أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر أن السَّبيلَ العِلميَّ الذي يَضمَنُ تأسيسَ رُوحِ الوَحدةِ بين المسلمين واستمرارَها، هو النَّهجُ التَّعليميُّ الوَسَطيُّ المُنفَتِحُ، الَّذي لا يَعرِفُ الإقصاءَ ولا شَيْطنةَ المُخالِفين، ولا الإدانةَ الجاهِزَةَ لمَذاهِبَ إسلاميَّةٍ تَلَقَّتْها جماهيرُ الأُمَّةِ بالقَبولِ ولا تَزالُ تَسْتَمسِكُ بها إلى يومِ النَّاسِ هذا.

شيخ الأزهر: الجرأةُ على التَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتبديع كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي

وأضاف شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، بمناسبة منح فضيلته الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة، أنه كُتب علينا نحن المسلمين في الآونة الأخيرة أن نُوضَع جميعًا -بإسلامنا ونَبيِّنا الكريم عليه أفضلُ الصَّلاة والسَّلام- في قفَص الاتِّهام، من قِبَل مؤسَّسات غربيَّة سياسيَّة ودينيَّة، واتُّهم الإسلامُ زورًا وبُهتانًا -أو جَهْلًا- بأنَّه دينُ العُنف والتَّطرف والسَّيف والحرب، وهي تُهَمٌ قديمةٌ بالِيَة، كنَّا نظنُّ أنَّ العقل الغربيَّ المعاصر قد تَخطَّاها بعد ما توفَّرت لديه الحقائقُ والوَثائق العِلمية والتَّاريخية الشَّاهدة على زَيف هذه الادِّعاءات.

وأوضح شيخ الأزهر أنه قد بُذلَت جهودٌ ومحاولات كثيرة من أجل توضيح الحقيقة على الجانبين؛ الغربي والإسلامي، لكنَّها لم تُؤتِ ثمارَها المرجوَّة؛ لعَـقبات كثيرةٍ، أهمُّها: عَقَبة التَّعميم المَعيب من بعض الغربيِّين الذين يُعمِّمون أحكامَهم المُسيئة على الإسلام والمسلمين، انطلاقًا من تصرُّفات فئةٍ شاردةٍ، انحرَفت بفَهْم الإسلام؛ إمَّا إلى حرفيَّة شديدة الانغلاق والتَّزمُّت، وإمَّا إلى عُنف مُسلَّح، اتَّخذَته أُسلوبًا في التَّعبير ومنهجًا في الحوار.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن بعض المسلمين في الشَّرق لم يَتخلَّصوا من هذا العيب حين وَضعوا الغرب كلَّه في سلَّة واحدة، ونظروا إليه على أنَّه شَرٌّ مُستَطير وعدوٌّ متربِّص بالإسلام والمسلمين، تَجبُ مواجهته، وتَحيُّن الفُرَص لتحجيـم آثـاره قدرَ المُستطـاع، معبرا عن أمله في أن تكون هبَّة شباب الجامعات الأوروبيَّة والأمريكيَّة لنصرة القضيَّة الفلسطينيَّة في غزَّة تُسهمُ بشكلٍ كبيرٍ في تجاوز هذه العقبة، وتكشف لنا عن منابع الخير في نفوس الأحرار في العالَم.

بعضَ الغربيِّين يَتوجَّسُ خيفةً من تكاثُر الجاليات الإسلاميَّة

وأشار شيخ الأزهر إلى عقبة أخرى نتَفهَّمُها نحن المسلمين؛ وهى: أنَّ بعضَ الغربيِّين يَتوجَّسُ خيفةً من تكاثُر الجاليات الإسلاميَّة، والخشية من غلبةِ أنماطها الثَّقافية على الشَّارع الغربي، مؤكدًا أننا يمكن أن نتغلَّب على هذه العَقبة إذا ما اقتنع العُقلاء في الغرب والشَّرق بأنَّ الإسلام بطبيعتِه دينٌ له تجارِبُ تاريخيَّةٌ معلومة في تجاورِ الحضارات، وتعدُّد الأديان والتَّشريعات والطُّقوس والأنظمة الاجتماعيَّة تحت سَماء الدَّولة الواحدة، دون إقصاءٍ لهذه الحضارات، أو إزاحتِها، أو حتى مزاحمَتِها.

