قد تكون الاحتجاجات الأخيرة في كينيا تتعلق على وجه التحديد بمشروع قانون المالية 2024، لكن الغضب العام والاستياء يتصاعدان منذ أشهر. وقد ارتبط هذا بالرئيس وليام روتو وحلفائه الذين يتباهون -بانتظام- بالبذخ حتى في الوقت الذي يعاني فيه غالبية الكينيين من صعوبات اقتصادية.

لقد ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير وتدهورت الأوضاع الاقتصادية، ومع ذلك ظل المسؤولون القريبون من أروقة السلطة يعيشون أنماط حياة مترفة بشكل علني، فقد كانوا يتبرعون خلال عطلات نهاية الأسبوع علنًا بملايين الشلنات الكينية للعديد من الكنائس، مما يثير تساؤلات حول مصادر دخلهم.

ومن بين المسؤولين المعنيين وزير النقل كيبتشومبا موركومين، وزعيم الأغلبية بالجمعية الوطنية كيماني إيتشونغوا، ونظيره بمجلس الشيوخ آرون تشيريوت، والمشرعان أوسكار سودي ونديندي نيورو. ووسط ردود الفعل الشعبية العنيفة، اضطر بعض المسؤولين المتفاخرين بالثروة إلى "شرح" و"توضيح" من أين يحصلون على مبالغ كبيرة من المال.

ترف حلفاء روتو

على مدى الأسبوعين الماضيين، تم تداول مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر سودي، أحد أقرب حلفاء روتو، وهو يتبرع بمبلغ 20 مليون شلن (153.846 دولارًا) في حملة لجمع التبرعات بالكنيسة. وبالنظر إلى أن متوسط ​​الراتب الشهري للمشرع هو 739 ألفا و600 شلن (5689 دولارًا) فقد واجه روتو ضغوطًا شديدة لشرح الوضع خلال مقابلة صحفية يوم الأحد.

الرئيس الكيني وليام روتو (رويترز)

واعترف الرئيس للصحفيين بأن هناك شيئا خاطئا بشكل أساسي، و"سوف ترون شيئا مختلفا من الآن فصاعدا". وبعد وقت قصير من المقابلة، أعلن سودي على قناة إكس أنه يفكر في الحصول على "إجازة تفرغ" من المهام العامة، وقال لموقع (أفريكا روبرت) "لقد اكتسبت ثروتي من خلال العمل الجاد. أما حملات جمع التبرعات التي كنت أحضرها، والتي أثارت الكثير من الضجة، لم أساهم في أي وقت بمبلغ 20 مليون شلن كما يُزعم. في واقع الأمر، كان المبلغ المعني هو كامل الأموال التي تم جمعها في حملة جمع التبرعات تلك".

والأسبوع الماضي، قال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ تشيرويوت الذي شوهد يرتدي أحذية مصممة بقيمة 165 ألف شلن (1269 دولارًا) إن ثمن ذلك الحذاء الذي ينتعله لا يمكن أن يتجاوز 15 ألف شلن (115 دولارًا). وأضاف "ذهبنا في رحلة إلى الولايات المتحدة، ودخلت مركزًا تجاريًا صغيرًا واشتريته بمبلغ 100 دولار (13 ألف شلن كيني). يمكنني حتى إبراز الإيصالات".

ومع ذلك، فإن الاستياء من الاحتجاجات يرجع إلى موقف عدم الاهتمام بمعالجة التحديات التي تواجه الشباب، ومع ذلك بذل السياسيون كل ما في وسعهم من أجل تصويت الشباب عام 2022. يقول وامبيغي لوبانغا المحلل السياسي في نيروبي لموقع (أفريكا ربورت) إن "الشباب في كينيا يشكلون 76% من إجمالي السكان. وأغلبهم متعلمون وعاطلون عن العمل. عندما يساهم أحد الموظفين العموميين بمبالغ نقدية في حملة لجمع التبرعات، فإن ذلك يعادل فصلهم"، ومع ذلك فقد كانوا في مركز الصدارة في الحملات الانتخابية.

