كيف فجّر بزخ وثراء حلفاء الرئيس روتو الغضب الشعبي بكينيا؟
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
قد تكون الاحتجاجات الأخيرة في كينيا تتعلق على وجه التحديد بمشروع قانون المالية 2024، لكن الغضب العام والاستياء يتصاعدان منذ أشهر. وقد ارتبط هذا بالرئيس وليام روتو وحلفائه الذين يتباهون -بانتظام- بالبذخ حتى في الوقت الذي يعاني فيه غالبية الكينيين من صعوبات اقتصادية.
لقد ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير وتدهورت الأوضاع الاقتصادية، ومع ذلك ظل المسؤولون القريبون من أروقة السلطة يعيشون أنماط حياة مترفة بشكل علني، فقد كانوا يتبرعون خلال عطلات نهاية الأسبوع علنًا بملايين الشلنات الكينية للعديد من الكنائس، مما يثير تساؤلات حول مصادر دخلهم.
ومن بين المسؤولين المعنيين وزير النقل كيبتشومبا موركومين، وزعيم الأغلبية بالجمعية الوطنية كيماني إيتشونغوا، ونظيره بمجلس الشيوخ آرون تشيريوت، والمشرعان أوسكار سودي ونديندي نيورو. ووسط ردود الفعل الشعبية العنيفة، اضطر بعض المسؤولين المتفاخرين بالثروة إلى "شرح" و"توضيح" من أين يحصلون على مبالغ كبيرة من المال.
ترف حلفاء روتوعلى مدى الأسبوعين الماضيين، تم تداول مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر سودي، أحد أقرب حلفاء روتو، وهو يتبرع بمبلغ 20 مليون شلن (153.846 دولارًا) في حملة لجمع التبرعات بالكنيسة. وبالنظر إلى أن متوسط الراتب الشهري للمشرع هو 739 ألفا و600 شلن (5689 دولارًا) فقد واجه روتو ضغوطًا شديدة لشرح الوضع خلال مقابلة صحفية يوم الأحد.
الرئيس الكيني وليام روتو (رويترز)واعترف الرئيس للصحفيين بأن هناك شيئا خاطئا بشكل أساسي، و"سوف ترون شيئا مختلفا من الآن فصاعدا". وبعد وقت قصير من المقابلة، أعلن سودي على قناة إكس أنه يفكر في الحصول على "إجازة تفرغ" من المهام العامة، وقال لموقع (أفريكا روبرت) "لقد اكتسبت ثروتي من خلال العمل الجاد. أما حملات جمع التبرعات التي كنت أحضرها، والتي أثارت الكثير من الضجة، لم أساهم في أي وقت بمبلغ 20 مليون شلن كما يُزعم. في واقع الأمر، كان المبلغ المعني هو كامل الأموال التي تم جمعها في حملة جمع التبرعات تلك".
والأسبوع الماضي، قال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ تشيرويوت الذي شوهد يرتدي أحذية مصممة بقيمة 165 ألف شلن (1269 دولارًا) إن ثمن ذلك الحذاء الذي ينتعله لا يمكن أن يتجاوز 15 ألف شلن (115 دولارًا). وأضاف "ذهبنا في رحلة إلى الولايات المتحدة، ودخلت مركزًا تجاريًا صغيرًا واشتريته بمبلغ 100 دولار (13 ألف شلن كيني). يمكنني حتى إبراز الإيصالات".
ومع ذلك، فإن الاستياء من الاحتجاجات يرجع إلى موقف عدم الاهتمام بمعالجة التحديات التي تواجه الشباب، ومع ذلك بذل السياسيون كل ما في وسعهم من أجل تصويت الشباب عام 2022. يقول وامبيغي لوبانغا المحلل السياسي في نيروبي لموقع (أفريكا ربورت) إن "الشباب في كينيا يشكلون 76% من إجمالي السكان. وأغلبهم متعلمون وعاطلون عن العمل. عندما يساهم أحد الموظفين العموميين بمبالغ نقدية في حملة لجمع التبرعات، فإن ذلك يعادل فصلهم"، ومع ذلك فقد كانوا في مركز الصدارة في الحملات الانتخابية.
وبالنسبة للمحلل ليونارد أونيانغو، فإن عدم قدرة الرئيس على محاربة الفساد والهدر أغضب الشباب، فهم يشعرون أن الضرائب التي يدفعونها بشق الأنفس "تنتهي في جيوب القادة".
ومن ناحية أخرى، تتعرض الحكومة لضغوط شعبية لحملها على معالجة الهدر المتعمد للموارد الناجم عن المكاتب غير القانونية، والنفقات غير الضرورية، والزيادات في الرواتب، والتي أدت إلى ارتفاع فاتورة الأجور على مر السنين.
دعوات لخفض النفقاتهناك دعوات متجددة للسلطة التنفيذية لإلغاء منصب السكرتير الإداري الأول "غير الشرعي"، والذي وافق عليه البرلمان في مارس/آذار الماضي وأسقط الحد الأقصى، مما سمح بمناصب متعددة لكل وزارة على الرغم من إعلان المحكمة العليا أنه غير دستوري.
