باريس- مع انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المرتقبة بعد مساء السابع من يوليو/تموز الجاري، سيتعين تشكيل حكومة جديدة في فرنسا بعد انتخاب النواب الـ577 الجدد في الجمعية الوطنية.

وقبل 3 أيام من معرفة نتائج التصويت الحاسمة، لا تتوقع استطلاعات الرأي حصول أي من الكتل السياسية الثلاث الرئيسية المتنافسة على الأغلبية المطلقة داخل البرلمان.

فحتى مع استبعاد احتمال نجاح المعسكر الرئاسي بأغلبية جديدة، مطلقة أو نسبية، فمن غير المرجح اكتساح التحالف اليساري تحت راية الجبهة الشعبية الجديدة نتائج الانتخابات.

وفي تصريحاته الأخيرة لوسائل إعلام محلية، اعترف رئيس الوزراء غابرييل أتال أن التجمع الوطني يظل الحزب الوحيد القادر على الحصول على أغلبية مطلقة. وقال "هناك كتلة في وضع يمكنها من الحصول على الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، وهو اليمين المتطرف، لا حزب فرنسا الأبية ولا الجبهة الشعبية الجديدة، ولا مرشحونا (حزب النهضة وحلفاؤه)".

تعايش محتمل

وفي حال أفضت نتائج الجولة الثانية إلى التعايش، فسيضطر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حكم البلاد مع رئيس وزراء من حزب التجمع الوطني، أي جوردان بارديلا. ولكن خوفا من عدم منح الثقة أو إقالته عن طريق اقتراح اللوم -الذي في حال تم التوقيع عليه من قبل عُشر أعضاء الجمعية الوطنية على الأقل، فإنه يؤدي إلى استقالة الحكومة- حذّر بارديلا من عدم قبول المنصب إلا إذا استطاع حزبه الفوز بأغلبية مطلقة مع نوابه أو من خلال التحالف مع برلمانيين آخرين.

وفي هذا الإطار، يوضح المحلل السياسي إيف سنتومير أنه في المرحلة الحالية لا يُعرف إذا ما كان سيكون هناك تعايش بين ماكرون واليمين المتطرف، لأنه إذا كان حزب الجبهة الوطنية غير قادر على إقامة تحالف مع الجمهوريين -وهو أمر وارد جدا- فسيقلص ذلك سلطته داخل البرلمان.

وفي حديث للجزيرة نت، أضاف سنتومير أن احتمال تحقيق أغلبية مطلقة للجبهة الوطنية بعيد بعض الشيء، كما أن نجاحه في الجولة الثانية ليس مضمونا، لكن السيناريو الأكثر قربا اليوم هو الوصول إلى أغلبية مقسمة ونسبية.

وتشتعل الأجواء قبل أيام من الجولة الثانية بين حزب التجمع الوطني والمعسكر الرئاسي، إذ اتهمت زعيمته مارين لوبان الرئيس ماكرون، الثلاثاء، بقيادة "انقلاب إداري" من خلال إجراء تعيينات في مناصب عليا في الدولة لمنع حزبها من الحكم إذا حصل على الأغلبية المطلقة.

وتعليقا على ذلك، يرى الخبير في الشأن الفرنسي أن تصريحات لوبان "مبالغ فيها"، وتشير إلى مدى التوتر الحالي بشأن الترشيحات وما سيؤول إليه المشهد السياسي بين ماكرون وبارديلا. وبرأيه، فإن محاولات التعدي لفظيا على الخصم مشروعة ومتوقعة كما حدث سابقا في التعايشات التي تمت بين رؤساء اشتراكيين ورؤساء وزراء يمينيين.

ومنذ رحيل الجنرال شارل ديغول عن السلطة عام 1969، حدث استثناء "التعايش" 3 مرات في ظل الجمهورية الخامسة، أي عندما لا يكون رئيس الدولة ورئيس وزرائه على الجانب السياسي نفسه.

ويحدث ذلك عقب هزيمة المعسكر الرئاسي في الانتخابات التشريعية ويتمتع النواب المنتخبون عن الحزب المعارض بأغلبية في الجمعية الوطنية. وينشأ عن هذا الوضع خياران أمام الرئيس: إما الاستقالة أو اختيار رئيس للحكومة من بين الأغلبية الجديدة.

