية كوالالامبور.
وأشار شيخ الأزهر، إلى أن هذا الحدث يمثل مناسبة طيبة للحديث عن القرآن الكريم؛ كتابُ الله الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفِه، الذي لا يستوعبُ الحديثَ عنهُ زمان ولا يحصُره مكان؛ فقد تعالى فوقَ الزمانِ وفوقَ المكانِ، وذهب بعيدًا إلى ما فوق العقول، وإلى ما وراء أحداث التَّاريخ وسجلَّاته، ولا عجب! فهو الكتاب الذي تكفَّل اللَّه -سبحانه وتعالى- بتنزيله ووحيه، كما تكفَّل بحفظِه وحراسة آياته وكلماته، ولم يعهد بهذه المهمة إلى أحدٍ غيره، لا من البشر، ولا من الأنبياءِ ولا من غيرهِم: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9].
وأضاف فضيلته خلال كلمته في الاحتفالية التي عقدها مركز دار القرآن جاكيم، بمناسبة زيارة شيخ الأزهر بلماليزيا، أنَّ الله قد صدق وعده فقُيِّض لهذا الكتابِ من وسائلِ الحفظِ في الصُّدورِ وفي السُّطور ما لم يُقيَّض لأيِّ كتاب آخر من الكُتُب، وقد مرَّ ما يقرُب من خمسة عشر قرنًا من الزمان على نزول القرآن الكريم، وجيوشُ المتربِّصين به ساهرةٌ تلتمسُ له العيوب وتُفتِّشُ عن الهفوات، ومع ذلك فإنَّ أحدًا من هؤلاء المتربِّصين لم يظفَر ببُغيته، ولم يستطع أن يُسَجِّلَ عليه هفوةً واحدةً يأباها العقلُ الصَّحيح، أو انحرافًا تَضِيقُ به الفِطْرة السَّليمة، أو خطأً واحدًا يَصدِمُ ثوابتَ العلم وتجاربَه المستقرَّة.
وأشار فضيلته إلى أنَّه كان من المتوقَّعِ أنْ تجيءَ الآياتُ الأولى من القُرآنِ الكَريم مُوقِظَةً لفطرةِ الإيمانِ باللَّهِ تعالى؛ ومُكتفيةً بها في تحصيل هذا الإيمان الذي هو: أصل الأصول في الأديان، بل الأصلُ الذي لا يثبتُ في غيابه أصل آخر، غير أنَّا وجدنا القرآنَ يبدأُ رسالته للناس بقرع أجراس العلم والمعرفة في آذانهم وعقولهم أوَّلًا، ليتنبَّهوا -بعد ذلك- إلى أنَّ أمرَ العقيدةِ في الإسلام يتأسَّسُ -أوَّلَ ما يتأسَّس- على «العِلْم» والنظر العقليِّ، وليس على مجرَّد «التَّسليم القلبي» الذي لا يستند إلى بدائه العقول والأدلَّة والبَراهين السَّاطعة.
العقل هو المِحور الأساسي الذي تدور عليه كل تكاليفِ الشَّرعوبيَّن شيخ الأزهر خلال كلمته أنَّ العقلَ هو المِحورُ الأساسيُّ الَّذي تدورُ عليه كلُّ تكاليفِ الشَّرعِ، التي هي: «خِطابُ اللَّهِ المُتعلِّقُ بأفعالِ المكلَّفِين اقتضاءً أو تخييرًا».. ومَنزلةُ هذا العقلِ في القرآنِ الكريمِ هي من المسلَّماتِ الّتي لا تَقبلُ نِزاعًا ولا جِدالًا، وتلاوةُ القرآنِ تُثبِتُ ذلك ثُبوتَ أرقامِ الحسابِ، وبصورةٍ يَنفرِدُ بها هذا الكِتابُ عن سائرِ الكُتبِ الأخرى. وقد حفَل هذا الكتابُ الكريم وفي كثيرٍ من آياتِه، وعلى نحوٍ لافتٍ للنَّظر، حفل بتحرير شعور الإنسان وقلبه وضميره من عبادة الأحجارِ والحيوانات والأشخاص، وخَلَّص عَقْلَه من الأوهامِ والأساطيرِ والخرافات، وتَسامَى بالنَّفسِ الإنسانيَّة ومشاعرِها فوق رَهَق المادَّة وعبوديَّة الغرائِز، وإغراءِ الشَّهواتِ واسترقاقاتها.