وبالنسبة للمحلل ليونارد أونيانغو، فإن عدم قدرة الرئيس على محاربة الفساد والهدر أغضب الشباب، فهم يشعرون أن الضرائب التي يدفعونها بشق الأنفس "تنتهي في جيوب القادة".

ومن ناحية أخرى، تتعرض الحكومة لضغوط شعبية لحملها على معالجة الهدر المتعمد للموارد الناجم عن المكاتب غير القانونية، والنفقات غير الضرورية، والزيادات في الرواتب، والتي أدت إلى ارتفاع فاتورة الأجور على مر السنين.

دعوات لخفض النفقات

هناك دعوات متجددة للسلطة التنفيذية لإلغاء منصب السكرتير الإداري الأول "غير الشرعي"، والذي وافق عليه البرلمان في مارس/آذار الماضي وأسقط الحد الأقصى، مما سمح بمناصب متعددة لكل وزارة على الرغم من إعلان المحكمة العليا أنه غير دستوري.

كما أن هناك مطالبات بإلغاء مكتب أمين مجلس الوزراء موساليا مودافادي وزوجته، بالإضافة إلى إلغاء التمويل العام لمكاتب السيدة الأولى والسيدة الثانية. فقد أشارت التقديرات الرسمية إلى أن المكتب التنفيذي للرئيس ونائبه ورئيس مجلس الوزراء ومقر الدولة لديه ميزانية تبلغ 20.66 مليار شلن لتلبية النفقات التشغيلية والتجديدات والنفقات الشخصية والمكافآت.

يقول فيث أوديامبو، رئيس جمعية القانون الكينية "نحن بحاجة إلى إلغاء كل هذه المكاتب غير الدستورية. لا نريد أن نسمع عن سكرتيرين إداريين. لدينا مكتب زوجة الرئيس ونائب الرئيس والسكرتير الإداري الأول لرئيس مجلس الوزراء. هذه كلها مكاتب غير دستورية. فليعمل الرئيس وأمين مجلس الوزراء والبرلمان من أجل شعب كينيا".

ويقول المنتقدون إن هذه النفقات الباهظة هي التي تقلل الأموال المخصصة للتعليم والرعاية الصحية ودعم الشركات الناشئة التي تسعى إلى النمو. ورغم أن روتو أظهر بالفعل حسن النية من خلال خفض الإنفاق غير الضروري في مكتبه، بما في ذلك السفر والضيافة ومشتريات السيارات، فإن نائبه ورئيس سكرتير مجلس الوزراء لم يصدرا أي بيانات عامة بهذا الشأن.

وقد تؤدي إجراءات التقشف إلى استمرار الحكومة في تأخير تعيين 50 مستشارًا مساعدًا، والذين كانوا في الأساس من الخاسرين في المناصب الانتخابية.

الطبقة السياسية، بما فيها روتو والحكومة الحالية، كثيراً ما دافعت عن مناصب السكرتيريين مستشهدين بعبء العمل الضخم والحاجة إلى دعم الرئيس في تحقيق أجندته.

وقوبلت المحاولات السابقة لخفض الرواتب والإنفاق -دائمًا- بالمقاومة. وإلى جانب مكتب الرئيس، سيتم تنفيذ تدابير تقشف إضافية في جميع أنحاء السلطة القضائية وحكومات المقاطعات والبرلمان.

وقد وافق النظام الحاكم في كينيا على خفض الميزانية في أعقاب الاحتجاجات التي طالب فيها الجمهور بسحب مشروع قانون المالية المثير للجدل 2024 بالإضافة إلى محاربة الفساد والإنفاق المسرف من قبل الحكومة وسط إيرادات محدودة ناجمة عن ارتفاع سداد الديون.

وكان مشروع القانون يهدف إلى جمع إيرادات إضافية بقيمة 346 مليار شلن. وقال روتو "لقد وجهت الخزانة الوطنية بأن تقدم فورًا إلى البرلمان تعديلات على قانون تقسيم الإيرادات لعام 2024 لتعكس انخفاض الإيرادات الناجم عن رفض مشروع قانون المالية".

