القوى السياسية السودانية: نشكر مصر لمبادرتها جمع الفرقاء السودانيين (بيان)
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
أصدرت مجموعة من القوى السياسية والوطنية السودانية، بيانًا موجهًا لأبناء الشعب السوداني، تقدموا فيه نتقدم لجمهورية مصر العربية لمبادرتها بجمع الفرقاء السودانيين، وذلك بالتزامن مع الجهود والدعوات والمبادرات الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.
وجاء في نص البيان: «في ظل الدعوات والمبادرات الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية فإننا نؤكد على الآتي:
أولًا: نتقدم بالشكر للشقيقة مصر لمبادرتها بجمع الفرقاء السودانيين، كما نثمن دورها الكبير في تخفيف الأزمة الإنسانية لكونها الدولة الأكثر استضافة للسودانيين الذين تضرروا من غدر المليشيا الإرهابية وحلفائها السياسيين بالشعب السوداني.
ثانيًا: دون أن نستبق مداولات ومخرجات المؤتمر المزمع عقده في القاهرة، فإننا نرفض وبوضوح أي تزييف لتعريف هذه الحرب، فهي تدخل خارجي وطموحات داخلية دفعت المليشيا المتمردة وحلفاءها لإشعالها والمواصلة فيها واستباحة المدن والقرى الآمنة والتي لم تكن أهدافا عسكرية، وهذا يعني أنها حرب ارتزاق وغدر ضد الشعب السوداني بغرض تهجيره ونهب ثرواته وفرض نظام سياسي عليه، وأن الدول التي شاركت في العدوان على السودان تمت تسميتها محليا ودوليا، وعليه يجب الانحياز للشعب السوداني وليس لهذه الدول والكيانات سواءا بتبرئتها أو بتمرير أجندتها.
ثالثًا: نرفض وبصورة قطعية التأثير على سير العدالة أو مصادرة حق القضاء الوطني في النظر في كل الدعاوي القانونية ضد من تعاونوا مع المليشيا الارهابية التي سفكت الدماء وهتكت العروض ونهبت الأموال ونحذر من أن تتراجع الدولة عن حقوق الناس، أو تجعل القوى السياسية من هذا الأمر موضوعاً للمساومة.
رابعًا: نرفض تماما أي محاولة من مجموعة المجلس المركزي أو (تقدم) أو أي حليف سياسي لمليشيا الدعم السريع الارهابية لاستدراج الوسطاء أو المؤتمرين للتغافل عن جرائمهم بغرض تبرئتهم من أخطائهم أو منحهم صك غفران، ونعتبر هذا - إن حدث - عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
خامسًا: ندعو إلى تشكيل حملة وطنية لفتح أكبر مقدار من دعاوي الحق الخاص ضد المليشيا والمتعاونين سياسيا معها وضد الدول التي أجرمت في حق السودان وعملائهم.
سادسًا: ندعو الموقعين على هذا البيان إلى صياغة ميثاق وطني يتأسس عليه حوار وطني جامع يقام داخل السودان، ليكون خالصا من شوائب الأجندات الخارجية.
سابعًا: نؤكد وقوفنا مع القوات المسلحة في قيامها بواجبها في دحر المليشيا الارهابية وتطهير البلاد من عدوانها على الشعب السوداني.
أخيرًا: ندعو كل القوى السياسية في السودان إلى التوقيع على هذا البيان وتبني ما جاء فيه من نقاط للحفاظ على سيادة البلاد وكرامة شعبها.
الموقعون على البيان:
1/ الجبهة الثورية مسار الوسط القائد التوم هجو
2/ حركة تحرير السودان. القائد مصطفى تمبور.
3/ الحزب الديموقراطي الليبرالي د.ميادة سوار الدهب.
4/ كتلة المشروع القومي الجامع. أ محمود عبد الجبار
5/ تجمع المهنيين الاتحاديين. أ مريم الشريف الهندي
6/ التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية. القائد علي العسكري.
7/ حزب الشعب الديمقراطي.مولانا سر الختم المرغني نائب رئيس الحزب
واختتم البيان، بالدعوة إلى الانضمام للقوى السياسية والوطنية عن طريق التوقيع على البيان من خلال التواصل مع الدكتوره ميادة سوار الدهب، ومحمود عبد الجبار.
اقرأ أيضاًمصر ترسل أطنان من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة لجمهورية جنوب السودان (صور)
وزير الري يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رسمية ناجحة لدولة جنوب السودان
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر السودان القوى السیاسیة الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
معضلة الجيش والسياسة في السودان و أثمان الحرب الإنسانية والسياسية
يمثل المشهد السوداني اليوم لوحة معقدة تتشابك فيها قضايا السياسة والأمن والإنسانية، حيث تبرز معضلة العلاقة بين الجيش والسياسة كعامل مركزي في تأجيج الصراعات وإطالة أمد الأزمات. ومنذ استقلال السودان، ظل الجيش لاعبًا رئيسيًا في الحياة السياسية، متأرجحًا بين أدوار التحرير والبناء الوطني من جهة، والانقلاب والتسلط من جهة أخرى. ومع اندلاع الحرب الحالية، تتجلى بصورة أوضح الأثمان الباهظة لهذه العلاقة الملتبسة.