واستشهد فضيلته بمؤسسات الإسلام العلمية –وفي طليعتها الأزهر الشريف– لنتأمل الرسالة التي تحملها، والتي تَتمثَّلُ في المَقامِ الأوَّلِ في أمرين، أَوَّلُهما: الحفاظُ على وَحدةِ المسلمين وجمعُ كَلمتِهم. والسَّلامُ الدَّاخلي والإقليميُّ ثمَّ العالَميُّ؛ وذلك انطلاقًا مِن أنَّ رسولَ الإسلامِ قد أَرسَلَه اللَّهُ رحمةً للعالَمِينَ: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، فلابدَّ أن يَنالَ النَّاسُ في الشَّرقِ والغربِ نصيبَهم مِن هذه الرَّحمةِ المُهداةِ، التي يُجَسِّدُها هذا النَّبيُّ الرَّحيمُ بقولِه: «إنَّما أنا رحمةٌ مهداةٌ»، وثانيهما: تَجرِبةُ الأزهر الشَّريف في تعليم الدِّين: نُصوصًا وعقائدَ وقيمًا وأحكامًا، والتي أَكَّدَتْ أنَّه كُلَّما اتَّسَعَ نِطاقُ النَّظَرِ، وتَنوَّعَت مصادرُ الفكرِ، ولم يَقتصرِ الباحثُ على مورِدٍ واحدٍ مِن مشاربِ الفِكرِ، أو مُفكِّرٍ واحدٍ مِن أهلِ النَّظرِ والاجتهادِ، أو حتَّى على مدرسةٍ واحدةٍ ومذهبٍ واحدٍ بعَينِه، كلما كان الأمرُ كذلك أَمِنَ طالِبُ العِلمِ مِن خطَرِ التَّشدُّدِ، وخَطَلِ التَّعصُّبِ، واكتَسَبَ رَحابةَ صدرٍ ومُرونةَ فِكرٍ، تُعينُه على الخيارِ الصَّحيحِ، والاقتناعِ الرَّاسخِ بما يَهدي إليه الدَّليلُ وتُسلِمُ إليه الحُجَّةُ.

ومنحت جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسُّنَّة، لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين ، حيث سلمها لفصيلته سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور السيد، داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، والبروفيسور محمد رضا وحيدين، رئيس جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية USIM، ولفيف من الوزراء والعلماء والأساتذة والباحثين والطلاب الماليزيين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شيخ الأزهر أحمد الطيب الأزهر المسلمين الدكتوراة الفخرية القرآن والسنة شیخ الأزهر م الإسلام

إقرأ أيضاً:

مشاهدة أفراس النهر تحت الماء.. 12 معلومة لا تعرفها عن تطوير حديقة الحيوان

أعلنت الشركة المطورة لحديقتى الحيوان والأورمان،  عن موعد افتتاح الحدائق بعد تطويرها، حيث أغلقت الحدائق أبوابها أمام الزائرين منذ أكثر من عام ،  وذلك اعتبارا من يوم الأحد 9 يوليو 2023، للبدء في عملية التطوير ، كما يتم التطوير تحت إشراف الاتحاد الإفريقي لحدائق الحيوان والاتحاد الدولي لحدائق الحيوان.