حل غير مستبعد

وبالتزامن مع عدم اليقين المحيط بتصويت الناخبين الفرنسيين، كشف مصدر مقرب من ماكرون أن احتمال لجوء رئيس الدولة إلى حل جديد للبرلمان "غير مستبعد" بين يونيو/حزيران وديسمبر/كانون الأول 2024 في حال فوز اليمين المتطرف بالانتخابات.

ويقول المحلل السياسي سنتومير إن الأمر المؤكد هو أنهم لا يستطيعون حل الحكومة والبرلمان مرة أخرى قبل مرور عام كامل، ومن المحتمل أن يقوم ماكرون بهذه الخطوة إذا تجمد الحكم في فرنسا، "لا تستطيع أي حكومة تمرير القوانين أو إدارة البلاد، والحل الوحيد للخروج من وضع فوضوي هو حل البرلمان من جديد".

وتابع أن "السيناريو الثاني الذي يمكن أن يتضمن احتمالا كبيرا لمزيد من الحل هو إذا تولى التجمع الوطني الحكم، ولكن في غضون عام واحد، وفي مواجهة صعوبات الحكم، انهارت مصداقيته".

وبرأيه، لدى ماكرون انطباع بأنه من خلال الدعوة إلى انتخابات جديدة بسرعة يقوم بإطاحة الأغلبية، "والآن وقد أحرق نفسه، سيفكر في الأمر مرتين قبل اللجوء مرة أخرى لحل البرلمان".

ووفقا للمادة الـ12 من الدستور، يمكن لرئيس الجمهورية -بعد التشاور مع رئيس مجلس الوزراء ورؤساء المجالس- إصدار قرار حل الجمعية الوطنية. وتجرى الانتخابات العامة بعد 20 يوما على الأقل و40 يوما كحد أقصى من تاريخ الحل، ولا يمكن تنفيذ حل جديد في العام التالي لهذه الانتخابات.

صلاحيات الرئيس

وينص الفصل الخامس من الدستور على أن الرئيس الفرنسي "يرعى سير السلطات العامة واستمرارية الدولة"، وللقيام بمهامه، يتمتع "بصلاحياته الخاصة التي يمكنه ممارستها دون التوقيع بالموافقة". أما المادة الـ16، فتسمح له بإعلان نظام استثنائي يمنح صلاحيات استثنائية في حالة حدوث أزمة تهدد مؤسسات البلاد.

وفي حين تنص المادة الـ20 على أن "الحكومة هي التي تحدد وتدير سياسة الأمة"، فإنه يمكن لرئيس الجمهورية "الدعوة إلى استفتاء رئاسي لطلب إلغاء قانون أقرته الأغلبية أو إعلان حل جديد للجمعية الوطنية بعد عام واحد".

ومع وجود احتمالية التعايش مع اليمين المتطرف، يشير سنتومير إلى أنه بقدر ما تكون فرنسا دولة تجعل كل شيء يدور حول رئيس الجمهورية الذي يملك فعالية السلطة في الحالات العادية، لكن في حالة التعايش يكون مركز ثقل السلطة هو رئيس الوزراء، وبالتالي يتم تقليص دور الرئيس إلى دور رمزي وشرفي ونشط للرمزية السياسية.

أما في ما يتعلق بالملفات الخارجية والدفاع، فيمكن لرئيس الدولة التفاوض بشأن المعاهدات والتصديق عليها ولديه حق النقض على تعيينات وزير الخارجية ووزير القوات المسلحة، وفقا للمادة الـ52 من الدستور.

ويلفت الخبير في الشأن الفرنسي إلى أن احتفاظ الرئيس بوظائفه في السياسة الخارجية ومجال الدفاع مرهون ببعض التغييرات، فمثلا، لا يمكن لماكرون تمرير قرار تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا بقرار فردي لأن ذلك يقرره البرلمان وتقترحه الحكومة، مما يعني أنه لن تكون للرئيس مطلق الحرية حتى في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجمعیة الوطنیة الجولة الثانیة التجمع الوطنی

إقرأ أيضاً:

رئيس البرلمان العربي: استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من أمنّنا القومي

استقبل مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، عبدالمطلب ثابت، محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، وذلك في مقر المندوبية الليبية بالقاهرة، بحضور عدد من النواب الليبيين في البرلمان العربي، إلى جانب وفد من الأمانة العامة للبرلمان العربي.