كما أن هناك مطالبات بإلغاء مكتب أمين مجلس الوزراء موساليا مودافادي وزوجته، بالإضافة إلى إلغاء التمويل العام لمكاتب السيدة الأولى والسيدة الثانية. فقد أشارت التقديرات الرسمية إلى أن المكتب التنفيذي للرئيس ونائبه ورئيس مجلس الوزراء ومقر الدولة لديه ميزانية تبلغ 20.66 مليار شلن لتلبية النفقات التشغيلية والتجديدات والنفقات الشخصية والمكافآت.
يقول فيث أوديامبو، رئيس جمعية القانون الكينية "نحن بحاجة إلى إلغاء كل هذه المكاتب غير الدستورية. لا نريد أن نسمع عن سكرتيرين إداريين. لدينا مكتب زوجة الرئيس ونائب الرئيس والسكرتير الإداري الأول لرئيس مجلس الوزراء. هذه كلها مكاتب غير دستورية. فليعمل الرئيس وأمين مجلس الوزراء والبرلمان من أجل شعب كينيا".
ويقول المنتقدون إن هذه النفقات الباهظة هي التي تقلل الأموال المخصصة للتعليم والرعاية الصحية ودعم الشركات الناشئة التي تسعى إلى النمو. ورغم أن روتو أظهر بالفعل حسن النية من خلال خفض الإنفاق غير الضروري في مكتبه، بما في ذلك السفر والضيافة ومشتريات السيارات، فإن نائبه ورئيس سكرتير مجلس الوزراء لم يصدرا أي بيانات عامة بهذا الشأن.
وقد تؤدي إجراءات التقشف إلى استمرار الحكومة في تأخير تعيين 50 مستشارًا مساعدًا، والذين كانوا في الأساس من الخاسرين في المناصب الانتخابية.
الطبقة السياسية، بما فيها روتو والحكومة الحالية، كثيراً ما دافعت عن مناصب السكرتيريين مستشهدين بعبء العمل الضخم والحاجة إلى دعم الرئيس في تحقيق أجندته.
وقوبلت المحاولات السابقة لخفض الرواتب والإنفاق -دائمًا- بالمقاومة. وإلى جانب مكتب الرئيس، سيتم تنفيذ تدابير تقشف إضافية في جميع أنحاء السلطة القضائية وحكومات المقاطعات والبرلمان.
وقد وافق النظام الحاكم في كينيا على خفض الميزانية في أعقاب الاحتجاجات التي طالب فيها الجمهور بسحب مشروع قانون المالية المثير للجدل 2024 بالإضافة إلى محاربة الفساد والإنفاق المسرف من قبل الحكومة وسط إيرادات محدودة ناجمة عن ارتفاع سداد الديون.
وكان مشروع القانون يهدف إلى جمع إيرادات إضافية بقيمة 346 مليار شلن. وقال روتو "لقد وجهت الخزانة الوطنية بأن تقدم فورًا إلى البرلمان تعديلات على قانون تقسيم الإيرادات لعام 2024 لتعكس انخفاض الإيرادات الناجم عن رفض مشروع قانون المالية".
ومن المتوقع مشاركة عدة قطاعات وأصحاب المصلحة خلال الـ14 يومًا القادمة في مناقشات لرسم الطريق للمضي قدما، وخاصة فيما يتعلق ببدائل تمويل الميزانية ومراجعة النفقات. ومع ذلك، فإن عامة الشعب معرض أيضًا لخطر تأثير هذه التخفيضات في الميزانية عليه حيث سيتم تعليق أو إلغاء العديد من المشاريع والبرامج الحيوية للاقتصاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مجلس الوزراء ومع ذلک دولار ا
إقرأ أيضاً:
تصاعد أزمة السلطة في كوريا الجنوبية.. المعارضة تقترب من إقالة الرئيس بالإنابة بعد عزل الرئيس يون
في استمرار للأزمة السياسية العميقة التي تمر بها كوريا الجنوبية، أعلن حزب المعارضة الرئيسي عن عزمه اتخاذ خطوات لعزل رئيس الوزراء هان دوك سو، الذي يشغل منصب الرئيس بالإنابة، وذلك بعد أيام فقط من إقالة الرئيس يون سوك يول من قبل البرلمان، يأتي هذا التطور في وقت حساس يشهد فيه البلد اضطرابات سياسية وتحديات دستورية، مما يهدد استقرار السلطة التنفيذية في كوريا الجنوبية.
التصعيد بين الحكومة والمعارضة
أمس الثلاثاء، أعلن حزب "الديمقراطي" المعارض عن خطته للمضي قدمًا في إجراءات عزل رئيس الوزراء هان دوك سو، الذي تولى منصب رئيس الجمهورية بالإنابة بعد إقالة الرئيس يون في 14 ديسمبر.