شهد السودان أكثر من 16 انقلابًا عسكريًا منذ الاستقلال عام 1956، مما جعله واحدًا من أكثر دول العالم التي تأثرت بتدخل الجيش في السياسة. وفي كل مرة، كانت المؤسسة العسكرية تسوق مبررات تتعلق بحماية الأمن القومي، أو إنقاذ البلاد من الفوضى السياسية، لكن هذه التدخلات غالبًا ما قادت إلى مزيد من التدهور السياسي والاقتصادي. تحولت المؤسسة العسكرية إلى أداة لتحقيق مصالح فئوية وشخصية، حيث أدى التداخل بين الجيش والسياسة إلى إضعاف كفاءة الجيش في أداء مهامه الأمنية. وبمرور الوقت، أصبح الجيش طرفًا في الصراعات بدلاً من أن يكون وسيطًا محايدًا. ساهمت الخلافات بين القوى المدنية وعدم قدرتها على بناء جبهة موحدة في تعقيد المشهد. هذا التشرذم أتاح للجيش فرصة لاستغلال الفراغ السياسي، ما أدى إلى تعطيل مشاريع التحول الديمقراطي.
اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى موجات نزوح واسعة، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد النازحين داخليًا بأكثر من 4 ملايين شخص، بالإضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين الذين عبروا الحدود إلى دول الجوار. تدهور الأوضاع الإنسانية انعكس في نقص حاد في الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للخدمات الصحية. أصبحت المدن الكبرى مثل الخرطوم ودارفور ساحات حرب مفتوحة، مع استهداف مباشر وغير مباشر للمدنيين. جرائم القتل الجماعي، والاغتصاب، والاختطاف باتت واقعًا يوميًا، ما يشير إلى تدهور خطير في القيم الإنسانية. الحرب ليست مجرد صراع لحظي؛ بل تُنتج آثارًا ممتدة على الأجيال القادمة، سواء من حيث التعليم الذي توقف في معظم أنحاء البلاد، أو من حيث انتشار ثقافة العنف التي تهدد النسيج الاجتماعي.
أدت الحرب إلى تقويض مؤسسات الدولة، حيث انهارت البنية التحتية، وتعطلت أجهزة الحكم المدني. تحول السودان إلى "دولة فاشلة" في عيون المجتمع الدولي، ما يهدد بفقدان السيادة الوطنية لصالح التدخلات الخارجية. شهدت العلاقة بين الجيش والشعب تدهورًا غير مسبوق نتيجة الأدوار التي لعبتها المؤسسة العسكرية في الصراعات. كثير من السودانيين يرون الآن في الجيش عقبة أمام تحقيق السلام والاستقرار. الحرب الحالية أعادت إلى الواجهة أسئلة حول مستقبل القوى المدنية ودورها في السودان. تزايد تهميش هذه القوى يعكس هيمنة الخطاب العسكري على حساب الحوار السياسي.
لا يمكن تحقيق استقرار سياسي في السودان دون فصل واضح بين الجيش والسياسة. يتطلب ذلك إعادة هيكلة الجيش ليكون مؤسسة وطنية غير مسيسة، ملتزمة بحماية السيادة دون التدخل في الشأن المدني. على القوى المدنية تجاوز خلافاتها التاريخية، والعمل على بناء جبهة موحدة قادرة على طرح رؤية متكاملة لمستقبل السودان. الوحدة ليست خيارًا بل ضرورة لتغيير موازين القوى. لا يمكن للسودان الخروج من أزمته بمعزل عن الدعم الإقليمي والدولي. يحتاج المجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر فاعلية في تسهيل الحوار بين الأطراف المتصارعة، وتقديم الدعم الإنساني العاجل.
إن معضلة الجيش والسياسة في السودان ليست مجرد أزمة محلية؛ بل هي انعكاس لصراعات أعمق تتعلق بالهوية الوطنية، وبناء الدولة، وآليات توزيع السلطة. ورغم التحديات الهائلة، يظل الأمل في أن تُشكل هذه الأزمة فرصة لإعادة صياغة علاقة الجيش بالسياسة، وبناء نظام حكم يعبر عن تطلعات السودانيين للسلام والعدالة والتنمية. ومع ذلك، قد يلجأ الجيش إلى مثقفين تنويريين لوضع فلسفة حكم تسعى لاحتواء القوى المدنية كشركاء بلا تأثير فعلي، في محاولة لشرعنة الهيمنة العسكرية وإبقاء السلطة بيد المؤسسة العسكرية. مثل هذا السيناريو يهدد بتعميق الأزمة السياسية ويضع القوى المدنية أمام معضلة جديدة تتعلق بإعادة بناء دورها وتأثيرها في المشهد الوطني
zuhair.osman@aol.com