ومن المتوقع مشاركة عدة قطاعات وأصحاب المصلحة خلال الـ14 يومًا القادمة في مناقشات لرسم الطريق للمضي قدما، وخاصة فيما يتعلق ببدائل تمويل الميزانية ومراجعة النفقات. ومع ذلك، فإن عامة الشعب معرض أيضًا لخطر تأثير هذه التخفيضات في الميزانية عليه حيث سيتم تعليق أو إلغاء العديد من المشاريع والبرامج الحيوية للاقتصاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مجلس الوزراء ومع ذلک دولار ا

إقرأ أيضاً:

نتائج وخيمة لاستخدام الهاتف وسيلة لتهدئة الأطفال

يمانيون/ منوعات

يتعلّم الأطفال الكثير عن التنظيم الذاتي، أي كيفية الاستجابة لمواقف معينة، خلال السنوات الأولى من حياتهم، ما قد يمنحهم القدرة على التصرف بهدوء بدلاً من الغضب في المواقف الصعبة.

ومع ذلك، أصبح من الشائع “في السنوات الأخيرة” إعطاء الأطفال أجهزة رقمية عندما تتعزز لديهم المشاعر والعواطف المختلطة.

واكتشف فريق من جامعة Eötvös Loránd في هنغاريا، أن القيام بذلك قد يكون له تداعيات مدمرة على المدى الطويل.

وفي الدراسة، طلب الفريق من 265 من الآباء والأمهات ملء استبيانات حول سلوك أطفالهم (بلغت أعمارهم 3.5 سنة في المتوسط)، وتم إجراء استبيان للمتابعة بعد عام.

كشف التحليل أنه كلما زاد ميل الوالدين لإعطاء الهواتف أو الأجهزة اللوحية لأطفالهم “كأداة تهدئة”، كلما ساءت مهارات إدارة الغضب والإحباط لدى أطفالهم بعد عام.

وقالت الدكتورة فيرونيكا كونوك، المعدة الأولى للدراسة: “هنا نظهر أنه إذا قدم الآباء والأمهات بانتظام جهازاً رقمياً لأطفالهم لتهدئتهم أو إيقاف نوبة الغضب، فلن يتعلم الطفل تنظيم عواطفه. وهذا يؤدي إلى مشاكل أكثر خطورة في تنظيم العواطف، وخاصة مشاكل إدارة الغضب، في وقت لاحق من الحياة. لا يمكن علاج نوبات الغضب بالأجهزة الرقمية، ويجب أن يتعلم الأطفال كيفية إدارة مشاعرهم السلبية بأنفسهم”.

ويوصى بأن يقوم الوالدين بتدريب أطفالهم على المواقف الصعبة، ومساعدتهم على التعرف على مشاعرهم، وتعليمهم كيفية التعامل معها.

# الأطفال#الهاتف#الهواتف الذكية

مقالات مشابهة

  • هههههههه..العامري:تحرير فلسطين على يد الحرس الثوري والحشد الشعبي بزعامة خامئني
  • حين يصبح الولاء للقبيلة فوق الولاء للفكرة: “المحقق” يستعرض القائمة الكاملة “لفلول” الدعم السريع
  • العدد الجديد من مجلة الفنون الشعبية يحتفي بيعقوب الشاروني
  • حلفاء لترامب يحثونه على تجربة القوة النووية حال فوزه بالرئاسة
  • حلفاء الولايات المتحدة في الناتو قلقون من خسارة بايدن أمام ترامب
  • نتائج وخيمة لاستخدام الهاتف وسيلة لتهدئة الأطفال
  • مجلس الشيوخ: النواب في انتظار بيان مجلس الوزراء يوم الإثنين.. ونعلم التحديات
  • بعد الاحتجاجات.. كينيا تسعى لخفض الإنفاق
  • بالأسماء.. ما هي الشواطئ النظيفة والملوثة في لبنان؟