وأكَّد فضيلته أن القرآن صنع رجالًا، بل صنع أمةً كبرى من أمم التاريخ، نقلها -على ضعفِها وبساطتِها ورثاثة حالها- من المحليَّةِ إلى العالميَّةِ في غضونِ عقودٍ قليلةٍ، واستطاعت أن تَنشرَ في شرقِ الدُّنيا وغربِها حضارةً لايزالُ دَيْنها ثقيلًا في أعناقِ صُنَّاعِ حضارة اليوم، ورموزِها وفلاسفتِها وعلمائِها ومفكِّريها، وكانت حضارةً مُعجزةً بِكُلِّ المقاييس، لايزال علماء التاريخ، في الغرب قبل الشرق، في حيرةٍ من أمرِ تفسيرِها.
وأضاف فضيلته أنَّ التَّاريخَ يُثبِتُ أنَّ هذه الأمَّةَ حِينَ كانت تُصِيخُ السمعَ إلى نِداءاتِ القُرآنِ وتُطبِّقُ ما اشتمل عليه مِن توجيهاتٍ إلهيَّةٍ، علا قدرها وارتفع شأنها وبَلَغتْ مِن الحضارةِ والتقدُّمِ العِلميِّ والأخلاقيِّ درجةً زاحَمَتْ فيها بمَنكِبَيْها حضاراتٍ عالميَّةً كانت تتفرَّدُ بقيادةِ العالمِ آنَذاكَ، بل استَطاعَ المُسلِمون أن يُزِيحوا هذه الحضاراتِ شرقًا وغَربًا في أقلَّ مِن ثمانينَ عامًا مِن آخِرِ آيَةٍ نزلَتْ مِن هذا القُرآنِ الكريمِ ليَملَئوا الأرضَ نُورًا وعدلًا وعِلمًا... وقد كانت قوَّةُ الدفعِ الإسلاميِّ تُجاهَ العِلمِ والفلسفةِ والأخلاقِ والفُنونِ المُتعالِيةِ - مَثارَ إِعجابِ كثيرٍ مِن الأُوربيِّينَ ممن رَصَدُوا ظاهرةَ الفُتوحاتِ الإسلاميَّةِ في أُوربا، ودَرَسُوها في تجرُّدٍ ومَوضوعِيَّةٍ وإِنصافٍ يَستوجِبُ الثناءَ والشُّكرَ.
وتابع شيخ الأزهر أنَّ الله قد قَيَّضَ لنصوصِ القرآنِ أن تُحفَظَ في السُّطورِ وفي الصُّدورِ، ممَّا مكَّنَ لرُوحِ الحضارةِ الإسلاميَّةِ أن تَظَلَّ صامدةً في معاركِ التَّطوُّرِ، وأن تَبقى حَيَّة نابضةً ومؤثِّرةً حتَّى يومِ النَّاسِ هذا، رُغمَ ما أصابها مِن تَراجُعٍ وتَقهقُرٍ، ورُغمَ ما وُجِّه -ويُوجَّهُ- إليها مِن ضَرَباتٍ قاسيةٍ، مِنَ الدَّاخلِ ومِن الخارجِ على السَّواءِ، وكانت -دائمًا- كالجمرةِ المُتَّقِدةِ التي لا يَخبُو لها أُوارٌ، حتَّى في زمنِ التَّراجُعِ والنُّكوصِ.. ولو أنَّ أمَّةً أُخرى تَعرَّضَت حضارتُها لِما تَعرَّضَت له حضارةُ المسلمين لتَلاشَت وأَصبَحَت في ذمَّةِ التَّاريخِ منذُ قرونٍ عدَّةٍ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شيخ الأزهر الإمام الأكبر حكماء المسلمين القران الكريم شیخ الأزهر الذی لا
إقرأ أيضاً:
تكريم 350 متسابقا وتقديم 3 رحلات عمرة لحفظة القرآن الكريم بشبرا الخيمة
نظم النائب سيد حجازي عضو مجلس الشيوخ عن حزب مستقبل وطن بمحافظة القليوبية احتفالية كبري لتكريم 350 متسابق و3 رحلات عمرة من حفظة القرآن الكريم في بشبرا الخيمة من أبناء شبرا الخيمة الذين من الله عليهم بحفظ كتابه الكريم بدءاً من جزء واحد و حتى القرآن الكريم كاملاً .