وتأتي هذه الخطوة على خلفية رفض هان المصادقة على قانونين رئيسيين تقدمت بهما المعارضة، يهدفان إلى تشكيل لجنتين تحقيقيتين مستقلتين حول قضايا فساد هامة تتعلق بالرئيس المعزول وزوجته، وكذلك حول محاولة الرئيس السابق فرض الأحكام العرفية في ديسمبر، ما أحدث انقسامات حادة داخل المجتمع السياسي في كوريا الجنوبية.
وفي هذا السياق، أعلن حزب المعارضة أن مهلة الستة أيام التي منحها هان لرفض القانونين لم تعد قائمة، مؤكدًا أن هذه الخطوة تمثل تحديًا صارخًا لمطالبهم القانونية.
واعتبر المعارضون رفض هان بمثابة تهرب من تنفيذ العدالة، واعتبروا أنه يعرقل عملية إصلاح النظام السياسي الذي يشهد حالة من الجمود.
تفاصيل القانونين المثيرين للجدل
القانون الأول الذي رفض هان التصديق عليه يتعلق بمحاولة الرئيس المعزول يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر، في خطوة اعتبرتها المعارضة تهديدًا مباشرًا للديمقراطية وحريات البرلمان.
أما القانون الثاني فيتعلق بالتحقيق في قضايا فساد مرتبطة بزوجة الرئيس المعزول، كي كيون هي، التي تهمها شبهات في العديد من القضايا المالية والإدارية.
وفي الاجتماع الذي عقده هان مع مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، تمسك بموقفه الرافض لتوقيع القانونين، معللًا ذلك بأن إصدار قوانين من هذا النوع يتطلب توافقًا بين الأحزاب السياسية المختلفة.
وأكد أن مثل هذه القوانين يجب أن تخضع لمناقشات واسعة قبل أن يتم تبنيها بشكل رسمي.
المعارضة تتحرك نحو الإقالة
في مقابلة صحفية، أعرب زعيم المعارضة في الجمعية الوطنية، بارك شان-داي، عن استيائه الشديد من موقف الحكومة، قائلًا: "ليس لدينا أي خيار سوى اعتبار هذا الموقف محاولة مستمرة لتمديد الأزمة، من خلال تلاعب سياسي وأسلوب المماطلة".
وأضاف أن المعارضة ستبدأ على الفور في إجراءات عزل هان من منصبه، معتبرين أن هذه الخطوة لا غنى عنها من أجل إتمام عملية محاسبة السلطة التنفيذية.
وفي حال نجحت المعارضة في تنفيذ خطتها، ستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ كوريا الجنوبية التي يتم فيها عزل رئيس وزراء بالإنابة بعد عزل الرئيس الأصلي، وهو ما يثير تساؤلات حول التوازن السياسي داخل مؤسسات الدولة.
هل يتم الإقالة؟
وفقًا للدستور الكوري الجنوبي، يتمتع البرلمان بسلطة عزل الرئيس بأغلبية الثلثين، بينما يمكن عزل رئيس الوزراء بأغلبية بسيطة.
ويعتمد نجاح المعارضة في عزل رئيس الوزراء على تحصيل هذه الأغلبية البسيطة في الجمعية الوطنية، حيث يمتلك حزب المعارضة 192 مقعدًا من أصل 300 في البرلمان.
من جانب آخر، يرى الحزب الحاكم أن عزل رئيس الوزراء يتطلب أغلبية الثلثين، نظرًا لأن هان يشغل منصب "الرئيس بالإنابة"، ما يجعل عملية الإقالة أكثر تعقيدًا من الناحية القانونية.
وفي ظل هذه المنازعة السياسية، يبقى الرئيس يون سوك يول رسميًا في منصبه بانتظار قرار المحكمة الدستورية التي ستبت في صحة إقالته.
ويواجه الرئيس المعزول تهمًا خطيرة تتعلق بمحاولة فرض الأحكام العرفية، وهو ما دفع العديد من الجهات القانونية والسياسية للتحقيق في القضية بشكل مشترك بين الشرطة ووزارة الدفاع ووكالة مكافحة الفساد.
الوضع الراهن وتأثيره على النظام السياسي
تعيش كوريا الجنوبية في ظل أزمة سياسية خانقة، حيث تتصاعد الخلافات بين الحكومة والمعارضة بشأن الإصلاحات الضرورية التي تتطلبها البلاد.
هذه الأزمة قد تؤثر بشكل كبير على استقرار الحكومة، وقد تفتح الباب لمزيد من الصراعات السياسية في المستقبل. ولا يبدو أن هذا الوضع سيحل بسهولة في ظل تمسك كل طرف بموقفه.
في الوقت الذي يركز فيه النظام السياسي على استكمال التحقيقات الدستورية والجنائية المتعلقة بالتمرد والفساد، يظل الشارع الكوري الجنوبي في حالة ترقب، مع توقعات بأن تزداد الضغوط على جميع الأطراف المعنية لتسوية هذه القضية الحاسمة بأسرع وقت ممكن.