وخلال اللقاء ، أكد السفير عبدالمطلب ثابت، التزام بلاده التام بدعم العمل العربي المشترك، مشيرًا إلى أن ليبيا، بكافة مؤسساتها الحكومية والبرلمانية، حريصة على تقديم كل أشكال الدعم للبرلمان العربي، باعتباره مظلة برلمانية تمثل صوت الشعوب العربية وتعزز مسيرة التعاون العربي.

كما أعرب عبدالمطلب ثابت عن استعداد مندوبية ليبيا لدى جامعة الدول العربية للتعاون الكامل مع البرلمان العربي خلال المرحلة المقبلة، بما يعزز دوره في خدمة مصالح الشعوب العربية والدفاع عن قضاياها.

و أعرب نواب ليبيا في البرلمان العربي خلال اللقاء عن تقديرهم لرئيس البرلمان العربي، مؤكدين أنهم سيواصلون العمل من داخل البرلمان العربي لدعم الجهود الرامية إلى النهوض بالمؤسسة البرلمانية العربية وتعزيز دورها في خدمة الشعوب العربية.

وخلال اللقاء، أشاد رئيس البرلمان العربي بالدور الفاعل الذي تلعبه ليبيا في دعم القضايا العربية على كافة المستويات، مؤكدًا حرصها الدائم على تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، والعمل على بلورة موقف عربي موحد للدفاع عن القضايا المصيرية للأمة العربية في المحافل الإقليمية والدولية.

كما ثمن اليماحي جهود ليبيا في دعم المؤسسات العربية، وخاصة البرلمان العربي، مشددًا على أن أمن واستقرار ليبيا يمثل جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، وأن البرلمان العربي يقف إلى جانب كل ما من شأنه أن يعزز وحدة ليبيا ويحافظ على سيادتها وأمنها القومي.

تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات بين البرلمان العربي ومجلس النواب الليبي خلال المرحلة القادمة، حيث أكد رئيس البرلمان العربي أن التعاون الوثيق بين الجانبين سيكون له أثر إيجابي في دفع العمل البرلماني العربي المشترك، مشيدًا بالدور البارز الذي يقوم به نواب ليبيا في البرلمان العربي من خلال مبادراتهم الفعالة وإسهاماتهم البنّاءة.

وأشار إلى أن البرلمان العربي يدعم كل الجهود الهادفة إلى تحقيق التضامن العربي، وأن نواب ليبيا داخل البرلمان العربي يمثلون ركيزة أساسية في هذا المسار، من خلال عملهم المستمر على النهوض بالقضايا العربية، والدفاع عن مصالح الشعوب العربية في مختلف المحافل البرلمانية.

كما شددوا على أن دولة ليبيا كانت وما زالت داعمًا أساسيًا للبرلمان العربي منذ تأسيسه، وستواصل دعمها له بشكل دائم، إيمانًا منها بدوره المهم في تعزيز منظومة العمل العربي المشترك.

وفي ختام اللقاء، أعرب السفير عبدالمطلب ثابت ونواب ليبيا في البرلمان العربي عن تطلعهم إلى قيام رئيس البرلمان العربي بزيارة رسمية إلى ليبيا في القريب العاجل، وذلك بهدف زيادة وتيرة التنسيق المشترك بين البرلمان العربي ودولة ليبيا، وتعزيز آليات التعاون بما يخدم مصلحة العمل العربي المشترك.

مقالات مشابهة

  • توطيد العلاقات التشريعية.. البرلمان العربي والبحريني يناقشان آليات التعاون المشترك
  • رئيس البرلمان العربي: استقرار ليبيا جزء لا يتجزأ من أمنّنا القومي
  • كاتب صحفي: مصر تذّكر العالم مجددا بثوابتها الوطنية تجاه القضية الفلسطينية
  • البطاقة الوطنية بدل بطاقة الناخب.. خطوة لمنع التزوير الانتخابي أم مغامرة غير محسوبة؟
  • لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون قبل نهاية ولايته
  • رئيس الجامعة البريطانية يستقبل رئيس البرلمان العربي
  • “اليماحي” يؤكد دعم البرلمان العربي لكل ما يخدم الأمن والاستقرار في ليبيا ويحافظ على وحدتها الوطنية
  • البرلمان لبعثة الأمم المتحدة بالعراق: السلطة التشريعية لها دور بتجفيف منابع الفساد وحفظ خيرات الشعب
  • الجمعة.. الجولة الثانية لانتخاب الرئيس اليوناني
  • إجراء الجولة الثانية لانتخاب الرئيس اليوناني الجمعة المقبل