ويرصد موقع "صدى البلد " أهم المعلومات عن تطوير حديقتي الحيوان والأورمانالزراعة تعلن الموعد النهائي لافتتاح حديقة الحيوان.. هل سيكون بعيد الفطر؟2.7 مليار جنيه.. افتتاح أكبر حديقة حيوان في مصر نهاية العامالإعلان عن موعد افتتاح حديقتي الحيوان والأورمان في معرض برلين الدولي للسياحة

- تكلفة تطوير الحدائق  تناهز 2.7 مليار جنيه .

-  ستتم إعادة تصميم البيوت الخاصة بالحيوانات، وتطوير كافة الممرات مع الحفاظ على الطابع الأثري والتراثي لجميع المعالم التاريخية الموجودة داخل الحديقة.

- سيتم ربط الحديقتين، الحيوان والأورمان، بالجيزة  بنفق لتوفير تجربة سلسة وشاملة للزوار.

أسلوب عرض الحيوانات بالحديقة

- استحداث العديد من الأنشطة الترفيهية والتفاعلية، من بينها عروض حية مع أسود البحر، الطيور، والفيلة، وإنشاء قبة زجاجية خاصة بحيوان الميركات (النمس).

- سيتم عرض تجربة الليمور حلقي الذيل من مدغشقر، ومشاهدة أفراس النهر تحت الماء.

- تشمل الأنشطة التفاعلية إطعام الحيوانات، وجولات تعليمية مع مربي الحيوانات.

إنشاء فندق وسوق

- إنشاء فندق "Giza Zoo Safari Glamping"، الذي يوفر تجربة إقامة فريدة تجمع بين الطبيعة والرفاهية

- إنشاء Zoo Antique Bazaar"، وهو سوق متخصص يعرض تحفًا وتذكارات مصنوعة يدويًا.

- استيراد عدد من فصائل الحيوانات غير الموجودة بالحديقة وزيادة أعدادها من 71 إلى 186 فصيلًا.

- عرض الحيوانات بطرق مختلفة حيث سيتم إطلاقها فى بيئة مناسبة لها ، وليس فى أقفاص.

عرض الطيور بحديقة الحيوان

- إنشاء خيمة للطيور حتى يستطيع الزائر التعامل معها .

- الحفاظ على الطابع الأثري والتراثي لـ8 معالم التاريخية الموجودة داخل الحديقة ومن أبرزها كوبرى إيفل، القاعة اليابانية، القاعة الملكية، وجزيرة الشاي والجبلاية والمتحف الحيواني.

وتعد حديقة الحيوان بالجيزة أكبر حديقة حيوان داخل مدينة بمساحة 112 فدانا وتحتوي على حوالي 3 آلاف شجرة تاريخية وبعض النباتات النادرة ومجموعة استثنائية من 186 فصيلا من الثدييات والطيور والزواحف.

وتم  افتتاح حديقة الحيوان في عصر الخديو إسماعيل لتكون أول حديقة حيوان في إفريقيا والشرق الأوسط، وثالث أقدم حديقة حيوان في العالم.

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر: الفتوحات لم تكن لنشر الإسلام بالقوة بل لحماية المظلومين
  • أحمد علي سليمان من إندونيسيا: الأزهر هدية الله للعالم ومنهجه حصانة للمسلمين ضد التطرف
  • ما دور المسلمين الجدد بالغرب في نشر الإسلام؟
  • نهاية الشعب العراقي
  • آخر معلومة عن الجندي اللبناني الأسير.. متى ستُفرج إسرائيل عنه؟
  • مفتي الجمهورية: بعض القيم والمبادئ مشتركة رغم اختلاف الأديان السماوية
  • رئيس جامعة الأزهر: الصيام قائم على اليقين والوضوح لا على الظن والتخمين | فيديو
  • محافظ الجيزة: رفع 73 ألف حالة إشغال وتعدٍّ من الطرق العامة
  • رفع 73 ألف حالة إشغال وتعدٍّ من الطرق وتحرير 125 محضرا بالجيزة
  • مشاهدة أفراس النهر تحت الماء.. 12 معلومة لا تعرفها عن تطوير حديقة الحيوان