هل الأتراك حزينون على الطفلة السورية لهذه الدرجة؟
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
بقلم: محمد أبو سبحة
(زمان التركية)- تثير أزمة الاعتداء العنيف على السوريين وممتلكاتهم، التي اندلعت شرارتها في قيصري، التساؤلات حول الدوافع وراء إشعال هذه القضية، في هذا التوقيت الذي ترسل فيه حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، إشارات قوية أكثر من أي وقت مضى، بشأن التطبيع مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، بعد عداء لأكثر من عقد من الزمان، مع الحليف القديم الذي استعاد عرينه من جديد، بفضل دعم الدب الروسي.
ويظهر الغضب الشعبي التركي المنصب على اللاجئين السوريين، بعد تضخيم قضية تحرش مواطن سوري بطفلة سورية، قالت الشائعات في البداية إنها تركية، صورة غير متناسقة، تقول إن المواطن التركي الرافض لوجود اللاجئين في تركيا، يبحث عن الانتقام لطفلة عربية لاجئة، لا يقبلها هو في بلاده!
إن تضخيم قضية التحرش بالطفلة رغم مسارعة السلطات بكشف هويتها، وعدم ترك الأتراك مجالا للسوريين للتعبير حتى عن غضبهم من الجاني الذي أساء لطفلة من نفس جنسيته، ومعاملتهم جميعًا على أنهم جناة، يجب معاقبتهم بمن فيهم أسرة المجني عليها، مسألة تثير الكثير من الغرابة، وليس فيها شيء من المنطق، عدا رد الفعل في الشمال السوري على تركيا، الذي انتقده أردوغان وتوعد بالرد عليه، قائلا “نعرف كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علمنا”، وأضاف “نعلم أيضا كيف نكسر تلك التي تمتد إلى المظلومين اللاجئين في بلادنا”، ومن المثير هنا أن أردوغان استخدم لفظ “الأيادي القذرة” حينما تحدث عن ما حدث خارج الحدود، ما يزيد من حنق حلفائه في جماعات المعارضة بالشمال السوري الذين يشعرون بطعنة قاسية في الظهر، ويؤكد الرئيس أن الخطاب هنا موجه لاسترضاء الداخل التركي، حتى وإن كان في ظاهره تهديد لمن يعتدي على اللاجئين السوريين.
بجانب المفارقة غير المنطقية، نجد حكومة العدالة والتنمية على غير العادة، لا تسعى فعليا لاحتواء أزمة الغضب المتصاعد والغير مسبوق ضد اللاجئين، بقدر سعيها الأكبر نحو استعادة العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي خطوة تحرك نحوها أردوغان منذ البداية للتخلص من عبء اللاجئين السوريين، بعدما فشلت جهوده في إقناع الدول الأوروبية بتمويل مخطط المنطقة الآمنة في شمال سوريا لنقل اللاجئين إليها.
لطالما كان الأتراك ينظرون إلى اللاجئين السوريين الذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين، باعتبارهم المسئولين عن تراجع اقتصاد تركيا، متناسين الدعم الأوروبي الذي تحصل عليه الحكومة التركية مقابل استضافة الجيران الذين مزقت الحرب بلادهم على أراضيها، ومنعهم من الهجرة إلى البلدان الأوروبية، وهي ورقة لطالما استخدمتها تركيا لترهيب الكتلة الأوروبية.
الإعلام التركي الذي سلط الضوء بشكل كبير على حادثة التحرش وجعلها قضية رأي عام، أظهر لاحقا لقطات تظهر نقل “مجرمين” كما وصفتهم صحيفة “يني شفق”، بالشاحنات إلى الحي الذي شهد اندلاع شرارة العنف في قيصري، حيث تم إشعال النار في المركبات وأماكن العمل السورية، ووصلت الاعتداءات حد قتل شاب سوري طعنا بالسكين.
وأكد بيان وزير الداخلية علي يرليكايا أن الـ 474 شخصا الذي تم اعتقالهم بسبب أعمال العنف، من بينهم 285 لديهم سوابق جنائية في جرائم مختلفة، منها “تهريب المهاجرين، المخدرات، النهب، السرقة، إتلاف الممتلكات، التحرش الجنسي، الاحتيال، تزوير الأموال..”.
ولطالما كانت هناك حوادث اعتداء على اللاجئين السوريين في تركيا، تحركها على الأغلب شائعات، دون أن يكون هناك تعاطف فعلى مع الضحايا الذين يعانون من عنصرية البعض، ودون اهتمام إعلامي حقيقي، لكن أكثر ما يخشاه السوريون حاليا، هو تخلي الحكومة عنهم، بعد السعي لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، إذ يخشى اللاجئين السوريين من حتمية ترحيلهم من تركيا، إلى بلادهم التي مزقتها الحرب وترزخ تحت عقوبات اقتصادية خانقة.