حضر الحفل المهندس ايمن عطية محافظ القليوبية والمستشار مسعد عبد المقصود امين عام حزب مستقبل وطن بالقليوبيه وعدد من اعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالمحافظه وممثلي وزارة الأوقاف.
وبدأت الاحتفالية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم توجيه الشكر والتقدير للمكرمين بمشاركة عدد من القيادات التنفيذية والشعبية منهم وقيادات حزب مستقبل وطن بالقليوبية ورجال الأوقاف والأزهر الشريف.
أكد محافظ القليوبية على دعم المحافظة وترحيبها لتنظيم ورعاية مسابقات القرآن الكريم التي تخلُق نوعاً من أنواع المنافسة والتشجيع على حفظ القرآن الكريم بين الأطفال والشباب المحافظة.
وهنأ المحافظ الفائزين في المسابقة مثمناً الجهد الأكبر للآباء والأمهات على رعايتهم لأبنائهم وحثهم على حفظ كتاب الله،كما ثمن المحافظ الجهود المبذُولة لكُل المُساهمين في دعم حفظة القرآن الكريم، و تبني ورعاية مثل تلك المواهب وحثهُم على بذل كل الجهد في الحفظ والمثابرة مؤكدا على الطلاب بأن يكون حفظ القرآن الكريم مع تدبُر معانيه والعمل بتعاليمه السمحة والتحلي بالسلوكيات الحميدة التي حث عليها القرآن في العبادات والمعاملات.
وقدم المحافظ الشكر والتقدير للقائمين على التنظيم وما بذلوه من جهد بهذه المسابقة التي تأتي في إطار تشجيع حفظة القرآن الكريم، وتحفيزهم على مواصلة التفوق فضلاً عن نشر قيم التسامح في هذه الأيام المباركة.
وقال النائب سيد حجازي ان حريص على إقامة حفل سنوي لتكريم عدد من الفائزين فى المسابقة الكبرى لحفظ القرآن الكريم، وذلك فى إطار الجهود المبذولة لتخريج أجيال من الشباب الواعي المتسامح، مؤكدًا أن تكريم حفظة القرآن الكريم يغرس في نفوس قلوب النشء عظمة الدين الإسلامي، وما يحمله من معاني سامية.
وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى حرصه على تشجيع حفظة القرآن الكريم والعمل على إعدادهم وتأهيلهم للمشاركة، في المسابقات الكبرى وتقديمها كنموذج يحتذى به في التحلي بأخلاق القرآن، وفي إطار دعم مؤسسات الدولة من خلال إطلاق المبادرات وتنظيم الفعاليات والمسابقات التي تحظى باهتمام الشعب المصري.
وأعرب حجازي عن فخره بإنجاز أبناء شبرا الخيمة في حفظ القرآن الكريم، مشيدا بالدور الذي قدمته مؤسسات الدولة في دعم المجتمع والمشاركة في مثل هذه الفعاليات الهادفة إلى الارتقاء بالقيم الدينية والأخلاقية بين الشباب مشيدا بالجهود أولياء الأمور الذين بذلوا كل الجهد ليتوج أبناؤهم بهذا الشرف العظيم.
وأعرب النائب سيد حجازي عن سعادته الكبيرة لتكريم حفظة كتاب الله سنوياً من أبناء شبرا الخيمة ، مقدماً كل التحية والتقدير لأولياء أمور الأطفال والشباب الحافظين للقرآن الكريم و جميع الأساتذة و المشايخ الأجلاء الذين قاموا بتحفيظ واختبار أبنائنا من حفظه القرآن الكريم .
وفي ختام الاحتفالية، تم تكريم حفظة القرآن الكريم الذين أتموا حفظ من عشرة أجزاء إلى ثلاثين جزءًا، بمنحهم شهادات تقدير وجوائز مالية وعينية، إضافةً إلى جائزة 3 رحلات عمرة للفائزين بالمركز الثلاثة الأولي ، وذلك تقديرًا لجهودهم وتفانيهم في حفظ كتاب الله.
كما تم تقديم درع التكريم للمهندس ايمن عطية محافظ القليوبية تقديرًا لعطائه في خدمات المحافظة.