إن رغبة أردوغان في تجاوز خلافات الماضي، وتطبيع العلاقات مع الأسد، مستذكرا “الزيارات العائلية” بينهما، مغامرة تفتح أمامه الباب واسعًا لترحيل اللاجئين السوريين من جهة، وتتلاقى مع رغبة طيف كبير من الأتراك الرافضين لاستمرار اللاجئين في تركيا وخاصة السوريين، وهي القضية التي تبناها أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية، بعد أن كانت على رأس أجندة المعارضة لسنوات، كما يسمح التطبيع مع دمشق للرئيس التركي من جهة أخرى بالقضاء على النفوذ الكردي في شمال وشرق سوريا، وهذه رغبة يتشارك فيها أردوغان والأسد الذي يرفض الوجود الكردي المسلح المدعوم أمريكيا، وفي نفس الوقت لا يستطيع جيشه المنهك في الحرب الأهلية التصدي له، فسيكون التدخل العسكري التركي هو الخيار الأمثل أمام الأسد لتدمير (روج آفا) والقضاء على حلم الإدارة الذاتية، بعدما ضعفت كذلك الجماعات السورية المعارضة في الشمال السوري، منذ أن تحولت بوصلتها من قتال جيش الأسد، إلى قتال الكرد، فخاضوا مع جيش أردوغان معارك درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، ومن المتوقع أن يكون مصيرهم في النهاية “مرتزقة” يقاتلون خارج الحدود تحت مظلة مؤسسة “صادات” شبه العسكرية، التي تعمل على غرار “فاجنر” الروسية.
Tags: احداث قيصرياردوغانالطفلة السوريةتحرش بطفلة سوريةترحيل السوريينشمال سورياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: احداث قيصري اردوغان الطفلة السورية ترحيل السوريين شمال سوريا اللاجئین السوریین
إقرأ أيضاً:
صعود تركيا يثير مخاوف إسرائيل! عميل في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يصف أنقرة بأنها “أخطر الأطراف”
في تحليل نُشر في مجلة “ذا أتلانتيك”، وصف العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية روييل مارك جيريش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتركيا بأنهما “أكثر الأطراف إثارة للقلق” بالنسبة لإسرائيل في المنطقة.
وفي التحليل الذي كتبه جيريش، استهدفت المقالة بشكل صريح سياسة تركيا الخارجية المناهضة لإسرائيل، حيث تم الإشارة إلى أن سياسة تركيا الإقليمية تشكل تهديدًا لإسرائيل. كما جادل الكاتب بأن الرئيس أردوغان قد قام بتعزيز قوته سواء داخل تركيا أو على الساحة الدولية.
“استقلال تركيا يزعج”
تم تقديم هذا التحليل، الذي كُتب ردًا على التأثير المتزايد لتركيا، على أنه الحلقة الأخيرة من سلسلة الهجمات الإعلامية المنهجية التي تستهدف الموقف المستقل لأنقرة.
فيما تم الإشارة إلى أن السياسة الخارجية لتركيا في المنطقة تشكل تهديدًا لإسرائيل، تم استخدام العبارات التالية:
“أردوغان يعزز قوته سواء داخل تركيا أو خارجها. وبسبب تحوّل تركيا وجهتها بعيدًا عن الغرب وتركيزها على إسرائيل، قد تصبح تركيا أكثر إثارة للقلق بالنسبة لرئيس الوزراء نتنياهو من جميع البلدان الأخرى تقريبًا. القوات المسلحة التركية كبيرة، ومجهزة بشكل جيد، ومدربة نسبيًا، وتدعمها ناتج محلي إجمالي يزيد عن تريليون دولار. تقرير لجنة ناغل، وهو التقييم الأمني الأخير لإسرائيل، وصف تركيا كتهديد متزايد بسبب وجودها العسكري في سوريا المجاورة. أما الغرب فهو يقتصر على المتابعة فقط.”
“إسرائيل تأثرت”
في بقية المقال، وصف جيريش سياسات تركيا تجاه إسرائيل بأنها “خطر”، وسعى لربط تأثيرات الرئيس أردوغان المتزايدة في العالم الإسلامي بأهداف “العثمانية الجديدة”. تم الادعاء بأن “أردوغان يدعم حماس”، و”يهدد إسرائيل”، و”تركيا تهز التوازنات العسكرية في المنطقة”.
تم وضع سياسة تركيا الداعمة لفلسطين في قلب المقال، وتم تعريفها كعامل يمكن أن يعطل الجهود الدبلوماسية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل. وبالتحديد، تم تصوير موقف تركيا النشط في السياسة السورية كعامل مقلق بالنسبة لأمن إسرائيل.
“الدعاء ضد إسرائيل في المساجد”
اقرأ أيضالماذا ترتفع أسعار الذهب، ومتى تنخفض؟ إليكم العوامل الحاسمة…
الأحد 20 أبريل 2025في التحليل، تم الإشارة إلى أن تصريحات الرئيس أردوغان المناهضة لإسرائيل ورسائل التضامن مع غزة قوبلت بقلق في أوروبا. كما تم التطرق إلى الادعاءات التي تشير إلى أن بعض المساجد في تركيا شهدت خطبًا تحتوي على تصريحات قاسية ضد إسرائيل.